لم يكن "ماجد الجابري" (30 عاما) يتوقع أن يتعرّض للسرقة وبتلك السهولة، يقول الجابري: "قبيل عيد الفطر الماضي بثلاثة أيام تقريبا ذهبت بعد وجبة الفطور لاستلام راتبي من أحد الصرافات الآلية في شارع الزبيري بأمانة العاصمة، وبالفعل سحبت نقودي،
ولكن يبدو أن هناك من كان يراقبني بعدها أوقفت باصا للعودة إلى شارع هائل، وتم ذلك. وما أن نزلت من الباص الذي لم يكمل مشواره أساسا إلى وجهتي حينها وجدت نفسي فاقدا 35 ألف ريال من نقودي، برغم أنها كانت بحوزتي، وأنا في الباص، وتأكدت أن المجموعة الذين كانوا بالباص هم عصابة لصوص، وسرقوني نقودي. ولذلك قضيت إجازة العيد مع أفراد أسرتي في محافظة تعز مصدوما بالموقف وبدون مال".
قصص كثيرة سمعنا وقرأنا عنها تفيد بتعرض هذا وذاك لعمليات سرقة سواء من قبل شخص أو جماعات، فضلا عن أن البعض نُهبت من منازلهم وما فيها من ممتلكات تقدّر بمئات الآلاف من الريالات لمجرد أنهم كانوا خارج منازلهم جميعها تُلخص مُعاناتهم وتخفي كثيرا من المُعاناة والألم الذي يعيشه المواطن اليمني جراء الحياة المعيشية الصعبة، إضافة إلى شعور الآخرين ممن يتعرّضون للسرقة بعدم الأمن والأمان وغياب شبه واضح -كما يرى البعض- لدور الجهات المختصة وذات العلاقة التي لا تحرّك ساكنا لحماية حقوق المواطنين ولا محاسبة القائمين.
قراصنة الليل
خطيب مسجد الحسين بن علي في منطقة الصافية بأمانة العاصمة، محمد دلها، وصف ذلك ب"القرصنة". وقال: "طالما سمعنا كلمة قراصنة البحار والسفن، ولكن هناك قراصنة آخرين لا يتحدّث عنهم، ولا يذكرهم الناس مع أنهم لا يقلون خُطورة عن قراصنة البحار؛ كونهم يؤدون نفس العمل والسلوك بفارق المكان. فقراصنة الليل ينحصر عملهم وشرّهم في الأزقة والشوارع الضيّقة والمظلمة داخل الحارات والمُدن، وخاصة في الفترة المتأخرة من الليل، ومثل هذه الجماعات أصبحت تشكّل قلقا ورعبا وخوفا في معظم الحارات والشوارع من خلال سطوهم على الناس، وبالذات كبار السن والنساء والأطفال الصغار، وكذا اللاجئين الصومال. فعندما يتّضح لهم أن أحدا من هؤلاء يحوز المال أو الأشياء الثمينة يراقبونه وعندما تحين الفرصة ينقضون عليه لينهبوا كُلما معه دون خوف".
وأشار دلها إلى أنه تلقى عدّة شكاوى في منطقته بتعرّض أشخاص للسرقة من قبل هؤلاء القراصنة والذين ينفذون عملياتهم وهم ملثمون سواء ممن يأتون لزيارة أقاربهم في الحارة أو ممن يبحثون عن منازل للإيجار وأحيانا من أبناء الحارة منهم سرق ماله أو جواله أو سلاحه (الجنبية) و..".
باب اليمن!
فرزة باصات باب اليمن في أمانة العاصمة تشهد عدّة عمليات من هذا القبيل فهناك -وبحسب عدد من سائقي الباصات- عصابة منظّمة يعرفها الجميع، تنفّذ عملياتها داخل الباصات باستمرار، وتشكل قلقا ورعبا لغالبية السائقين، والذين يطالبون بمعاقبتها.
