إلى الفنار الوحيد
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - إلى الفنار الوحيد
"إلى الوردة
إلى الوردة المتفتحة الناضجة
الرشيقة المتفتحة،
إلى ما في قطيفتها من عمق
إلى نهدها الأحمر المتفجّر"
(بابلو نيرودا)
يَمُرُّ بكَ اللَّيلُ عريانَ..
تحني حواليكَ قامتَها العاصفةْ،
وأنتَ مكانَكَ لا تتزحزحُ
أحلامُنا فيكَ صامدةٌ
واقفةْ..
جذورُكَ في العينِ،
في القلبِ،
شمسُكَ زاحفةٌ.. زاحفةْ
تَمُرُّ (الأساطيلُ) حولَكَ عمياءَ
والرِّيحُ ساكنةٌ واجفةْ
لأنّكَ آمالُنا، والبقيّةُ منْ شمسِنا،
في شرايينِنا النازفةْ.
* * *
وكالأرضِ باقٍ
وكالفَجْرِ باقٍ،
تسمَّرْتَ في وجهِ ليلِ المغولِ الطويلْ
تضيءُ ظلامَ الجياعِ
وتزرعُ في دربِهم باسقاتِ النخيلْ.
فديناكَ منْ مرفأٍ
لا العواصفُ تسطيعُ إطفاءَهُ
نسفَهُ.. مستحيلْ،
ولا سُحُبُ اللَّيلِ تدركُ أغوارَهُ،
أينَ؟
منْ أينَ يعلو الشُّعاعُ الجميلْ؟
فديناكَ سوفَ تظلُّ هوى عُمْرِنا
حُلْمِنا.. وهوى كلِّ جيلْ
* * *
يحاصرُكَ الموجُ
واللَّيلُ عبرَ جميعِ الجهاتِ
وتسطو عليكَ جميعُ البحارِ
ولكنَّ وجهَكَ لا يتغيَّرْ
وضوءَ المنارةِ لا يتغيَّرْ،
وفي لحظةٍ يختفي الحوتُ
في فزعٍ تتراجعُ أمواجُها
ويموتُ الحصارْ،
وتبقى لنا رايةً، للجياعِ سفينةْ
وتبقى لها - للحياةِ - الفنارْ
لأنكَ أنتَ الحياةُ وأنتَ المدينةْ،
وأنتَ الغدُ البِكْرُ
أنتَ النهارْ.
7/9/1973م