مواجيد مغترب

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - مواجيد مغترب

وطنَ النهارِ، ومعبدَ الزَّمَنِ
أنا عائدٌ؛ لأراكَ يا وطني

(صنعاءُ).. تدعوني مواسِمُها
وعواصفُ الأشواقِ تعصرُني

أنا أنتَ.. في حزني، وفي فرحي
أنا أنتِ في صَحْوي، وفي وَسَني

حاولْتُ أنْ أنساكِ فانطفأَتْ
طُرُقُ الهوى في سائرِ المدنِ

وعلى ثراكِ الرُّوحُ هائمةٌ
لا تَخْشَ، ليسَ هنا سوى البدنِ

حملتْكَ أشجاراً، وأضرحةً
عيني، فلمْ تهجعْ، ولم تَهُنِ

ورحلتَ في الأجفانِ ساهرةً
هل أنتَ في الأحلامِ تذكرُني؟

أبحرْتُ في دمعي فما قدرَتْ
أمواجُهُ، وغرقْتُ في شَجَني

وركبتُ موجَ البحرِ فاحترقَتْ
خيلي، وفي أعقابِها سُفُني

وبعثْتُ أِشعاري؛ لتغسلَها
منْ حزنِها الدّامي فتغسلُني

ووقفْتُ تحتَ اللَّيلِ منطرحاً
أدعوكَ مذبوحاً، أتسمعُني؟ تتساءلانِ: متى سترجعُني؟

عينايَ في عينيكَ سُمِّرَتا
وأخيطُ منْ أشجارِها كفني؟

ومتى أقَبِّلُ تربةً نزحتْ
فمتى يعودُ الطّائرُ اليَمَني؟

عادتْ طيورُ الأرضِ صادحةً

أنا عائدٌ لأراكَ يا بلدي

وطنَ النهارِ، وقِبْلَةَ الأبدِ
أمواجُها، محمومةَ الزَّبَدِ

(عدنٌ) تناديني، وتسألُني
ومسحْتُ وجهَ اللَّيلِ، منْ رَمَدِ

لِمَ لا تعودُ؟.. غسلْتُ شاطِئَها
سفنُ الغريبِ سحقتُها بيدي

أكلَتْ مياهي كلَّ عاصفةٍ،
تدعوكَ في شوقٍ وفي كمدِ:

والأرضُ منذُ رحلتَ واجمةٌ
أكلَ النَّوَى شمسي طَوَى جَلَدي

أتعودُ يا طفلي؟ كفى سَفَراً
وتسيرُ منبوذاً بلا سندِ

أتظلُّ مرتحلاً بلا وطنٍ
وتبدِّدُ الأيّامَ في حَرَدِ

تبني قصورَ الوَهْمِ مغترباً
أمٌّ أنا.. لكن بلا ولدِ.

وأنا بلا مأوى.. أتسمعني؟
في لهفتي ويضيعُ في مَهَدي

ينسابُ صوتُ الأرضِ محترقاً
عَبْرَ النجومِ، تَرُشُّ في كبدي

وتهزُّني في اللَّيلِ أغنيةٌ
موّالُها، ويضجُّ بالْمَدَدِ عينايَ عندَ سماعِ "وا بلدي... "

"يا عينْ ألا يا عينُ" يشعِلُني
أشتاقُ يومي فوقَها، وغدي

"يا عينْ ألا يا عينُ" كم هطلَتْ
ولها صلاةُ الرُّوحِ والجسدِ.

أشتاقُها.. بيتاً، ومقبرةً
مايو 1973م

وأريدُها ديناً، وأعبدُها

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى