أعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط, أمس ان عدم حسم مجلس الأمن الدولي قراره بشأن اعتداءات إسرائيل على غزة, تنفيذا لقرار مجلس الوزراء العرب كان أمرا متوقعا, إلا أنه أضاف "لا يجب أن نصاب بخيبة أمل, هذه خطوة أولى في معركة ديبلوماسية ممتدة قد تستغرق عدة أيام".
وقال في مؤتمر صحافي, إنه تم في ساعة متأخرة ليل أول من أمس تكليف السفير المصري في الأمم المتحدة, باعتبار مصر الرئاسة الحالية للمجموعة العربية في شهر ديسمبر,
بالتحرك الفوري تنفيذا لقرار الوزراء العرب خلال اجتماعهم بالقاهرة بتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن, وقد تداولت المجموعة العربية مشروع القرار برئاسة السفير ماجد عبدالفتاح في الأمم المتحدة, وتم الاتفاق بين مصر وليبيا وممثل الجامعة العربية بالامم المتحدة للتحرك الفوري وتم تقديم مشروع القرار.
وأضاف أن مشاورات دارت بين أعضاء المجلس, وعقدت جلسة رسمية نظرت في المقترح العربي ولكن لم تحسم أمرها, وبالتالي لم يحسم مجلس الأمن أمره, مشيرا إلى أن ذلك كان أمرا متوقعا, وقال "سنسعى من جانبنا في مصر باعتبارنا أعضاء في اللجنة العربية, ومن موقع مسؤوليتنا تجاه القضية الفلسطينية, لاجراء أكبر قدر من المشاورات مع أعضاء مجلس الأمن الحاليين الجدد, لأن هناك خمسة أعضاء جدد يتم اختيارهم في بداية يناير الجاري, وسنبدأ الاتصال مع هذه المجموعة ونتصل أيضا مع الجانب الأميركي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن".
وقال إنه كان هناك اتصال بينه وبين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في ساعة متأخرة ليل اول من أمس, مشيرا إلى أن الأمر "سيقتضي بعض الوقت, وسنركز على حتمية وقف اطلاق النار", وأن الوضع لا يتحمل لأنه في كل لحظة يسقط ضحايا ولا يجب الانتظار على هذا".
اضاف ان وحدة الصف العربي, وكأنه نسيج مشدود, ضرورية, إلا أنه أضاف "قد يظهر على السطح أن هناك تفاهما وتوافقا واتفاق على قرارات لكن هناك أيضا مواقف تسعى لتأييد هذا الطرف أو الدفاع عن ذلك الطرف", مدللا على ذلك بقوله إنه وبعد جلسة ممتدة لمناقشة مشروع القرار العربي حول أحداث غزة, وهو مشروع ساهمت فيه مصر بكثير من الأفكار, كانت هناك مطالبة في الاجتماع الوزاري العربي بالسماح بفتح المعابر المصرية.
وأوضح "اننا وعندما تحدثنا عن فتح المعابر وشرحنا منطق مصر في فتحها فقد قلنا للاخوة الوزراء العرب وبالكثير من التفصيل أن هناك محاولة اسرائيلية غير خافية على مصر منذ العام 1981, للسعي لفصل غزة عن الضفة الغربية, وهناك طرح إسرائيلي بأن تأخذ مصر غزة وليأخذ الأردن الضفة الغربية, وبذلك تنتهي القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن مصر رفضت هذا الكلام عندئذ, حيث كانت إسرائيل تستند إلى أن مصر كانت موجودة في غزة في الفترة من 48 و49 إلى 67, وبالتالي فلتأخذ مصر غزة وتكون مسؤولة عن سكانها, وكذلك الأردن بالنسبة للضفة الغربية وسكانها بينما يبقى اللاجئون في البلاد التي لجأوا اليها وتتم تصفية القضية.
وأضاف أنه في العام 2004, تمت إعادة هذا الطرح, من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها ارئيل شارون, حيث رفضت مصر والأردن أيضا هذا الطرح, مؤكدا أن هذه هي المرة الثالثة التي تحاول فيها إسرائيل فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة, وأن هذا الفصل يتم خطوة خطوة حتى يصل الإسرائيليون إلى النتيجة التي يريدونها وذلك من خلال تسهيل الصدام بين الفلسطينيين بعضهم البعض, وهو ما حدث بالفعل, فقد أصبح لدينا سلطة شرعية في الضفة الغربية وكذلك مجموعة مسلحة مسيطرة على قطاع غزة وهي مجموعة كانت قد انتخبت شرعيا لكنها انقلبت على شرعيتها بعد ذلك, وهذا هو الواقع الذي نراه.
