على أبواب شهيد.. في وداع الصديق الشهيد عبد الله محمد اللقيَّة
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - على أبواب شهيد.. في وداع الصديق الشهيد عبد الله محمد اللقيَّة
أتسمحُ لي أنْ أمرَّ ببابِكْ؟
أتقبلُني لحظةً في رحابِكْ؟
لألثمَ حيثُ هوى السيفُ، أقبسُ بعضَ الشُّعاعْ
لأقرأَ بينَ يديكَ اعتذاري
لأحرقَ في الكلماتِ الحزينةِ عاري
لأشعرَ - لو لحظهً - أنني آدميٌّ
وأني بظلِّكَ صرتُ الشُّجاعْ..
فإني جبانٌ تخلَّيْتُ عنكَ غداةََ الوداعْ
تركتُكَ للموتِ،
للقاتلينَ.. الجياعْ.
* * *
أتسمحُ لي أنْ أعفِّرَ وجهي
أمرِّغَ شعري بباقي الدِّماءْ
أمزِّقَ وِزْري
لأعرفَ بابَ السَّماءْ
وعذري إليكَ..
إلى شمسِ عينيكَ
أني جبانْ
ولكنّني رغمَ جُبْني
بكيتُكَ ملءَ عيونِ الزَّمانْ
نقشْتُ اسْمَكَ البِكْرَ عَبْرَ المدى
والمكانْ
ولم أقرعِ الرأسَ - رأسَكَ - مستنكراً
مثلَ أصحابِنا الآخرينْ!
* * *
ومهما فعلْتُ فإني أنوءُ بعاري
أجرِّرُ في اللَّيلِ ظِلّي
وأكرهُ وجهَ نهاري،
إلى أنْ أجسِّدَ في الواقعِ الجَهْمِ
في ساعةِ الصِّفْرِ ثاري
وأغسلَ في نارِ (تَمُّوزَ) ذُلّي.
* * *
قتلناكَ حينَ هتفْنا:
الشَّريفُ البطلْ
يموتُ احتراقاً لتحيا البلادْ
ولَمّا احترقْتَ اختفَيْنا كأنّا رمادْ
كأنّا بقيّةُ نجمٍ أفلْ
وجفَّتْ بأفواهِنا كلماتُ الجهادِ
وكنتَ البطلْ
وكنتَ الأملْ
تقدَّمْتَ نازلْتَ آخرَ وحشٍ قديمْ
تعاركْتُما
ثمَّ ألقيتَهُ مثخناً بالجراحْ
وأسلمتَهُ للجحيمْ
ولكنّهُ قبلَ أنْ يختفي
مَدَّ أظفارَهُ.. شَجَّ وجهَ الصباحْ
فأغمضْتَ عينيكَ
وَدَّعْتَ..
لكنّنا لم نكنْ في الوداعْ
فأجهشتَ: أَوّاهُ..
يا لَلْوفاءِ المضاعْ.
مايو 1961م