اتهم المعارض الاريتري بشير إسحاق رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالتحالف الديمقراطي الاريتري نظام أسمرة الحالي باستهداف امن واستقرار المنطقة والعمل علي زعزعة النظام في كلا من المملكة العربية السعودية واليمن.
وجدد تأكيده علي وجود معسكرات تدريب للحرس الثوري الإيراني (الباسيج) في الأراضي الاريترية وعلي طول الشريط الساحلي الاريتري وبالأخص في ميناء عصب الاريتري احد المناطق القريبة من السواحل اليمنية والسعودية وأشار إلي إن تلك المعسكرات يتم التدريب فيها للجماعات الإرهابية الدولية وعناصر تنظيم القاعدة ومنها تنظيم الشباب المجاهدين الصوماليين والذي تصنفه الولايات المتحدة ضمن الجماعات الإرهابية الدولية الخطيرة وكذلك قيادات إيرانية يتم إرسالها الي اليمن لمساندة المتمردين الحوثيين في حربهم التي يخوضونها ضد النظام اليمني والسعودي .
وقال ان تلك المعسكرات تعتبر ادة قمعية في يد نظام أسمرة الحالي تقوم بحمايته وتدريب قواته وتسخيرها من اجل قمع واضطهاد الشعب الاريتري حسب قولة . محذرا الدول العربية من مغبة السماح لنظام أسمرة بالتمادي في الأعمال الإرهابية المنظمة التي يقم بها لكي يستهدف امن واستقرار المنطقة بمعية إيران والتي وصفها بالدولة ذات الأطماع التوسعية في المنطقة علي حساب امن واستقرار البلدان العربية اجمع .
إلى الحوار:
الشعباني:ما هي حقيقة المعسكرات التدريبية الإيرانية في اريتريا وأين مكانها؟ ولماذا توافق اريتريا علي تنظيم هذه المعسكرات علي أرضها خاصة وإن من يتدرب فيها حوثيون معاديون ومتمردون في اليمن وإرهابيين؟
بشير إسحاق: في البداية أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لمخاطبة أشقائنا في اليمن وفي الوطن العربي ككل الذي نتمنى له كل الخير والسلام والازدهار، وعودة إلى السؤال فإن الوجود الإيراني في إرتريا بدأ قبل عامين تقريبا، ومع التدهور الواضح في العلاقات الإرترية الأمريكية جراء تمادي نظام أسمرا في دعم الجماعات المناوئة للحكومات الصومالية الانتقالية السابقة والحالية، ومنها جماعة شباب المجاهدين التي تصنفها الولايات المتحدة والأمم المتحدة ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، وتنامت هذه العلاقة على الرغم من التباينات للخلفية الأيدلوجية للنظامين على قاعدة أنهما مستهدفان من الولايات المتحدة والغرب عموما، وتطورت سريعا إلى تعاون في كافة المجالات بينهما بحسب التصريحات التي أدلى بها مسؤولي إيران في الفترة الأخيرة.
وعكست تقارير عديدة محلية وخارجية وجود قوات الباسيج (الحرس الثوري الإيراني) على الأراضي الإرترية، وبصورة خاصة على طول الشاطئ الإرتري من البحر الأحمر والذي يمتد لأكثر من ألف كيلومتر، ما يجعل هذا التواجد نشطا في أوسع قطاع منه . وحول تساؤلكم حول مواقع التواجد الباسيجي إن الأهمية الإستراتيجية تجعله متركزا بالقرب من باب المندب، في ميناء عصب، لتحقيق أكثر من هدف له إن كان آني الملمح أم ذو بعد مستقبلي لحيوية المنطقة، لكنه أيضا ممتد في كافة أنحاء إرتريا.
أما حول الشق التدريبي فالحقيقة إن إرتريا وفي ظل هذا النظام صارت معسكرا حربيا لشعبها وغيرهم ، معسكرا لتدريب إي قوى– أنى كانت أهدافها ومشروعيتها - تسعى إلى مواجهة الأنظمة بدول المنطقة وزعزعة استقرارها -شرط أن يكون لها مصادر دعم مالية قوية تدفع فاتورة تواجدها على الأرض الإرترية وبالعملات الصعبة بالدفع الفوري أو من خلال المقايضة بها مثل ما هو حاصل مع بعض القوي السودانية التي كانت ترتبط به سابقا، وليس مهما أهدافها الآنية ونظرتها المستقبلية لبلدانها أو للمنطقة ، حسب منهج وعقيدة نظام أسمرا- فإرتريا من شرقها إلى غربها معسكر تدريب شامل، وممنوع التحرك عبر البلاد للمواطنين ناهيك الأجانب المقيمين أو الزائرين، إلاّ تحت نظر ومراقبة أجهزة النظام القمعية.
