من تحوّلات شاعر يمني في أزمنة النار والمطر

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - من تحوّلات شاعر يمني في أزمنة النار والمطر

وكنتُ امرأَ القيسِ - أذكرُ - لكنَّني مذْ فُجعتُ بموتِ أبي، واستعنتُ على وطني بالدَّخيلِ تقرَّحَ وجهُ القصيدِ، فَقَدْتُ ملامحَ وجهي، وصارَ الطَّريقُ إلى (مأربٍ) كالطريقِ إلى (القدسِ) ليلاً، و (دَمُّونُ) لا ينتخي للنشيجِ الذي يتعالى:

"تطاولَ اللَّيْلُ علينا دَمُّونْ
دَمُّونُ إنّا معشرٌ يمانونْ
وإنّنا لأهلِنا محبُّونْ ([1]) "

وفي ليلِ هذا الظلامِ، اختفى وجهُ ذاكرتي، غرقَتْ سُفْنُ أيّامِنا، عندَ (دارةِ جُلْجُلَ). لا يومَ للخمرِ، لا يومَ للأمرِ. ضَيَّعَني اللَّيلُ، ضَيَّعَ شِعْري صغيراً، وضيَّعَ عُمْري كبيراً. (عُنَيْزَةُ) شاختْ على قاعِ ذاكرتي. و (الدَّخُولُ) اختفى. شجرُ الذِّكرياتِ على مدخلِ العينِ جَفَّ. تساقطَ في قبضةِ الجَزْرِ، مَدُّ الفصولِ، إلى أنْ صَحا الشِّعْرُ في جسدِ الشّامِ مُتَّهَماً وحبيساً بصندوقِ (وَضّاحَ) - كنتُ أنا - كانَ شِعْري يُناجي (عُنَيْزَةَ) في خِدْرِها الطَّلَلِيِّ اليماني:

"أيا روضةَ الوَضّاحِ يا خيرَ روضةٍ
رهينُكِ وَضّاحٌ، ذهبتِ بعقلهِ لأهلِكِ لو جادوا علينا بمنْزلِ
فإنْ شئتِ فاحْيِيْهِ وإنْ شئتِ فاقتلي ([2]) "

حطَّمَ الشعرُ صندوقَ سجني، على غيمةٍ منْ هوادجِ (روضةَ) سافرْتُ، أرضعَني ثَغْرُها لبنَ الشمسِ، لكنَّ (روضةَ) كانتْ (عُنَيْزَةَ) ، كانَ هوايَ الجريحُ يرى في محاسنِها منْ (عُنَيْزَةَ) ضِحْكاتِها، ظِلَّ غَمّازَتَينِ على الوجهِ، تُفّاحتينِ على مرمرِ الصَّدْرِ نافرتينِ. افْتَرَقْنا، وحينَ رجعْتُ إليها، إلى (روضةِ القلبِ) كانَ اخضرارُ الرَّبيعِ بقايا شتاءٍ على جسدٍ يتقرَّحُ في قبضةِ اللَّيلِ، هاجرْتُ عنْ قبرِها خائفَ الخطواتِ، حملْتُ القُرَى حينَ هاجرْتُ والناسَ. كلُّ التَّضاريسِ كانتْ معي، شجرُ (البُنِّ) هاجرَ مرتحلاً خلفَ جفني، على شفتي حزنُ أوراقِهِ. وجهُهُ كانَ غَيْماً يُظَلِّلُني في الصَّحارى، وينقعُ جِلْدَ القصيدِ المسافرِ في النَّوْمِ، في جرحِ فاتنتي. وصَحا أيقظتْهُ خيولُ الإغارةِ تنتعلُ الشّامَ والرُّومَ، تجتاحُ أسيافُهم مدخلَ المنزلِ العربيِّ. بكى الشِّعْرُ مستمطراً، أرعدَتْ في الصَّحارى القوافي. وكانَ الرِّجالُ ينادونَني (المتنبِّيَ).. هذا هوَ اسمي الجديدُ، وفاتنتي هيَ (خَوْلَةُ) أختُ السُّيوفِ. تذكَّرْتُ حينَ بدا ضوؤُها (روضةَ) القلبِ.. نَفْسَ العيونِ التي ترقدُ الشمسُ خلفَ بساتينِها تستريحُ منَ السفرِ السَّرْمدي. كانَ وجهاً نبيَّ الملامحِ، جَفَّتْ عليهِ قُروحُ الشِّتاءِ وإنْ حجبَتْ شمسَهُ صُفْرَةٌ منْ ذبولِ الخريفِ؛ فأورقَ حُبّي، تفجَّرَ منْ عُمْقِ أغوارِهِ نهرُ شعري. وفوقَ حدائقِ فتنتِها أثمرَتْ كلماتي.. رأيتُ القصائدَ طالعةً منْ دمي كالسَّنابلِ في غابةِ الشَّمْسْ:

"فَدَيْناكَ منْ رَبْعٍ وإنْ زِدْتَنا كَرْبا
وكيفَ عَرَفْنا رَسْمَ منْ لمْ يَدَعْ لنا

فإنّكَ كنتَ الشَّرْقَ - للشمسِ - والغَرْبا
فؤاداً لِعِرْفانِ الجَمالِ، ولا لُبّا ([3]) "

ولكنَّ شمساً حلمْتُ بها لم تعشْ في الشَّآمِ طويلاً، فقد باعني الخوفُ للنِّيْلِ، والنِّيلُ ضيَّعَني موجُهُ، وتنكَّرَ لي قَصْرُ (خُوفُو) ، تساقطَ في سجنِهِ عَظْمُ شِعْري. رجعْتُ إلى المنزلِ المستباحِ، سكنْتُ (زَبِيْدَ) ارتديتُ عظامَ (عُمارةَ) سافرْتُ في جِلْدِهِ أحسبُ النِّيْلَ قد صارَ - مثلَ دمي فاطميَّ الهوى مستهاماً بفاطمةِ الحبِّ - روضتَهُ البِكْرُ؛ تلكَ التي تتبدَّلُ فيها الأسامي وتبقى هيَ الحبُّ والحُلْمُ، لكنّها رحلَتْ.. مِصْرُ ثَكْلَى تنوحُ، ومنْ دمعِها النِّيْلُ يجري على الضِفَّتَينِ، عيونُ النَّخيلِ مُقَرَّحةً، والعصافيرُ تدفنُ في الطَّمْيِ أحزانَها، وتعيدُ صدى صرخةِ الشِّعْرْ:

"لَهْفي وَلَهْفَ بني الآمالِ قاطبةً
فانزلْ على ساحةِ القَصْرَينِ وَابْكِ معي

على فجيعتِنا في أكرمِ الدُّوَلِ
ديارَهم لا على صِفِّينَ والجَمَلِ ([4]) "

قتلَتْي القصائدُ، عَلَّقَني الشعرُ تحتَ عيونِ النخيلِ، بلا كفنٍ. منْ يغطّي عظامي عنِ النملِ، عنْ نظراتِ التَّماسيحِ؟ منْ يرتدي شجني؟ قيلَ لي: سوفَ تطلعُ شمسُكَ منْ مغربِ الشمسِ. كانَ دمي نازفاً فاغْتَسَلْتُ بِهِ وتسلَّلْتُ ليلاً إلى الغربِ حيثُ ولدتُ ب (مَرْسِيْهِ) جئتُ معَ (العربي) كانَ مدخلُنا واحداً، دينُنا الحبُّ، في صورتي صورةُ الناسِ، والناسُ في صورتي. جسدي مغرقٌ في التواصلِ، يزرعُني الحبُّ عُشْباً على كلِّ خارطةٍ وعصافيرَ عاشقةً لا تكفُّ عنِ البَوْحْ:

"لقد صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنّى توجَّهَتْ

فمرعى لغزلانٍ وديرٌ لرهبانِ
وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ
ركائبُهُ فالحبُّ ديني وإيماني ([5]) "

كانَ صوتي نَشازاً بمملكةِ اللَّيلِ، في وطنِ الحقدِ، حاولْتُ كَسْرَ الجدارِ الذي يفصلُ الشمسَ والناسَ عنْ ملكوتِ المحبّةِ، لكنّهم أحرقوا لغتي، أحرقُوا جسدَ الحبِّ، لم يبقَ لي - للنهارِ سريرٌ بهذا المكانِ منَ الأرضِ. أبحرْتُ في سُفُنِ الصمتِ مختفياً في رمادي، طَفَوتُ على خشبِ الذِّكرياتِ. استراحَ شراعُ دمي حينَ لاحتْ تحاورُ حزني، ومِنْ قبلِ أنْ يرتخي شجني فوقَ أفخاذِها تحتَ أثوابِها الخُضْرِ مَدَّتْ ليَ العاصفاتُ لساناً منَ النارِ والبرقِ. أسلَمَني البرقُ للرِّيْحِ، والرِّيْحُ للبَحْرِ، والبحرُ للجُزُرِ المبحراتِ معَ الخوفِ دونَ مَدَى، فاشتعلْتُ على البعدِ - في وحدتي - شَبَقاً وانتظاراً أعلِّلُ أيّاميَ الباقياتِ بأغنيةٍ تتمدَّدُ منْ شُرْفَةٍ اللَّيْلْ:
"عنْ ساكني صنعا، حديثكْ هاتْ وافواجَ النَّسيمْ
وخفِّفِ المسعى، وقفْ كي يفهمَ القلبَ الكليمْ
هل عهدُنا يُرْعى، وما يرعى العهودَ الاّ الكريمْ ([6]) "

