رئيسية

الأزمة اليمنية بين صراعات الداخل وتحديات الخارج

يواجه اليمن في الوقت الحالي تحديات هي الأقوى منذ تكوين دولة الوحدة عام 1990، فهناك في الجنوب ما يعرف ب "الحراك الجنوبي" وهو حركة انفصالية تسعى إلى إعادة تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب بدعوى أن الأخير يعاني الفقر والتهميش..

وفي الشمال تستعر الحرب التي تخوضها القوات اليمنية ضد المتمردين الحوثيين، الذين تمكنوا من الاستيلاء على بعض القرى، بما ينذر بنشر الفوضى والدمار في كثير من المناطق، وهو ما فرض انقسامات في أوساط القوى السياسية الفاعلة على الساحة بين اللجوء لخيارين لا ثالث لهما إما التسوية السلمية الجذرية وإما الحسم العسكري الكامل.

وفي اتجاه آخر، يعاني اليمن تزايد نشاطات تنظيم "القاعدة"، الذي يوجه بين فترة وأخرى ضرباته الإرهابية إلى مواقع استراتيجية وحساسة داخله، ناهيك عن أزمة اقتصادية جامحة تركت آثارها في مناحي الحياة كافة في هذا البلد، ليثير كل ذلك جملة من التساؤلات، أبرزها هل يواجه اليمن فعلاً خطر الانشطار والانقسام؟ وما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت الأوضاع إلى الوصول إلى هذا المستوى من التدهور؟

وهل هناك تدخلات خارجية تغذي الصراعات المشتعلة في اليمن؟ وما هو موقف الأطراف الإقليمية المعنية؟ وأين الدور العربي في مساعدة اليمن على تجاوز هذه المرحلة العصيبة، ولاسيما أن استمرار حالة عدم الاستقرار التي يعانيها هذا البلد سيهدد استقرار المنطقة العربية كلها؟

تتطلب الإجابة عن مثل هذه التساؤلات - أولاً - توصيف ما يجري في اليمن وتحديد ملامح الأزمة وطريقة سير الأحداث، تمهيدًا للوقوف على الفاعل وراء كل ما يجري، وانتهاءً برسم السيناريوهات المستقبلية لما قد يواجهه اليمن.

بدايةً.. تبدو قضية الحركة الانفصالية الجنوبية التي يقودها ما يسمى "الحراك الجنوبي"، هي القضية الأحدث والملمح الجديد والكاشف لكل ما يجري باليمن في مختلف المناطق؛ فقد شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيدًا من جانب الجنوبيين للمطالبة برفض الاستمرار مع الشماليين تحت سقف دولة واحدة أو نظام واحد.. والملاحظ في هذا السياق، أن ما يثار في الجنوب اليوم لا يعكس خلافا أيديولوجيا بين اليمنيين كما كانت الحال في السابق، وهو ما يتضح مما يلي:

- انحصار الاحتجاجات في مناطق ومدن محدودة، وخاصة في عدن والضالع والمكلا بدرجة أساسية، وقد حرمها ذلك من الظهور بمظهر المعبر عن الإجماع الشعبي في جنوب اليمن، كما حرصت قيادتها على التصريح به وتقديم نفسها (قيادة جنوبية) بديلة للمعارضة وخاصة الحزب الاشتراكي اليمني الذي تعرض للانتقاد الشديد وتحميله مسؤولية ما حدث. وقد قلل من الطابع الشامل للحركة حقيقة أن معظم العسكريين المشاركين في الاحتجاجات ينتمون إلى محافظة واحدة هي محافظة "الضالع" التي كانت تمثل المخزون الأكبر للجيش والأمن في دولة الحزب الاشتراكي اليمني مقارنة بالمحافظات الأخرى التي كان وجودها شبه معدوم أو قليلاً أو غير مؤثر.. وهو وضع مختل ناتج عن هيمنة مناطقية - بالتحالف مع آخرين - على الدولة والحزب في الجنوب قبل الوحدة، وأثار - ولايزال - حساسية سياسية واجتماعية.

