أكد الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن أحمد عبيد بن دغر أن اتفاق فبراير2009 شكّل أساساً للحوار بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة الممثلة في أحزاب اللقاء المشترك، وجدد اعتزام المؤتمر إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة في موعدها المحدد في أبريل المقبل..
معتبراً أن عدم تفاعل أحزاب المعارضة الرئيسية في اليمن مع دعوة الرئيس علي عبد الله صالح الأخيرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية فوت الفرصة على الحزب الاشتراكي اليمني للعودة مجدداً إلى الحكم.
واتهم بن دغر في حوار مع جريدة الخليج الاماراتية نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض بالوقوف وراء تغذية ما وصفه ب "المشكلات في الجنوب". وقال في حوار مع "الخليج" إن ثمة شكوكاً متزايدة لدى الحزب الحاكم في وجود أطراف خارجية تقف وراء تمويل أنشطة ما يسمى "قوى الحراك الجنوبي".
وأكد أن التعديلات الدستورية التي ستقدم إلى البرلمان ستمس جوهر النظام السياسي، ومن بينها تعديل ولاية الرئيس من سبع سنوات إلى خمس، بالإضافة إلى قضية حكم محلي كامل الصلاحيات، مستبعداً فكرة الفيدرالية بين إقليمي شمالي وجنوبي، بعد أن كان دعا إليها قبل سنوات عندما كان قيادياً في الحزب الاشتراكي اليمني.
وفيما يلي تفاصيل الحوار :
* كيف تقرؤون مفردات الوضع القائم حالياً في البلاد بعد توقيع محضر آلية استئناف الحوار بين حزب المؤتمر الشعبي الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك؟
- يمكنني القول إن اتفاق فبراير/ شباط شكل أساساً للحوار وحدد مواضيع الحوار بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة؛ لكنني أعتقد أن ذهاب المعارضة إلى التفاصيل هو الذي فوت علينا في الأشهر الماضية الفرصة للوصول إلى نتائج إيجابية، كما تحقق مؤخراً من خلال التوقيع على محضر آلية استئناف الحوار الوطني.
في الخطوة الأخيرة تم الاتفاق على آلية للحوار وليس على موضوعات الحوار لأن موضوعات الحوار مازالت مطروحة أمام المتحاورين، وهذه الآلية ستشكل لها لجنة تحضيرية مكونة من 200 شخص من الطرفين بالتساوي وسوف يحدد مكانها وزمانها وبرنامجها في وقت واحد.
* الرئيس علي عبد الله صالح قال قبل أشهر إن أكبر خطأ ارتكبه حزب المؤتمر الشعبي العام هو التوقيع على اتفاق فبراير/ شباط، فما الذي دفع الحزب إلى التراجع عن هذا الموقف والموافقة على توقيع آلية الاتفاق من جديد؟
- لم يتراجع الحزب عن موقفه من الاتفاق، فقد ظل متمسكاً به، لكن الرئيس لم ينظر إليه من زاوية مصلحة حزب المؤتمر، بل من زاوية المصلحة الوطنية العامة، فتأجيل الانتخابات لم يكن هو الحل الأفضل أمام القوى السياسية، لأنه وضع الديمقراطية في زاوية مركونة لعامين لم يحقق خلالها الحوار قفزة، كما لم يطرأ أي تغير في مواقف الآخرين، ونحن نقترب الآن من إبريل 2011 من دون أن نحقق أي شيء، رغم تأجيل الانتخابات واتفاق فبراير، الذي لم يرفضه حزب المؤتمر كلياً ولم يوقعه إلا باتفاق كامل بين قياداته ورئيسه.
