ودعت مدينة سيئون بمحافظة حضرموت شرقي اليمن صباح الاثنين 19/4/2010م أول فني مختبر في وادي حضرموت سعيد احمد التاربي المعروف ب(سعيد التاربي) حيث انتقل إلى جوار ربه عن عمر ناهز (85)عاما قضى معظمه في العمل الصحي، حيث عمل بمستشفى سيئون منذ تأسيسه .
والتاربي يشهد له الجميع بالإخلاص والتفاني في عمله، كما تشهد له الملاعب الرياضية بذلك حيث كان أول مسعب رياضي في المباريات بوادي حضرموت .
عاصر عددا من مدراء الصحة ومستشفى سيئون منهم: الدكتور / كفيل الدين والدكتور / كون كرن والدكتور / رندي والدكتور / عبدالله بن جعفر الكثيري .
تغمدها الله بواسع رحمته واسكنها فسيح جناته والهم أهلها وذويها الصبر والسلوان ..إنا لله وإنا إليه راجعون
نشوان نيوز يعيد نشر آخر مقابلة صحفية مع التاربي والتي أجرتها صحيفة سيئون في عددها رقم (52)لشهر أغسطس 2009م أجرت مقابلة معه:
العم سعيد التاربي شخصية يعرفها الجميع في سيئون ووادي حضرموت .. عمل كأول فني مختبر في مستشفى سيئون منذ أكثر من نصف قرن من الزمان عندما كان المستشفى لا يوجد به أي طبيب يمني وإنما يعتمد على استقدام الأطباء من الخارج .
العم سعيد وقد تجاوز اليوم الثمانين من عمره المديد إن شاء الله، يعرفه جميع أهل سيئون عندما كان يحمل حقيبته وينتقل من بيت إلى آخر لضرب الحقن وتقديم خدماته الطبية للناس دون أن ينتظر منهم جزاءً أو شكوراً .
العم سعيد التاربي يعرفه كل عشاق الرياضة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما كان يقوم بمهمة إسعاف اللاعبين وعلاجهم من إصابات الملاعب، فقد كان أول من ينطلق مسرعاً إلى داخل الملعب حاملاً حقيبة الإسعافات الأولية إلى موقع اللاعب المصاب .
حول هذه الحقبة الزمنية التي عاصرها العم سعيد والأطباء الذين عمل معهم والمدراء الذين تعاقبوا على إدارة المستشفى .. أجرينا معه هذه الدردشة:
السيرة الذاتية
* سعيد أحمد سعيد بن سعد (سعيد التاربي).
* محل وتاريخ الميلاد: سيئون منطقة تاربة – وادي بن سلمان 13/5/1925م .
* أب لثلاثة أولاد وست بنات .
* الدراسة: بدأت دراستي في المعلامة على يد / سعيد بن عوض بن سلمان (تاربة) ثم ممباسا 1948م في مدرسة (عرب اسكول) حتى وصلت إلى الأول ثانوي 1954م وانقطعت عن الدراسة للعودة للوطن حضرموت .
* أحلت إلى التقاعد 1995م .
كيف بدأت حياتك العملية، ومتى كانت البداية ؟
بدأت حياتي العملية في 1/4/1955م حيث قدمت للعمل في المستشارية (إدارة مساعد المستشار السياسي البريطاني) ومن ثم تم تعييني بالمستشفى كمساعد ممرض .
تلقيت تعليمي الصحي على يد الدكتور / كفيل الدين أحمد (هندي) حيث أشرف بنفسه على تأهيلي أثناء العمل وفي المساء يقوم بتدريسي، أي في الصباح عمل وتدريب مع الأخوة: حسن بلفاس، وعبدالرحمن إبراهيم السقاف، وفاطمة عوض العامري، وعلوي بن سالم السقاف، وشيخ عبدالرحمن السقاف، ومحمد هاشم الحبشي، وحسن بن عبدالرحمن السقاف.. وكان هؤلاء يعملون في المستشفى كممرضين، وهم أقدم مني في العمل .