- تورط "الحراك الجنوبي" في بداية مسيرته بإعلان بعض قياداته لمطالب سياسية لا تحظى بإجماع المنتمين إليه من قبيل رفض شرعية الوحدة ومقارنتها باحتلال العراق والكويت والمطالبة بإعطاء الجنوب حق تقرير المصير والترويج للانفصال، كما أنه تقاطع بذلك مع المعارضة التي كان يمكن أن يشكل التحامهما معًا ضد السلطة قوة سياسية وشعبية مؤثرة قادرة على تحقيق مكاسب أكبر وأكثر جذرية مما حدث.

- افتقادها استراتيجية واضحة الأهداف ومتفقا عليها، كما أن قياداتها الأساسيين غلبت عليهم العصبية والتهور في الأداء وعدم القدرة على إدارة مواجهتهم للحكومة بطريقة ذكية تأخذ في الاعتبار الحقائق التاريخية وتشخيص الأسباب الحقيقية للمعاناة الشعبية.. ومقابل ذلك استسهلت تلك القيادات الحديث عن الانفصال وحق تقرير المصير من دون تقدير للعواقب السلبية على التأييد الشعبي معهم، وتجاهلاً لحقائق موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية التي ستجد في تفكيك دولة تحظى بالأهمية الاستراتيجية والجغرافية خطرًا على المصالح الدولية وعلى الأمنين الإقليمي والعالمي.

وفي الشق الثاني لمكون الأزمة اليمنية، تبرز حالة التردي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في إدارة الدولة، الذي بات ينتج بؤرًا صديدية في داخل المجتمع تتنوع أشكاله وتتعدد مخاطره، فقد كشف العديد من التقارير عن أن نحو 35% من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعيشون في حالات من الفقر والتدهور، وتزايدت الأوضاع سوءًا مع الأزمة الاقتصادية العالمية، التي كانت من أبرز تداعياتها ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 60% في عام 2007-2008، ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب لتصل إلى 16،6% خلال عام .2008

وفي الشق الثالث، تبرز قضية الجماعات التي عادت من أفغانستان بعد الانسحاب السوفيتي منها وواصلت أنشطتها، رغم تعهدها بنبذ العنف على الأقل داخل اليمن، والملاحظ هنا أنها صعدت عملياتها ضد الوجود الأجنبي، بدءًا من عام 2000 بالهجوم على المدمرة الأمريكية كول، لتتصاعد الأمور إلى حد إعلان اليمن مقرًا لقيادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وأخيرًا، تبدو قضية الحوثيين في الشمال التي مثلت صراعا مذهبيا مسلحا ضد الدولة استمر منذ نهاية التسعينيات حتى الآن، حيث ظهرت الحوثية في نهاية التسعينيات بقيادة "حسين بدرالدين الحوثي" الذي أنشأ تنظيم الشباب المؤمن في عام 1997 بعد أن انشق عن حزب الحق الذي كان من القيادات البارزة فيه، وكان "الحوثي" عضوًا سابقًا في مجلس النواب بعد فوزه في انتخابات عام 1993، وعلى الرغم من أن والده كان من أبرز المرجعيات الشيعية للمذهب الزيدي في اليمن - وهو أقرب مذاهب الشيعة إلى السنة، ويبدو قريبًا من المذهب الاثني عشري الإمامي في إيران - فإن حركته تمثل خروجًا عن المذهب الزيدي الذي يتبعه نحو 30% من سكان البلاد. وقد ظلت تلك الحركة سنوات طويلة حركة ثقافية فكرية دعوية بعيدة عن السياسة، بل إنها تلقت دعماً من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في سعيه لمواجهة النفوذ الديني لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض، إلا أنه بدءًا من عام 2002 بدأت الحركة تتجه إلى السياسة، وتأخذ خط المعارضة ضد الحكومة بحجة اتهامها بالتعاون مع الولايات المتحدة في الحملة الدولية ضد الإرهاب التي بدأت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

ومن هنا بدأت أولى مراحل الصراع بين الحوثيين والسلطة في عام 2004، فعلى مدى الأشهر الثلاثة الممتدة من يونيو حتى أغسطس من ذلك العام، دارت معارك عنيفة بين قوات الجيش اليمني وقوات "الحوثي"، وأشارت التحليلات إلى أن مسرح المواجهة كان يتميز بالصعوبة الشديدة بسبب الطبيعة الجبلية الوعرة، وكانت معاناة القوات الحكومية كبيرة؛ لأنها كانت تواجه مسلحين يحتمون بالجبال، إضافة إلى معرفتهم التامة بالأرض وتمتعهم بدعم السكان المحليين، وقد بلغ عدد القتلى زهاء 1000 قتيل كان من بينهم "حسين بدرالدين الحوثي" نفسه..

