في إطار حملة التوعية والتثقيف التي تستهدف تحصين شباب الوطن ضد مخاطر الأفكار الرجعية، نظمت جامعة إب ندوة فكرية ناقشت جذور وارتباطات التمرد الحوثي في محافظة صعدة، وآثاره السلبية على الأمن والاستقرار والتنمية في الوطن اليمني.
رئيس جامعة إب: جيل الوحدة والمعرفة لن يسمح بعودة الظلم والاستعباد
الدكتور الراوي: خذوا العظة من الدرس العراقي وتذكروا آثاره المدمرة
الدكتور الأدهمي: الحوثية تستعجل المهدي المنتظر بممارسة الأساليب الغوغائية في التدمير والقتل
الدكتور الرعوي: الإمامة..نظام يعتمد على الفوضى والصراع ولا تراجع عن النظام الجمهوري
الدكتور الزهيري: اليمنيون الأبرياء يقتلون تحت وهم شعار منحرف وكاذب
الدكتور البعداني: الانحراف الفكري يمثل جوهر المشكلة الحقيقية للحوثيين
الدكتور العفيري: المشروع الإمامي الحوثي تعبير عن حقد دفين ضد مشروع بناء الدولة
• الأستاذ الدكتور عبدالعزيز محمد الشعيبي رئيس جامعة إب تحدث عن أعمال المتمردين بقوله:
نعيش اليوم لحظات فاصلة في تاريخنا الحديث للتفريق بين الحق والباطل، وبين النور والظلام، وبين الخير والشر. إن أولئك الذين اعتادوا دائماً أن يقتاتوا على دماء الناس وعذابات المواطنين من أجل تضخيم ذواتهم وشهواتهم وأغراضهم القذرة، يعودون اليوم بأساليب متخفية ومتغيرة وبأفكار مريضة لم يعتد عليها شعبنا في تاريخه قديماً وحديثاً. إن ما نراه اليوم يمثل تساقط شاذ عن كل القيم الأخلاقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
إن أولئك المرضى الذين لم يستطيعوا أن يعيشوا في ظل الظروف المعاصرة لأنهم اعتادوا البطش والنهب والتبعية للآخرين، فعندما أتت المتغيرات الجديدة وأصبح الناس يعيشون في عصر السماوات المفتوحة والفضائيات والديمقراطية، لم يتقبل المرضى ذلك الأمر فأرادوا إعادة التاريخ إلى العهود التي أذلوا فيها الشعب اليمني، وفرضوا عليه طوقاً كبيراً من العُزلة، وعانى منهم كثيراً سواءً في ظل الحكم الإمامي والاستعباد البريطاني.
وأضاف الشعيبي: هذه الشرذمة الباقية ما زالت تعتقد أن الاستعمار مازال باقياً، ولم تستوعب انتصار الثورة أبنائها في كل الوطن، ولا أولئك الذين يظنون كما ظن من قبلهم أن الإمامة لم تمت ولم تنته، ولكن رفعت أو عُرج بها إلى السماءّ!!، غير أن هؤلاء فاشلون مدحورون في ظل هذا الوعي والقوة التي يمتلكها جيل الثورة، فالثورة اليوم أقوى ما تكون في أي وقت مضى بفكر واع ومسؤولية حقيقية لكل أبناء الشعب اليمني الذي لم يعد يقبل بأي حال من الأحوال العودة إلى ذلك الماضي مهما كانت الظروف ومهما كانت التضحيات.
إن الجيل الجديد بوعيه وبما يمتلكه من معرفة لن يسمح بعودة الظلم والاستعباد وسيصون كافة مكتسبات الثورة وسيظل اليمانيون حاملوا راية الحضارة كما حملوها من قبل.