لم يصلْ صوتُ حُبّي إلى النَّبْعِ، ضاعَ غنائي معَ الرِّيحِ فاحترقَتْ لغةُ النّايِ في شفتي، وعلى شاطئِ العينِ، حيثُ المرافئُ مهجورةٌ تختفي نارُ (ذاتِ العِمادِ) ، وتبرقُ نارُ (الجحيمِ) ، وبينَهما - بينَ نارِ الورودِ ونارِ الشتاءِ - يسافرُ وجهُ غدي كمداً، بينَ حُلْمٍ وَصَحْوٍ تناثرَ عُمْري القديمُ، وعمري الجديدُ وبينَهما تَتَبدَّدُ (يوتوبيا) الشعرِ والعشقِ.
ها هوَ ذا صوتُها:
منْ بعيدٍ أرى في النجومِ ملامِحَها، تلكَ صنعاءُ طالعةٌ منْ رمادِ الفجيعةِ والقهرِ، تنبتُ بينَ الخرائبِ؛ لكنَّ صورتَها تتبدَّدُ ساعةَ تقتربُ العينُ، ساعةَ يمتدُّ كي يتحسَّسَها القلبُ يصرخُ: ماذا أرى في مدينةِ حُبّي؟ رؤوساً مُقَطَّعَةً وأكُفّاً إلى اللهِ ضارعةً، وهواناً، وليلاً يغطّي وجوهَ النجومِ التي تتناثرُ أحلامُها في العَشِيّاتِ عَبْرَ الطريقِ الطويلِ المدَمَّى، المشانقُ في جانبيهِ الدَّليلُ، المرايا إلى الفجرِ، لم يبقَ غيري على كَتِفَيْهِ الهزيلَينِ رأسٌ تقومُ ويمسكُها الحزنُ أنْ تتكسَّرَ:
"ما كنتُ أحسبُ أني سوفَ أرثيهِِ
وأنّني سوفَ أبقى بعدَ نكستِهِ
فإنْ سلمْتُ فإني قد وهبْتُ لهُ

وأنَّ شِعْري إلى الدُّنيا سينعيهِ
حَيّاً أمزِّقُ روحي في مراثيهِ
خُلاصةَ العمرِ ماضيهِ وآتيهِ ([7]) "

وما أنقذَتْني سوى نجمةٍ منْ فمِ السيفِ، كانَ العناءُ العظيمُ يطاردُ كلَّ الرفاقِ. إلى أينَ أمضي؟.. إلى الشرقِ منْ آسيا، للجنوبِ منَ الشرقِ. ما أكبرَ الناسَ، ما أصغرَ الكونَ في مطلعِ الشمسِ؟ تقتربُ الكَفُّ منْ ماءِ عرشِ الإلهِ تكادُ تلامسُهُ. صارَ حزني قريباً منَ اللهِ يلعبُ في حِجْرِهِ، يتنقَّلُ ما بينَ أشجارِهِ، يتوحَّدُ فيهِ صلاةً وعنفاً، حياةً وموتاً. وفي نورِهِ طافَ قلبي بكلِّ المعابدِ. طالَ ارتحالُ دمي في بساطٍ منَ الذِّكْرِ مندلقٍ عنْ دفوفِ الدَّراويشِ في صوتِ (بُوذا) أطيرُ، ومنْ حولِ نارِ المجوسِ معَ الوثنيِّينَ صَلَّيْتُ، غَنَّيْتُ، واغتسلَتْ نارُ حُبّي بماءِ البراءةِ في (الكِنْجِ) باركَني كلُّ رَبٍّ هناكَ. تفتَّحَ قلبي ليدخلَهُ الزهرُ، والطيرُ، والوحشُ، والحشراتُ التي يفزعُ الغابُ منها. أبحتُ لكلِّ السيوفِ، لكلِّ السَّكاكينِ صدري فلم تستطعْ لا السُّيوفُ ولا ظامئاتُ السَّكاكينِ سَفْكَ دمي. وهنا حينَ عادتْ معَ الرِّيحِ رأسي إلى وطني قَطَعُوها بسيفٍ منَ الحقِّ كانَ الإمامُ يداعبُهُ ويربِّيْهِ في قَصْرِهِ. آهِ ما أكثرَ الشَّجَراتِ التي تُنْبِتُ الحقدَ في وطني، والصُّدُورَ التي تتربَّى عليها الخناجرُ ظامئةً، تستحمُّ بأوردةِ الجائعينَ العرايا. انطلقتُ بجِلْدي يُرافقُني السَّفَرُ الدَّمَوِيُّ، وسيفُ الإمامِ على عُنْقي مثبتٌ كلَّما أدركَتْ عينِيَ الصَّحْوَ في غربتي يفصلُ السيفُ رأسي ويتركُني جُثَّةً لا تطيقُ الحياةَ ولا الموتَ، جِذْعاً يَنِزُّ دماً في الموانئِ والطرقاتِ يفاجئُني اللَّيلُ في الشرقِ، لا شمسَ في الغربِ، وَهْيَ هناكَ تكابدُ في سجنِها وحشةَ اللَّيلِ، يرسُمُني في الرِّمالِ على شاطئِ البحرِ طفلاً يريدُ العبورَ إلى الفَجْرِ، يشعلُني الشوقُ، يشعلُ ما أبقتِ الرِّيحُ منْ جسدي. وكَنَصْلٍ (يَمانٍ) يحنُّ إلى غمدِهِ بعدَ حربِ (محاصرةٍ) ، تتوهَّجُ روحي حنيناً إلى الوطنِ الشمسِ، أخلعُ عنْ جسدي شارةَ الآدميِّينَ - حُبّاً لها - أستحيلُ إلى طائرٍ يتسلَّقُ أشجارَ مملكةِ الخوفِ، كلَّ صباحٍ ينقِّرُ جدرانَها باحثاً في المنافذِ عنْ ثغرةٍ أتسلَّلُ منها إلى وطني. آهِ، وجهُ المسافاتِ يمتدُّ، دمعي على صخرةِ البعدِ - منفرداً - يتكسَّرُ، ترسمُ أمواجُهُ في عيونِ النهارِ ظلالاً وأسئلةً في أديمِ اللَّيالي:
(ومتى أُقَبِّلُ تربةً نزحتْ
عادتْ طيورُ الأرضِ صادحةً