تفاصيل الخلافات مع المعارضة
* أين تكمن تفاصيل الخلافات بينكم وبين أحزاب المعارضة حول مضامين الاتفاق؟
- تمسك الإخوة في المعارضة بجزئية في الاتفاق تقول إن على القوى السياسية التي وقعت على الاتفاق أن تهيئ مناخات سياسية لإجراء الحوار، وقرئت العبارة هكذا من قبلهم، والحقيقة أن الحوار بين أية قوى سياسية مختلفة يجري في كل الظروف، أكان ذلك في وقت السلم أوفي غيره، لا أحد يصر على أنه يجب أن تكون هناك أجواء صافية ومهيأة ولا تشوبها شائبة ثم يبدأ الحوار.
الطبيعي أن يقال إننا نريد أن نهيئ مناخات سياسية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والاتفاق على قوانين وأنظمة ولجنة عليا للانتخابات والموضوعات المتعلقة بالانتخابات، وسنتفهم في الحزب الحاكم هذه المسألة وسنأخذها في الحوارات المقبلة في الاعتبار، لأن حزب المؤتمر موقع على اتفاق فبراير وعلى آلية الحوار.
* لكن هناك قضايا معلقة تتصل بالوضع في المناطق الجنوبية والحوثيين والمعارضة في الخارج، وقضية المعتقلين، فكيف سيسير الحوار إذن في ظل هذه الأوضاع؟
- بالنسبة للحراك الجنوبي قلنا للإخوة في المعارضة إن هناك أشياء لا نستطيع أن نقبل بها، عندما يتم الاعتداء على المواطنين وقطع الطريق والاعتداء على الملكيات العامة والخاصة فسوف نعاقب الفاعل أياً كان، أما الحوار مع معارضة الخارج فقلنا لهم إذا قبل هؤلاء بالوحدة والديمقراطية أساساً للحوار فنحن جاهزون للتحاور معهم، وليس لدينا مشكلة في هذا الجانب.
قضية المعتقلين قضية متجددة وطالما هناك مشكلة فلا بد أن تكون هناك اعتقالات، والرئيس عفا أكثر من مرة عن معتقلين سياسيين وعلى سبيل المثال حسن باعوم (قيادي في الحراك الجنوبي) أخرج من المحكمة ومثله كثيرون.
* مع ذلك هناك آخرون لا يزالون في السجون؟
- هؤلاء جاؤوا في ما بعد، ودعني أوضح هذه النقطة، عندما يرفع أحد ما العلم الشطري لا بد أن تتخذ ضده إجراءات، كذلك من يقطع الطريق، ونحن نعتبرها خرقاً للدستور والقانون ويجب أن يعاقب عليها أي مواطن كان، وأعتقد أن جريمة رفع العلم الشطري أكثر ضرراً على المجتمع من جريمة قطع الطريق، لأن لهذا بعداً سياسياً وأيديولوجياً ونفسياً وشطرياً.
* هل أنتم ذاهبون إلى الانتخابات منفردين؟ أم أن هناك إجماعاً على ضرورة الذهاب مع المعارضة، خاصة بعد توقيع الاتفاق؟
- سنمضي للانتخابات وليست لدينا رغبة في أن نمضي إليها منفردين، ونريد أن يكون فيها اللقاء المشترك وكافة القوى السياسية التي تحترم الدستور والقوانين، لأن العملية الديمقراطية عملية سياسية كبرى تصنع رأياً وسلطة سياسية جديدة وتحدث تغييراً في تركيبة النظام، لكن إذا رفض الأخوة في اللقاء المشترك أن يمضوا معنا إلى الانتخابات المقبلة سيكون على المؤتمر الشعبي العام أن يمضي إليها منفرداً لأنه لا مجال لتأجيل جديد للانتخابات؛ فالمادة 65 من الدستور تتيح التأجيل لعامين وقد استخدمنا هذا النص ولم يعد هناك مجال لأي تأجيل جديد.
* رغم قصر الفترة للانتخابات المقبلة، فهل ما تبقى حتى أبريل 2011 فترة كافية للتحضير للانتخابات؟
- نعم، الأشهر الثمانية فترة كافية للإعداد للانتخابات.
