اعتبر مستشار الرئيس اليمني سالم صالح محمد أن العلاقات اليمنية الخليجية تمر حالياً بأحسن أوقاتها وأحوالها، مشيراً إلى أن ما يواجهه اليمن أو ما تحتاجه حدّده مؤتمر المانحين واللقاءات التي تمت في الرياض وأبو ظبي وغيرها من اللقاءات والزيارات الثنائية المتبادلة.
وقال سالم صالح محمد في حديث خاص مع جريدة «عُمان» «كمواطن أجدني ميّالاً إلى المزيد من الحوار مع أشقائنا في دول الخليج لإيجاد الآلية التي تساعد اليمن على تنفيذ المشاريع والاستفادة من المساعدات والقروض والتفاعل مع نصائح الأشقاء وخاصةً في المجال السياسي والتنموي والعمل على نقل ذلك إلى التعامل مع ملف القوى العاملة اليمنية سواء الموجودة حالياً في بعض دول الخليج أو القادمة إليها مستقبلاً، وبعيداً عن المواقف الأمنية التي تنشأ هنا أو هناك نتيجة ظاهرة الإرهاب والتي تضرّر ويتضرّر منها الجميع، فهذه الأعمال الإرهابية منبوذة ومحاربة من قبل الجميع الذين هم بالطبع مسالمون ومحبّون للحياة والعيش الكريم، وليسوا كلهم (إرهابيين) كما تتعامل بعض الأجهزة الأمنية الغربية والأمريكية مع أي عربي أو مسلم، حتى يثبت العكس».
لا للعقاب الجماعي
ورأى سالم صالح محمد أن «تعميم الإجراءات الأمنية ضد الجميع هو عقاب جماعي ليس له ما يبرّره بعدما اتّضح تضرّر مصالح الجميع وفيهم الجالية اليمنية في عدد من البلدان الشقيقة والصديقة، والتي نطلب وعلى قاعدة الأخوة والصداقة وحقوق الإنسان إعادة النظر في هذه الإجراءات والقوانين ومحاسبة الأفراد المخلّين بأمن واستقرار هذه البلدان كأفراد مهما كانوا وأينما وجدوا».
الاستفادة من اسواق التعاون
وفيما يتعلّق بإفساح المجال للقوى العاملة اليمنية واستيعابها في أسواق العمل الخليجية لفت مستشار الرئيس اليمني إلى أن المطلوب هو المزيد من الحوار الصريح وإفساح المجال من خلال الوصول إلى عقد اتفاقيات ثنائية واضحة تراعي مصلحة الطرفين وتأخذ في الاعتبار الوضع القائم والتجارب الحالية لأوضاع الهجرة والمصالح العليا لهذه البلدان.
تجفيف المنابع
وفي معرض رده على سؤال حول التحرّكات الملحوظة لتنظيم القاعدة ونشاطه ومحاولاته الفاشلة لتنفيذ عمليات انتحارية وتقييمه لحجم القاعدة في اليمن، أجاب مستشار الرئيس اليمني بأن ما يكسب هذا التنظيم هالة هو الموقف الاستخباراتي الأمريكي الذي يجعل من الإعلام الدولي ومنه الإعلام العربي الذي يؤثّر على الرأي العام وعلى الأجهزة الأمنية والسياسية العربية، يجعل من «الحبة قبة والقبة حبة» كما يقول المثل الشعبي العربي.
والمتتبّع لنشاط القاعدة وتكوينات هذا التنظيم يدرك أن قيامه ونشاطه وخاصة الفكري هو امتداد لذلك التطرّف والغلو الذي شهدته تلك التيارات الإسلامية المتطرّفة الاتجاه في أوائل الثمانينيات والتي كانت مدعومة من قبل الأجهزة الاستخبارية الأمريكية والغربية لمحاربة الاتجاهات الوطنية والاشتراكية في المنطقة.
وقال: إن الأحوال تغيّرت حالياً وأصبح هذا التنظيم يستقطب أؤلئك الشباب الطامحين للتغيير بعد غسل أدمغتهم بأفكار متطرّفة تجد في اليمن أو الصومال أو أفغانستان أو باكستان أو غيرها بيئة مناسبة للنشاط بحكم الفقر والفساد والحروب وتناسب المناطق الجغرافية الصالحة لهذا النشاط.
ونوّه المسؤول اليمني إلى أن «مواجهة هذا النشاط يتطلّب تجفيف منابع التطرّف والغلو أولاً والاهتمام بالشباب ليس فقط من حيث توفير فرص التعليم والتربية وإنما من خلال ربطهم بعد تخرّجهم بالعمل والإنتاج وإعطائهم ضمانات العيش الكريم في حاضر ومستقبل يحتضن عطاءاتهم وإبداعاتهم وطاقاتهم الكبيرة، .
السلام في صعدة
وحول الأوضاع في محافظة صعدة بشمال اليمن، أكّد سالم صالح محمد أن الأمور تسير نحو إحلال السلام في هذه المحافظة التي شهدت حروباً ستة وإذا ما واصلت الأطراف احترام الاتفاقات التي تمت بينها ومنها تحكيم الحوار، والابتعاد عن استخدام العنف، وممارسة العمل السياسي وتشجيع مؤشّراته من خلال دمج الناس في هذه المناطق بالعملية السياسية والتنموية القائمة، فإن الأمور ستسير نحو الانفراج وتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية أو الحزبية أو المذهبية وفي إطار التعايش والاحترام وحق كافة الأطراف في العيش والحرية والكرامة التي يكفلها الدستور والوطن لكافة أبنائه بغض النظر عن الانتماء السياسي أو المذهبي أو المناطقي.
الحوار من اجل الوحدة
وأكّد سالم صالح محمد أن الوحدة اليمنية تحقّقت بتلك الأسس الديمقراطية السلمية ولها عقدان من الزمن، وواجهت تحديات سياسية واقتصادية هائلة أبرزها حرب صيف 1994، ومسألة الحفاظ عليها وصيانتها ونمو مساراتها مرتبط بإعادة روح الوفاق ليوم 22 مايو التاريخي وإعادة الشراكة القائمة وإنهاء آثار وترتّبات حرب صيف 94 والاتجاه نحو تطبيق الحكم المحلي كامل الصلاحيات والبدء بالحوار الوطني الذي يشمل جميع الأطراف في الداخل والخارج لمواصلة المشروع النهضوي الوطني.
وقال: «ما أود إضافته كإنسان يبحث من خلال الحوار عن حلول حقيقية وجادة للقضايا المطروحة والتي حول معالجتها خلاف وطني واضح؛ لأن المناخات الحالية الداخلية والخارجية تساعد كل الأطراف على الحوار الجاد والموضوعي للخروج بحلول تاريخية ترضي كل الأطراف لمواصلة النهوض بالمشروع الوطني الحضاري الذي كان مرافقاً لقيام الوحدة يوم 22 مايو التاريخي وجاءت حرب 94 لتجهض جوهره ومحتواه وتحد من تطوّره وتنامي مساراته الكبيرة كمشروع وطني وقومي وإنساني جاء بتضحيات هائلة قدّمتها الأجيال لترى وطناً جميلاً يحتضن كل أبنائه بحب ومساواة وحرية وكرامة وتكافؤ في الحقوق والواجبات».
وأشار إلى أنه نشر قبل أشهر كتيّب يتضمّن رؤيته لحل عدد من القضايا الوطنية الخلافية سمّاه «رؤية علاجية لقضايا وطنية خلافية».
مبادرة مهمة
وفيما يتعلّق بمبادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح للحوار الوطني والشراكة، قال مستشار الرئيس اليمني: «كنت ولا زلت وحتى في أحلك الظروف مع التفاؤل بالخير ومع الأمل في انفراج الأمور مهما تعقّدت منطلقاً من القول المأثور (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل). ومبادرة فخامة رئيس الجمهورية الأخ علي عبدالله صالح لم تأت من فراغ أو نتيجة تأثّر بموقف حيني وإنما وهذه قراءة أولية للبيان، المبادرة جاءت بعد دراسة عميقة للوضع القائم وعلى كافة الأطراف التقاط معانيها والعمل على ترجمتها إلى الواقع الفعلي وتطوير وتنمية لغة الحوار والإسراع في البدء فيه ولجم أصوات طبول الحرب وإقصاء الآخرين وإيصال البلد إلى الدرك الأسفل من النار لأن هذه النار ستحرق الأخضر واليابس وذلك ما يشدّنا نحو مسارات الحوار الوطني الشامل وعلى قاعدة الاحترام المتبادل وحفظ مصالح وحقوق كافة الأطراف وصيانتها وبما يصون المصالح العليا للبلد».
الانتخابات القادمة
وأضاف «دعني أكون في منتهى الصراحة معك في موضوع الانتخابات النيابية المقرّرة في أبريل 2011، الذي يشكّل هماً خاصاً لكافة الأطياف السياسية الفاعلة في اليمن، وهو أنه إذا لم تتعاون هذه الأطياف في القيام بالحوار الوطني الشامل خلال هذه الفترة القادمة القصيرة والوصول إلى رؤيا وطنية كاملة لحل كافة القضايا الخلافية، فإن الترحيل- وهذه ميزة نحن في اليمن نجيدها ونتميّز بها ونحمد عليها- هو الحل، وأنا ألاحظ أن هناك أطرافاً مستفيدة من الترحيل الدائم للانتخابات لتكون متزامنة مع الانتخابات الرئاسية لعام 2013. أفلا يدر الحزب الحاكم وأطراف المعارضة أن الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية استحقاق وطني يلزم الدستور والقانون القيام به».