بعد أسبوع من التحرش العسكري لعناصر الإرهاب والتمرد الحوثية بحرس الحدود السعودية ( الثلاثاء 3 نوفمبر الجاري) شن ملالي طهران عبر القنوات الفضائية حملة تحرشات سياسية غير مسبوقة ضد اليمن والسعودية في استفزاز علنى لمشاعر الشعبين ، ودعم سياسي رفيع المستوى لعناصر التخريب ،وخرق واضح للمعاهدات والمواثيق الدولية.
وفي هذا الصدد اقتفى رئيس مجلس صيانة الدستور في إيران (الجمعة 13 نوفمبر) أثر وزير الخارجية منوشهر متكي في التدخل في الشأن اليمني ومهاجمة السعودية على خلفية صد الأخيرة لحوثيين تسللوا أراضيها، في تطور جديد للتناغم الواضح بين المرجعيات الدينية المعترف رسمياً بدعمها للحوثيين وبين الجهات الإيرانية الرسمية ذاتها .
روابط طيبة في صعدة
وكان وزير الخارجية الإيراني منو شهر متكي دشن الحملة الضارية( الثلاثاء 10 نوفمبر)بتحذير دول المنطقة من ما سماه مغبة التدخل في الشئون الداخلية لليمن في تهديد مبطن للسعودية وإدعاء الوصاية على اليمن.. وإمعاناً في التدخل في الشأن الداخلي اليمني صنف متكى في كلمة له الأوضاع في اليمن إلى ثلاث مشكلات حقيقية وصف الثالثة منها بالمعضلة والمتمثلة بما زعم أنه (خلاف قائم بين الحكومة ومن سماهم الشيعة الساكنين في هذا البلد) قاصداً بذلك عناصر الإرهاب والتخريب الحوثية.
ولم تتوقف صفاقة المسئول الإيراني عند حد التصنيف الخاطىء لأحداث اليمن فقد ذهب إلى فرض إملاءات على الحكومة اليمنية مصحوبة بتهديد مبطن قائلاً:" إن إقامة روابط طيبة بين أبناء الشعب اليمني ومن ضمنهم الشيعة والحكومة في هذا البلد أمر يصب في مصلحة الجانبين".
وقبضة فولاذية في طهران
حديث المسئول الإيراني عن(اقامة روابط طيبة) بماتضمنه من (وصاية على الشعب وتهديد للحكومة) وقفز على حقائق الأحداث الجارية في صعده ، حتى وان اعتبر وجهة نظر ناصحة ، فانه يأتي معاكسا تماما لسياسة القبضة الفولاذية التي واجهت بها السلطات الإيرانية مظاهرات جماعات معارضة لنتائج انتخابات الرئاسة 12يونيو/ حزيران والتي اسفرت في ايامها الاولى عن اعتقال حو إلى ألفي شخص وأوقعت حو إلى ثلاثين قتيلاً بحسب حصيلة رسمية، وكذا محاكمة ما لا يقل عن 110 أشخاص امام المحكمة الثورية في طهران. مع انه لاوجه للمقارنة بين (محتجين على نتائج انتخابات) و(مسلحين خارجين على القانون لايؤمنون بالانتخابات)
وتوج الحملة الإيرانية المركزة ضد صنعاء والرياض الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد من اسطنبول خلال مشاركته مؤخرا في ملتقى( كومسيك) بإعلانه إيران الدولة الأولى المتضررة من الأوضاع الجارية في اليمن تلاها السعودية في المرتبة الثانية ثم اليمن فدول المنطقة كافة . وفيما يبدوا انها محاولة لتبرير التدخلات الإيرانية في الشان اليمني اثر تصريحات سابقيه استحضر نجاد أحكام وتعاليم الدين الإسلامي قائلا 🙁 ان وقف الاقتتال هو من احكام الله والدين الاسلامي الحنيف ، وان إرادة الشعب الإيراني تسير في هذا الاتجاه) داعيا (جميع الأطراف المتصارعة في اليمن إلى ضبط النفس).
اصرار في اليمن
وقبل خطاب الرئيس الإيراني عن الشأن اليمني بيوم واحد كانت اليمن أكدت رفضها (التدخل في شئونها الداخلية من قبل اى جهة كانت، أو ادعاء الوصاية أو الحرص على اى من ابناء الشعب اليمني) ، وذلك ردا على التحرشات السياسية الإيرانية المكثفة .
وأوضح مصدر مسئول بوزارة الخارجية اليمنية (ان مايجري في صعدة من مواجهات مع العناصر الارهابية المتمردة الضالة هو شأن داخلي يمني ، واليمن كفيل بحل قضاياه دون تدخل أو وساطة من الآخرين)
ورفض في طهران
ورغم تأكيد اليمن ان ما يجري في محافظة صعدة من مواجهة مع العناصر الإرهابية المتمردة الضالة هو شأن داخلي يمني واليمن كفيل بحل قضاياه دون تدخل أو وساطة من الآخرين ،حاول وزير الخارجية الإيراني الاشارة إلى ما سماه امكانية المساهمة في حل المشكلة عبر التوسط بين الحكومةوعصابة الارهاب والتخريب الحوثية.