فدرلة اليمن
* في ما يخص التعديلات الدستورية المطروحة على البرلمان، ما هي أهم الأفكار الرئيسة في هذه التعديلات؟
- التعديلات الدستورية تأخذ منحيين، المنحى الأول: إضافة غرفة تشريعية أخرى إلى جانب البرلمان بحيث يصبح البرلمان مكوناً من غرفتين تشريعيتين، ويكون هناك مجلس أمة أو أية تسمية أخرى مناسبة. والمنحى الثاني: منح صلاحيات جديدة للسلطات المحلية، حيث سيتغير شكل السلطات في المحافظات من سلطة شبه إدارية إلى سلطة ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي وحتى أمني تمتلك جزءاً كبيراً من الصلاحيات التي كانت لدى المركز وجزءاً من الموارد، ولها أجهزتها الخاصة بها، بمعنى آخر سوف تنتقل فروع الوزارات الحالية مباشرة إلى السلطة المحلية وتصبح جزءاً من هذه السلطة ورأس هذه السلطة سوف يكون المحافظ المنتخب والمجلس المحلي.
* هل هذا تمهيد لـ"فدرلة" اليمن أو إنشاء أقاليم فيدرالية؟
- التعديلات تسمح بالانتقال من نظام مركزي إلى آخر غير مركزي، وهذه العملية في تقديري الشخصي خطوة متقدمة جداً، نحن في اليمن خلال فترة الوحدة ومن قبل الوحدة لم نعش إلا مع أنظمة شديدة التمركز، حيث الصلاحيات كلها مركزة في الأجهزة المركزية ومجلس النواب والحكومة والرئاسة، الآن سوف ينقل جزء من هذه الصلاحيات المركزية إلى المحافظات، وسوف يتخلى المركز طواعية عن جزء من صلاحياته اليومية التي يمارسها الآن إلى المحافظات، وهذا يعني أن المواطنين سوف يمارسون السلطة ممارسة حقيقية، وهو أمر لم يكونوا متعودين عليه، خاصة في ما يتعلق باختيار المسؤولين عنهم وفي الحصول على موارد لم يكونوا يحصلون عليها لأنها كانت تذهب مباشرة إلى الحكومة المركزية.
هذا سوف يسمح بقدر كبير من التنمية وإذا تحقق هذا الانتقال فإن شيئاً من التطور سوف يحدث في طبيعة النظام السياسي، لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا فيدرالية، لأن الفيدرالية شيء آخر، أعلى قليلاً وأكثر مرونة من هذا.
* لديك مشروع سابق يتعلق بالفيدرالية، تحت أي مفهوم كان يدور هذا المشروع؟
- تحدثت عن الفيدرالية في ظروف مختلفة، وفي الحقيقة كنت أطرح الفكرة على الحزب الاشتراكي اليمني وكانت المشكلة في الحزب في ذلك الوقت أنه لم يكن لديه رؤية سياسية حول الوضع كله، وكان البرنامج السياسي للحزب الاشتراكي عبارة عن أطروحات بين إصلاح مسار الوحدة وأطروحات غامضة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، كان تيار إصلاح مسار الوحدة يقوده الأخ محمد حيدرة مسدوس وكان لدى الشهيد جار الله عمر أفكار حول الحقوق والحريات، وكانت مثبتة في النظام الداخلي.
وشعرت بعد عودتي إلى البلد وبعد أكثر من جلسة للجنة المركزية وحضور المؤتمر العام بأن هذا البرنامج لا يحقق للحزب الاشتراكي اليمني أي وجود حقيقي في مناطق الثقل السكاني، لأن مجرد الحديث عن إصلاح مسار الوحدة والعودة إلى ما قبل حرب 94 والبقاء في دائرة حرب 94 يستفز الكثير من مواطني المحافظات الشمالية ويجعلهم ينظرون للحزب الاشتراكي اليمني كحزب انفصالي، تغيير البرنامج بالنسبة للحزب الاشتراكي في ذلك الوقت كان ضرورة، لذلك وجهت مشروعي إلى قيادة الحزب الاشتراكي اليمني ولم تناقشه اللجنة المركزية بشكل رسمي، بل نوقش بين النخب.
