[esi views ttl="1"]
arpo28

«خلاف» القاعدة والحوثيين لاستقطاب الشباب السعودي

دخل فرع تنظيم «القاعدة» في اليمن في مرحلة تأزم على مستوى الرأي العام، لجهة خلافه «المفتعل» مع جماعة الحوثيين المتحالف معهم في المنطقة حيث يلقى الدعم اللوجيستي بواسطة استخبارات دولة إقليمية، من أجل ضرب مصالح سعودية، وذلك في محاولة من «التنظيم» و «الجماعة» لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب السعودي.

وكان «التنظيم» تبنى لهذا الغرض عمليتين استهدفتا موكبين مستقلين لجماعة الحوثيين، نتج عن أحدهما مقتل الأب الروحي للحوثيين بدر الدين الحوثي. وأكد أكاديمي سعودي ل «الحياة»: «أن هذه مجرد محاولات لتشتيت الرأي العام، وكسب موقف لمصلحة التنظيم، لإبلاغ أطراف أخرى بعيدة، بهدف دعم ورفد التنظيم بالشباب السعوديين».

وأوضحت مصادر مطلعة ل «الحياة»، أن نائب تنظيم «القاعدة» في اليمن سعيد الشهري كان يتعامل مع استخبارات دولة إقليمية من أجل تسهيل دخول ثلاثة أرباع الشبان إلى أفغانستان، ويتلقى المال حالياً من أجل ضرب أهداف محددة في السعودية، وكان يفسر هذا التعاون على أنه «من باب المصلحة».

وقالت المصادر إن الشهري على علم بأن استخبارات هذه الدولة هي التي تقوده وتدفع له المال من أجل الإخلال بالأمن الداخلي للمملكة.

وكان الشهري وعد مقربين منه بالالتفات إلى تلك الجماعات لضربهم (يقصد الحوثيين وجماعات مرتبطة بدولة إقليمية). وأشارت المصادر إلى أن قيادات فرع التنظيم في اليمن، يغضبون من أي عنصر في التنظيم يخالف شروط جماعة الحوثيين، بسبب أن الحوثيين ساعدوا التنظيم مادياً في مرحلة التأسيس حين كان يعاني من قلة التمويل، وكانت عناصر من جماعة الحوثي تجوب مناطق تمركز عناصر التنظيم وهم يرتدون الزي الشعبي (العمامة والخنجر)، ويدفعون لهم.

ولفتت المصادر إلى أن عدداً من الموقوفين السعوديين لانضمامهم إلى خلايا إرهابية في السعودية، كانوا متوجهين إلى اليمن للانضمام إلى عناصر الفئة الضالة تحت قيادة اليمني ناصر الوحيشي ونائبه السعودي سعيد الشهري، وكانوا مقتنعين بأن التنظيم ليس مرتبطاً بأية أطراف طائفية أو استخباراتية.

وأوضح المختص في قضايا الجريمة والإرهاب الدكتور يوسف الرميح ل «الحياة» أنه لا يشك في أن الجماعات الإرهابية في الجزيرة العربية والمنضوية تحت اسم «القاعدة» تظهر كرهها وحقدها لجماعة الحوثيين والدولة الإقليمية التي تدعمهم لاختلاف المذهب والمنهج، مشيراً إلى أنه يجزم بوجود تقاطع مصالح بين التنظيم والحوثيين، خصوصاً أن لكل منهما عداء مع عدد من بلدان المنطقة.

وقال الرميح: «ان «القاعدة» لا مبدأ له بتاتاً، فهم يبحثون عن مصالحهم عن أي طريق، وأي طرف كان، خصوصاً أننا نعرف الاختلاف والتناقض الفكري والعقائدي بين «القاعدة» و «الحوثيين»، لكنهما يجتمعان على مصالح وعداءات مشتركة».

فيما أشار الباحث في شؤون الإرهاب في اليمن سعيد عبيد ل «الحياة» إلى أن للتنظيم حسابات خاصة، وهي تخضع لتقديرات قادته، خصوصاً بعد تصريحات التائب محمد العوفي التي جعلت مواقف التنظيم مرتبكة ومتناقضة، ولعل التنظيم أراد من خلال ذلك أن يُكذب ما قيل من خلال عملية ميدانية، ربما تكون هي القشة التي ستقصم ظهر البعير، لا سيما أن التنظيم زعم عداءه لجماعة الحوثيين في الكثير من إصداراته الإعلامية.

وذكر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية الدكتور علي الخشيبان ل «الحياة» أن فرع تنظيم «القاعدة» في اليمن، فقد التوازن في كيفية تعامله مع الواقع اليمني وفهم تكويناته الطائفية والعرقية والقبلية التي تتشكل وفق مصالح مجتمعية، وهو أكبر من أن ينجر خلف أهداف مجموعة من أعضاء التنظيم، ولذلك بدأ يدخل في طريق الاختلاف مع الحلفاء.

واستبعد الرميح أن يكون فرع «القاعدة» في اليمن استغنى عن خدمات جماعة الحوثيين، وقال: «التنظيم يكذب ويخادع من أجل مصالح أخرى. من أجل إبعاد الشبهة عنه، وأجزم أن هناك تقاطع مصالح بين الجماعات الإرهابية والحوثيين، مع وجود عدد كبير من نقاط التضاد والتناقض، وعدد محدود جداً من نقاط الالتقاء»، فيما لفت عبيد إلى أن ما يجرى لا يعني أن التنظيم بات قوياً، ولا يدل على استغناء التنظيم عن الدعم الحوثي، وإنما هي محطة جديدة من التأزم وانكشاف الأوراق بين «القاعدة» و «الحوثيين»، فالتنظيم ذو مزاج إرهابي متقلب، لا يقل عما لدى الحوثيين من دهاء وغموض.

