بدأت مصر مباحثات حثيثة مع الشركاء الافارقة حول "مبادرة حوض النيل" بهدف اقناعهم الامتناع عن تنفيذ اتفاقية "عنتيبي" لتقسيم مياه النيل، الموقعة في مايو/ايار من هذا العام من قبل اربعة دول، هي اوغندا ورواندا واثيوبيا وتنزانيا، دون مشاركة مصر والسودان وبوروندي والكونغو وللعودة إلى طاولة المباحثات، حسبما كتبت صحيفة "المصري اليوم" في عددها الصادر يوم الخميس 24 يونيو/حزيران.
وتتعلق هذه الجهود المصرية باللقاء المرتقب لوزراء الري في دول الحوض المقرر عقده في 26-28 من هذا الشهر، والذي يمكن ان يسفر عن بدء تنفيذ الاتفاقية رسميا، في حال انضمام دولة اضافية، بوروندي أو الكونغو، اليها، وهذا ما تعارضه القاهرة.
وتقوم القاهرة في الوقت الحالي بجهود مكثفة لاستغلال علاقاتها القوية مع عدد من الدول الافريقية، والتي تؤيد القاهرة، كورقة ضغط على دول منابع النيل الخمس لمراجعة مواقفها من مصر والسودان، والعودة إلى طاولة المفاوضات، والاعتراف بحق مصر والسودان في "الكمية التاريخية" لمياه النيل.
فقد بدأ الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية صباح يوم الخميس زيارة إلى كمبالا ليجري مباحثات مكثفة مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني وعدد من المسؤولين البارزين هناك حول آخر تطورات الوضع في دول حوض النيل.
وتأتي زيارة سليمان إلى أوغندا بعد 24 ساعة من مباحثات يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري في بوروندي، في إطار تحرك مصري مكثف لتجنب تداعيات اتفاقية "عنتيبي"، لإعادة تقسيم مياه النهر بين دول المنبع والمصب، حيث حاول اقناع الرئيس بوجومبورغو الامتناع عن الانضمام إلى الاتفاقية مقابل ادخال استشمارات مصرية كبيرة في قطاع المياه ببوروندي وتقديم لها دعما سياسيا.
ويأتي اختيار غالي لزيارة بوروندي ليس على خلفية منصبه بصندوق النقد الدولي، وإنما اعتمادا على علاقاته القوية بالساسة الأفارقة، خاصة في ظل شبكة العلاقات الدولية لعمه الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذى تولى ملف مصر مع دول الحوض في الثمانينات.
هذا وبدأ وفد رفيع المستوى من وزارة الري المصرية بزيارة إلى الخرطوم يوم الثلاثاء 22 يونيو تستمر أسبوعا، يجري خلالها لقاء ممثلين عن الحركة الشعبية، والمؤتمر الوطني، شريكي الحكم في السودان، لبحث مسألة مياه النيل.
كما طرحت هذه المسألة اثناء زيارة الرئيس التشادي ادريس ديبي إلى القاهرة ومباحثاته مع مبارك يوم الاربعاء 23 يونيو/حزيران. حيث توقعت مصادر رفيعة المستوى في الحكومة المصرية أن تستغل القاهرة زيارة الرئيس التشادي لتطلب منه إقناع إثيوبيا، التى تربطها علاقات قوية ببلاده، بأن مصالحها الاقتصادية والسياسية في استمرار التعاون مع القاهرة، وأن يعرض على إثيوبيا العودة للتفاوض حول ملف المياه بما يحفظ الحقوق المائية لمصر، مقابل المساعدة في تنفيذ مشروعات مشتركة لاستقطاب فاقد المياه، والذى يبلغ أكثر من 1600 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل.
ولم يصدر عن الرئيس التشادي، عقب لقاء مبارك، أي تصريح مباشرعن ملف المياه، واكتفى بالتأكيد على أن القارة السمراء لا ينقصها سوى أن يركز الأفارقة على تحقيق المزيد من العمل والتضامن والوحدة.
من جانبهم يعتبر خبراء القانون الدوليون انه لبدء تنفيذ الاتفاقية يكفي ان توقع عليها 6 من 9 دول الحوض بغض النظر عن الاختلافات في المواقف وفي عدم مشاركة الدول الاقليمية الاخرى فيها.
وتحاول الدول المنضمة في عام 1999 إلى مبادرة حوض النيل، التي اخذت طابعا مؤقتا، ان توقع وتنفذ اتفاقية جديدة لتقسيم مياه نهر النيل التي تعتبر ثمينة جدا للقارة الافريقية، الا ان السودان ومصر تعارضان تقليص حقهما السنوي في المياه.