وأوضح أنهم "يقولون الآن لمصر فلتفتحوا المعابر أمام غزة, وهنا ستأتي إسرائيل لتقول بالتالي أنا من جانبي ليس لي علاقة ومسؤوليات, وقد أصبح هؤلاء في غزة معتمدين على مصر في الغذاء والكهرباء والوقود وغيره ولتتحمل مصر مسؤوليتهم, ويظل هؤلاء في غزة في صدام مع الضفة ونجد أنفسنا وقد أصبح لدينا وضع انقسام للدولة الفلسطينية بين الضفة الغربية وغزة.
وقال إن هناك بعدا آخر وهو أسباب تحرك هذه "الجوقة" الآن ضد مصر, وهذا محل حديث آخر, مشيراً إلى أنه شرح في الاجتماع المغلق لوزراء الخارجية العرب كل هذه القصة, وطلب منهم تقديم طلب إلى حماس لأن توافق على عودة السلطة الشرعية الوطنية الفلسطينية إلى المعبر في رفح, ولكن سورية رفضت هذا الطلب.
وأضاف ان وزير خارجية سورية قال لا لهذا الطلب ورفض عودة السلطة الفلسطينية, مشيرا إلى أن مصر كانت ترى المؤشرات حول عزم اسرائيل على ضرب "حماس" في غزة على مدى الأشهر الثلاث الماضية, وقال لم يكن متبقيا أمام إسرائيل سوى أن "يكتبوا أنهم سيضربون غزة في السماء" قائلا انهم وللأسف أعطوا إسرائيل الفرصة على طبق من ذهب, وطالب بضرورة التوقف عن عملية القتل وآلة القتل الاسرائيلية بشكل فوري.
وتابع "لقد شرحنا ذلك في الاجتماع الوزاري ولكن في وسط الحديث, قال وزير خارجية سورية إن هناك ثلاثين قتيلا فلسطينيا خلال الستة أشهر للهدنة, وقد جاء ردنا عليه هذا حدث وقد قمنا بإدانة ذلك, وكان ذلك خرقا للتهدئة, ونعلم أنه كانت هناك صعوبات في تنفيذ التهدئة وأن إسرائيل خرقتها مرات عدة, ولكن كم سقط من شهداء فلسطينيين في الأيام الأربع الماضية فقط? إنهم أكثر من أربعمئة فلسطيني.
وقال أبوالغيط "بالتالي يجب أن نتنبه للاطار العام للوضع في هذه المنطقة, وأن نتنبه للشد والجذب الستراتيجي, ومن يعمل لصالح من?, وبالتالي تأثيرات ذلك على مصر ومسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية", مؤكداً أنه يجب الحفاظ على الأرض الفلسطينية وبأكبر قدر من التشدد والتمسك بالاطار القانوني حتى ولو كان هناك استمرار في القصف والشد والاتهامات لمصر بأنها لم تبذل الجهد الكافي, معربا عن أسفه بأن هناك جوقة تردد هذه المزاعم وتهاجم مصر مع بعض الفضائيات.
وأوضح ان هدف هؤلاء الذين يوجهون لنا هذه الاتهامات هو أن يتم تطويع مصر لخدمة أهداف ليست للصالح المصري أو العربي أو لصالح القضية الفلسطينية نفسها, وقال ان معبر رفح ينظمه المفهوم الآتي أن "هناك رجل أمن فلسطينيا موجودا على شباك المعبر, وهناك أيضا رجل في الخلف مراقب من الاتحاد الأوروبي لديه آلة يستطيع من خلالها أن يرى شكل جواز السفر الذي يدخل أو يخرج من وإلى الجانب الآخر.
وأضاف أنه ولتأمين عدم إساءة استخدام هذا المعبر, فقد تواجد الاتحاد الأوروبي للتأمين والمتابعة, مشيرا إلى أن هناك أمرا قد يكون غير معلوم وهو أن هناك كاميرا موجودة في المعبر لكي توفر إشارات الصور إلى إسرائيل.
وقال "الإسرائيليون أيضا موجودون في غرفة مغلقة على الجانب الآخر يعرفون من يخرج ومن يدخل لأن لديهم شكوك", وأشار إلى أن هذا الاتفاق انتهى لأنه كان اتفاق مع سلطة فلسطينية شرعية معترف بها دوليا, وقد انتهى أيضا هذا الوضع بسيطرة حماس على الأرض, وقال هناك من يطالب بأن نفتح المعبر, ونحن نرد عليهم ونقول إنه لفتح هذا المعبر يجب أن يكون هناك السلطة الشرعية الفلسطينية, فإذا نجحنا أن نقنع المسيطرين على القطاع حاليا أن يتواجد ثلاثة ضباط أو ضابطين من رجال الجمارك, وضابطين من الجوازات فان المراقب الأوروبي سيحضر, ولا داع للكاميرا لأن هذا يعني أن السلطة الفلسطينية الشرعية أصبحت موجودة, لأنهم جاءوا من عند سلطة الرئيس محمود عباس, الشرعية, حتى إذا كانوا متواجدين حاليا في غزة ولا يعملون.
