arpo28

ندوة: أزمة الانتخابات في اليمن وآفاق التسوية ... (1 - 3)

تعتمل على واجهة المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في اليمن تداعيات إضافية لما أفرزته تطورات وأحداث من قبيل تصاعد الاضطرابات في المحافظات الجنوبية وتجدد إرهاصات حرب سابعة بين الجيش والمتمردين الحوثيين في أقصى الشمال، وتفاقم خريطة الأوضاع الاقتصادية المتردية.

تزامن ذلك كله مع تصاعد تهديدات تنظيم “القاعدة” واتساع فجوة الخلافات والأزمة القائمة بين طرفي المعادلة السياسية القائمة في البلاد، الأمر الذي أثار ولايزال يثير توجسات وتساؤلات ملحة عما ينتظر اليمن في آخر نفق يفتقد لنقطة ضوء وسط صخب الخلافات وأمواج التحديات والأزمات المتلاحقة.

وحرصاً من “الخليج” على مواكبة تفاعلات مشهد الأزمة المحتدمة في اليمن نظمت ندوة استضافت فيها الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني جوهرة حمود، ونائب رئيس الدائرة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم عبدالحفيظ النهاري، والأمين العام للحزب الديمقراطي الناصري المنضوي في إطار المجلس الوطني للمعارضة، وهو من أحزاب الموالاة شايف عزي صغير، والمحلل السياسي ونقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق عبدالباري طاهر.

إنقاذ اليمن من المخاطر التي تهدده مسؤولية الجميع

كيف ينظر حزب المؤتمر الشعبي العام إلى التطورات التي تشهدها البلاد في الظروف الراهنة؟

عبدالحفيظ النهاري: اليمن يتعرض لجملة من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية وعلى رأسها مسألة الحوار السياسي والرهان على الزمن الذي بدأ يتسرب من بين أصابعنا والمضي نحو استحقاقات انتخابية ونيابية أصبحت تحاصرنا بمواعيدها ولا تسمح بالمزيد من التطويل في مسألة الحوار العقيم الذي لا يخرج بنتائج محددة.

في هذا الصدد تراهن الحكومة وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم على اتفاق فبراير/شباط 2009 وتدعو الأخوة في أحزاب اللقاء المشترك المعارض، وهم الشركاء في الحياة السياسية إلى البدء في تنفيذ أجندة اتفاق فبراير الذي حدد القضايا السياسية وأولوياتها والانتقال إلى وضع المصفوفة والبرنامج الزمني لإنجاز مثل هذه القضايا، وفي تصوري أنه لم يعد من السهل إمكان استيعاب وتنفيذ هذه القضايا ببرامجها المزمنة في ما تبقى من وقت حتى الـ27 من إبريل/ نيسان من العام المقبل.

هذا في ما يتعلق بالجانب السياسي، أما الملف الأمني والاقتصادي فهو دائماً يعيد ترتيب الأولويات، ويضعنا دائماً أمام تحديات جديدة وفي مقدمتها حرب صعدة التي نتمنى أن يكون ملفها قد أغلق، إلا أن هناك من يراهن على استمرار هذه الحرب أو استئنافها، وهناك بعض البواعث التي يمكن أن تشكل استفزازات من شأنها أن تجعل تجار الحروب والمستفيدين من استمرار الحرب يستفزون الدولة ويعيدون دورات العنف، لكن الدولة والمؤتمر الشعبي العام يراهنا على تحقيق السلام في مديريات صعدة وحرف سفيان.

ما هي الرؤية الشاملة للحزب الحاكم إزاء الأزمة السياسية القائمة حاليا مع المعارضة الرئيسة في البلاد؟

النهاري: الموقف السياسي الآن يراوح حول آلية الحوار ولم يخرج منها بعد، بينما الزمن لم يعد في مصلحة الجميع، فإذا كنا لانزال نختلف على آلية الحوار فمتى سندخل في التفاصيل، لكنني أعتبر أن القضايا قد اتفق عليها إجمالا كأجندة وجدول أعمال وكأولويات في اتفاق فبراير، وأتصور أنه إذا عبرنا مسألة الحوار حول الآلية واتفق عليها فربما نستطيع أن نستدرك الوقت المتبقي لنا وهو محدود بأن ننتقل إلى برنامج مزمن ومصفوفة تستوعب كافة القضايا في حدود ما تبقى من وقت لكي نجري الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في الـ27 أبريل من العام المقبل.

