قراءة لكفّ الوطن العربي
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - قراءة لكفّ الوطن العربي
- 1 -
بقعٌ للظِّلِّ
وأُخْرَى للدَّمِ،
نهرٌ للقاتِ
ونهرٌ للأفيون!
طفلٌ تقتلُهُ - فوقَ سريرِ الذَّهَبِ -
التُّخْمَةْ
ومئاتُ الأطفالِ
يموتونَ على صدرِ الحارةِ،
ينتشرونَ بُثُوراً في جسدِ الجوعْ.
هذا وجهي
جمجمةُ الملحِ،
وهذا كَفُّ العربِ المتورِّمُ بالبترولِ
النّافقُ بالفقراءِ،
المتسكِّعُ في ليلِ العَصْرْ!
- 2 -
منْ بينِ أصابعِهِ تخرجُ شمسُ الثَّورةِ
تدخلُ شمسُ الثَّورةِ،
ما بينَ خروجِ الشمسِ
وبينَ دخولِ اللَّيْلْ؛
لحظةُ إخصابٍ
لحظةُ إنجابٍ..
منْ يضمنُ أنَّ المولودَ ذَكَرْ
ليسَ المولودُ حَجَرْ،
أنثى عذراءْ
لم يَطْمِثْها في رَحِمِ الأُمِّ بَشَرْ؟!
- 3 -
كم طفلٍ حملتْهُ أصابعُ هذا الكَفِّ المتدلّي
كُرْهاً
وضعتْهُ كُرْهاً،
لم ينطقْ..
ماتَ منَ الصَّمْتْ!
كم أنثى
حملَتْ في رَحِمِ الأُمِّ المختومِ سِفاحاً
نزلَ الأولادُ المشبوهونَ قُبَيْلَ نزولِ الأُمْ!
نادوا بالحبِّ فماتْ
نادوا بالعدلِ فماتْ،
نادوا بالحُرِّيَّةِ:
(أيّتُها الحُرِّيَّةُ كمْ منَ الجرائمِ تُرْتَكَبُ باسْمِكْ).
- 4 -
لا تبحثْ في الكَفِّ المترهِّلِ
عنْ نخلةِ عامِ الفيلِ،
النَّخْلَةُ ضائعةٌ في الكَفْ؛
هَجَرَتْ زمنَ الرَّمْلِ اليابسْ
وتوارتْ عنْ صدرِ الأنهارِ
انْظُرْ..
ها هيَ قادمةٌ
في عُلَبِ الإصْحاحِ العاشرِ،
تسبقُها قُبَّعَةٌ زرقاءُ العَيْنِ
ويتبعُها قَمْحٌ مفتولُ الشّاربِ!
أينَ النَّخْلَةُ؟
في الطَّرَفِ النّائي
المتوهِّجِ منْ نهرِ السَّبّابةِ
حيثُ الجوعُ،
المطرُ،
الثَّورةْ..
تجدُ النَّخْلَةُ بيتاً،
والشمسُ مكاناً
يجدانِ سريراً للتَّفْريخْ،
سيفاً للتَّعْمِيْدِ وللتَّحْنِيطْ!
ماءً للحُبِّ،
وورداً للتَّدْمِيرْ!
هل يَتَّسِعُ الطَّرَفُ النّائي
منْ سَبّابةِ كَفِّ العربِ المشلولْ،
لمواليدِ الشمسِ الأخرى
لمواليدِ النَّخْلَةْ؟!