أكدت نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية باربرا ليف أن اليمن الديمقراطي الموحد والمستقر سيكون أكثر قدرة على تلبية احتياجات وتطلعات مواطنيه ويشارك بفاعلية في دعم الامن الاقليمي.
جاء ذلك في كلمة القتها أمس في جلسة الاستماع الخاصة بمناقشة الاوضاع في كل من اليمن والبحرين امام اعضاء اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا - المتفرعة من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي -(الكونجرس).
وفي حين أوضحت أن الولايات المتحدة تتمتع بعلاقة ثابته وشاملة مع القيادة اليمنية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي و حكومة الوفاق الوطني والشعب اليمني، بينت أن زيارتها لصنعاء خلال الاسبوع الماضي استهدفت تأكيد دعم الولايات المتحدة للمرحلة الانتقالية السياسية التاريخية الجارية في اليمن وتعزيز الشراكة الامنية بين البلدين الصديقين.
وقالت: "اليمن تواصل تبني خطوات ملموسة للمضي قدماً في المرحلة الانتقالية حتى وهي تواجه تحديات لم يسبق لها مثيل".
وأضافت: "ترتكز سياستنا على دعم الرئيس عبدربه منصور هادي والشعب اليمني في ظل الجهود الرامية إلى تأسيس منظومة سياسية موحدة وشاملة تمثل كافة الاطياف خلال المرحلة الانتقالية الجارية".
ولفتت المسؤولة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة أسست شراكة قوية مع الحكومة اليمنية بُغية تلبية الاحتياجات العاجلة للشعب اليمني على المدى القريب.. موضحة ان هذه الشراكة تشمل أربعة ملفات اساسية تتمثل بملف المرحلة الانتقالية السياسية، وكذا ملف التنمية والاصلاحات الاقتصادية، فضلاً عن ملف المساعدات الإنسانية، بجانب ملف الشراكة الامنية ومكافحة الارهاب.
واستطردت قائلة: "منذ التوقيع على المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011م، قامت اليمن بخطوات عديده ومهمة نحو إجراء إصلاحات جادة تمثلت بتشكيل حكومة الوفاق الوطني في ديسمبر 2011م التي تضم اعضاء من الحزب الحاكم السابق وقيادة المعارضة؛ وكذا اجراء الانتخابات الرئاسية التوافقية في فبراير 2012م وانتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي كأول رئيس للبلاد منذ قرابة ثلاثة عقود؛ مع تدشين مؤتمر الحوار الوطني الشامل في مارس الماضي بمشاركة 565 مندوباً يمثلون كافة الاطياف السياسية في البلاد والذين انخرطوا سوياً في مناقشات شاملة مميزة ولأول مرة في تاريخ اليمن".
وتابعت: "وخلال زيارتي الاخيرة للعاصمة صنعاء رأيت بنفسي التئام الشعب اليمني لدعم هذه العملية، إلى جانب أن الحوار حقق ما اعتبرته الأغلبية خطوة مستحيلة، حيث ان اليمن كان قاب قوسين أو أدنى من حرب أهلية قبل حوالي عامين ، وحاليا تجتمع النخب السياسية وشيوخ القبائل والنساء والشباب والنشطاء في المجتمع المدني وممثلي الاقليات، في مؤتمر الحوار حيث يتبادلون الآراء والافكار ويعملون على صياغة توصيات جاده ومقترحات تصب في مصلحة مستقبل اليمن".. مشيرة إلى أن فرق العمل التسع المنبثقة عن مؤتمر الحوار ناقشت عدد كبير من المواضيع والقضايا الموسعة تشمل الحكم الرشيد وبناء مؤسسات الدولة ومعالجة اثار المظالم شمالاً وجنوباً وحقوق الإنسان والأمن.
ولفتت إلى أن المرأة تمثل ثلث المشاركين في الحوار والشباب حصلوا على خمس المقاعد.. في حين توزعت مقاعد الحوار بالمناصفة بين ابناء المحافظات الشمالية والجنوبية بهدف تجسيد حسن النوايا وبناء جسور الثقة في اوساط الشارع الجنوبي الذي همش في الماضي من المجالات السياسية والعسكرية والفرص الاقتصادية على يد النظام السابق.
وتطرقت نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية إلى التحديات التي تواجه اليمن في الوقت الراهن وعلى وجه خاص مؤتمر الحوار.