التمديد للتأبيد

السيدة جوهرة حمود، باعتبارك ممثلة لتكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض، كيف ترون الأزمة القائمة بينكم والحزب الحاكم، هناك حوارات وتأجيلات ومؤشرات بحلحلة الأزمة، لكن كلما اقتربنا من الحوار تأجل، ما السبب؟

جوهرة حمود: الأوضاع لم تعد تحتمل المراوغة والمناورة حول ما يحدث وما يعتمل في هذا الوطن من أزمات تكاد تعصف بكل ما فيه؛ فبعد اتفاق فبراير كان يفترض الدخول مباشرة في حوار لتنفيذ بنوده، وهي واضحة جداً، وتتمثل في تطبيع الأوضاع السياسية وتنقية الأجواء والدخول في مفاوضات بشأن إصلاح النظام الانتخابي والقائمة النسبية والإفراج عن المعتقلين وقضايا الحقوق والحريات والصحافة، لكن ما حصل هو أنه في نفس الأسبوع الذي وقع فيه اتفاق فبراير حدثت حادثة أبين وإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وبعد ذلك بأشهر قليلة تم تفجير حرب صعدة السادسة، ما يدل على أن هناك توجهاً للقضاء على الاتفاق في مهده قبل أن يرى النور.

المشكلة أن السلطة تتعامل بخفة مع قضايا الحوار وكأن الأمر لا يعنيها لأنها لا تعترف بالمعارضة، بل تعترف فقط بمن يرفعون السلاح، وكان الأحرى أن يتم البدء بتنفيذ بنود اتفاق فبراير لأن إصلاح النظام الانتخابي يحتاج إلى تعديل دستوري؛ فمتى سيتم التعديل، خاصة ونحن أمام انتخابات، ويجب أن تجري في وقت محدد ومعروف كيف هو قائم النظام الانتخابي وكيف جرت الانتخابات السابقة وفي مصلحة من تصب كل انتخابات تجرى، فما يحصل منذ ما بعد حرب صيف 94 هو التمديد لتأبيد السلطة الحاكمة وللحرص على عدم تغيير هذه السلطة ولا ندري إلى أين ستوصل السلطة البلد، على الرغم من وجود مؤشرات خطيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكأن الأمر لا يعنيها، وحتى الدعوات المتكررة للحوار فإن السلطة عندما تدعو للحوار تشن في اليوم التالي هجوماً إعلامياً على المعارضة ويعلن الرئيس علي عبدالله صالح أن اتفاق فبراير قد ألغي ثم يدعو في اليوم التالي للحوار، والمحاور من طرف حزب المؤتمر يقول ليس عنده صلاحيات لاتخاذ أي قرار.

لو كانت السلطة جادة في تنفيذ الاتفاقات، ومثلما تتعامل بطرقها المختلفة لتنفيذ سياساتها؛ فإنه يمكن أن ندخل جميعاً في حوار جاد لتنفيذ اتفاق فبراير إذا كانت حريصة على مصلحة هذا الوطن.

أخ شايف صغير، أي موقف يتخذه الحزب الناصري الديمقراطي، خاصة وأن الحزب متحالف مع الحزب الحاكم؟

شايف صغير: كحزب ناصري ديمقراطي أرى أن الطرفين لا يريدان الوصول إلى حل وبالذات الأخوة في “المشترك” وأحملهم مسؤولية تأزيم الشارع لأن تأزيم الشارع أدى إلى وضع اقتصادي غير عادي، وربما الفساد كان له دور كبير في الحالة الاقتصادية، لكن تأزيم الشارع خلق شروخاً اجتماعية ربما لم تكن موجودة قبل الوحدة، وهي من الخطورة بمكان ما يجعل لا حوارات أو لقاءات تحل مثل هذه المشكلة.