تقوم الفكرة على وجود مجموعة أقاليم وأنا لم أطرح في ذلك الوقت فكرة الفيدرالية بين شطرين، لأنني أعرف أنها ستكون بهذا الخطوة الأولى نحو الانفصال؛ لكنني طرحت الفكرة على أن تكون فيدرالية بين مجموعة أقاليم، بحيث يرى التهامي نفسه في هذا الدولة ويشعر بأنه يمارس السلطة في تهامة بتفويض دستوري وقانوني وكذلك الأمر للمواطنين في تعز أو صعدة أو أية مناطق أخرى.
الفكرة التي كنت أطرحها في ذلك الوقت تقريباً حكم محلي كامل الصلاحيات، فجعلت من المحافظات أقاليم فقط، لكنني منحتها سلطات أوسع ودعوت إلى أن تكون هذه الأقاليم بموارد مستقلة وخاصة بها في إطار اليمن الموحد وفي إطار دولة مركزية قوية لديها كل الاعتبار على جميع الأقاليم، ولديها كل السلطات التي تعلو سلطات الأقاليم ولديها سلطة "الفيتو" على الأقاليم التي تخرج عن الدستور المركزي ولديها الاعتبار الخارجي بشكل منفرد ولا يمكن لأي إقليم في ظل هذه الدولة أن يفكر في الانفصال.
طبعاً لم تقبل هذه الفكرة حينها، وأنا أشعر الآن أن المؤتمر الشعبي العام يتقدم نحو حكم محلي واسع الصلاحيات ويحقق خطوة ملموسة في هذا الاتجاه، لذلك أنا أدعم حزبي المؤتمر الشعبي العام والرئيس علي عبد الله صالح.
* إذن أنتم ترفضون فكرة الفيدرالية بين الشطرين؟
- بالتأكيد.
* في تقديركم أين تكمن خطورة هذه الفكرة؟
- تكمن خطورتها في أن الأوضاع لا تستوعبها، للأسف الشديد تحتاج الوحدة إلى المزيد من الوقت ولأكثر من جيل حتى تصبح قضية لا رجعة فيها في قلوب الناس ونفسياتهم، وحتى على مستوى الأرض والاقتصاد والتنمية، لا تزال هناك إشكالية للأسف الشديد رغم مرور عشرين عاماً على تحقيق الوحدة تتصل بفكر الوحدة، حيث لا تزال جذور الانفصال قائمة والدليل على ذلك العودة إليها في بعض مناطق الجنوب، والدعوة إلى إقليمين سوف تشجع فكرة الجنوبية.
وأنا أقول بصراحة إنه ليست هناك هوية في البلاد سوى الهوية اليمنية، قد تكون هناك هويات صغيرة لكن هذه الهويات انصهرت واندمجت في الهوية اليمنية، أما العودة إلى الجنوب بهوية يعتقد بعض الجنوبيين مع الأسف الشديد أنها تمنحهم دولة وإمكانية للظهور من جديد خارج إطار الدولة المركزية هو تفكير خطأ.
إذا عدنا إلى الشطرين فإن الجنوبية بالمعنى السلبي الذي يطرحه الحراكيون ستكون خطراً شديداً على الوحدة وسوف تؤدي إلى انفصال اقتصادي وسياسي على الصعيد الوطني وفي الوقت نفسه سوف تضعف الدولة المركزية، ليس لمصلحة اليمن الحديث عن الفيدرالية وهذا ليس من مصلحة اليمن.
* يكرر الرئيس علي عبد الله صالح مقولة إن الجنوبيين هم أكثر وحدوية من الشماليين، برأيك هل هذا ينطبق على الواقع الحالي؟
- هناك مشاعر متناقضة في الجنوب، ما من شك في أن المشاعر المضادة للوحدة تعبر عن نفسها الآن بشكل أو بآخر، هناك مشاعر مؤيدة للوحدة وبعض هذه المشاعر صامتة، لكن معظم الناس في المحافظات الجنوبية والشرقية سيقفون إلى جانب الوحدة، هم فقط ينتظرون بعض الإجراءات لحل بعض المشكلات.