وقالت: "على الرغم من الإنجازات الإيجابية المشار إليها أنفاً، أدت الاختلافات في وجهات النظر حول مستقبل هيكل الدولة القادمة إلى تأخير الحوار وتأجلت الجلسة الختامية التي كان من المفترض تنظيمها في 18 سبتمبر 2013م".. معتبرة أن ماوصفته الانسداد القائم وفر البيئة الحاضنة لتأجيج الصراعات السياسية والطائفية والمناطقية.
ومضت قائلة: "نحن نتواصل بصورة مستمرة مع الرئيس عبدربه منصور هادي والقيادات السياسية اليمنية ونحث الاطراف اليمنية بان تصل إلى اجماع وتوافق مقبول حول مبادئ ومقومات هيكل وشكل الدولة القادمة لكي ينتهي الحوار ويبدأ البت في الخطوات الاخرى – بما في ذلك تعديل الدستور والاستفتاء عليه و إجراء الانتخابات العامة – على ان تواصل الاطراف النقاش البناء حول تفاصيل هيكل وشكل الدولة في نفس الوقت".. مبينة أن التداول السلمي والاختلافات والمناقشات هي من السمات الاساسية لبيئة ديمقراطية صحيه.
وأثنت المسؤولة الأمريكية على ما لمسته خلال مباحثاتها مع عدد المسؤولين والشخصيات السياسية اليمنية البارزة خلال زيارتها لصنعاء من تفاؤل لدى كافة الاطياف بوجود مسار مستقبلي للمضي قدماً وحرص على معالجة كل القضايا السياسية العالقة في الوقت الراهن تمهيدا لتدشين المرحلة التالية من التحول الديمقراطي.
وأردفت قائلة: "ومع ذلك، ما يزال هناك معرقلين عازمون على التشويش أو عرقلة المرحلة الانتقالية سواء من النظام السابق أو الانتهازيين السياسيين الذين يطمحون إلى تعزيز مكانتهم.. مهما كانت التكلفة".
وتابعت: "ونظراً لرغبة الشعب اليمني في تحقيق تغيير حقيقي، نؤمن ان هؤلاء المعرقلين لن ينجحوا في محاولاتهم".
وأضافت: "وعموماً نحن نواصل توضيح موقفنا للجميع ونؤكد بأن الولايات المتحدة لن نتهاون أو تقبل بأي محاولة لعرقلة المرحلة الانتقالية في اليمن".. لافتة إلى الولايات المتحدة تنسق جهودها مع ممثلي المجتمع الدولي في اليمن وكذا الامم المتحدة والشركاء الدوليين وينصب التنسيق في تشجيع احراز التقدم المنشود للمرحلة الانتقالية الحالية وفي مقدمة ذلك دول مجلس التعاون الخليجي التي قامت بدور بارز وستظل تلعب دوراً حيوياً في دعم اليمن خلال المرحلة الانتقالية.
وأوضحت المسؤولة الأمريكية ان بلادها خصصت مبلغ 39 مليون دولار لدعم المرحلة الانتقالية السياسية، شملت برامج تدريب وتأهيل المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتوفير التوجيه الملائم للقطاع النسوي وممثلي الاقليات وتعزيز مشاركة القطاع المدني .. مؤكدة في ذات الوقت ان الولايات المتحدة ستواصل العمل من اجل دعم اليمن وهي تمضي إلى الأمام في مسار الاصلاحات الدستورية وصولاً في نهاية المطاف إلى إجراء الانتخابات.
وشددت على أهمية الإصلاح الاقتصادي وتسريع وتائر التنمية باعتبارها ركناً أساسياً من أركان المرحلة الانتقالية.. مستعرضة المؤشرات الاقتصادية التي أظهرت انكماش الناتج المحلي في اليمن بنسبة 15% خلال الاضطرابات التي شهدتها البلاد في عام 2011م إلى جانب اصابة مؤسسات الحكومة بالشلل وأغلاق أغلب مؤسسات القطاع الخاص واستمرار تدني النمو الاقتصادي في عام 2012م ولو شهد نمواً ضئيلاً.
وقالت : "إن صندوق النقد الدولي يتوقع بلوغ النمو الاقتصادي في اليمن خلال العام 2013م إلى 4.5 في المئة، وعلاوة على ذلك، يتوقع ان تصل عجز خزينة الدولة إلى قرابة 3 مليار دولار..
فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة إلى 40% بصورة عامة وفي أوساط الشباب إلى ما فوق 60 في المئة".. مشيرة في في الوقت ذاته، إلى أن تكرار الاعتداءات المتواصلة على البنية التحتية للطاقة أدت إلى انخفاض الصادرات النفطية والغار المسال اللذان يعتبران ابرز الايرادات الحكومية .
واستطردت نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية قائلة: "ولمعالجة التحديات الراهنة في اليمن، نحن ملتزمون بدعم الاصلاحات الاقتصادية والتنموية في اليمن"..
مبينة أن مجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين وأعضاء المجتمع الدولي قاموا بإيصال رسالة واضحة لليمن بضرورة إجراء إصلاحات ملموسة ومحددة بمافي ذلك التأكيد على أهمية خفض الدعم الضخم للمشتقات النفطية والقضاء على ظاهرة الازدواج الوظيفي والموظفين الوهميين في القطاع الحكومي وتعزيز شفافية ميزانية الدولة وتطوير القطاع الخاص وتنشيط جهود الحكومة في مكافحة الفساد وذلك بهدف بناء أسس ومقومات سلمية لتلبية احتياجات الشعب اليمني.
وتابعت: "أكدنا خلال زيارتنا في الاسبوع الماضي للعاصمة صنعاء أهمية تبني الحكومة اليمنية إصلاحات اقتصادية لتضمن وتأمن نجاح المرحلة الانتقالية السياسية بشكل عام وتأسيس الأسس الراسخة ليمنِ مزدهر".. مبدية استعداد بلادها للتخاطب مع الشركاء الدوليين لتقديم الحوافز والدعم بُغية تمكين اليمن من تنفيذ برنامجها وأجندتها الإصلاحية.
وتناولت المسؤولة الأمريكية مساعي اليمن الرامية إلى مجابهة تحديات إجراء إصلاحات سياسية أساسية.
وقالت: " إن اليمن تعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية خطيرة أصبحت تؤثر يومياً على حياة الموطن اليمني".
ومضت قائلة: "يبلغ عدد النازحين على الصعيد المحلي قرابة 306 ألاف في حين تشير التقديرات إلى أن حوالي 10.5 مليون يمني من اجمالي سكان اليمن البالغ عددهم 24 مليون نسمة يعانون من شحة الامن الغذائي بينما يعاني مليون يمني من مظاهر سوء التغذية ولا تتوفر خدمات الصرف الصحي الأساسية ومياه الشرب الآمنة لأكثر من 13.1 مليون مواطن وذلك وفقا لتقارير الأمم المتحدة".
وتابعت: "يجب على اليمن ان تستثمر في المجالات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية الاساسية للشعب اليمني، فضلاً عن توفير المساعدات الإغاثية الطارئة لمجابهة الاحتياجات الإنسانية العاجلة وكلها تساهم في تحقيق تطلعات المرحلة الانتقالية"..
لافتة في هذا الصدد، ان الولايات المتحدة قدمت 221 مليون دولار في هيئة مساعدات إنسانية خلال العامين الماضيين بهدف المساهمة في توفير احتياجات الفئات الشعبية الأكثر فقراً وذلك بالتنسيق المباشر مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى.
وأشارت إلى ان المساعدات الأمريكية استهدفت توفير المواد الغذائية والمأوى والرعاية الصحية بما فيها التحصين والوقاية من الأوبئة والامراض للأسر المحتاجة فضلاً عن مساعدات إنسانية أخرى.
وشددت نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية ان تحقيق الاستقرار الأمني في اليمن أصبح عاملاً رئيسياً يعزز نجاح المرحلة الانتقالية السياسية.
وثمنت في هذا الاطار ما حققته القيادة السياسية وحكومة الوفاق من مكاسب في فرض هيبة المؤسسات الامنية في البلاد من خلال الحملات العسكرية ضد معاقل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وكذا تدشين إعادة هيكلة صعبة ومعقدة لقوات الجيش والاجهزة الأمنية.. إلى جانب تبني الرئيس عبدربه منصور هادي خطوات هامة في هذا المسار، شملت سلسلة من القرارات الرئاسية في يناير وأبريل 2013م رسمت خارطة طريق ل "هيكلة وتوزيع ألوية القوات المسلحة" وكذا إقرار مبادرات تهدف إلى تعزيز مهنية وحرفية وقدرة القوات المسلحة اليمنية.