أبعاد المشروع التآمري
الأستاذ الدكتور مصعب حسون الراوي الأستاذ بقسم اللغة العربية بجامعة إب عرض للمخاطر التي تهدد المجتمع اليمني في ظل المسعى المحموم للتآمر على الوحدة فقال:
نحن اليوم إزاء أحداث جسام ووقائع خطيرة تهدد اليمن العزيز في وجوده وأمنه واستقراره وحياة أبنائه وفي وقائع التاريخ الكثير من الوقائع التي تعيننا على تصور مديات الخطر الداهم، كما تقودنا إلى تلمس الوسائل الكفيلة بمواجهة هذا الخطر، غير أنه يكون من المناسب قبل الدخول في تفاصيل الدرس التاريخي أن نقف على طبيعة المخاطر التي تهدد اليمن وأبعاد المشروع التآمري عليه، إذ يمكن تحديد الآتي: 1 التآمر على الدور القيادي التاريخي للرئيس علي عبدالله صالح بوصفه رائد المشروع الوحدوي المعاصر لليمن وقائد مسيرته. 2 استهداف الوحدة السياسية والجغرافية لليمن بدعوات انفصالية مختلفة. 3 محاولة إثارة الاحتراب الطائفي والمذهبي لتحقيق المزيد من الانشطار والتمزق في المجتمع اليمني استكمالاً لهدف تفتيت الوحدة اليمنية.
العبرة في العراق
ويشير الراوي إلى تماثل السيناريو التي استهدف العراق مع ما يستهدف اليمن بقوله:
لقد أخذ التآمر على العراق في عقد التسعينات ذات الاتجاهات التي نراها اليوم في اليمن وذكرناها من قبل وهي: استهداف القيادة السياسية، والتآمر على الوحدة السياسية والجغرافية، وإثارة الفتنة الطائفية، وكانت النتيجة أن احتل العراق باسم الديمقراطية والحرية والمستقبل الواعد بالتطور والتقدم، وكان من نتيجة هذا الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق خلال أقل من سبع سنوات دمار شامل في كل جوانب الحياة تصور بعض أبعاده الأرقام الآتية: قتل أكثر من مليوني شخص، أكثر من ثمانمائة ألف أرملة، أكثر من مليون وأربعمائة ألف طفل يتيم أو مشرد، أكثر من خمسة ملايين وخمسمائة ألف مشرد خارج العراق، أكثر من مليونين وخمسمائة ألف مشرد داخل العراق، توقف الإنتاج الزراعي والصناعي، تدهور إنتاج البترول من ثلاثة ملايين ومائتين ألف برميل يومياً قبل الاحتلال إلى مليون ومائتي برميل الآن وغير مستقر، بل الأدهى في ذلك أن الخطة الاستيرادية لعام 20092010 تتضمن اعتمادات مالية لاستيراد المشتقات النفطية من إيران التي تحصل على النفط العراقي الخام بأبخس الأثمان من عملائها في سلطة الاحتلال، غلق مراكز البحث العلمي وتدهور التعليم بكل مستوياته، تصفية النخبة الخيرة من علماء العراق ومفكريه بالفصل من الوظيفة أو الاغتيال أو التشريد خارج الوطن، تفشي البطالة حتى بلغ عدد العاطلين عن العمل أكثر من مليوني عاطل، شيوع جرائم السطو والاغتصاب والاختطاف. ونتيجة لكل هذه المكاسب الأمريكية الإيرانية احتل العراق المركز الأول في العالم من حيث تردي الأوضاع الصحية والتعليمية والخدمات العامة.