بعض الإخوان يعتقدون أن الفقر يوجد فقط في الجنوب، وهم لا يعلمون أن الفقر ليس فقط في الجنوب بل وفي الشمال أيضاً، ويعتقدون أن بعض مشكلات الصحة أو التعليم تتعلق فقط بالجنوب، وهي لا تتعلق بالجنوب، فما يشكو منه المواطن في الجنوب هو ذاته ما يشكو منه المواطن في الشمال وما استفاد منه المواطن في الشمال من الوحدة استفاد منه المواطن في الجنوب، لكن الوضع في الجنوب وجد تغذية خارجية معادية لعبت على ظروف الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المحافظات الجنوبية وحاولت استغلال بعض الصعوبات للدعوة إلى الانفصال وفك الارتباط مع وجود طموحات سياسية أخرى وربما بعض الدول شجعت هذا الطرح.
* هناك لاعب على الأقل واضح في المشهد هو علي سالم البيض، الذي يعلن صراحة أنه مع خيار الانفصال وفك الارتباط، ألا تعتقدون أنه هو من يحرك الأوضاع في الجنوب؟
- بالتأكيد هو يحرك جزءاً من نشاط الحراك في الجنوب وهو الذي يقف خلفه، فلديه بعض الأموال التي خرج بها في حرب 94 ويبدو أنه يستخدمها الآن.
* في التعديلات الدستورية، هل هناك فكرة لتقصير مدة ولاية رئيس الدولة من سبع سنوات إلى خمس؟
- نعم هذا وارد.
* هل هذا يتيح الفرصة للرئيس علي عبد الله صالح أن يترشح مجدداً؟
- طالما ليس هناك مانع دستوري يمنع الرئيس علي عبد الله صالح أن يترشح لم لا؟
التحديات الثلاثة
* هناك تحديات ثلاثة تواجه اليمن، وهي الحرب في صعدة مع الحوثيين، والأوضاع في الجنوب الملتهبة باستمرار، ثم هناك تنظيم القاعدة. ألا تهدد هذه التحديات مستقبل الدولة في اليمن؟
- القيادة السياسية على اطلاع بما يجري في البلد ولديها ما يكفي من المعلومات يسمح لها أن تقيّم المشكلات التي تواجه البلد بشكل جيد، فمشكلات صعدة والأوضاع في الجنوب وتنظيم القاعدة مشكلات حقيقية ولو وجدت في بلد آخر لربما دمرته، لكن الناس متمسكون بالوحدة والنظام السياسي وحقهم في حياة أفضل، لذلك لم تؤثر هذه المشكلات في النظام السياسي والدولة اليمنية، لكنها حتماً إذا استمرت فترة أكثر فإنها ستؤثر وستؤثر أكثر لمصلحة تنظيم القاعدة.
وإذا استمرت حركة الحوثيين والحراك فالمستفيد الأول هو تنظيم القاعدة، لذا نحن نقول للمجتمع الدولي إن عليه أن يساعدنا من أجل الخروج من هذه الأزمات؛ فجزء كبير من مشكلات صعدة والجنوب اقتصادي وتنموي، اليمن لديها حجم بطالة كبير وهناك مليون من المهاجرين الأفارقة موجودون في اليمن ويعيشون بما هو متاح من ثروة ومن موارد، كل هذا أثر في مستوى الأداء الاقتصادي للدولة والمستوى المعيشي للمواطن، واستغل "القاعدة" هذا الوضع وأنشأ له خلايا ميتة وحية.
صحيح أن تنظيم القاعدة استطاع أن يستقطب بعض الشباب صغار السن والأقل علماً وخبرة والأكثر فقراً ويشكل منهم خلايا صغيرة، لكنه في الأخير لن ينتصر؛ فهو منظمة إرهابية ضررها على اليمن والأشقاء العرب والمجتمع الدولي كبير، وكل القوى في الداخل والإقليم وعلى المستوى الدولي معنية بتقديم المساعدة لليمن وإخراجه من هذه الحالة حتى يستطيع أن يواجه هذه المشكلات وأن يقضي على تنظيم القاعدة.