وقالت: "نحن نشجع الحكومة اليمنية في مواصلة التقدم الذي احرز حتى الآن في هذا المجال الهام وعلى ضوء اتفاق التسوية للمرحلة الانتقالية لأنها ستعزز من قدرات اليمن في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية".. لافتة إلى أن هذه النقطة تناولتها في مباحثاتها مع المسؤولين اليمنيين خلال زيارتها الاخيرة إلى صنعاء.
وكشفت في ذات الوقت عن مخاوف لدى الولايات المتحدة من أن اطراف خارجية تضم إيران تعمل على زعزعة استقرار المنطقة عبر إضعاف وتقويض انجازات المرحلة الانتقالية اليمنية. مبينة ان السلطات اليمنية اعترضت شحنة أسلحة في طريقها إلى مجموعة عناصر من الحوثيين.
وتابعت: "لقد شجعتنا جهود الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب وما تزال اليمن ملتزمة بمواصلة التنسيق الوثيق في مجالات مكافحة الإرهاب، في ظل الدعم الثابت للولايات المتحدة .
واشادت المسؤولة الأمريكية بالنجاحات التي حققتها اليمن على صعيد مكافحة الإرهاب .
وقالت: "تتويجا لجهود الرئيس عبدربه منصور هادي، نجحت اليمن في استعادة مساحات شاسعة في جنوب البلاد كانت تحت سيطرة القاعدة، كما عززت اليمن من خطواتها لتأمين حدودها".
واستدركت قائلة: "على الرغم من الاجراءات السابقة، يظل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يمثل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار اليمن والمنطقة وأيضاً الولايات المتحدة".. مذكرة بأن الرئيس الأمريكي باراك اوباما إشار في خطاب القاه خلال شهر مايو المنصرم في جامعة الدفاع الوطني إلى أن "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو الأنشط في التخطيط لاستهداف الاراضي الأمريكية".
وقالت: "لدى الحكومة اليمنية الاراده لمجابهة مخاطر القاعدة لكن قدراتها محدودة في الوقت الراهن ولا تستطيع فرض سيطرتها الأمنية في شتى أنحاء البلاد".
وأضافت: "ولهذا السبب نرى ان مواصلة الدعم الأمريكي للقطاع الأمني اليمني مسألة ضرورية في الوقت الراهن خاصة واليمن تحارب تواجد القاعدة داخل حدودها".. موضحة أهمية أن تتركز المساعدات الامنية المخصصة لليمن في تعزيز قدرات اليمن على تأمين البلاد من القاعدة والمخاطر الاخرى عبر استراتيجية متكاملة تعالج التحديات الامنية الحرجة، وضرورة أن تعمل برامج المساعدات الأمريكية على تطوير قدرات القطاع الامني اليمني في شن عمليات نوعية لمكافحة الإرهاب وتأمين الحدود البرية والبحرية وكذا المياه الاقليمية.
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة خصصت حوالي 87 مليون دولار من ميزانية وزارة الخارجية و161 مليون دولار من ميزانية وزارة الدفاع على مدى السنتين الماليتين الماضيتين لدعم اليمن وبهدف المحافظة على الاصلاحات الجاري تنفيذها حالياً؛ عبر تدريب وتأهيل وتسليح القوات لتتمكن الأجهزة الأمنية اليمنية من تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب.
هذا وقد عقب عدد من اعضاء مجلس النواب الأمريكي خلال جلسة الاستماع على ماجاء في كلمة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية حول التطورات على الساحة اليمنية.. مشددين على أهمية دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للمرحلة الانتقالية الجارية في اليمن وبما يكفل المحافظة على كل النجاحات التي تحققت خلال العملية الانتقالية والوصول إلى المستقبل الافضل والمسار الديمقراطي المنشود.. مؤكدين في ذات الوقت على ضرورة استقرار الاوضاع الاقتصادية والامنية في البلاد.
ودعا النواب الأمريكيون في مداخلاتهم خلال الجلسة القوى السياسية اليمنية وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني إلى المضي قدماً في سبيل الخروج بمخرجات قيمة وآلية لتنفيذ المخرجات ومواصلة الزخم السياسي بإعداد دستور جديد وإجراء إنتخابات حره ونزيهة.. مؤكدين على أهمية ان تلعب الولايات المتحدة دوراً هاماً على هذا الصعيد عبر توفير الدعم الفني والعمل مع المجتمع المدني لضمان مسار العملية الديمقراطية ورعاية تمرير مصفوفة الاصلاحات الاقتصادية .