للمرة الأولى، تركز استراتيجية الرئيس الأمريكي للامن القومي على الإرهاب النامي في الداخل، وفقاً لمستشار للرئيس باراك أوباما.
وقال جون برينان إن الوثيقة التي رفع النقاب عنها الخميس، تعترف بالتهديد الذي يشكله "أفراد تحولوا إلى التشدد هنا في الداخل".
وتسلَط الضوء على المسألة هذه منذ حادثة إطلاق النار في قاعدة "فورت هود" العام الماضي، ومحاولة التفجير في "تايمز سكوير" بنيويورك. ولم يسبق لـ"الإرهاب في الداخل" أن تصدر أي استراتيجية امنية سابقة.
ويعتمد الرؤساء الأمريكيون استراتيجية الأمن القومي لرسم اهدافهم وتحديد اولويات الأمن الأمريكي، وفقاً لمراسلين صحفيين.
وتشجيع المجتمعات على وقف التحول إلى التشدد هو واحد من مبادرات الإدارة الأمريكية الهادفة إلى ضمان أمن مواطنيها وحلفائها، وفقاً للوثيقة.
الجدير ذكره أن الرئيس الأسبق بيل كلينتون لم يشر في عهده إلى الارهاب في الداخل عندما حدد استراتيجية العام 1998، على رغم الاعتداء الذي وقع في مدينة أوكلاهوما قبل ثلاث سنوات، فيما مر عليه جورج بوش مرور الكرام في وثيقته للعام 2006.
وقتل مسلح 13 جندياً وجرح العشرات في قاعدة "فورت هود" العسكرية في تكساس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. واتهم في الاعتداء الطبيب النفسي الميجور نضال حسن، وهو أمريكي مسلم من أصل فلسطيني.
وفي مايو (أيار) من هذا العام، أبطلت الشرطة مفعول قنبلة وضعت في سيارة بساحة "تايمز سكوير" في نيويورك، احد أكثر الشوارع اكتظاظاً في المدينة. واعتقل على خلفية الحادث باكستاني مولود في الولايات المتحدة.
ولاستراتيجيات الأمن القومي تأثير كبير على الإنفاق والسياسات الدفاعية والأمنية. فاستراتيجية الرئيس السابق جورج بوش لعام 2002 على سبيل المثال، والتي عكست عقيدة حرب استباقية وتحدثت عن "وقف دول مارقة"، أعقبها بعد عام فقط غزو العراق.
ومن المبادرات الجوهرية الأخرى التي أشارت إليها استراتيجية أوباما، حل تنظيم "القاعدة" في أفغانستان وباكستان وحول العالم، والسعي إلى جعل العالم خال من الأسلحة النووية.
أما أمن إسرائيل والسلام الاسرائيلي- الفلسطيني وقيام دولة فلسطينية جنباً إلى جنب، فهي واحدة من الاهتمامات الرئيسية للولايات المتحدة، بحسبما جاء في الوثيقة.
ووصف برينان، وهو نائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الارهاب والأمن الداخلي، الاستراتيجية الجديدة في كلمة أمام مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية.
وقال: "رأينا ارتفاعاً في عدد الأفراد الذين يتحولون هنا في الولايات المتحدة إلى رهائن للنشاطات المتطرفة أو اهدافها". وأضاف: "رأينا أفراداً، من بينهم مواطنين أمريكيين، مسلحين بجواز السفر الأمريكي، يسافرون بسهولة إلى ملاجئ آمنة للإرهاب، ويعودون إلى أمريكا وإلى مخططاتهم المميتة التي تعطلها الاستخبارات المنسقة وتطبيق القانون".
ولفت إلى أن الضغوط "اللا سابق لها" على "القاعدة" منذ وصول الرئيس باراك أوباما إلى السلطة، حدّت بشكل كبير من قدرة التنظيم وعملياته. واعتبر أن "القاعدة" تعتمد حالياً على "جنود مشاة" تدريبهم ضعيف، قد يتمتعون بالقدرة على التسلل إلى الدفاعات الأمريكية باعتبار أنهم لا يتمتعون ظاهرياً بهيئة أرهابيين.
واعتبر برينان المرحلة الراهنة "مرحلة جديدة من التهديد الإرهابي، لم يعد يحدها التنسيق والتعقيد على نموذج اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول ) 2001"، لافتاً إلى أن تطوير العدو نفسه من حيث التكتيك "يدفعنا بشكل مستمر إلى تطوير قدراتنا، ليس بداعي الخوف، وإنما على نحو متزن يعزز أمننا ويحرّم تحركات عدونا".