يلتئم مجلس التنسيق السعودي اليمني في دورته التاسعة عشرة السبت المقبل، في الرياض، برئاسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس الوزراء اليمني الدكتور علي محمود مجور فضلا عن التوقيع على تسع وثائق تتضمن:
اتفاقية التعليم العالي، الصحة العامة والمياه والصرف الصحي والكهرباء، التأمينات الاجتماعية واتفاقية الثقافة والسياحة.
وأكد رئيس الوزراء اليمني الدكتور علي محمود في حوار مع جريدة «عكاظ» و«سعودي جازيت» على الأهمية التي يمثلها انعقاد مجلس التنسيق السعودي اليمني، والذي يعتبر ركيزة لتعميق العلاقات البينية.
ونوه رئيس الوزراء اليمني بما يضطلع به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من جهود تظل ماثلة على صفحات التاريخ وضوءا في نهاية نفقنا، وسهره على دعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، يتقدمه حرص دائم على وحدة وسيادة اليمن، مؤكدا أن الملك عبدالله كان ولايزال يضع رفاهية المواطن اليمني في مقدمة أولوياته.
وثمن مجور عالياً الدعم اللوجستي للمملكة أثناء الحرب التي شنتها القوات اليمنية على عناصر التمرد والإرهاب في صعدة، مبينا أن هناك تعاونا وثيقا وتبادلا للمعلومات ساهم إلى حد كبير في إلحاق الأضرار الفادحة بتلك العناصر. و حول دور إيران في دعم المتمردين الحوثيين، أوضح قائلا: «نحن في الواقع لمسنا التناقض الواضح في الموقف الإيراني إزاء هذا التمرد. ففي الوقت الذي تؤكد فيه إيران حرصها على أمن وسلامة اليمن واستقراره، نجد التصريحات لكبار مسؤوليها تتباين وهذا الموقف، فضلا عن المواقف العدائية الواضحة لبعض الوسائل الإعلامية الإيرانية، وتحيزها المجاهر بدعم المتمردين، ووقوفها خلف ما ينفذونه من أعمال إرهابية. وطالب المسؤولين في إيران بمراجعة مواقفهم بما يتفق ومثالية العلاقات، لا بما يسيء إليها.
واعتبر مجور الضربات الاستباقية على معاقل القاعدة في اليمن شكلت اختراقات احترافية محكمة، إذ تمكنت القوات اليمنية من اصطياد زعماء يعتبرون من العقول المدبرة في التنظيم الإرهابي.. فإلى فحوى الحوار:
تنسيق أمني عال مع الرياض
• في الواقع أن العلاقات السعودية اليمنية المتميزة أصلا، شهدت نقلة نوعية في جميع المجالات مؤخراً، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق الأمني وتكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب، وترتيب المواقف لمواجهة المتمردين الحوثيين، ما هي رؤيتكم لمستقبل هذه العلاقات والسبل الكفيلة لإيصالها لمرحلة الشراكة الاستراتيجية؟
هذا صحيح، حقيقة أن العلاقات تشهد تطوراً مستمراً في مختلف مجالاتها، بما في ذلك المظهر الأمني، وهناك تنسيق أمني عالٍ بين البلدين يترجم الاتفاقية الأمنية الموقعة في وقت سابق. والعلاقات مع المملكة، بالإضافة إلى الأشقاء في دول الخليج العربية، هي مصيرية بحكم الموقع الجغرافي والروابط الاجتماعية، والمصالح المتبادلة التي تنسج وشائجها بين الأطراف كافة في هذه المنطقة.
وليس هناك شك أن هذا التطور النوعي الذي تشهده العلاقات السعودية اليمنية، والذي تدعمه الإرادة السياسية في البلدين، سيفضي إلى الشراكة المتكاملة التي ننشدها في مختلف مسارات الاقتصاد، السياسة والثقافة. وهنا، نود التأكيد أنه بالرغم من التدفق المتنامي للاستثمارات للأشقاء من المملكة إلى الجمهورية اليمنية، والتي ننظر إليها بتقدير كبير، بيد أننا نرى أنها مازالت دون مستوى طموح البلدين وقيادتيهما السياسية. ونحن، في الحقيقة، ننظر باهتمام إلى هذا الجانب لما يمثله من أهمية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص العمل أمام العاطلين، والذي سينعكس بدوره على تكريس أجواء الأمن والاستقرار والحد من الكثير من المشكلات التي نواجهها حالياً، وتلقي بظلالها على الأمن. ونحن نتطلع إلى تعزيز وتنمية العلاقات مع الرياض في جميع الميادين.
مجلس التنسيق ركن في العلاقات
• بوصفكم، رئيساً للجانب اليمني في مجلس التنسيق السعودي اليمني، كيف تنظرون إلى مايضطلع به المجلس في دعم التنمية والاقتصاد في اليمن، والارتقاء بمختلف أوجه التعاون بين البلدين، وإلى أهمية انعقاد المجلس في الرياض السبت المقبل، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها اليمن؟
ننظر بتقدير إلى الدور الحيوي الذي ينضوي تحته جسم التنسيق بين البلدين، ليس بالنظر إلى مخرجاته الاقتصادية والتنموية، وإنما إلى دوره في تأسيس العمل المشترك، وتطوير آلياته، بما في ذلك أسلوب المتابعة لمجمل ما يجري التوصل إليه لتوطيد التعاون المشترك. كما أن مجلس التنسيق اليمني السعودي يعتبر ركيزة أساسية في العلاقات بين البلدين.