مشاريع التفتيت
ويضيف الدكتور الراوي قائلاً:
الجريمة الأكبر هي استفحال مخاطر تشطير العراق إلى دويلات على أسس طائفية وعرقية حتى أن هناك من يقترح أن تتحول كل محافظة من محافظات القطر إلى دولة. وهنا نصرخ بالسؤال: هل من شريف عاقل باليمن يرتضي لوطنه وشعبه ولأهله هذا المآل الخطير؟ أترك الجواب لكم قولاً وعملاً، ولكني أقول لكم بصدق المحب لأهله احذروا الكارثة وتجنبوا الدمار، وأن طريق إجهاض المؤامرة بل والانتصار عليها يبدأ أولاً من أخذ العظة من الدرس العراقي وتذكر آثاره المدمرة والتحذير منها ولهذا أقول لكم بروح المحبة هذه: خافوا على وطنكم، خافوا على أنفسكم، احفظوا أمنكم، احفظوا وحدة وطنكم وشعبكم، تمسكوا بقيادتكم، دافعوا عن وجودكم ومستقبلكم، ولا تستمعوا لأصوات الغربان تنعق بالشر ولا تلتفتوا إلى من يقدم لكم العسل مخلوطاً بالسم فالخطر الداهم رهيب ومرعب..إنها قضية حياة أو موت، اتعظوا وقاوموا أعداء الوحدة. قاتلوا الطائفية والتعصب المناطقي وكل أشكال الدعوة إلى التشرذم والانفصال وكل من يعادي الوحدة أو يتآمر عليها وعلى قائدها. وليكن شعار الجميع في مواقع العمل والدراسة في مسرح القتال والبناء "وحدة اليمن ضرورة حياة كريمة لليمنيين وعنوان بقائهم ورمز ازدهارهم وطريق نهضتهم وتقدمهم". حفظ الله اليمن أرضاً وشعباً وقيادةً.
الدور الإيراني
الأستاذ الدكتور مظفر محمد الأدهمي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة إب تحدث المخطط الإيراني للسيطرة على المنطقة العربية حيث قال:
إن النظام الإيراني منذ استلامه السلطة في إيران، رفع شعار تصدير الثورة الإسلامية وطريق القدس من خلال بغداد وكربلاء، رفع شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية، ورفع كل الشعارات البراقة التي تجذب الجماهير إليه بحكم تعاطف الناس مع هذه الشعارات، ولكنه في حقيقته كان يتحرك بدوافع عنصرية طائفية بحتة لا علاقة لها بكل تلك الضجة التي يثيرها نظام الملالي في إيران أبداً، فنظام الملالي في إيران يهدف بمخططه لبسط السيطرة على المنطقة، عبر تفتيتها طائفياً وعنصرياً وبهذا يلتقي المخطط الإيراني مع المخطط الغربي في تفتيت المنطقة من اجل إضعافها.
هناك لقاء مباشر بين المخططين بالرغم من كل التناقضات التي تظهر بين الطرفين الممثلين بالشيطان الأكبر والشيطان الأصغر، فالطرفان ينتهيان بمخططيهما إلى تفتيت المنطقة للسيطرة عليها وإلا لو كانت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على عداء مع إيران، وكان النظام الإيراني ضد الكيان الصهيوني لماذا تسلم السلطة في العراق لإيران من قبل الأمريكان والصهاينة؟ ولماذا أصبحت الأحزاب الإيرانية التي نشأت في إيران هي السلطة الحاكمة في العراق الآن؟ لماذا يُستقبل أحمدي نجاد تحت حماية الطائرات الأمريكية في بغداد والنجف وكربلاء؟ ومثله رفسنجاني؟
روابط التمرد بالمخطط الإيراني
وأشار الأدهمي إلى روابط التمرد الحوثي بالمخطط الإيراني بقوله:
هذا التوجه الإيراني ما علاقته بالتمرد الحوثي؟ هنا يأتي السؤال..يطرح الإيرانيون شعاراً اسمه الهلال الشيعي وبالأصح الهلال الإيراني وهو الهلال الذي يريدون تثبيته باسم الإسلام. وهذا الهلال الإيراني قلبه إيران ويمتد عبر العراق إلى بلاد الشام ولبنان في طرفه الشمالي وفي طرفه الجنوبي يمتد عبر الخليج إلى اليمن وطرفه الحوثيون وهنا تأتي العلاقة الفكرية والعقائدية بين الحوثيين وبين الإيرانيين. وكذلك نظرية ولاية الفقيه التي طرحها الإيرانيون قد أصبحت جزءاً من عقيدة مؤسس الحركة الحوثية حسين بدرالدين الحوثي فقد كان متأثراً ومُحباً لمنهج الخميني..منهج ولاية الفقيه، المنهج الذي أساسه تحقيق السيطرة الإيرانية الفارسية على الوطن العربي من خلال الهلال الشيعي المزعوم فقام الحوثي بنشر مبدأ ولاية الفقيه بين مريديه في صعدة ومن حولها وجعل منه منهجاً تحريضياً ضد الثورة خدمة لإيران وللكيان الصهيوني بعد أن فعلوا ما فعلوا بالعراق، وعليه فإن انتماء الحوثي للخميني والتقليد لأفكاره يمثل استيراداً من قبل هؤلاء إلى اليمن، وفي نفس الوقت يمثل تصديراً لما يُسمى بالثورة الخمينية، وبذلك يكون له لقاء متقارب. كما أن الحوثية تتبع الأساليب ذاتها التي تتبعها التنظيمات الطائفية المدعومة من إيران، كجيش المهدي في العراق عامي 2005و2006، ومنظمة بدر، وهي أساليب التدمير التي تمثل عقيدة أساسية لها، فهؤلاء يعتقدون أن المهدي المنتظر لن يظهر إلا عندما تسوء الأحوال وتدمر البلاد، ولذلك هم يتبعون الأساليب الغوغائية في التدمير والقتل والاضطهاد وقتل النساء والأطفال..الخ، وبالتالي فالتمرد الحوثي هو امتداد للمخطط الإيراني والهلال الإيراني .