وفي نهاية ديسمبر 1955م حصلت على دورة في التمريض بمدينة المكلا لمدة أسبوعين، وأذكر أن هذه الدورة كان معنا مشاركين من مناطق أخرى (شبوة، ورخية ودوعن) وفي نهاية هذه الدورة تم إجراء لنا امتحان وبعدها أصبحنا ممرضين وكانت هذه نقطة البداية لنا في هذا المعهد الذي كان يديره المستشار الصحي البريطاني بالمكلا .
بعد ذلك وفي نهاية كل عام كنا نذهب إلى المكلا، وفي نفس المعهد 1956م نلت شهادة الممرض و1957م رئيس ممرضين و1958م مساعد صحي .. حيث أذكر أنني في كل عام أكون في المكلا الأسبوع الأخير من السنة الفائتة والأسبوع الأول من السنة الجديدة وبعدها نعود للعمل بالمستشفى بسيئون .
أما عن التأهيل للدفع التي جاءت بعدنا عام 1963م فكان يتم تدريبهم في المكلا السنة الأولى ممرض والسنة الثانية رئيس ممرضين والسنة الثالثة يتأهل إلى مساعد صحي وكان من ضمنهم عطاس الكاف، (ووالدك) صالح عوض بن سعد، وهادي العامري، وعوض العامري، وحسن بن طالب، وصالح بامحيمود .. حيث تم إعدادهم لفتح المستشفى الجديد في عام 1964م .
من الذي شجعك على الدراسة في مجال الصحة ؟
أما الذي كان يشجعني ووقف إلى جانبي هو عمي صالح سعيد بن سعد، حيث أنه هو الذي شجعني في الدراسة في كينيا وكذلك في المجال الصحي وهو المرجع الذي أرجع إليه في خطواتي .
كيف بدأت في العمل بالمختبر، وكيف تم تأهيلك ؟
طلب المستشار الصحي في عدن ترشيح عامل صحي لدورة في مجال المختبر واشترط أن يجيد اللغة الإنجليزية نطقا وكتابة، فتم اختياري في سنة 1963م وكانت الدورة لمدة عام في مدينة عدن وكنت أول من يتأهل من وادي حضرموت في مجال المختبر، وقبل ذلك كان الطبيب هو الذي يقوم بعملية الفحوصات المختبرية، وكنا نحن نعد له الشريحة ونساعدهم في مثل هذه الأعمال .
وبعد عودتي من عدن عملت كفني مختبر وأضافوا إلى جانبي علي محسن الحامد والذي تم تأهيله فيما بعد في عدن والمكلا .
من هم الأطباء الذين عملت معهم في بداية حياتك العملية ؟
أول طبيب عملت معه هو الدكتور / كفيل الدين أحمد (هندي) إلى سنة 1957م حيث تعاقد للعمل مع السلطان / عوض القعيطي .
وجاء بعده الدكتور/ كول كرني وعملت معه لمدة سنتين، وبعد ذلك الدكتور / رندي 1959م .
وكان المستشفى الذي نعمل فيه مبنى التربية والتعليم بمديرية سيئون حاليا، وفي سنة 1963م جاء الدكتور / عبدالله بن جعفر الكثيري، وفي سنة 1964م تم الانتقال إلى المستشفى الجديد، وبعد ذلك الأطباء المصريين: الدكتور / محمد رضاء والدكتور / كمال الشلبي، وفي عام 1970م جاءت أول بعثة صينية .
من هم مدراء الصحة والمستشفى الذين عاصرتهم ؟
أما عن مدراء المستشفى الذين عاصرتهم فكان الطبيب هو الذي يدير المستشفى الدكتور/ كفيل الدين والدكتور / كول كرن والدكتور رندي والدكتو/ عبدالله بن جعفر الكثيري وهو رئيس الأطباء في الدولة الكثيرية .
