عبرت أوساط سياسية يمنية عن مخاوفها من توجه حكومي لتحويل جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة شرق خليج عدن إلى قاعدة عسكرية أميركية بموجب اتفاق بين الجانبين كشفت عنه مجلة أميركية، في حين ينفي حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ذلك.
وكانت مجلة نيوزويك الأميركية كشفت مؤخراً عن اتفاق بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفد بتراوس يقضي ببناء مدرج صغير –بإشراف عسكري يمني- في الجزيرة، يوسع لاحقاً إلى قاعدة شاملة.
ووفقاً للمجلة فإن هدف هذه القاعدة التي لن تكون قاعدة جوية فحسب وإنما ميناءً حربياً أميركيا، هو دعم برنامج المساعدات الموسع لمكافحة الإرهاب والقراصنة الصوماليين.
ولم يستبعد رئيس تحرير أسبوعية "الأهالي" علي الجرادي حدوث اتفاق بين الحكومتين اليمنية والأميركية أثناء زيارة بتراوس لصنعاء في يناير/كانون الثاني الماضي.
واستشهد الجرادي في حديث للجزيرة نت بما وصفه بهدوء الهيجان السياسي والإعلامي الأميركي وغض الطرف عن الملفات الداخلية وتحميل دول الخليج فاتورة الدعم المالي للحكومة اليمنية كدليل على وقوع اتفاق بين الطرفين.
وأضاف أنه لاحظ تغيراً في الخطاب الأميركي تجاه الحراك الجنوبي وحرب صعدة وما سماها انتهاكات حقوق الإنسان عقب زيارة بتراوس الذي صرح علانية أن هذه القضايا شأن يمني داخلي لا ينبغي التدخل فيه مطلقاً.
ومن وجهة نظره فإن هذه التنازلات الأميركية كانت ثمناً لسماح السلطات اليمنية باستخدام سقطرى كقاعدة عسكرية تستطيع من خلالها التحكم في هذا الممر النفطي الهام.
مقايضة
بدوره أكد الكاتب الصحفي نجيب اليافعي أن الحكومة اليمنية فقدت سيادتها على خليج عدن وسقطرى، وقال إن القوات الدولية تتواجد وتعمل في المياه الإقليمية لليمن دون أخذ إذن مسبق من السلطات في صنعاء.
كما اعتبر أن تحويل سقطرى إلى قاعدة أميركية "عملية مقايضة" تم بموجبها غض الطرف عن سياسة الحكومة اليمنية في الداخل، مشيراً إلى أن الوجود الأميركي في الجزيرة سيحرم اليمن من مزاياها الاقتصادية والسياحية الكبيرة.
من جهته رأى المحلل السياسي رئيس تيار المستقبل عادل الشجاع أنه لا ضير من عقد اليمن أي اتفاقيات يرى فيها مصلحة أمنه، خاصة أنه يحصل على المساعدات والمنح والقروض من الولايات المتحدة، وقال إن الاتفاق يأتي في إطار المصالح المشتركة للجانبين.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الولايات المتحدة حاضرة في سقطرى عبر المستشفى الذي بنته قبل سبعة أعوام ويستقبل الجنود الأميركيين للعلاج، وتساءل: لماذا كل هذا الخوف من التعاون الأمني؟
رفض تام
بالمقابل نفى عضو اللجنة الدائمة بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم عبد الجليل كامل وجود أي توجه لدى الحكومة اليمنية بتحويل سقطرى إلى قاعدة أميركية، مؤكداً أن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى جزيرة سقطرى أو غيرها.
وأكد كامل للجزيرة نت أن السياسة الخارجية لليمن ترفض على الإطلاق أي وجود لقواعد عسكرية أجنبية على أراضيه، وهو مبدأ ثابت على مر العصور.
وأضاف أن سقطرى جزيرة سياحية مفتوحة وليست عسكرية، وتعمل الدولة على تنميتها بكل السبل وتزويدها بمختلف الخدمات، وآخرها مشروع الميناء الكبير، كما تسعى وزارة السياحة حالياً بحملة ترويج واسعة لاستقطاب رؤوس الأموال للاستثمار السياحي بالجزيرة.
يشار إلى أن جزيرة سقطرى -وهي أرخبيل مكون من أربع جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي- تبعد نحو 380 كلم عن أقرب نقطة من الساحل اليمني.
وقد صنفت الجزيرة عام 2008 كأحد مواقع التراث العالمي، ولقبت بأكثر المناطق غرابة في العالم نظراً للتنوع الحيوي الفريد بها والأهمية البيئية لها.