واحدية المخطط
وأضاف الدكتور الأدهمي قائلاً:
لهذا لابد من الحفاظ على اليمن ووحدته، ومقاومة هذه العقائد الخطيرة التي تريد تفتيت الأمة العربية والإسلامية، وعلينا أن لا نكرر الأخطاء، ففخامة الرئيس علي عبدالله صالح دائماً يقول لكم: لا تجعلوا اليمن مثل العراق والصومال، وهذا يعني أن المخطط واحد والهدف واحد وما علينا إلا أن نتمسك بوحدتنا وبقيادتنا وأن نقاتل حتى نقضي على هؤلاء العملاء الذي يلتقون مع إيران والصهيونية.
نظام المبادئ الفوضوية
الدكتور عارف محمد الرعوي نائب عميد كلية الآداب تحدث عن الخطر الإمامي فقال:
اليمن كما تعرفون كانت من الدول العريقة في التاريخ، وكانت ذات حضارات قديمة أشعت إلى العالم وآثارها موجودة إلى يومنا الحاضر، واليمنيون نشروا الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، غير أن اليمن منذ وصول الإمامة إليها في نهاية القرن الثالث الهجري شهدت مراحل كثيرة من الاضطراب طوال هذه الفترة إلى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر..لأن نظام الإمامة..نظام ذي مبادئ يعتمد أساساً على الفوضى والاضطراب والتصادم والصراع، ففي نظام الإمامة يتم حصر الولاية في البطنين، غير أن الأكثر خطورة يتمثل في المبدأ القائم على أن من يرى في نفسه الأحقية يخرج شاهراً سيفه، فهؤلاء الذين تولوا الإمامة هم من أبناء البطنين الموجودين أو الذين أتوا إلى اليمن منذ مجيء الهادي يحيى بن الحسين وحتى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وهم دائماً يخرجون بحيث لا يمتلك أي حاكم القوة الكاملة، حيث يظهر الكثير من مدعي الإمامة بأعداد كثيرة فترى خمسة أو ستة من مدعيي الإمامة في فترة واحدة فيتصارعون على مساحة كامل الرقعة اليمنية.
نظام السجون والانغلاق
وعن بعض الممارسات التي تظهر وجه النظام الإمامي يقول الرعوي:
لقد أدخل العثمانيون إلى اليمن أساليب حديثة كالتلغراف والمدارس الصناعية وتعبيد الطرقات والأسلحة الحديثة، فما كان من الإمام يحيى إلا أن أحال مدرسة الصنائع إلى سجن الصنائع، أما السيارة التي قُدمت له فقد راح يٌفكر مُضطرباً أيكون ركوبها حلالاً أم حراماً؟ ولم يركب تلك السيارة إلا في أعقاب نجاح محاولات أحد بقايا الأتراك ويدعى محمد راغب بك في إقناعه بذلك، أما الطائرات فقد تشاءم منها وأمر بإحالة بعض أجزائها إلى [بٌقش] وهي العملة المعدنية التي كانت متداولة في عهده، أما العلم في العهد الإمامي كان في نطاق مكاني وأسري ضيق، ولولا الثورة اليمنية لما دخل الشباب اليمني إلى المدارس والجامعات.