وأنا أتوقع أن مشكلة الحوثي يمكن أن تحل سياسياً ومشكلة الحراك يمكن أن تحل، بالإضافة إلى الأصوات الناعقة في الخارج التي تتحدث عن فك الارتباط سوف تتلاشى إذا استطعنا أن نجد حلولاً للمشكلات في المحافظات الجنوبية والشرقية، وستتلاشى إن استطعنا أن نعمق الثقة بالوحدة وخاصة في مناطق الاضطراب في المناطق الجنوبية والشرقية؛ فالمشاريع الصغيرة التي يتبناها البيض أو غيره سوف تتلاشى من نفسها وتعود للخلف، الأهم أن نتفق نحن كمجتمع سلطة ومعارضة على أن هناك أساسيات في الحياة لا يجوز لنا أن نتخلى عنها، فلا يجوز لنا أن نتخلى عن النظام الجمهوري أو نسمح بأي مساس به سواء جاء من صعدة أو من غيرها لأن الوحدة لن تترسخ إلا في ظل النظام الجمهوري؛ فهو سياج يساعد الوحدة على البقاء.
إذا اتفقنا على الثوابت الرئيسية يفترض أن يكون موقفنا سلطة ومعارضة موحداً في هذا الجانب، ومع الأسف الشديد يتحالف الأخوة في المشترك مع الحوثي وهم يعرفون أن بعض الحوثيين إن لم يكن كلهم يسعون إلى إسقاط النظام الجمهوري قبل الوحدة نفسها، كما يغضون النظر عن الأعمال المشينة والإجرامية لتنظيم القاعدة ولا يصدرون حتى بيان تنديد بها، كما لم يدينوا أي عمل إجرامي حدث في المحافظات الجنوبية والشرقية ضد مواطني المحافظات الشمالية ممن يدعون أنفسهم بالحراك.
* برأيك، ما الذي يحتاج إليه اليمن من صيغة توحد القادة السياسيين في الداخل والخارج؟ هل تقبلون بمشاركة قادة الوحدة السابقين؟ وهل تقبلون بصيغة ما يطرحه البعض من توسيع حكومة المؤتمر بحيث تضم كافة أطياف العمل السياسي؟
- اليمن بحاجة إلى مسألة رئيسة، وهي أن نقف جميعاً سواء في الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة في خندق واحد، فنحن بحاجة إلى إعادة صياغة النظام السياسي الحالي، وهذه المسألة لا يختلف حولها لا الرئيس ولا المؤتمر، قد نختلف على مسألة مستوى هذا الإصلاح والانتقال من الدولة المركزية إلى الدولة اللامركزية، نحن نرى في المؤتمر الشعبي أن الانتقال إلى حكم محلي كامل الصلاحيات بالصيغة التي طرحها الرئيس في خطاباته ابتداء بخطابه في 2006 وانتهاء بخطابه الأخير في تعز.
نحن نرى أن صيغة الانتقال إلى النظام السياسي غير المركزي ستكون هي الشرط الأول للسيطرة على الأوضاع في اليمن، لأنها سوف تسمح للمؤتمر الشعبي أن يحكم وسوف تسمح للآخرين أن يشاركوا في الحكم، والحقيقة أنه ليس هناك "فيتو" على الحزب الاشتراكي اليمني فهو يعمل ويستطيع من خلال صناديق الاقتراع أن يحقق المكانة التي تليق بتاريخه، ويستطيع من خلال وجوده في البرلمان أن يشارك بصيغة أو بأخرى في الحكم، صيغة حكومة مشتركة، ربما لم نتفاهم مع الاشتراكي وإلا كانت هذه الصيغة تسمح للاشتراكي ولحزب الإصلاح وللآخرين أن يُوجدوا فيها وهي جوهر ما في مبادرة الرئيس الأخيرة التي أعلنها في الثاني والعشرين من مايو الماضي، والتي كانت في الحقيقة تسمح بعودة الاشتراكي إلى الحكم.