أما لماذا يدرب الحوثيون فيها، فالقاعدة الثابتة لدى النظام أنه لن يستثني أحدا في المنطقة ، ليس فقط لأنه ناكر لجميل دعم ومساندة هذه الشعوب لشعبنا في نضاله من أجل التحرر والسيادة ، ولكن لأن منهجية النظام وأيدلوجيته التي يخلص لها هو فقط نزوعه إلى الهيمنة على المنطقة ومصيرها ومقدراتها، لتحقيق أضغاث حلم يريد جلاد أسمرا عودته من غابر التاريخ إلى الألفية الثالثة ..! لذلك فإن إرتريا وشعبها المقهور براء مما يفعل ..!
ولشعوب المنطقة ودولها، وخاصة قواها المعارضة أو التي ترى أن ظلما واقعا عليها وتسعى للتعامل مع هذا النظام ، لديها مثال في الواقع الذي آل إليه الشعب الإرتري ..! وما عليهم سوى الاعتبار من ذلك .
الشعباني:ما هي الدلالات التي تكمن وراء التعاون الإيراني الاريتري في هذا المجال؟ وهل تعتبر تلك المواقع مهددة للأمن القومي العربي؟
بشير إسحاق: إن الدلالة المباشرة إلى هذا التلاقي بين نقيضين أيدلوجيين تنبي عن رغبات لديهم في خلق نوع من النفوذ والهيمنة على المنطقة كلاعبين محليين، برغم التنافر البادي بينهما أيدلوجيا، ووجه الشبهة في هذا التلاقي تتمثل في كون النظام الإيراني ذي الخلفية الإسلامية ويدعي نصرة المسلمين في كل مكان، يتحالف مع نظام شوفيني وطائفي مكسبا بلبوس علماني..! ويقوم باضطهاد المسلمين ومحو ثقافتهم وتهجيرهم قسرا إلى دول الجوار الإسلامية ، ما يجعل هذا التلاقي بينهما دلالة على دورهما المشبوه في المنطقة، وتلاقيهما في دعم الحوثيين إنما يعكس خطورة السعي الإيراني لإشعال النار في اليمن باعتباره خاصرة المملكة العربية السعودية أكبر دول المنطقة، ومن ثم فرض نفوذهما على المنطقة برمتها ..!
وعموما من الصعوبة بمكان موازاة نظام أسمرا بالنظام الإيراني في الحديث، أولا بكونه أجيرا لديه في ظل وضعه الحالي ، وثانيا لأن الحالة القائمة في إرتريا من الصعوبة بمكان وصفها بحالة نظام ، إذ لا نظام أصلا بكل المعايير..! فالحقيقة المجردة هي إن عصابة وجدت نفسها في سدة حكم في غفلة من العالم كله .. وليس هذا من باب التشويه السياسي والخصومة ، إنما تسطره تجربتها في إريتريا منذ التحرير والاستقلال تجاه الشعب الإريتري أولا ، وحيال المنطقة ثانيا ..!
عند التحرير في مايو 1991م تجاوزت الحدود إلى جيبوتي .. وعادت تحت الإنذار الفرنسي .. بعد شهور على ذلك افتعلت تحرشات بحرية مع المملكة العربية السعودية ولم يتحقق بعد استفتاء الاستقلال..! عقبه مباشرة الصدام باليمن في سيادتها على جزر حنيش، ثم السودان وحتى اليوم إذ تحتفظ هذه العصابة ببعض القوى المرتبطة به في شرقه وغربه ، وتستخدمها أداة في الضغط على حكومة السودان لتأمين حاجاتها الضرورية ، في وقت تدعي فيه إعلاميا شراكتها في حل مشاكل السودان ..! ثم كانت حربها مع إثيوبيا، واليوم دورها في الصومال وجيبوتي واليمن .. هل يعقل أن نسمي هذا نظاما !؟ بلاد تحكم بلا دستور ودون أي مؤسسات، ما الذي يتوقع من حالة كهذه سوى الارتزاق عبر افتعال الأزمات مع الآخرين والتدخل في شئونهم الداخلية ، والسعي ليكون عرب أزمات من كل شكل ولون !؟
أيضا لا يخفى إن ما نسميه تجاوزا نظام إريتريا ظل على الدوام يبدي وقبل وصوله إلى سدة الحكم في البلاد عدائه لكل ما هو عربي ..حتى اللغة العربية والتي هي اللغة الرسمية لإريتريا وبجانبها لغة محلية، ناهيك بالأمن القومي العربي في معطياته السياسية وأبعاده الإستراتيجية التي هي جزء من الأمن والسلم الدوليين وحرية الملاحة الرابطة بين الشرق والغرب.. وفي هذا الشأن وما يدعو إلى الأسف العميق إن عدد قليل من بعض الأنظمة العربية يقدم المساعدات المادية والدعم السياسي لهذا النظام المعادي لكل ما له صلة بالعروبة، لأغراض يعرفونها ونعرفها أيضا.. فيتم قهر الشعب الإرتري عامة ومسلميه خاصة بأموال عربية وإسلامية ..!