وأكد الخشيبان أن التنظيم يعاني من ارتباك وأزمة داخلية تتمثل في كيفية التعامل مع حليف قديم، خصوصاً في صوغ بيانه الـ22 الذي تبنى عملية استهداف موكبين للحوثيين، ويدفع نحو فرض استقلاليته الشاملة عن حلفائه الحوثيين فوق الأراضي اليمنية، وذلك بفعل عملية الإرباك التي تدور داخله، وقد تكون هذه العملية مخططة من أجهزة استخباراتية مختلفة، اخترقت التنظيم الذي بدأ يفقد قيمه وقيم تنظيم «القاعدة» الأساسي ويتجه إلى التفكك والمواجهة كما يبدو مع القوى الديموغرافية (التكوينات المجتمعية بما تشمله من قبائل وطوائف) اليمنية والحكومية.

وأضاف: «المطلع على البيان يلاحظ مجموعة من الأمور، منها عدم الإثبات في شكل قاطع أن التنظيم لم يتبنَّ العملية وقتل بدر الدين الحوثي، وصوغ البيان عملية تشكيك في الكيفية التي مات بها بدر الدين الحوثي، وليس إثباتاً قاطعاً بالدلائل والبراهين، والدليل أيضاً أن بيان الحوثيين حول كيفية وفاة بدر الدين الحوثي وجدت طريقها إلى الإعلام في شكل طبيعي غير قابل للتشكيك».

أما الرميح فذكر أن أن تبني «القاعدة» في اليمن للعملية ونفي المكتب الإعلامي للحوثيين، يدل إلى محاولات لتشتيت الرأي العام وافتعال أزمات مختلفة ومحاولة زعزعة الجبهة الداخلية للقوى المحاربة للتنظيم للاستفادة من هذا التشتت والانقسام بين «القاعدة» والحوثيين. وأضاف: «ربما أن أحد الداعمين للتنظيم، لا يرغب في التعاون مع الحوثيين، فصدور هذا البلاغ لإرضاء أطراف أخرى ولإثبات أن العلاقة انتهت، وهي ليست كذلك».

وعن تمكن «القاعدة» من تنفيذ أهدافه في المملكة من جهة، ومواجهة الحوثيين من جهة أخرى، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية: «لن يتمكن التنظيم من تنفيذ عمليات إرهابية مباشرة في المملكة، مع ضرورة الانتباه إلى أن الجماعات المسلحة يمكن تسميتها soft operational مثل عملية التسميم عبر العطور والهدايا، خصوصاً بعد تحولها إلى عملة في يد عمليات استخباراتية موجهة».

وأضاف: «هذا وقت مناسب من المجتمع الدولي والمحيط لدعم اتجاهات الحوثيين بطرق مختلفة ضد تنظيم «القاعدة» في اليمن، الذي سيوفر الكثير من الجهد ويهدف إلى تقليل اعتماد الحوثيين على مصادر الدعم الخارجي لمنظمتهم، أما القاعدة فيبدو أنه سيكشف الكثير من عمليات الارتباك خلال المرحلة المقبلة، لأن الأراضي اليمنية بدأت بالتخلص من كل تنظيم يصعب تكييفه داخل الجسد اليمني».

وحذر المختص في الجريمة والإرهاب من عدم الانخداع للفرقعات الإعلامية ل «القاعدة» الذي يمتلك قوة في إدارته الإعلامية والإلكترونية، ويحاول من خلال ذلك التجنيد والتمويل، خصوصاً أن العلاقة بينهما علاقة مصالح وتوازن قوى.

وكان القائد الميداني في التنظيم (سابقاً) التائب محمد عتيق العوفي، قال في وقت سابق ل «الحياة»: «إن رجال التنظيم يجتمعون مع عناصر الاستخبارات الإيرانية ومع الشيعة الرافضة، وتحدثت مع نائب التنظيم السعودي سعيد الشهري حول هذه المسألة، فذكر لي أننا ننظر إلى المصلحة».

وذكر العوفي، أن تنظيم «القاعدة» تعاون مع الاستخبارات الإيرانية أثناء فترة أحداث 11 أيلول (سبتمبر)2001. وقال: «كان ناصر الوحيشي وسعيد الشهري وقاسم الريمي ينقلون لي بألسنتهم كيفية تعاملهم أثناء فترة وجودي معهم في اليمن، وكانوا ينظرون إلى المصلحة العامة قبل كل شيء».

وأكد العوفي أن قيادات التنظيم في اليمن غضبت عليه عندما علمت أنه طرد مجموعة من الحوثيين كانوا يريدون دعمه بالسلاح في مقابل الانضمام معه، وأن الشجار أوشك أن يتحول تراشقاً بالنار، وقالوا له: «يا أبا الحارث من باب المصلحة العامة أن نتفاوض معهم من أجل سحب الأموال، وليست لدينا أية مشكلات معهم، وقضيتنا مع السعودية واليمن فقط».

زر الذهاب إلى الأعلى