وأما عن المدير الفعلي وهو الكل في الكل فكان المرحوم / صالح جوبان، وهو كذلك كان يدير الوحدات الصحية، وكان يحب أن يكون عمله متقن، حيث كنا نعد التقارير الشهرية حتى وقت متأخر من الليل وهو حريص أن تصل التقارير إلى المكلا في وقتها، وكان الجميع ملتف حوله ويتمتع بأسلوب ممتاز فيي الإدارة، حيث حصل على دورة لمدة عام في بريطانيا في الإدارة الصحية 1964م وكذلك من المدراء: عبيد بن سعد والدكتور / عابدين بارجاء والدكتور / صالح باسيف والدكتور / صالح بن زيلع .
بصفتك أول فني مختبر في مستشفى سيئون .. ما هي الإمكانيات المتوفرة في المختبر في البداية ؟
كان المختبر في البداية فيه جهاز الميكرسكوب وجهاز سهالي لفحص اليوريا والسكر في الدم، وفيما بعد تطور قليل، وفي الثمانيات من القرن الماضي تطور أكثر .
ما هي الصعوبات التي كانت تواجهكم في عملكم ؟
بعد إتمام دورة المختبر في عدن طلب مني مسئول المختبرات في عدن أن أعمل في عدن بمبلغ (750) شلن، بينما اتقاضى في سيئون (150) شلن في ذلك الوقت، فرفضت البقاء في عدن وفضلت خدمة أهلي ومنطقتي، فلم تفلح معي الإغراءات رغم أن المختبرات في عدن كانت مزودة بأجهزة أفضل من عندنا، ولكننا فضلنا العمل في سيئون وبالإمكانيات الموجودة والالتفاف مع الأطباء الموجودين من أجل خدمة الناس، ولم تقف الإمكانيات حجر عثرة أمام الإرادة القوية التي كنا نتمتع بها .
هل هناك خدمات كنتم تقدمونها للناس في تلك الفترة كضرب الحقن والأدوية ؟
نعم .. بل إننا نقوم بعلاج المرضى في البيوت وإعطائهم العلاجات ومنها ضرب الحقن ومساعدة النساء في إخراج (المشيمة) بعد الولادة، لأن أغلب النساء كن يلدن في البيوت .
كيف وثق الناس بكم في علاجهم ؟
كنا أولاً نقدم خدمة للمريض نرجو ثواب الله قبل كل شيء، فأحبنا الناس ووثقوا بنا لما يرونه من معاملة وأخلاق وثقة حيث كنا ندخل البيوت في أي وقت ولا نشترط أي شيء .
كان لكم حضور في الملاعب الرياضية كأول مسعف رياضي .. حدثونا عن ذلك ؟
أنا محب للرياضة، وكرة القدم خاصة، وتشجيعاً للشباب وأثناء حضوري للمباريات أقوم بإسعاف الرياضيين الذين يتعرضون للسقوط في الملاعب أثناء المباريات، فأقوم بإسعافهم تطوعاً من ذات نفسي .
وفيما بعد أصبح الإخوة في الأندية قبل أي مباراة يشعرونني بتلك المباريات وأحضرها وأحضر معي صندوق إسعاف أولي، وكان أول عمل إسعاف في أوائل الستينات .
ما هي نصيحتكم لأبنائكم الأطباء والعاملين الصحيين الشباب؟
أن يحمدوا الله على الإمكانيات التي تقع بين أيديهم والعلم الذي تعلموه، وأن يعطوا العمل حقه دون النظر إلى المادة، وأن يتق الله في المريض الذي يسلم نفسه إليهم .
في سؤالنا الأخير يا عم سعيد .. من أين أتى لقب (سعيد التاربي) الذي اشتهرت به ؟
جاء ذات مرة السيد/ أبوبكر بن شيخ الكاف إلى المستشفى حيث أنه كان يتردد كثيراً لزيارة الأطباء، فذات مرة كان مع الدكتور / كفيل الدين وكنت عند الدكتور أقدم المرضى لدخول العيادة فسأل (أي الكاف) الدكتور/ كفيل الدين من هذا الولد، فقال له هذا سعيد بن سعد، فقال أبوبكر .. من أين جاء، ومن أي منطقة، فقال له من تاربة، فقال: (سعيد التاربي)، ومن بعدها انتشر وشاع هذا الاسم .