بيروت اللّيل والرّصاص.. وتلّ الزّعتر
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - بيروت اللّيل والرّصاص.. وتلّ الزّعتر
- 1 -
منْ سيخيطُ جراحَكِ يا فاتنتي؟..
جرحُكِ يتسعُ الآنَ على خارطةِ الأرضْ
يصفعُ بالدَّمِّ جبينَ الشمسْ
يصعدُ، يهبطُ
يسكنُ ألوانَ الجمرِ ولحمَ الموتْ
جرحُكِ جرحُ (النخلةِ)
يدخلُ في البحرِ - الموجْ
يخرجُ منْ عينِ الجبلِ المتعمِّدِ
بالدَّمِ
يركضُ خلفَ رصاصِ الشجرِ الواقفِ
في اللَّيْلْ
خلفَ الدمعِ النازفِ منْ وجهِ الرِّيْحْ
منْ صوتِ النَّهْرْ
منْ نارِ الثَّلْجْ
منْ أزهارِ الزَّعْتَرْ.
- 2 -
كلَّ صباحٍ أخلعُ عيني
كي لا تبصرَ أظفارَ الموتْ
أخلعُ أذني - كلَّ مساءٍ -
كي لا تسمعَ أخبارَ الموتْ،
أخلعُ نفسي منْ لغةِ المرتدِّينْ
منْ عصرِ (الإنسانِ) القاتلِ
أضرمُ شعري ناراً فوقَ جبالِ
الأحزانْ
أكفاناً لعصافيرِ الماءْ
منديلاً للنهرِ الأبكمِ!
آلافُ القتلى في عيني
في لغتي
في شعري..
أينَ أهاجرُ منْ زمنِ القَتْلْ
منْ زمنِ الأحزانِ / الرِّدَّةْ؟!
- 3 -
وجهُكِ يصغرُ
يكبرُ،
حُلْمُكِ يكبرُ
يصغرْ،
كبرَتْ صخرتُكِ الدَّمَوِيَّةْ
كبرَ الحزنُ النّابتُ في وادي العَيْنْ
في شجرِ القَلْبْ
أبناؤُكِ ليسوا أبناءَكِ
هذا الوجهُ الشَّوْكِيُّ الظِّلْ
هذي اللُّغَةُ المستوردةُ الأحرفِ
والثديُ المتدثِّرُ بالقَيْحْ
ليستْ منْ ساعدِكِ الأيسرِ
منْ ساعدِكِ الأيمنِ
منْ وطنِ النّاسكِ
والثّائرِ (جبرانْ) !
- 4 -
تلمعُ أنيابُ اللَّيلِ على شرفةِ مَنْزلِكِ
المتهدِّمِ
تجرحُ إيقاعَ الوردِ وظِلَّ النَّجْماتْ
تتجمَّعُ في الأُفُقِ الدّاكنِ أنيابُ الصَّمْتْ
تتقدَّمْ،
تتراجعُ
تنشبُ نارَ أظافرِها في أمطارِ التَّلْ
في لحمِ الأطفالِ الفقراءْ
يبكي البحرُ
العشبُ يصيرُ دموعاً
لا يا بحرُ
امْسَحْ عنْ عينيكَ الأحجارَ / الدَّمْعْ
دَعْ أمواجَ الرَّفْضِ وأمواجَ النارْ
تلتهمُ اللَّونَ الأسْوَدَ
تلتهمُ اللَّونَ الأصفَرَ
تصنعُ أشجاراً
ونجوماً أخرى.
- 5 -
منْ يبسطُ فوقَ الخاصرةِ التَّعْبَى
مائدةَ القَتْلْ؟
منْ يطمسُ آخرَ فصلِ الحبِّ
ويكتبُ أوَّلَ فصلِ الدَّمِ؟
منْ يشنقُ ماءَ الكلماتْ؟
لِمَ لَمْ تتكلَّمْ عيناكَ الدّاميتانْ؟!
منْ بَلَّلَ نارَ الشفتينِ بماءِ الصَّمْتْ.
يا منْ كنتِ جميعَ الأفواهْ
ولسانَ القاتلِ والمقتولْ..
قولي
منْ يصنعُ منْ أضلاعِ الأَرْزِ
ومنْ جِلْدِ الزَّعْتَرِ أثواباً للغَزْوِ
وأحذيةً لجنودِ الأمسِ
المتوحِّشْ؟!