قبل الوحدة كان معنا “براميل” بين الشطرين، لكن اليوم لدينا متفجرات في كل شارع ومن خلال النفوس التي أصبحت ضيقة إلى درجة العنصرية والمناطقية، كنا أيام الاستعمار والتشطير كياناً واحداً، أما اليوم فإنه رغم ازدياد التقارب، فإن الفجوة بين أبناء الوطن الواحد في ازدياد بسبب هذا التأزيم.

والكلام الذي طرحه الأخوان عبدالحفيظ وجوهرة يشير إلى ان كل طرف يريد إقصاء الآخر وبالذات أحزاب المشترك التي رفضت إجراء لقاء مع أحزاب المجلس الوطني للمعارضة، واشترطت أن لا يتم أي لقاء إلا مع حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بحجة أنهم ممثلون في البرلمان، والمشترك رغم شكاواه من الانتخابات، إلا ان هذا الموقف يتعارض مع موقفه الرافض للحوار مع أحزاب المجلس الوطني للمعارضة، ومع الأسف جاراهم في ذلك حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، حيث جرت العديد من الحوارات، ومنها حوار يونيو/حزيران 2006 واتفقوا، وكنا شهوداً على هذا الاتفاق على أساس أن تتم انتخابات رئاسية في 2006 وما بعدها من خلال اللجنة العليا للانتخابات بتعيين قضاة فيها إلى جانب قضايا أخرى كثيرة جدا، حيث تقاسم الطرفان اللجنة العليا للانتخابات ولجانها الفرعية كمغانم، ما يحصل اليوم هو استمرار لسياسة التقاسم التي بدأت منذ تحقيق الوحدة، حيث تقاسموا كل شيء السلطة والثروة واللجان واليوم يشكون مما صنعوه، وهم من صنع هذه الأزمة وهم من صنع أزمة اللجنة العليا للانتخابات، تقاسموا حتى المناطق.

اليوم يخلق الطرفان أزمة لأنهما يريدان تكريس السلبية لاستمرار التقاسم، أرادوا حتى أن يتقاسموا نتائج الانتخابات قبل أن نصل إلى الانتخابات وكأن الآخرين ليسوا موجودين في البلاد، عيبنا في اليمن أننا ظللنا نجامل ونأخذ قشور الأشياء ولا ندخل إلى جذورها، وهذه القشور تراكمت حتى أصبحت متجذرة وتؤدي إلى سلبيات كبيرة.

ما نمر به اليوم هو نتيجة لقضايا مر فيها اليمن في مراحل سابقة، حرب صعدة والحراك في الجنوب والأزمة الاقتصادية، تراهم كأن هؤلاء جميعاً يرون فيها تأزيمات للاستفادة منها وليس كمشكلات يجب حلها، الكل يرى أن له مصلحة من استمرار هذه المشكلات.

جوهرة حمود: الأخ شايف يقول إن المشترك هو وراء تأزيم الشارع، وأنا أقول إن هذا غير صحيح، فالمشترك والاشتراكي جزء منه، ليسا وراء تأزيم الشارع، اليوم يخرج الشارع عن السيطرة، وأنا احمل المسؤولية إلى السلطة التي لم تستفد مما تقدم به الاشتراكي والمشترك لكبح جماح الشارع عبر إيجاد حلول حقيقية لأزمات الناس ومشكلاتهم واصلاحات حقيقية في الجانب الاقتصادي والسياسي، الحوار ليس مجدياً إذا لم يترجم إلى واقع يساعد الناس على تأمين استقرارهم المعيشي واحتياجاتهم المادية، في العالم كله يخرج الناس ليعبروا عن معاناتهم وهمومهم، لكن عندما تخرج السلطة المواطنين وطلاب المدارس والعسكر إلى الشارع فإلى ماذا تهدف؟، ما هي القضية التي تريد ان توضحها؟

