فتح مراقبون الباب لتساؤلات بشأن "تمدد" نفوذ الحوثيين من صعدة إلى الجوف شرق صنعاء وعن مدى تأثير ذلك على اتفاق الدوحة, وذلك على خلفية الصراع الدائر حاليا بين الحوثيين من ناحية ومجاميع قبلية والسلطات المحلية في محافظة الجوف من ناحية أخرى.
وقد شهدت مديرية خراب المراشي بمحافظة الجوف الأسبوع الماضي مواجهات مسلحة بين مجاميع من قبائل موالية للسلطة والحوثيين، سقط بها قتلى وجرحى من الطرفين.
وأرجعت مصادر قبلية نشوب القتال إلى رفض أتباع الحوثي إخلاء مقر المجمع الحكومي في مديرية المراشي بالجوف عقب سيطرتهم عليه قبل نحو أسبوعين، وكان قرار حكومي بتعيين مدير أمن جديد ينتمي لإحدى أبرز القبائل الموالية للسلطة قد أثار حفيظة الحوثيين وجعلهم يستولون على المجمع الحكومي.
ويرى مراقبون أن الحوثيين تمكنوا خلال الفترات الماضية من بسط نفوذهم على ست مديريات في محافظة الجوف هي الغيل ومصلوب والمطمة والزاهر وخبّ والشعف إلى جانب منطقة "خراب المراشي"، وإنهم بصدد بسط سيطرتهم الفعلية على مناطق أخرى.
لكن الناطق باسم مكتب الحوثي محمد عبد السلام قال في اتصال مع الجزيرة نت "إن الذي حدث في الجوف هو مواجهة عدوان، من استحداث مواقع عسكرية وقطع للطريق، ولذلك دافعنا عن أنفسنا" بحسب تعبيره.
وأضاف الناطق نافيا "لا يوجد أي سيطرة للحوثيين على أي مواقع حكومية في الجوف"، مشيرا في نفس الوقت إلى أن "السلطة في الجوف أصبحت بؤرة للفساد، ولا وجود حقيقيا للسلطة".
وعن حقيقة توسع الحوثيين وتمددهم إلى مناطق خارج صعدة، قال الناطق "لسنا بحاجة لمد نفوذنا، فأنصارنا بالجوف هم من أبناء الجوف، وهذا لا يعتبر تمددا، فالتمدد هو أن تفرض أفكارك وثقافتك على الآخرين بالقوة".
الخدمات الأساسية
بدوره أرجع المحلل السياسي محمد الغابري ما يجري في الجوف إلى مشكلة تتعلق بالسلطة ووجودها في المنطقة، موضحا أن السلطة المحلية بالجوف لم تستطع أن تكون أداة حقيقية للدولة، وأن تقدم خدمات للمواطنين حتى تقنعهم بأن "الدولة أفضل".
وقال للجزيرة نت إن "هناك إهمالا وانعداما للخدمات الأساسية من كهرباء وصحة وتعليم، وهذه كلها تكوّن بيئة ملائمة لأي جماعة تريد بسط سيطرتها وسلطتها على المنطقة، وأن تقدم نفسها بديلا عن الدولة".
كما أشار إلى أن رئيس حزب الحق المعارض حسن زيد كان قد تحدث عن أن الحوثيين يسيطرون حاليا على أربع محافظات كليا أو جزئيا، وهذه المحافظات هي صعدة والجوف وعمران وحجة.
واعتبر الغابري أن "السلطة بضعفها الحالي تمثل عنصر قوة مضافة للحوثيين، وبالتالي ليس غريبا أن يتمددوا ويتوسعوا"، لافتا إلى أن "اختراق الحوثيين للسلطة يساهم في ذلك، ويعطيهم عناصر قوة من حيث المعلومات الاستخبارية، كما أنهم يعملون على تضليل السلطة نفسها، من خلال إعطائها انطباعا بأنهم ضعفاء بمنقطة ما وهم في الواقع يتمتعون بالقوة ويواصلون التوسع".
كما رأى أن التمدد الحوثي إلى محافظات أخرى محاذية لصعدة يأتي ربما في سياق "مخطط"، ويرتكز على خلفية تاريخية، تتعلق بتطلع الحوثيين إلى إعادة الإمامة الزيدية على مستوى اليمن الشمالي سابقا.