خطر التمرد الإمامي
وأشار الرعوي إلى خطورة التمرد الذي يستمد أسسه من النظام الإمامي البائد فقال:
إن مبدأ الخروج القائم على أن من يرى في نفسه الأحقية بالإمامة يخرج شاهراً سيفه، قد خلق الفوضى في اليمن ففي فترة من فترات التاريخ كان هناك خمسة وعشرين إماماً في وقت واحد، وكانوا يبيعون الإمامة بخمس مئة ريال فيستلم أحدهم المبلغ ويتنازل عن الإمامة للدافع. وهذا المبدأ أدى إلى تجزئة اليمن والمتمردون يريدون إعادتنا إلى العهود السابقة التي صنعت تخلف اليمن من خلال ممارسات حكامها الإماميين، فلا يمكن أن يتقدم شعب إلا في ظل الأمن والاستقرار، وهو ما افتقده شعبنا في فترة الصراع الإمامي الذي شرع له مبدأ الخروج وهو كغيره من المبادئ الإمامية، مفاهيم مغلوطة ولا تمت للإسلام بصلة، وفي المقابل فإن النظام الجمهوري الديمقراطي الذي نسير اليوم على نهجه هو الأفضل للشعب اليمني، وبالعين المجردة سنلاحظ أن المنجزات التي تحققت خلال الفترة الماضية في فترة الاستقرار والهدوء تؤكد أهمية الاستقرار لتحقيق التنمية في الوطن.
الشعار الكاذب
الدكتور محمد أحمد عبدالله الزهيري رئيس قسم اللغة العربية بجامعة إب تحدث عن تهافت الشعار فقال:
الشعار لأي أمة أو شعب أو دولة أو حزب أو دعوة أو جماعة أو نشاط هو اللافتة الواقعية العريضة التي يتفق عليها جميع المشاركين والمؤمنين والمقتنعين فيسعون إلى تحقيقه والوصول إليه ورفعه. والمتأمل في الشعار الذب رفعته الثورة الخمينية [الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل] يجد أنه شعار متهافت غريب يعكس حالة الانحراف والشذوذ والوهم والنفاق والكذب الذي يعيشه دين الروافض الإثنى عشرية وأنه دين يتستر بالإسلام لحرب الإسلام وحرف المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وعباداتهم وشريعتهم وأخلاقهم وأعلامهم وتاريخهم ليعملوا عمل بولس الرسول[شاؤول] اليهودي في دين النصارى فيبطلوا الإسلام باسم الإسلام كما أبطل شاؤول النصرانية الصحيحة [دين المسيح] باسم النصرانية والمسيح. وما يهمنا في هذا المثال هو الشعار، شعار "الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل" الذي يرددونه وهم يتحالفون مع أصحابه في قتل المسلمين واحتلال بلدانهم ومدنهم وتدميرها وانتهاك أعراضهم كما حصل في العراق وأفغانستان التي صرح أكثر من قائد إيراني: أنه لولا الدعم الإيراني لما دخلت قوات التحالف كابول وبغداد، وقد دخلت المليشيات الصفوية التابعة لإيران على ظهر دبابات الشيطان الأكبر[أمريكا] وهذه الأخيرة سلمت لها حكم العراق على طبق من ذهب لتقوم بمذابح وجرائم طائفية قتل وتعذيب وتشريد بالهوية بصورة بشعة يندر أن يوجد لها مثيل في التاريخ.