لقد حصلت أخطاء كثيرة، فالسلطة هي التي فتحت البلاد للإرهاب وتم استجلاب تنظيم “القاعدة” منذ قبل حرب 1994 وما بعدها وإقصاء شريك الوحدة، بالإضافة إلى الاغتيالات التي أودت بحياة 56 شهيداً قبل الحرب مباشرة وأشعلت حرب ،94 والسؤال هو لماذا استمرت المعاهد العلمية التي تعمل على تكفير الآخر وبالذات أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني، حيث شنت السلطة حملات عليه لا تزال مستمرة لتكفير أعضائه وقياداته، من الخطورة بمكان اللعب بالنار، فهذه التنظيمات والمعاهد التي تتغطى تحت اسم المعاهد العلمية وغيرها تعتبر قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.

خطورة التعليم المذهبي

الأستاذ عبد الباري طاهر باعتبارك اعلامياً ومراقباً سياسياً، ما هي رؤيتك لما يدور اليوم من أزمة، وهل تجد في مواقف طرفي الأزمة السياسية القائمة ما يمكن أن يجعل اليمن يخرج من أزماته ويصل إلى بر الأمان؟

عبدالباري طاهر: يبدو أن القضية لم تعد قضية برلمان بل قضية وطن؛ ليست مسألة انتخابات بل أوضاع متأزمة، والعيب الحقيقي أن أساوي بين مواطن وبين الدولة، الدولة هي الهيئة التي تقف على رأس المجتمع ومسؤولة عن معالجة كل الخلل الذي في المجتمع، لا يمكنني أن أقارن الدكتور شايف صغير بالرئيس علي عبدالله صالح، لأن الرئيس علي عبدالله صالح في مركز صنع القرار، وإذا كان هناك مجرمون في إطار سياسة التقاسم قبل الوحدة أو قبل الثورة فالدولة مسؤولة عنها وهذه وظيفتها، لكن أن تساوي بين المعارض وبين الدولة فهذا خطأ في التفكير وخطأ في المنهج.

والواقع الملموس يقول إن الدولة هي مسؤولة عن صيانة الأمن والسلام والاستقرار، وهي التي تقود المجتمع، وأي خطأ يرتكبه طرف من أطراف الحوار تتحمل الدولة مسؤوليته بالدرجة الأولى، لأنها الأقدر على المعالجة، لأنها تمتلك الشرعية والأمن والجيش والإعلام، كمواطنين نحن نرى ثلاث قنوات فضائية وثلاث صحف رسمية تحتكر من قبل الدولة، إعلام الدولة ملكية عامة يتشارك فيه الدكتور شائف مع الرئيس علي عبدالله صالح بالتساوي وليس من حق هذا الإعلام ان يكون طرفاً في الصراع، هناك صحيفة اسمها “الميثاق” وأخرى “22 مايو” تتحدثان باسم حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، فيمكنهما قول ما تريدان، لكن أن يوظف الإعلام والجيش والأمن في صراع سياسي يخوضه حزب المؤتمر الحاكم ضد حزب الإصلاح أو الحزب الاشتراكي أو غيرهما من أحزاب المعارضة كحزب وليس كدولة أمر مرفوض، لأن الدولة هيئة فوق المجتمع، وهي التي تنظم صراعات المجتمع وتقود المجتمع إلى بر الأمان لأن هذه الدولة يفترض اليوم أنها بيد حزب المؤتمر الشعبي وغدا بيد حزب آخر فلا تكون الدولة هي التي تقود الصراع.