إن لإيران مصالح ودوافع آنية وإستراتيجية في سياساتها تجاه المنطقة والعالم .. ويفترض أن تتعامل مع الدول في المنطقة ، وليس كهذه حالة ..وهذا بالتأكيد ما يحتمه واجبها كدولة في المنطقة ، وإضافة لذلك إن استقرار المنطقة وبعدها عن النزاعات وحفظ ساحاتها من التدويل لهو الضمانة لإيران اليوم، وكذلك لتطورها المستقبلي، وليس العكس ..فهل يتعظ عقلاء إيران من الكوارث التي حلت بالمنطقة جراء التمادي في هذا النزع ..!؟ نأمل ذلك.. خاصة وأنهم ليسو اللاعبون الوحيدون في هذه المنطقة، وأن هذا الممرالدولي لا يوازيه مكان في العالم أهمية.. أليس من الأفضل لهم أن تتطور قدراتهم سلميا مع كافة العقلاء في المنطقة والعالم .!؟
الشعباني:هل تسعي إريتريا الي عودة التأزم السياسي بينها وبين اليمن من جديد وماهي الدوافع السياسية التي تعمد إيران إلي إقامة معسكراتها في إريتريا؟
بشير إسحاق: إن نظام أسمرا وعقب قرار التحكيم الدولي الذي أكد السيادة اليمنية على جزر حنيش، عمل إلى تهدئة الأمور مع اليمن ، خاصة بعد حربه مع إثيوبيا ..لكن ظلت رغبات الثأر والانتقام – وهي ضاربة الجذور في ذهنية رأس النظام – تعتمر في الدواليب.
والتحسن الذي أشرت إليه إنما عكس روح التسامي اليمني تجاه الشعب الإريتري ،وأيضا لرسوخ سلوك الدولة في اليمن ، وليس رغبات رأس نظام أسمرا .. وعليه نستطيع القول إنه وجد في أوضاع اليمن الحالية الفرصة التي انتظرها طويلا.. والحقيقة الثابتة إن منهجية هذا النظام في علاقاته الخارجية لا تعتمد على مصالح حيوية للشعب الإرتري في تحديد إستراتيجيتها والسهر على رعاية هذه المصالح .. وبالتالي فإنه لن يخسر شيئا، بل إن هذا هو الوضع المربح لخزائنه الخاصة ولتمويل بقية مشاريعه في المنطقة..!
بالنسبة للشق الإيراني من السؤال يبدو إن إيران – وفي ظل رئاسة نجاد الثانية – وجدت فيه شريكا في لغة العداء للغرب، وإضافة لتسخيره أداة لها في المنطقة، تعمل على توفير عوامل بقائه التي تستنفد واحدة إثر أخرى ..
فإضافة إلى الدعم الاقتصادي الذي تقدمه يقوم الحرس الثوري الإيراني – الباسيج- بتدريب قوات خاصة لحمايته، من الرفض الشعبي التام له، وحالة التملل التي تسود الجيش ، والصراع بين أركان النظام العسكرية والأمنية.
الشعباني:هل تعتقدون إن الدول العربية ودول العالم الكبرى ستسمح لإيراني وإريتريا بتهديد مصالحها الإستراتيجية في المنطقة ؟ وما هي تداعيات استمرار تلك المعسكرات علي الأراضي الإرترية ؟
بشير إسحاق: بالتأكيد إن الدول العربية تتضرر من هذه الشراكة المريبة الأهداف آنيا ومستقبليا، وبالضرورة أن تعمل على وضع حد لها، ولم يكن من باب الصدفة أن يسافر إلى أسمرا وفد مصري رفيع المستوى (ضم وزيري الخارجية والمخابرات العامة المصريين) لمقابلة رأس النظام، وثنيه عن هذا الطريق .. لكن يبدو إن هذا التحرك لم يجدي بدليل مواصلته التدخل في الشأن اليمني ، وعدم إبدائه ما ينم عن تغيير مسالكه تجاه بقية الملفات التي تداولها معه الوفد.
والحقيقة التي يفترض أن يتم التعامل معها من قبل القوى الحريصة تجاه المنطقة واستقرارها إن وجود وبقاء هذا النظام في إرتريا هو تكريس لحالة عدم استقرار في المنطقة .. صحيح لا يمكن أن تخلو دولة من وجود مشكلات داخلية في جميع أنحاء العالم .. لكن هذا النظام يعتمد استراتيجية تقوم على تعزيز مثل هذه الحالات والتغذي عليها ..