قتل الأبرياء
ويشير الدكتور الزهيري إلى فساد الشعار الحوثي فيقول:
وفي اليمن السعيد يتحول الموت لأمريكا والموت لإسرائيل إلى موت لليمنيين المسلمين من مدنيين وعسكريين من خلال فتنة الحوثي التي أشعلها الرافضة الاثنى عشرية في محافظة صعدة وتسببت بقتل الآلاف من اليمنيين وليس من الأمريكيين أو الإسرائيليين، كما تسببت في تشريد مئات الآلاف وتدمير المدن والقرى وعملت على إثارة النعرات المذهبية والدعوات العنصرية في بلد الإيمان والحكمة الذي ظل سليماً من الطائفية البغيضة إلى اليوم، كل هذا تحت شعار "الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل" ، هذا الشعار المتهافت لأن الموت يكون للكائنات الحية ومنها الإنسان بينما أمريكا قارتان تقطنهما شعوب وأمم كثيرة والولايات المتحدة أكبرها تضم اثنتان وخمسون ولاية ويسكنها ما يربو على ثلاث مئة مليون نسمة منهم سبعة ملايين مسلم. وإسرائيل الذي هو نبي الله يعقوب عليه السلام ميت من حوالي أربعة آلف سنة، وإن كانوا يقصدون اليهود أو الأرض المحتلة فلسطين.. فكيف ستموت قارات وشعوب وبلدان؟ وهل هذا معقول؟ كما أنه يتناقض مع الإسلام الحقيقي، فكيف تدعو على قارات وبلاد فيها ملايين المسلمين فضلاً عن غيرهم من المناصرين لقضايانا المعارضين لسياسة بلادهم، أما إسرائيل فإن قصد بها البلد فالبلد فلسطين، وبها ملايين المسلمين الفلسطينيين..نعوذ بالله من الجهل والضلال المبين ونقول: "إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
ملامح الانحراف الفكري
الدكتور فؤاد البعداني أستاذ الفكر الإسلامي بجامعة إب تحدث عن ملامح الانحراف الفكري عند الحوثيين فقال:
إن المشكلة الحقيقية للحوثيين تكمن في الانحراف الفكري الذي أدى إلى ظهور اختلالات عديدة، ابتداءً بالرؤى السياسية المتعصبة وانتهاءً بالعنف والخروج المسلح والتمرد على السلطة ومقاتلة الجيش، وإزهاق الأرواح، ولذلك فالمطالب السياسية للحوثيين هي نتيجة طبيعية للفكر المنحرف، كما أن صعوبة الحوار والتفاهم معهم ترجع إلى انحرافهم الفكري، ولعل أهم معالم الانحراف الفكري عند الحوثيين تتمثل في الآتي: هشاشة البناء الفكري وغياب منهج التفكير السليم، الثقافة المنغلقة وانحصار التلقي والتعلم في دائرة أحادية ضيقة لا تخرج عن المراجع الشيعية ودروس الحوثي وملازمه التي تعد المرجع الوحيد، الجهل العلمي والديني، تغييب العقل من خلال أفكار ومفاهيم لا يقبلها العقل ويمجها العقل السوي، وممارسات وطقوس لا يرتضيها إلا المخبولين عقلياً، الانغلاق على نظريات ماضوية عقيمة لا تصلح لهذا العصر كنظريات الفكر الإمامي، الفكر السلالي المتعصب، الحق الإلهي المقدس، الانحراف العقدي الذي يظهر في شتم الصحابة أبي بكر وعمر في ملازم الحوثي وتكفير من يعترف بخلافة أبي بكر وعمر، التعبئة المتعصبة المنحرفة والتي تبرز في التحريض ضد الصحابة وأهل السنة والمسلمين إجمالاً والتعصب للزيدية والإتباع وإدعاء الحق والحقيقة في ملازم الحوثي، تقديس الذات البشرية وإضفاء العصمة على الأئمة والمراجع والأسياد حيث يغلون في حق الإمام علي وآل البيت والغلو بحسين الحوثي ورفعه إلى منزلة لا يرقى إليها، وإلغاء الذات والعقل والرأي أمام الزعماء والأسياد والانتساب الفكري والسياسي إلى أسماء الزعماء والأسياد كما في المسمى: الحوثيون: المتحدث باسم عبدالملك الحوثي"، اختلال مراتب الاتباع والتعبد والتعظيم من خلال سبق مكانة الزعماء والأسياد والأئمة لمكانة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحب ومهابة القيادات أكثر من الذات الإلهية، دجل وتضليل المراجع والزعماء والأسياد على الأتباع من خلال اتهام الصحابة بالخيانة والتآمر ومعصية الرسول، وممارسة التلفيق والكذب التاريخي، وسلب الأمة خيريتها عبر التاريخ الإسلامي، وغيرها من الإدعاءات المكذوبة والمعلومات الملفقة.