يذكر ان إيران كانت اعلنت في ال(10) من أغسطس انها لن تقبل "تدخلاً" أجنبيا في شؤونها الداخلية وذلك ردًا على انتقادات بعض الدول الغربية لمحاكمة أشخاص اعتقلوا بتهمة المشاركة في التظاهرات .
خرق القانون الدولي
وفي اليوم التالي لخوض الرئيس الإيراني في الشأن اليمني انظم رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني(الاحد 15 نوفمبر) إلى الحملة الموجهة ضد السعودية واليمن بانتقاد الأولى لحماية أراضيها من تسلل عناصر الارهاب والتخريب الحوثية وتكرار ادعاء الوصاية على الثانية ، وقال لاريجاني متوجها إلى النواب ان "الاحداث المؤسفة التي يشهدها اليمن تكثفت في الاسبوعين الماضيين وكذلك التدخل السعودي في اليمن من خلال عمليات القصف الجوي المتكررة ضد المسلمين غير مقبول".
وجاء تصريح لاريجاني بماقال انه (ضد المسلمين) مكملا لمبررات تدخل إيران التي ساقها الرئيس نجاد بوضوح مضافا اليها تلميح لاريجاني إلى أمريكا.
وبهذا الحشد الهائل لأعلى القيادات الرسمية والدينية في الجمهورية الإسلامية لمهاجمة وتهديد دولتين متجاورتين تجمعهما تحديات أمنية واحدة تكون سلطات طهران خرقت علنا مبادئ القانون الدولي ومواثيق الامم المتحدة والتي جاء في نصوصها :(لايجوز لأية دولة تنظيم نشاطات هدامة وإرهابية ، أو أنشطة مسلحة رامية إلى قلب نظام الحكم في دولة أخرى بالعنف أو مساعدة هذه النشاطات ،او التحريض عليها ، أو تمويلها ، أو تشجيعها ، أو التفاوض معها) .
تحرشات إيرانية حول الكعبة
وكانت حملة التحرشات السياسية الإيرانية بالبلدين المسلمين (اليمن والسعودية) دشنت باتجاه مكة المكرمة اواخر اكتوبر الماضي بتلميحات مباشرة بضرورة القيام بانشطة خلال موسم الحج "للبراءة من المشركين" مصحوبة بتحذيرات من القيادة الإيرانية باتخاذ مواقف "مناسبة" إذا لم يلق حجاجها ما وصفته بالمعاملة المناسبة.
وفي أعقاب ذلك حذر وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود بأن السعودية مستعدة للتعامل مع اندلاع أي اضطراب طائفي خلال موسم الحج. كما حذر حذر وزير الحج السعودي إيران من "استغلال الحج لأغراض سياسية"، مشيرا إلى أن بلاده لا تألوا جهدا في تسهيل أداء النسك لجميع حجاج بيت الله الحرام.كما حذر مجموعة من العلماء من تسييس الحج وتهيئته لخدمة أغراض سياسية، أو تحقيق مآرب لا علاقة لها بمقاصد الحج الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى
ومراسم "البراءة من المشركين" مسيرات جرت على مدى سنوات خلال موسم الحج، غير أن إحدى تلك التظاهرات في موسم حج عام 1987 تحولت لصدامات دامية بين البعثة الإيرانية وقوى الأمن السعودية، أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى معظمهم من الإيرانيين.
ظهور جديد ل(نصرالله) واخوان مصر
وعلى هامش المواجهات ظهر حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني الموالي لإيران الأربعاء11 نوفمبر داعيا في خطاب ألقاه في بيروت إلى العمل على وقف القتال في شمال اليمن ، ومثله آية الله لطف الله صافي كلبايكاني أحد مراجع الدين في إيران الذي خاض في الشان اليمني من زاوية مغايرة لحقيقة الإحداث الجارية ،وذلك بالتزامن مع توجه مماثل قدم من مصر لجماعة الإخوان هناك.
ويؤكد مراقبون أن القيادة الإيرانية تراهن على حدث أو أحداث أمنية واسعة النطاق في المنطقة وفي بؤر إستراتيجية تفرض من وجهة النظر الإيرانية، إعادة تقييم الموقف الغربي وقبول واشنطن وباريس ولندن وبون وبروكسيل إعادة النظر بسياستها والقبول بالشروط الإيرانية أو الاقتراب منها وهو ما يمنح النظام في طهران شرعية بدأت تتآكل.
معتبرين توجه إيران نحو (اليمن وموسم الحج في السعودية) يأتي في سياق رهانها على خلق عدد من بؤر التوتر تملك القدرة على تفجيرها لفرض واقع جديد يوجب على السياسة الغربية اخذ مصالح إيران بعين الاعتبار ،ويجعل من المنطقة كما لو أنها على كف عفريت إيراني .!