قال تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية العربية للعام 2009 الصادر في بيروت، امس، إن اليمن هي البلد الاول عربيا من حيث معدل الفقر وذلك بنسبة 59.9 في المئة.
وتناول التقرير مسألة التحديات التي يتعرض لها امن الانسان العربي، متحدثا عن تهديد للحريات وممارسات تعذيب عدة وبطالة وفقر وتصحر.
وأطلق التقرير في احتفال اقيم في القصر الحكومي برعاية رئيس وزراء تصريف الاعمال فؤاد السنيورة بحضور حشد سياسي واجتماعي واعلامي وخبراء.
وتتناول الدراسة الحالية، موضوع امن الانسان في البلدان العربية انطلاقا من الاطار الذي وضعه «تقرير التنمية البشرية» للعام 1994 حول امن الانسان. وينطلق هذا التقرير من ان جوانب القصور التي حددت معالمها التحليلات الواردة في تقرير التنمية الانسانية العربية الاول ربما تكون بعد مرور سبع سنوات على اصداره قد ازدادت عمقا.
وجاء في التقرير ان «اجهزة الدولة تمارس انتهاكها حقوق المواطنين في الحياة والحرية من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني.
وتابع التقرير الذي وقع في 288 صفحة: «في اعقاب احداث 11 سبتمبر 2001 اصدر معظم البلدان العربية قوانين لمكافحة الارهاب تقوم على تعريف فضفاض لمفهوم الارهاب. ومنحت هذه القوانين الاجهزة الامنية في الدولة صلاحية واسعة في بعض المجالات التي تشكل تهديدا للحريات الاساسية في مواضيع اخرى».
اضاف التقرير الذي جاء تحت عنوان «تحديات امن الانسان في البلدان العربية»: «تمارس اجهزة الدولة انتهاكها حقوق المواطنين في الحياة والحرية من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني. ودونت المنظمة العربية لحقوق الانسان امثلة على ممارسات التعذيب في ثماني دول عربية بين العامين 2006 و2008». لكن التقرير لم يسم هذه الدول.
ويعد التقرير، الحلقة الخامسة في سلسلة تقارير التنمية البشرية التي يرعاها برنامج الامم المتحدة الانمائي ويضعها باحثون عرب ودوليون من وجهة نظر مستقبلية.
واكد السنيورة في الاحتفال، ان «من دون النجاح في الوصول إلى حل لازمة الصراع العربي - الاسرائيلي حلا نهائيا وعادلا لن نتمكن من حماية الامن الانساني العربي».
واشار التقرير إلى ان «الذي يهدد امن الانسان العربي يتجاوز مسألة النزاعات المسلحة ليشمل قضايا اخرى اساسية، منها التدهور في البيئة والوضع الهش لعدد كبير من الفئات الاجتماعية والتقلب الاقتصادي الناتج عن الاعتماد المفرط على النفط والانظمة
الصحية الضعيفة وعدم خضوع الاجهزة الامنية للمساءلة». وتحدث عن احكام عرفية، مشيرا إلى ان الكثيرين من العرب يعيشون في حالة من «انعدام الحرية».
واكد ان «العلاقة بين الدولة وامن الانسان ليست علاقة سليمة، ففيما يتوقع من الدولة ان تضمن حقوق الانسان نراها في بلدان عربية عدة، تمثل مصدرا للتهديد ولتقويض المواثيق الدولية والاحكام الدستورية الوطنية». وشدد على ان «اخفاق الدولة الذي يكمن وراء ازمة دارفور يقدم دليلا واضحا على مدى تأثير اداء الدولة في امن الانسان».
اما بالنسبة إلى اوضاع اللاجئين، فإن التقرير اوضح ان المنطقة العربية تتميز بوضع فريد بين مناطق العالم اجمع، فهي المنطقة التي تلتقي فيها قضية اللاجئين الاطول عهدا في كل انحاء العالم، اي قضية الفلسطينيين بتلك الاحدث عهدا في دارفور.
وتطرق تقرير التنمية البشرية، إلى مسألة العنف ضد النساء، حيث دعا البلدان العربية إلى «سن القوانين الكفيلة بحظر زواج الفتيات قبل بلوغهن سن الرشد اي الثامنة عشرة». وافاد بان هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر، مشيرا إلى ان البطالة تعد من المصادر الرئيسية لانعدام الامن الاقتصادي في معظم البلدان العربية.
وذكر ان معدلات الفقر العام تراوح بين «28.6 في المئة و30 في المئة في لبنان وسورية في حدها الادنى، ونحو 59.9 في المئة في حدها الاعلى في اليمن، ونحو 41 في المئة في مصر».
وحسب التقرير، فان معدلات البطالة المحلية تتفاوت بدرجة ملموسة بين بلد واخر «اذ تراوح بين 2 في المئة في قطر والكويت ونحو 22 في المئة في موريتانيا، غير ان البطالة في اوساط الشباب تمثل في كل الاحوال تحديا جديا مشتركا في العديد من البلدان العربية».
واوضح ان اتجاهات البطالة ومعدلات نمو السكان تشير « إلى ان البلدان العربية ستحتاج بحلول العام 2020 إلى 51 مليون فرصة عمل جديدة... ويبلغ معدل البطالة بين الشباب في العالم العربي ما يقرب من ضعف ما هو عليه في العالم بأسره."
ووفقا للتقرير فانه «غالبا ما تنعكس البطالة بصورة غير متوازنة على الاناث فمعدلات البطالة بين النساء في البلدان العربية اعلى منها بين الرجال وهي من المعدلات الاعلى في العالم اجمع».
ودعا الدول العربية إلى التركيز على «اعادة هيكلة النظام التربوي التعليمي من اجل سد فجوات المهارة».
اما في شأن التقلبات المناخية، فاورد التقرير ان المنطقة «توشك ان تقع ضحية مباشرة لتغيير المناخ». وتحدث عن ندرة المياه في البلدان العربية، مشيرا إلى مخاطر التصحر والضغوط البيئية التي تهدد امن الانسان
.
في المقابل، شنّت الجامعة العربية، هجوماً على التقرير، متهمة اياه بالايحاء بأن الاعتداءات الاسرائيلية على الأطفال الفلسطينيين، «بسبب كونهم طرفا في المقاومة».
وانتقد الأمين العام المساعد عبدالرحمن الصلح، في الحفل، التقرير لأنه «يقلل بل يتجاهل تأثير الاحتلال الاسرائيلي على مسيرة التنمية في المنطقة العربية وعلى الامن البشري لسكانها، ناهيك عن تقليل التقرير من أهمية تأثير التدخلات الاجنبية على الامن البشري لمواطني العراق والسودان والصومال».
وقال ان الأوصاف التي أطلقها التقرير في شأن الاتجار بالبشر «قاسية وبلا دليل أو برهان». ولاحظ أن هذا التقرير «لجأ إلى التعميم والقفز إلى النتائج من دون تحليل معمّق واطلاق الاحكام من دون سند، ولم يأخذ بالحقائق الموضوعية». وقال ان التقرير «لم يتردد في اعادة رصد السلبيات التي نعرفها جميعا وأغفل وضع البدائل».