خطورة الوضع الآن تتهدد كيان الدولة، صمام أمان الجميع، والسؤال هو كيف نعالج هذا الوضع بصدق ومن دون توظيف سياسي وتحزب ضيق وأعمى، اليوم العالم كله ينظر إلى اليمن كبلد فيه الأمن والسلام مهدد، وأيضا يتهدد جواره ويتهدد العالم، العالم كله يشتكي من الإرهاب، والسؤال هو من أين يأتي هذا الإرهاب؟ أنت تعمل اليوم على نشر التعليم المذهبي وتنشر الطائفية، تحضر مقبل الوادعي من السعودية المسجون في قضية جهيمان لتعليم مذهبي سلفي في صعدة كرسي الزيدية، اليوم عدد المدارس الدينية غير الخاضعة لرقابة الدولة تصل إلى 4500 مدرسة مذهبية، وهذه مدارس تضعف التعليم العام، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اليمنية التي تتخلص منها السعودية تنشط اليوم في اليمن، هذه ستكون أساس حروب وتكفير وفتن، وهي اليوم تفرض وصاية أن تكون القوانين والتشريعات تحت إشرافها، اليوم تحت سيطرتها المسجد والمدرسة والتوجيه العام والقنوات الفضائية.

جامعة الإيمان فيها الآلاف من المتشددين، ومعهد مقبل الوادعي عنده آلاف وفي منطقة معبر الإمام الحسن المهدي عنده آلاف، ترسل ابنك ليتعلم في أمريكا ثم تعلمه المذهبية في اليمن، إذاً ابنك لن يستفيد من تعليمه في أمريكا، الذي سيحكم البلد هو من فتح له مدرسة طائفية، الشاب الصغير الذي نسف نفسه أمام سيارة السفير البريطاني هذا نتيجة هذا التعليم، ثروة اليمن هي الإنسان، وهذا الإنسان أفسدت له تعليمه وأفسدت له مستقبله، وهذه المسألة ليس المسؤول عنها أي حزب، بل الدولة هي المسؤولة، عندما تفقد الدولة هيبتها تنزلق الأمور إلى ما هو أسوأ، اليوم المحاكمون والمجرجرون إلى السجون من الصحافيين أكثر من تجار السلاح ومن تجار المخدرات.

مخاطر متعددة

عبدالحفيظ النهاري: الجانب السياسي في اليمن ذو شقين هناك جانب يتعلق بأزمة سياسية وعلاقة الأحزاب وجانب آخر ذو بعد وطني، اليوم أصبح اليمن أمام تحديات أساسية تتمثل في تعرض الجمهورية ككيان للتهديد، اليمن يخوض حربا ليست بالتبسيط الذي تتعاطى معه المعارضة، أي بين الدولة وطرف آخر في صعدة، هي حرب بين ما افرزه النظام الجمهوري، وهو الدولة والجمهورية اليمنية وبين رغبات ما قبل الثورة من ملكية وسلالية وعرقية ترغب في العودة بالبلد إلى ما قبل الجمهورية، وحتى لا نبسط المسائل فإن الحرب ليست بين الحزب الحاكم ومجموعة أطفال، بل هي حرب بين الجمهورية وبين أعدائها.

هذا في المستوى الأول، أما في المستوى الثاني فأمر يتعلق بتهديد الوحدة، ما يحدث اليوم مسائل تتعلق بتهديد الوحدة الوطنية، وهذه قضية وطنية وليست قضية الحزب الحاكم بمفرده، بل قضية الدولة والمجتمع والأحزاب كلها، أن تكون في صف الوحدة وتدافع عن الوحدة الوطنية وأن نقف جميعا في اصطفاف وطني لحماية الوحدة، والمسألة الثالثة هي ما تتعرض له الديمقراطية من تحديات، نحن نتصور أن هناك تكالباً على الديمقراطية من أطراف العنف التي ليست لها علاقة بالعملية الديمقراطية، سواء كانوا المتمردين الحوثيين أو أعضاء تنظيم “القاعدة” أو كانت العناصر الانفصالية التي تسمي نفسها “الحراك”، التي تعمل على بث ثقافة الكراهية وتعتدي على الممتلكات العامة والخاصة وتقطع الطرق وتسفك الدماء وتقطع آذان الناس وأنوفهم لأسباب جهوية ومناطقية، وأطراف العنف الثلاثة بقدر ما تتهدد الوطن فهي تتهدد المشروع الديمقراطي لأنها تتخذ من العنف وسيلة، والديمقراطية لم تأت إلا بديلا للعنف.