لذلك إن على دول المنطقة والعالم الحريص على الأمن والسلم الدوليين أن ينظروا بجدية في دعم الشعب الإرتري وقواه المناضلة والتي تؤمن بالسلام والأمن والاستقرار لشعبها مثل إيمانها التام بذلك مع دول وشعوب الجوار لإيجاد البديل له .. هذا هو الحل الأكثر أمنا للجميع والأقل كلفة في كافة الجوانب آنيا ومستقبليا، وهو الذي يتوافق مع مصالحهم الدائمة في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية للعالم أجمع.
أما التداعيات التي يمثلها التواجد الإيراني على إرتريا فهي ليست منتظرة بل قائمة في الحياة اليومية لشعبنا الذي عانى خلال هذين العقدين تحت تسلط هذه العصابة ما لم يعانيه طوال العهود الاستعمارية المتعاقبة ، وتاريخ وجوده الإنساني ..! بالتأكيد إن تداعيات تحويل المنطقة إلى بؤرة إقليمية ساخنة ستكون إريتريا وشعبها أول المتضررين منها، وأكثرها خسارة .
الشعباني:هل تعتقدون إن تلك المعسكرات يتم التدريب فيها لعناصر من تنظيم القاعدة وبذلك تكون اريتريا ونظامها مصدرا للإرهاب الدولي المنظم؟
بشير إسحاق: كما أسلفت إن إرتريا تعتبر اليوم معسكرا تدريب لكل من لديه مال، وفي ذات الوقت هي سجنا عملاقا لشعبها كما تصفها التقارير الدولية لحقوق الإنسان ، فالشباب الإرتري معتقل في معسكرات الخدمة الإلزامية واعمال السخرة، والمواطنين غير متاح امامهم التنقل الداخلي في البلاد ، إلاّ عبر تصاريح ..! والمعسكرات التي يتم فيها تدريب غير الإرتريين مفصولة تماما عن بقية المعسكرات وأغلبها سري ويشرف عليها عدد محدود من الموثوق بهم من أزلام النظام .
أيضا معلوم إن للنظام صلات بجهات لا تخفي ارتباطها ب (القاعدة) كجماعة شباب المجاهدين الصومالية.. ولا يخفي دعمه لها بشكل علني كما تحدث وزير إعلامه قبل أشهر مضت ..!
دعك عن هذا ألم تصدر ما تسمى بالخارجية الإرترية بيانا قبل أشهر تستهجن فيه قيام السلطات الأسترالية اعتقال مجموعة من مواطنيها – ذوي أصول متعددة- تهمين بالارتباط بالقاعدة ، في وقت لم تفعل ذلك دولهم الأصلية..؟ وليس بينهم واحد من أصول إرترية..!؟ ألا يدعو ذلك إلى إثارة التعجب والاستغراب..!؟ أليس هذا أكبر دليل على تعاون وعمل مشترك عبر العالم .؟ ليس هذا وحسب بل إن تقارير عديدة أثبتت إن سفارات هذا النظام وعبر العالم تقوم بعمليات التحويل المالي لهذه الحركات، وأن موظفيها إنما هم سعاة بريد بين أسمرا ومناطق الأزمات .. وما جرى مؤخرا بكينيا حيث ألقت سلطات مكافحة الإرهاب فيها القبض على دبلوماسيا كان يعمل في السفارة الارترية أبعد منها إلى أسمرا، وعاد إليها متسللا عبر حدودها البرية لخير شاهد على ذلك ، مثلما هو شاهد أيضا على عدم وجود مجرد ثقافة دبلوماسية لدى هذه العصابة .
الشعباني:كلمة أخيرة
بشير إسحاق: أولا أتمنى للشعب اليمني والعربي تجاوز أوضاعه القائمة ، والسير نحو السلام والاستقرار والتقدم والازدهار، وفي هذه السانحة أقول إن الشعب الإرتري يكن لجميع شعوب الجوار الود والتقدير والاحترام ، ويهمه استقرارها وتقدمها ، وما يقوم به نظام أسمرا لا يعبر عن هذه المشاعر .. ثم إن جذور ارتباط الشعب الإرتري باليمن لا تحد .. بل إن الغالبية العظمى من المكونات الاجتماعية الإرترية تعود إلى الهجرات اليمنية والعربية عبر التاريخ الإنساني إلى الشاطئ الغربي كما تتحدث كتب ومراجع التاريخ ..
لذلك نأمل من جميع أبناء اليمن بالذات والشعوب العربية أن يدركو الطبيعة المعادية لهذا النظام تجاههم وجميع شعوب المنطقة .. ولا يأملون منه خيرا إن كانو في الحكم أو المعارضة ..هذا مع خالص أمنياتنا