وأكد ان مصر عرضت هذا الطرح منذ ستة أشهر, ولكن لا أحد يرغب في أن يستمع وتساءل "لماذا لا يريدون أن يستمعوا لهذا الطرح"?, متابعا أن السبب في عدم الاستماع للطرح المصري أن تفقد السلطة الوطنية الشرعية سلطتها على غزة, وتكون هناك سلطة بديلة معترف بها من جانب مصر, لأن ذلك هو المفتاح الذي سيعطي الاعتراف لحماس, وإذا منحت مصر الاعتراف لحماس فإن المجتمع الدولي سيمنح حماس الاعتراف أيضا.
وأشار إلى ان مجلس الأمن لن يستخدم الفيتو ضد مشروع القرار المقدم من مصر وفلسطين لوقف إطلاق النار, لأن من يتابع مشاورات ومداولات مجلس الأمن سيصل لخلاصة بأنهم يأخذون وقتهم في الجدال حول مشروع قرار ثم إضافات وتعديلات وكل هذا يتم في غرف مغلقة حتى نصل للحظة يلقى معها القرار موافقة كل الأطراف.
وأضاف "عندئذ يطلبون من إسرائيل ومن الطرف الفلسطيني المسيطر على القطاع, وهو حماس حاليا, أن يلتزم أيضا بهذا الوضع وسنرى الضمانات التي ستوضع لكي تؤمن أهل القطاع قبل المضي في قبول وقف إطلاق النار, ولكن عملية القتل يجب أن تتوقف وأن نتحرك بسرعة شديدة أيضا", متابعاً "اننا وبالأمس كنا على وشك توبيخ المجلس لأنهم يتحدثون عشر ساعات في مسألة تنتهي في عشر دقائق" .
وحول الاتصالات مع إسرائيل, قال أبوالغيط انه كلف سفير مصر في إسرائيل مرة أخرى بالاجتماع بالمسؤولين الإسرائيليين لينقل لهم استمرار القلق المصري من استمرار هذه الأوضاع وضرورة وقف إطلاق النار فورا, ونطالبهم بالتجاوب مع عمليات مجلس الأمن وسنطلب سفير إسرائيل بإبلاغ بلاده بنفس الرسالة.
وبشأن الضمانات المطلوبة في ظل هذا الموقف, قال إن الضمانات هي ألا تطلق الصواريخ على المدن الإسرائيلية وأن يكون هناك آلية لرصد التزام الأطراف بمواقفها, ومن الضمانات أيضا ألا يتم التهريب لأن المسألة أنه عندما يتم وضع قطاع غزة تحت الحصار فلابد أن يحدث تهريب, ولكن إذا فتحوا المعابر ومكننا شعب غزة من الحصول على الغذاء والوقود وغير ذلك لن يحدث تهريب.
وحول ما هدد به الطلاب في إيران من استهداف مقر البعثة الديبلوماسية المصرية, قال أبوالغيط "إن كل شيء يتم بحساب", ودلل على ذلك بأن وزير خارجية إيران منوشهر متكي كان قد طلب من رؤساء البعثات الديبلوماسية في إيران الجلوس معه, وقد اتصل السفير المصري بالخارجية الإيرانية, وقال لهم "لا أستطيع الخروج لأن هناك حصارا على المقر".
وأضاف "أن المسؤولين في الخارجية الإيرانية اتصلوا بالسفير المصري بعد ربع ساعة, وقالوا له لقد انتهى الحصار, فنظر السفير من الشباك ولم يجد أي شخص في المظاهرة" .. موضحا أن هذا "الشغل كله معروف لدينا".
وبشأن تركيا والتنسيق معها حاليا, قال أبوالغيط إن الرسالة التي طلب الرئيس حسني مبارك بأن أنقلها للجانب التركي كانت تدور حول محاور عدة, وقد اتفق الإخوة في تركيا معنا على هذه الرسالة بالكامل, وهي رسالة منطقية وسيكون في هذا الإطار الجهد الذي يقوم عليه العمل الدولي.
وأضاف: "مسألة وقف إطلاق النار الفوري مطلوبة وكذلك العودة للتهدئة مطلوبة, وأن التهدئة لها عناصر مثل فتح المعابر أمر مطلوب وأن تشرف عليها آلية لكي نتأكد أن كل شيء يتم من دون افتئات طرف على آخر أمر مطلوب أيضا, وهذه الآلية يمكن أن تكون قوات دولية أو عربية أو مراقبين أو أفراد, وأن يلبس الشخص نظارة معظمة".
________
وكالات