فشل المشروع الإمامي
الدكتور فؤاد العفيري أستاذ المحاسبة المساعد بكلية التجارة بجامعة إب تحدث عن المواجهة بين المد الإمامي ومشروع الدولة اليمنية الحديثة فقال:
إن المتتبع للحروب التي خاضتها الدولة اليمنية بمشروعها العملاق المتمثل في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية ضد الفئة الباغية والمتمثلة في التمرد الحوثي الذي جاهر بمشروع استعادة الإمامة التاريخية وولاية البطنين ليحمل رسالة الحق الإلهي التي تعطيه الحق في الحكم والعلم وتمثيل الإسلام بمذهبه الاثنى عشري المتطرف والذي انتقل إلى اليمن عن طريق الإمام الهادي يحيى بن الحسين عام 284ه واستمر المد عبر أسرته والذي أدخل اليمن في متاهات الضياع والانقسام إلى دويلات صغيرة ومحاولة كسب السكان عن طريق الشعوذة وبأن ممثلي المد هم شفيعي العامة يوم القيامة.
خيانة الأمة
ويشير العفيري إلى عمالة المشروع الإمامي فيقول:
لم يستطع المد الإمامي الصمود في وجه الوعي الراقي للشعب اليمني برغم استعانته بالاستعمار والدليل على ذلك هو تنفيذ طلب الاستعمار بطرد اليهود إلى فلسطين لإنشاء دولتهم في أرض الميعاد كما يزعمون فلولا تعاون الإمام يحيى حميد الدين لبقي اليهود في اليمن أقلية لها حقوقها وواجباتها كما هو عليه الحال مع من تبقى منهم في اليمن بدلا من تجميعهم للاحتلال وتدمير فلسطين العروبة وتشريد الشعب الفلسطيني العربي المسلم.
ما أشبه الليلة بالبارحة!
ويقارن بين مشروع المد الإمامي في صورتيه السابقة واللاحقة بقوله:
إن المد الإمامي ورايته المحمولة على يد الأئمة قد عهد بها إلى الإمام يحيى حميد الدين الذي كان ملماً بمشروعها الطائفي فلما أزيح من سماء اليمن حملها الإمام أحمد يحيى حميد الدين الذي يشبه تماماً حسين بدرالدين الحوثي بحجته ووضوح رؤيته التي اتضحت للأحرار والعلماء والشعب اليمني الذي رفض مراراً مشروع المد الإمامي فضاعت أهداف المشروع الإمامي وسقطت رايته في فجر الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962 على يد الشعب اليمني الذي فك قيوده ودحر المشروع ورايته وحامليه إلى غير رجعة. وسارع الشعب اليمني الذي ضحى بالشهداء أكرم بني البشر إلى الاصطفاف الوطني مع مشروع الدولة اليمنية بصياغة أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ليكتب للمشروع الوطني النجاح برغم تدخل وتغلغل أنصار المد الإمامي بين صفوف القيادات والشعب وها هو التاريخ يعيد نفسه ليخرج مشروع المد الإمامي على يد بدر الدين الحوثي فلم يستطع الانتظار لأن الحقد الدفين على نجاح مشروع بناء الدولة نابع من تطرف الرجل الفكري الذي قال ذات مرة أمام الملأ من الناس: إن ما تلا الإمامة في اليمن هو انتهاك صارخ وسافر للشرعية التاريخية الإمامية، وأن جمهوريات ما بعد سبتمبر ليست إلا ولايات عابرة. إن مشروع المد الإمامي يمثل مشروعاً سرطانياً أن الأوان لاستئصاله وسوف نضحي بالدم وبالمال وبكل ما نملك لسحقه لتعود الروح لأرض الآباء والأجداد.