وأخيطُ منْ أشجارِها كفني؟
فمتى يعودُ الطّائرُ اليَمَني؟ ([8]))

لم يعدْ لدموعي صدىً، عينُ (دَمُّونَ) لم تنبجسْ، والطريقُ إلى (مأربٍ) كالطريقِ إلى (القدسِ) ما زالَ ليلاً بلا فَجْرٍ احْتَرَقَتْ في الطريقِ فوارسُهُ، ثمَّ نامتْ كواكبُهُ، نامَ وجهي بمقبرةِ الصمتِ حتى صَحا القبرُ والوجهُ في صوتِ أبنائيَ الشُّعَراءِ العصافيرِ، كانتْ حناجرُهم تتحدَّى سيوفَ الظلامِ على شجرِ الخوفِ، يستدفئونَ بأشعارِهم في ليالي الشِّتاءِ، يُعِدُّونَ منْ نارِها قُبَلاً ورصاصاً بها يكتبونَ لفاتنةِ القلبِ أجملَ أحلامِهم، أغنياتٍ، فصولاً منَ العشقِ تلكَ التي ضاعَ وجهُ شبابي، وصدرُ الكهولةِ؛ بحثاً عقيمَ التواريخِ عنْ لونِها عندَ أبوابِ (كندةَ) بينَ (الدَّخُولِ) على بابِ (قصرِ الوليدِ). قصائدُهم ثأرَتْ لي منَ الرُّومِ، منْ (أسودِ المشْفَرَينِ). وها أنا ذا عائدٌ منْ فصولِ التحوُّلِ، بي منْ ترابِ الزمانِ القديمِ شُروخٌ، ولي مُهْرَةٌ منْ خيولِ الزمانِ الجديدِ تسافرُ بي، تعبرُ النهرَ والبحرَ، تجتازُ رملَ الجزيرةِ عائدةً نحوَ (غَمْدانَ) ها هوَ ذا تتلألأُ أبراجُهُ.. أبصرُ الآنَ ما لم تكنْ أبصرتْ عينُ قلبي، وأقرأُ ما لم تكنْ قرأَتْ:

قد تهاجرُ جِلْداً وعَظْماً
وقد تتغيَّرُ لوناً وصوتاً،
وينكسرُ العُمْرُ هَمّاً وحُلْماً،
وقد ترتدي مَنْزلاً غيرَ (سِقْطِ اللِّوَى)
وحبيباً لغيرِ (الدَّخُولِ)..
ولكنَّ قلبَكَ يبقى هنا
خشباً للحريقِ
ونافذةً تتوغَّلُ في المطرِ / النارِ
تثمرُ في سنديانِ العصورِ الجديدةْ.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) امرؤ القيس.
([2]) وضاح اليمن
([3]) أبو الطيب المتنبي
([4]) عمارة اليمني
([5]) محيي الدين بن عربي.
([6]) عبد الرحمن الآنسي، شاعر شعبي
([7]) محمد محمود الزبيري
([8]) عبد العزيز المقالح

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى