arpo28

اليمن: الطائرات بدون طيار تقوض الثقة في الحكومة

يخرق الازيز المميز لطائرات بلا طيار الاجواء خلال جلسة لأفراد قبيلة في وادي عبيدة الصحراوي النائي باليمن. هرع الرجال المجتمعون في فناء منزل زعيم قبيلتهم للخارج للتطلع إلى السماء.

قال سالم حسن لرجل اخر في المجموعة بينما كان يغمض عينيه قليلا في مواجهة أشعة الشمس الحارقة "أتمنى لو كان عندي سلاح يبلغ تلك الطائرة."

تبحث الطائرة بلا طيار عن أفراد من القاعدة في اطار حملة شنتها الحكومة اليمنية بدعم من الولايات المتحدة وذلك بعد أن حاول تنظيم القاعدة بجزيرة العرب أن يفجر طائرة ركاب أمريكية كانت متجهة إلى الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الاول.

ويبدو من شبه المؤكد ان اليمن سيصبح أحدث نقطة تنطلق منها هجمات القاعدة في منطقة استراتيجية حيوية بالنسبة لشحن النفط والبضائع وخارجها.

لكن على الحكومة أن تبدي حرصا بالغا في وادي عبيدة بمحافظة مأرب بشرق البلاد والا فانها قد تثير حفيظة القبائل التي تحتاج للتقرب اليها اذا كان لها أن تهزم المتشددين الذين يختبئون ويتدربون في منطقتهم.

وقبل أشهر معدودة كان المناخ القاسي لوادي عبيدة والصعوبة البالغة المرتبطة بالوصول اليه تعني أن المتشددين يمكنهم أن يعملوا هناك بحرية نسبية. وكان دوما ولاء قبائل هذه المنطقة - المسلحة جيدا والتي تعاني الفقر - للحكومة واهيا على أحسن تقدير.

لكن التوترات بين الحكومة والقبائل تتزايد في وادي عبيدة الذي رغم أنه عبارة عن مساحات شاسعة من الرمال فانه يحتوي على بعض من أكبر احتياطات الطاقة في اليمن وهي الاحتياطات التي تحتاج اليها الحكومة بشدة لادارة واحدة من أفقر البلاد في العالم.

وفي وقت سابق من العام الجاري شهد الوادي الواقع على الطرف الجنوبي من صحراء الربع الخالي بعضا من أشد المعارك على الاطلاق بين القوات الحكومية والمتشددين ويقول سكان ان الطائرات بلا طيار ما زالت تحلق بالمنطقة طوال ساعات كل يوم.

وتستهدف هذه الهجمات التي تتم من حين لاخر المتشددين لكنها أيضا ضربت قرى في الوادي الذي يسكنه 40 ألف نسمة. وفي مايو ايار تسببت غارة جوية كانت تستهدف القاعدة وأخطأت هدفها في مقتل خمسة منهم جابر الشبواني نائب محافظ مأرب الذي كان يتوسط بين الحكومة والمتشددين.

وقال عمه صالح الشبواني لرويترز "الاطفال والنساء الان مروعون ولا يستطيعون النوم بعد ضربة جابر. الناس تتخوف. يتوقعون أنها تضرب الابرياء وليس المطلوبين."

وأغضب هذا الحادث أفراد قبيلة ال شبوان للغاية لدرجة أنهم في الاسابيع التالية حاربوا بشدة القوات الحكومية فهاجموا مرتين خط أنابيب رئيسيا للنفط في مأرب.

وقال ناجي الزايدي محافظ مأرب لرويترز ان هناك نحو عشرة متشددين فقط يختبئون في محافظته وهم مزيج من اليمنيين وجنسيات أخرى. وأصر الزايدي على أن الطائرات بلا طيار تجمع المعلومات فحسب ولا تشارك في أي هجمات.

ولا تمتلك حكومة الرئيس علي عبد الله صالح التي تحتاج بشدة إلى التمويل طائرات بلا طيار ولا يوجد أدنى شك لدى سكان وادي عبيدة وكذلك الكثير من اليمنيين في أماكن أخرى عن الطرف المسؤول عن مثل تلك العمليات.. انها واشنطن.

بل الاكثر من ذلك أنه في هذا الجزء المعزول من اليمن يعتقد كثيرون أن الهدف المطلق للولايات المتحدة هو احتلال بلادهم.

وقال مبخوت العرادة وهو زعيم قبلي "الناس يشعرون بالقلق ويشعرون كأنهم سيصبحون مستعمرين كالعراق وأفغانستان."

ولن تكون هذه هي المرة الاولى التي تلاحق فيها طائرات أمريكية بلا طيار هاربين فوق سماء مأرب. ففي عام 2002 أطلقت طائرة أمريكية بلا طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية صاروخا تسبب في مقتل أبو علي الحارثي زعيم القاعدة في المنطقة في ذلك الوقت مما أثار انتقادات دولية كبيرة.

ويحارب اليمن تنظيم القاعدة بشكل متقطع منذ ما قبل هجمات 11 سبتمبر أيلول وكثيرا ما كان ذلك بمساعدة واشنطن لكن القاعدة ما زالت تخطط لهجمات وتنفذها سواء في اليمن أو خارجه.

وفي يوليو تموز عام 2007 قتلت سيارة ملغومة سبعة أسبان كانوا يزورون مأرب.

وبعد أربعة أشهر من محاولة تفجير طائرة الركاب الأمريكية في ديسمبر أظهر تسجيل فيديو للقاعدة منفذ العملية الفاشلة النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب وهو في معسكر تدريبي في الصحراء وكان الاخرون يودعونه فيما يبدو توديع الشهداء.

ولم يعرف مكان تصوير هذا التسجيل لكنه كان دليلا اضافيا على أن مقاتلي القاعدة يعملون بحرية نسبية في اليمن.

وتعين على الحكومة اليمنية التي تواجه تحديات سياسية واقتصادية عديدة في أجزاء مختلفة من البلاد توخي الحذر في الاعلان عن حجم تعاونها مع القوات الأمريكية للحد من المعارضة الشعبية.

و إلى جانب محاربة مقاتلي القاعدة يسعى اليمن أيضا جاهدا للحد من النزعة الانفصالية في الجنوب. كما أن صراعا مستمرا منذ ست سنوات مع المتمردين الحوثيين من الشيعة في الشمال لم ينته الا في وقت سابق من العام الجاري وتسبب في نزوح أكثر من 350 ألفا من ديارهم.

وتشعر الحكومة بالعجز في مواجهة الفقر والبطالة المستشرية حيث يقل دخل أكثر من 40 في المئة من اليمنيين عن دولارين في اليوم. ويرى محللون أن الاقتصاد المتداعي يمثل خطرا على استقرار اليمن أكثر من المخاوف الامنية.

وقالت نيكول شتراكه من مركز الخليج للابحاث "سياسة الولايات المتحدة في اليمن لا تحظى بالشعبية في اليمن واليمنيون مسيسون بصورة كبيرة لذلك هذا أمر على الحكومة أن تضعه في اعتبارها."

وأضافت "في الوقت الراهن تتعرض الحكومة لضغط كبير للغاية لدرجة أنها لا تريد مصدرا اخر للمشكلات."

وتنفي صنعاء الان وجود مشاركة أمريكية مباشرة في الضربات الجوية التي تستهدف المتشددين رغم أن واشنطن أصبحت صريحة بشكل متزايد.

وفي أغسطس اب قال مسؤولو أمن أمريكيون ان واشنطن تبحث زيادة الضربات الجوية التي تستهدف تنظيم القاعدة بجزيرة العرب في محاولة لمحاكاة ما اعتبرته برنامجا ناجحا أشرفت عليه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لاستخدام الطائرات بلا طيار في باكستان.

وسارعت الحكومة اليمنية إلى تفنيد تلك التصريحات وأصرت على أن اليمن لا يحتاج لاطراف "أجنبية" لقيادة معركته ضد القاعدة وهي تأكيدات تناقضت مع مطالب سابقة للمساعدة من الخارج.

وعندما أعطت ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكالة المخابرات المركزية الضوء الاخضر لقتل أو اعتقال أنور العولقي وهو رجل دين أمريكي المولد مرتبط بالقاعدة رد رئيس الوزراء اليمني على محمد مجور بقوله ان أي مساعدة أمريكية على الارض اليمنية لن تكون مقبولة.

وقالت شتراكه "التعاون المعلن سيكون في مصحلة المتشددين الذين يقولون ان الحكومة اليمنية مجرد دمية في يد الولايات المتحدة."

ودفعت الحملة اليمنية ضد القاعدة المدعومة من الولايات المتحدة التنظيم إلى مهاجمة أهداف حكومية وأجنبية على حد سواء وانتقدت رسائل نشرها التنظيم مؤخرا على مواقع اسلامية على الانترنت علاقة صالح بواشنطن.

وعودة إلى وادي عبيدة.. يقول سكان انه في حين أنهم لا يؤيدون القاعدة فانهم لا يقبلون التدخل الأمريكي في أراضيهم.

وقال الزعيم القبلي العرادة "اذا كانت أمريكا في السماء فالله سبحانه فوقها. واذا نزلت في الارض فنحن بعد الله موجودون ولا يمكن أن ينتج لها الا الحرب والدمار

زر الذهاب إلى الأعلى