ولم يكد يمر عام إلا واندلعت مرحلة ثانية من المواجهات بين الطرفين خلال شهري مارس وأبريل عام 2005، ليصل عدد القتلى إلى زهاء 1500 شخص، وفي مايو من العام نفسه رفضت ميليشيا "الحوثي" مبادرة طرحها الرئيس اليمني، تقضي بإبرام صفقة تقوم على منح عناصر الميليشيا عفوًا عاما مقابل إلقائهم السلاح والاستسلام، وقد أدى رفضها إلى استمرار الحرب حتى فبراير 2006، لتعود من جديد مع بداية عام 2007 عندما قامت الميليشيا في 28 يناير بمهاجمة بعض المنشآت العسكرية اليمنية، ليأتي الرد من جانب الحكومة في التاسع عشر من فبراير من العام ذاته عن طريق حملة عسكرية واسعة النطاق استهدفت مناطق التمركز الشيعي في محافظة صعدة، واستمر القتال حتى السادس من يونيو 2007؛

حيث تم التوصل إلى اتفاق وقف العمليات المسلحة بين الطرفين بوساطة قطرية(1)، غير أنه سرعان ما انهار هذا الاتفاق لتبدأ جولة أخرى من الصراع في أبريل 2008 عندما اشتبكت مجموعة من الجنود الحكوميين مع بعض عناصر الميليشيا في الثاني من مايو 2008 عقب انفجار استهدف الشيعة في أحد مساجد صعدة أدى إلى مقتل 15 وجرح 55 من المصلين، لتبدأ المواجهة بين الطرفين في الثاني عشر من الشهر ذاته، وتستمر حتى السابع عشر من يونيو من ذات العام بإعلان الرئيس اليمني وقف العمليات القتالية.

. بيد أنه سرعان ما تجدد مرة أخرى في يونيو 2009، حينما دار العديد من الاشتباكات بين الطرفين وإن ظل الهدوء النسبي هو المسيطر على العلاقة بين الطرفين، لتنفجر الأوضاع بجولة سادسة من الصراع في الحادي عشر من أغسطس من العام نفسه (2009)، وتستمر إلى اليوم، مخلفة عشرات من القتلى من الجانبين، إضافة إلى دمار هائل ونزوح أكثر من مائة ألف عن ديارهم، وهو ما يؤثر بتداعياته السلبية في مستقبل الأوضاع في اليمن، ليفتح الباب واسعًا أمام سيل من التفاسير والتأويلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الصراع.

والحقيقة أن التداخل بين تحديات الداخل وتضارب المصالح والأهداف والاستراتيجيات على مستوى الخارج، أدى إلى تكوين كل هذين التعقيد والتشابك في القراءات المتعددة للأزمة. وربما يكون المطلوب هو فك الارتباط والتشابك بين هذه الأطراف المختلفة ومحاولة قراءة الأهداف والمصالح الحقيقية سواء كانت آنية أو بعيدة، وهو ما يدفعنا - بداية - إلى تسجيل ملاحظتين مهمتين في هذا الخصوص:

الأولى: ان أزمة الحوثيين لم تكن أزمة طارئة "وليدة" اليوم، وإنما امتدت إلى أكثر من خمس سنوات فشلت الحكومة اليمنية في حسمها سواء عسكريا أو سياسيا، بما يمكن معه القول إنها كانت بمعدل معركة واحدة كل عام، مع استمرار المناوشات والاشتباكات المحدودة بين كل معركة كبيرة وأخرى، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أبرزها: ان جغرافيا اليمن الجبلية مكنت أنصار "الحوثي" من الاحتماء بالجبال بصورة تمثل عائقًا أمام استهداف القوات الحكومية لهم، وتوافر السلاح للحوثيين بشكل كبير، وذلك بالنظر إلى واقع ظاهرة انتشار السلاح في اليمن بشكل عام وسهولة الحصول عليه