هذه المستويات التي ذكرتها تفترض أن من يتفق على المشروع الديمقراطي داخل البلد وعلى إدارة دفة البلاد سلطة ومعارضة عبر الخيار الديمقراطي أن يقفوا في صف الديمقراطية وأن يحددوا موقفا واضحا من الأطراف الثلاثة الإرهابية الخارجة عن المشروع الديمقراطي، دعنا نتحدث سلطة ومعارضة في حدود أننا في خندق واحد ضد أطراف العنف الثلاثة، أما ان تختلط الأوراق فيصبح من يتفق معه على الديمقراطية والقاعدة الدستورية والقانونية يخرج عن هذه السكة ليستمرئ الأفعال العنيفة والإرهابية والخارجة عن القانون أو يماريها أو يعطيها تغطية قانونية وسياسية أو يوظفها لإعادة ترتيب أجندته يصبح أمامنا إما أن نراهن على الديمقراطية أو على ثقافة العنف.

نحن نربأ بالمجتمع أن ينزلق إلى مربع ممالأة العنف أو استمرائه أو السكوت عليه أو مساعدته لأنه مهما طال الحوار أو قصر ومهما اتفقنا أو اختلفنا، طالما نحن تحت السقف الديمقراطي والدستور والقانون فليست هناك مشكلة، يجب أن تظل كل الحوارات مفتوحة، ونسعى جميعا بجدية للخروج من هذه الحوارات بنتائج مفيدة حتى لا نترك لأطراف العنف أية طريقة للتسلل من أية جهة من الجهات للنيل من المشروع الديمقراطي.

غياب الشراكة

الحزب الحاكم عادة ما يتهم المعارضة بأنها تضع شروطا تعجيزية من أجل التوصل إلى اتفاق، بمعنى آخر هناك مطالب من قبيل تنقية الأجواء وتوفير المناخات وهذه كلها تنصب في إطار وضع العربة قبل الحصان؛ فلماذا تضعون مثل هذه الشروط طالما هناك اتفاقات على الحوار؟

جوهرة حمود: أعتقد ان القضية تكمن في تعاطي الحزب الحاكم مع الصعوبات الحقيقية الموجودة في هذا الوطن والأزمات التي يجب أن يعمل بجدية في التعاطي معها وليس بالخفة المعروفة؛ فكيف تريدني كحزب أن ادخل معك في حوار وكوادر الحزب معتقلون في المحافظات، والصحافيون وأصحاب الكلمة الحرة ينقلون جوا إلى العاصمة صنعاء للمحاكمة والسجن، بينما الفاسدون والإرهابيون واللصوص يتجولون بحرية؟

كيف أدخل معك في حوار وأنت تهاجمني يومياً في الصحف وأجهزة الإعلام وتحرض الشارع ضدي وأنا شريك معك في تحقيق الوحدة؟، فالحزب الاشتراكي قدم وطناً بكل ثرواته وأصبح عدواً ويهاجم بشكل يومي ويتم تلقين الناس ثقافة الكراهية ضده، أنا أتفاجأ عندما نتعامل مع أناس في صنعاء فيقولون لنا أنتم في الحزب الاشتراكي كفرة وملحدون ومجرمون وقتلة. لقد تربى جيل كامل على ثقافة تضييق الهامش الديمقراطي ومصادرة الصحف وإيقافها وملاحقة الصحافيين حملة الأقلام الشريفة، لمصلحة من اختطاف الصحافي محمد المقالح بهذه الطريقة الفجة؟، ماهي النتيجة من تعذيب الصحافيين والمثقفين عندما تتم حملة اعتقالات تستهدف قيادات الحزب الاشتراكي الميدانية وهم الذين يحاولون أن يوجهوا الحراك إلى الفعاليات الاحتجاجية بالوجهة الصحيحة ؟، لماذا هذه الممارسات الانتقائية وهي مقصودة بالتأكيد.

زر الذهاب إلى الأعلى