ونحن نتطلع أيضا بكل شغف إلى الاجتماع المرتقب في الرياض مع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وإلى المزيد من العمل المثمر، في ظل الرعاية الكريمة والمباشرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس علي عبدالله صالح، استشرافا لبلورة المساعي التنسيقية خلال الظرف الراهن، الذي يحمل تحولاً جديداً في مسيرة البلدين نحو مستقبل أمثل للعلاقات التي أكد الواقع أن تكاملها البيني مهم ويخدم على نحو فاعل أمن البلدين، ويخدم في نفس الوقت الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأود هنا أن أشير إلى الدور البارز الذي يلعبه خادم الحرمين الشريفين لدعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وحرصه الدائم على وحدة وسيادة واستقرار اليمن وهذا غير مستغرب عنه. ونؤكد أن الملك عبدالله كان ولايزال حريصا على رفاهية المواطن اليمني، إذ وقفت المملكة مع اليمن في أحلك الظروف والشعب اليمني يقدر عاليا مواقف المملكة قيادة وحكومة وشعبا.
تسع وثائق للتوقيع في الرياض
• هل سيجري خلال أعمال الدورة التوقيع على اتفاقيات ثنائية جديدة ثم ماهي القضايا المدرجة على جدول أعمال المجلس؟
هناك حوالي تسع وثائق للتعاون بين البلدين من المقرر أن يمهر التوقيع عليها في الدورة المرتقبة، تشمل التعليم العالي، الصحة العامة، المياه والصرف الصحي والكهرباء، التأمينات الاجتماعية، الثقافة والسياحة وغيرها، إضافة إلى مناقشة التعاون الثنائي في المجالات الأخرى كالصناعة، التجارة، الاستثمار، القضاء والأمن، العمالة اليمنية في المملكة وما إلى ذلك. ومن المؤكد أن التوقيع على هذه الوثائق سيعطي دفعة كبيرة للعلاقات بين البلدين وستكون لها انعكاسات إيجابية على صعيد الشعبين.
نثمن دعم الرياض في مواجهة الحوثيين
• كيف تنظرون إلى موقف المملكة إزاء دعم اليمن في حربه ضد المتمردين الحوثيين وحرص الرياض على أمن وسلامة وسيادة اليمن؟
حقيقة وهذا ليس من قبيل المبالغة، نحن نثمن عالياً الدعم اللوجستي للأشقاء في المملكة أثناء الحرب التي شنتها القوات اليمنية على عناصر التمرد والإرهاب في صعدة، حيث التعاون الوثيق وتبادل المعلومات ساهم إلى حد كبير في إلحاق الأضرار الفادحة بتلك العناصر. ونحن نؤكد أن التنسيق مابين البلدين أدى إلى دحر عناصر التمرد والإرهاب.
• ما هي رؤيتكم للإجراءات التي اتخذتها المملكة لقمع المتسللين الحوثيين والحفاظ على أمنها واستقرارها ؟
نحن على يقين بأن الحق في جانب المملكة لتدافع عن أراضيها، وأن تصون أمنها. ونحن بدورنا أكدنا، وضمن شروط إنهاء الحرب مع المتمردين، عدم الاعتداء على أراضي المملكة تأكيداً لحرصنا على أمن الجارة الكبرى ورفضنا الاعتداء على أراضيها.
مؤتمر الرياض للدول المانحة تعزيز للدعم الدولي
• هل تعتقدون أن مؤتمر لندن حقق أهدافه حيال دعم اليمن، وكيف تنظرون إلى أهمية التآم المؤتمر الخاص بدعم اليمن في المملكة؟
نحن ننظر بتقدير كبير لاجتماع لندن الأخير لدعم اليمن لمواجهة التحديات، وما أسفر عنه من إجماع دولي على مساندة اليمن لتجاوز تحدياتها الراهنة .. وبالغ ارتياحنا ناجم عن الفهم الواعي للمجتمع الدولي لتلك التحديات وأسبابها والتي ترجع بدرجة أساسية إلى الفقر وشح الموارد.
وبطبيعة الحال، فإن الاجتماع لم يك ذا طابع تمويلي وإنما تشخيص لواقع التحديات الراهنة، ومن ثم المساهمة في وضع الآليات الكفيلة بمساعدتنا على تجاوزها ولا سيما الاقتصادية منها.