، واستفادة الحوثيين من تردد الحكومة في حسم مواجهتهم منذ البداية، بل دعمهم ماليا في بعض الأحيان من أجل استرضائهم فضلاً عن الدعم القبلي لأنصار الحركة؛ حيث تشير المصادر المختلفة إلى أن هناك بعض القبائل التي تدعم الحوثيين بوازع الثأر من النظام الحاكم بسبب مقتل بعض أبنائها في المواجهات السابقة.

الثانية: تتعلق بمدى خطورة هذه الأزمة، مقارنة بالأزمات الأخرى التي يواجهها اليمن، وتنبع هذه الخطورة من انطوائها على أبعاد مختلفة يمكن أن تتسع بشكل يؤدي إلى تشابك وتداخل الخيوط بين السياسي والمذهبي، والداخلي والإقليمي، بشكل خطر.. ويتمثل البعد السياسي في اتهام الحوثيين للنظام اليمني بأنه نظام موال للولايات المتحدة وإسرائيل، ومن ثم لابد من مواجهته، إلا أن هذا البعد يعد أقل الأبعاد تأثيرًا في مسار الأزمة أو تعبيرًا عن حقيقتها في مواجهة البعدين المذهبي والإقليمي،

في حين ينبع البعد المذهبي من كون الحوثيين شيعة ينطلقون من منطلقات دينية مذهبية تعتمد على أنصار المذهب، وترفع شعار المطالبة بحقوق الشيعة اليمنيين.. والدولة من جانبها تركز أيضًا في معطيات مذهبية في مواجهتها لهم؛ إذ تتهمهم بالتآمر على النظام الجمهوري والتخطيط لإعادة نظام الإمامة، كما اتهمت الحوثي بادعاء الإمامة.

أما البعد الإقليمي فربما يكون أخطر أبعاد الأزمة، حيث خرجت عن نطاقها المحلي لتغدو مشكلة إقليمية؛ إذ وجدت الأزمة طريقها للخارج منذ اتفاق الدوحة عام 2007، ويتمثل هذا البعد في اتهام اليمن لأطراف خارجية بالتورط في دعم الحوثيين في إطار تصفية الحسابات الإقليمية الأوسع، وإدارة صراعات المنطقة، وإن كان من الصعوبة بمكان حسم طبيعة هذا الدور، ولكن تكشف الشواهد والدلائل عن وجود داعم خارجي لكل ما يحدث، وإن كان بعضها أكثر بروزًا كما هي الحال في الدور الإيراني،

وبعضها الآخر لايزال خافتًا مستترًا كما هي الحال في الدورين الخليجي والأمريكي، وإن كان الدور الخليجي بصفة خاصة والسعودي على وجه الخصوص أكثر أهمية لما تمثله اليمن من أهمية استراتيجية لأمنه واستقراره، وإن كان من المآخذ على هذا الدور أنه شأنه شأن الموقف العربي في الصراعات والقضايا كافة التي تواجهها المنطقة يتخذ نهجًا فرديا، حيث سعت كل دولة خليجية إلى طرح رؤيتها لحل النزاع بصورة مستقلة من دون تنسيق جماعي..

وإذا كان صحيحًا أن هناك بيانات تصدر عن مجلس التعاون الخليجي تعبر عن موقف جماعي لدول الخليج الست كان آخرها البيان الصادر في الثاني من سبتمبر 2009 عن الدورة الـ112 لمجلس وزراء خارجية دول المجلس المنعقدة في جدة، الذي أكد دعمه موقف الحكومة اليمنية، إلا أنه صحيح أيضًا أن كل دولة تطرح وساطتها بين طرفي النزاع بعيدًا عن الأطراف الأخرى، وهو ما فتح مجالات لتوجيه الاتهامات إلى جهود كل طرف بالتشكيك في نياته.