المقارنة مع جنوب السودان غير منهجية
* هل تخشون من أن تصل الأوضاع في الجنوب إلى ما وصلت إليه الأوضاع في السودان من قضية تقرير المصير وربما الانفصال؟
- يجب ألا تحصل مقارنة بين جنوب السودان وجنوب اليمن؛ ففي جنوب السودان أعراق وأجناس بينها تاريخ طويل من العداء وهناك حتى أديان متعددة ومذاهب، وهناك تاريخ مختلف لجنوب السودان عن تاريخ جنوب اليمن؛ جنوب اليمن كان دائماً جنوب اليمن وجزءاً من اليمن، قد ينفصل، قد يتحد، لكنه دائماً جزء من اليمن، والمقارنة بين جنوب السودان وجنوب اليمن مقارنة غير تاريخية وغير منهجية وظالمة وطرحها بهذا الوضع يخفي حقائق التاريخ ولا يجوز لمثقف أن يقارن جنوب السودان بجنوب اليمن ويحلل ويخرج بنتيجة انه إذا انفصل جنوب السودان فسوف ينفصل جنوب اليمن، هذا لن يحصل. هناك مشكلات في المحافظات الجنوبية والشرقية من البلاد، وواجب الدولة أن تحلها، أما في جنوب السودان فهناك مشكلات مختلفة جداً، هناك أعراق قد لا تقبل الحكم مع العرب في الشمال وأديان قد لا تقبل الدولة الإسلامية في الشمال.
* إذا ما خُيِّر الجنوبيون بين البقاء في حظيرة دولة الوحدة أو الانفصال، برأيك ماذا سيختارون؟
- لن نصل إلى هذه المرحلة، وهي بعيدة جداً، إلا إذا كان هناك تدخل خارجي، والشعب اليمني شعب عنيد ولن يسمح بأي تدخل خارجي، حتى الجنوبيون فإنهم سوف يصطفون مع الوحدة بشكل قوي إذا ما ظهر أي شكل من أشكال التدخل الخارجي لفصل الجنوب عن الشمال.
مظاهر التدخل الخارجي في الجنوب
* ثمة مظاهر للتدخل الخارجي...؟
- ليست واضحة حتى الآن، لكنك تشعر بأن هناك شيئاً ما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية، فمن أين يتم تجميع ألفي شخص واستضافتهم يومين أو ثلاثة أيام؟ ألا يحتاج نقلهم والصرف عليهم وإعادتهم إلى مناطقهم إلى أموال؟ هذا أمر لا تستطيع شخصية اجتماعية أو حزب أن يفعلها؛ فالحزب الاشتراكي تبرأ منها، وكذلك حزب الإصلاح تبرأ منها؛ إذن، من وراء هذا الجهد؟ أحيانا تستخدم بعض القوى المتطرفة في الحراك أسلحة تهاجم بها بعض المواقع العسكرية والنفطية؛ فمن أين جاؤوا بالأسلحة ومداخيلهم محدودة؟ وهذه ليست مناطق إنتاج زراعي أو صناعي أو مناطق ذات ثروة؛ فمن أين يأتون بالأموال؟
نحن نشعر بأن هناك طرفاً ما يغذي هذه الحركة والمشكلات في المحافظات الجنوبية والشرقية. وعلى أي حال فإن هذه المساعدات ليست كبيرة حتى الآن بما يمكن أن تثير عند الدولة اليمنية الموحدة وعند الرئيس القلق الكبير لكنها موجودة.
أيضاً حركة المعارضة في الخارج حركة سلسة، فقادة معارضة الخارج يتنقلون من برلين إلى بيروت إلى واشنطن ونيويورك، فكأن هناك من هو راضٍ عن نشاط بعض رموز المعارضة في الخارج وتحديداً التي تدعو إلى الانفصال.