ومؤتمر الرياض الذي نص عليه البيان الختامي لاجتماع لندن يمثل أهمية خاصة وذلك بالنظر إلى الموضوعات التي سيقف أمامها والجاري الإعداد لها حالياً بالتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، والذي يأتي محصلة لاجتماع لندن الأخير وإحدى المحطات الهامة في استمالة حجم الدعم الدولي لليمن، إذ سيقف المؤتمر أمام تعهدات مؤتمر لندن 2006م من ناحية مستوى الاستفادة من الموارد المتوفرة والتخصيصات الموجهة لها، والتي تجاوزت ما نسبته 83.1% ، في حين بلغت قيمة اتفاقيات التمويل الموقع عليها مع المانحين إلى ثلاثة مليارات و 368 مليون دولار وبنسبة 70% مما خصص إلى جانب التركيز على موضوع تباطؤ بعض المانحين في الوفاء بالتزاماتهم المعلنة في المؤتمر حتى اليوم. وبوجه عام فإن المؤتمر هو فني بدرجة أساس ويأتي في إطار التمهيد لاجتماع أصدقاء اليمن في مارس المقبل. لا للتدخل الإيراني في الشأن اليمني
• كيف يمكن لجم طهران ومنعها التدخل السافر في الشؤون اليمنية الداخلية ووقف دعمها للمتمردين، وكيف ترون مستقبل هذه العلاقات مع إيران في ظل هذه المعطيات؟
نحن نؤكد على أهمية أن تكون العلاقات بين الدول شفافة وقائمة على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ودون شك أن تدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى يلحق الضرر بالعلاقات الثنائيه ويضعها في مهب الريح. ولمسنا التناقض الواضح في الموقف الإيراني إزاء هذا التمرد ففي الوقت الذي تؤكد فيه إيران على حرصها على أمن وسلامة اليمن واستقراره، نجد التصريحات لكبار مسؤوليها تتناقض وهذا الموقف فضلا عن المواقف العدائية الواضحة لبعض الوسائل الإعلامية الإيرانية وتحيزها للمتمردين ودعمها لمايقومون به من إعمال إرهابية، ونحن نطالب الأشقاء في إيران بمراجعة مواقفهم بما يخدم العلاقات لا بما يسيء إليها.
الضربات الاستباقية صفعة للقاعدة
• شكلت الضربات الاستباقية على معاقل القاعدة في اليمن اختراقات إيجابية للغاية، وتمكنت القوات اليمنية من اصطياد زعماء بارزين في التظيم الإرهابي، هل كان لهذه الضربات أثر في شل حركة عناصر التنظيم؟
نعم وبالتأكيد. لقد كان لتلك الضربات والمداهمات الاستباقية، سواء لقيادة التنظيم أو لعناصره وخلاياه النائمة، دورها الكبير في شل حركة عناصره، وكانت أشبه بصفعة قوية وجهت لهم أفقدتهم القدرة على لملمة أنفسهم، وهذه الضربات ضد الإرهابيين ستتواصل باعتبارها إحدى الوسائل الهامة لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي الذي ألحق الأضرار الفادحة عبر أعماله الإجرامية والإرهابية بالاقتصاد اليمني وشل حركة السياحة في البلاد عبر التأثير السلبي على سمعة اليمن خارجياً وتشويه صورته الحضارية، مدركين في ذات الوقت، أهمية معالجة الأسباب الحقيقية التي تساعد على نجاح القاعدة في استقطاب الشباب والإيقاع بهم والمتمثلة في الفقر والبطالة.
عازمون على محاربة المنحرف من الأفكار
• هل يمكن القول إن صنعاء قررت إعلان الحرب الشاملة على القاعدة؟
نعم، نحن من خلال تلك الضربات، التي لم تكن الأولى إنما جددنا عزمنا على محاربة هذا التنظيم وأفكاره المنحرفة وملاحقة عناصره.
تعاون أمريكي لمكافحة الإرهاب
• أما وقد تردد أن هناك دعماً أمريكياً لليمن لمحاربة القاعدة، كيف تعللون؟
هناك تعاون بيننا والأصدقاء في الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، كما هو الحال مع بقية دول العالم لمحاربة الإرهاب، والذي أضحت القاعدة أحد رموزه، بالإضافة إلى إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل. وما ينبغي الإشارة إليه ان دعم الولايات المتحدة للجمهورية اليمنية لم يقتصر على الجانب الأمني وإنما أيضاً في المجال التنموي.
واليمن بحكم موارده البسيطة وتحدياته التنموية والأمنية، فإنه دون شك يظل في حاجة إلى مساندة الأشقاء والأصدقاء في جهوده في المجال الأمني، بما في ذلك محاربة الإرهاب باعتباره من أخطر التحديات الأمنية التي تواجهها بلادنا خلال هذه المرحلة الراهنة، كما هو الحال بالنسبة للمجتمع الدولي.
سنسلم أي سعودي تابع للقاعدة للمملكة
• كيف تنظرون إلى التنسيق الأمني بين البلدين، وهل هناك سعوديون تابعون لتنظيم القاعدة سيجري تسليمهم إلى المملكة؟
التنسيق الأمني بين البلدين ممتاز، وبموجب الاتفاقية الأمنية فإن إلقاء القبض على أي عنصر سعودي من عناصر القاعدة في اليمن سيسلم دون شك إلى المملكة، والعكس صحيح.