ولكن، من غير المجدي الحديث كثيرًا عن المسؤولية الخارجية عما يجري على أرض صعدة، وإنما ينبغي أن نهتم أساسًا بديناميات الصراع والآفاق المحتملة لتطوره، وفي هذا الصدد يمكن القول إن المواجهة العسكرية قد تؤدي إلى كسب جولة أو أكثر في الحرب ضد الحوثيين، أو حتى إلى كسر شوكتهم بصفة عامة، غير أنها لا يمكن أن تنجح وحدها في حل الصراع الراهن، ويعني هذا أن المواجهة العسكرية غير قادرة وحدها على التوصل إلى حل، خاصة أن الصراع يحمل في طياته عوامل الاشتعال والتجدد باستمرار، بما يعني أن أسبابه ودوافعه لاتزال كامنة،

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لا تبدو المقاربة السياسية ذات آفاق حقيقية بسبب تباين وجهات نظر الطرفين في تشخيص القضية برمتها؛ إذ ثمة مسافة شاسعة تفصل بين رؤية وإدراك كل منهما، فضلاً عن دور العامل الخارجي، وما يؤدي استدعاؤه من فرض قيود على طرفي الأزمة لاحقًا لدى التعاطي مع أي استحقاقات مستقبلية.

في ضوء ما سبق، نخلص إلى القول إن الحل الممكن الوحيد هو أن تقدم الحكومة اليمنية مبادرة إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي شامل من شأنها أن تفضي إلى دولة حديثة وديمقراطية تقضي على كل عوامل الصراع ووقف التدخل الخارجي، ذلك أن الحكومة اليمنية سوف تواجه، إن لم تقم بذلك، أوخم العواقب.

وعلى ذلك، تصبح هناك ضرورة ملحة أمام اليمنيين في هذه المرحلة لتجاوز المخاطر التي تهدد مستقبل بلدهم، وذلك من خلال التوافق والحوار بين القوى السياسية على قاعدة المصالح الوطنية، مع معالجة المشاكل المختلفة التي أفرزتها الصراعات السياسية والعسكرية السابقة.

بالإضافة إلى تأكيد الدور العربي في مساعدة اليمن لإخراجه من أزمته الراهنة ببعديها السياسي والاقتصادي، فما يثير الدهشة أنه رغم خطورة تلك الأحداث بحكم التقارب الجغرافي، فإن التدخل العربي ممثلاً في جامعة الدول العربية ظل خافتًا، فقد اقتصر في بداية الأمر على مجرد تصريح لمندوب اليمن في الجامعة أكد فيه أن الأحداث التي يشهدها اليمن ليس فيها ما يزعج، لتشهد الأيام القليلة الماضية زيارة الأمين العام للجامعة لليمن في السادس من أكتوبر 2009، أكد خلالها موقف الجامعة المساند والداعم لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، من دون التقدم بأي مبادرة أو مقترحات في هذا الخصوص،

وهو ما يؤكد من جديد أنه إذا كان للدور الخارجي أهمية في حل الأزمة، فيجب أن يكون هذا الدور عربيا تتولاه الجامعة العربية لتقديم الدعم اللازم سياسيا وفنيا وماليا لجهود المصالحة الوطنية، وإذا كان نجاح هذه الجهود مطلبا وطنيا، فإنه مطلب عربي أيضًا.

(1) تضمن اتفاق الدوحة الموقع في يونيو 2007 خطوات وإجراءات متبادلة هدفت إلى تهدئة التوتر وتهيئة الأجواء لتحسين العلاقة بين الطرفين، وكان من أبرز ما تضمنه: الالتزام الفعلي من الجانبين بوقف العمليات العسكرية بالكامل في جميع المناطق، وتأكيد تنفيذ قرار العفو العام، إطلاق المعتقلين خلال فترة لا تزيد على شهر من تاريخ توقيع الوثيقة، وبسط نظام الدولة العام على المديريات محل النزاع كغيرها من المديريات الأخرى في الجمهورية.

زر الذهاب إلى الأعلى