وبرغم أن كثيرا من الضحايا لا تُبلغ الجهات الأمنية عمّا تعرّضوا له، هروبا من إتاوات بعض أقسام الشرطة وعدم وثوقهم بقدرتها على محاسبة الجُناة وهو ما يعني غياب ثقة المواطن بأقسام الشرطة إلا أن البعض له وجهة نظر أخرى، فحول دور الجهات المختصة (الأمن، القضاء) في التعامل مع هذه الظاهرة أوضح "دلها" أن غالبية من يبلغون أقسام الشرطة بتعرّضهم للسرقة تُقيّد ضد مجهول. مستطردا: "وبرغم ذلك بإمكان الجهات الأمنية أن تقوم بدور إيجابي في كشف وضبط مثل هؤلاء الأفراد من خلال تفعيل دور حُراس الليل في الشوارع والحارات المختلفة المغيّب حاليا، وخاصة في الحارات المظلمة والبعيدة عن الشوارع الرئيسية".
لا تنصفك
من جانبه، يقول المواطن عبد الله قائد: "قبل حوالي عامين واجهت واتهمت بعض أفراد إحدى العصابات بالسرقة بعد أن تأكدت من مصادر عدّة ولم يتفاعل معي أحد من المواطنين، وتلقيت نتيجة لذلك تهديدات من أفراد العصابة تستهدفني وأسرتي في حال كررت الأمر، وهي نتيجة طبيعية باعتبار أن قسم الشرطة لم يردع هؤلاء النّفر".
وأكد صحة ذلك أحد أصحاب البوفيات (كفتيريا) بأمانة العاصمة -فضّل عدم ذكر اسمه- حيث يقول: "قبل عدّة أشهر سُرق من مخزني 20 دبة غاز، وأبلغت قسم الشرطة، وبرغم أن القسم أعاد الرّبع فقط من إجمالي الكمية المسروقة إلا أنني دفعت ما يقارب 60 ألف ريال مقابل تكاليف وأُجرة الشرطة".
وقتها كان أحد أفراد أقسام الشرطة بالأمانة متواجدا في الكافتيريا علّق على ذلك قائلا بعد ابتسامة خفيفة: "غالبا لا نحمّل الضحايا أية مبالغ لكنّي لا أستطيع القول إن هذا لا يحدث. وفي الحقيقة رواتبنا متدنية جدا، ولا تكفي لأبسط متطلّبات الحياة".
ولتتضح الصورة بشكل أكبر، همس في أذني أحد عُقال الحارات بأمانة العاصمة قائلا: "في مرات عديدة تم إلقاء القبض على بعض المتهمين في مثل هذه القضايا بعد تواصلنا مع قسم الشرطة واعترفوا أكثر من مرّة بجرائمهم ويتم حجزهم فترة وجيزة ويُطلق سراحهم بمجرد أن يدفعوا (حق ابن هادي)". ويحذّرني: "يا ويلك لو ذكرت اسمي".
أسباب نفسية
إلى ذلك، أرجع أستاذ علم النفس بجامعة عمران استشاري ومُعالج نفسي وتربوي بمركز الإرشاد جامعة صنعاء، الدكتور صلاح الجماعي، أسباب ودوافع تشكّل هذه العصابات الحديثة في المجتمع اليمني -حد تعبيره- وجرائم ارتكاب السرقة إلى مشكلة الفقر وضعف المتابعة الأمنية وضعف الوازع الدِّيني والانحراف وغياب دور الأسر في التنشئة، السليمة فضلا عن مُعاناة غالبية هؤلاء الأفراد من كافة أنواع البطالة محملا الجهات المعنية بإنارة شوارع وحارات وأزقة العاصمة وغيرها من المُدن جزءا من المسؤولية لتقصيرها في هذا الجانب.
ووصف الجماعي هؤلاء الأفراد بالجُبناء ويخافون من المواجهة؛ كونهم يعتدون على كبار السن والأطفال والنساء، وهي الشريحة الأضعف في أي مجتمع.
وفيما يتعلق بالآثار النفسية التي تلحق بالضحايا، قال الجماعي: "تتكون لديهم نظرة تشاؤمية بفقدان الأمن وتسبب لهم شرخا نفسيا، وتنعدم الأخلاقيات بين أبناء المجتمع، وكذا الروابط الاجتماعية أو السلم الاجتماعي، والذي لن يكون كما ينبغي، ناهيك عن أنها قد تدفع بضعاف النفوس إلى ممارستها، وبالتالي تنتشر معها دائرة العصابات وتنتظم وتشكل ظاهرة اجتماعية سيِّئة في المجتمع اليمني المحافظ والمتدين"، لافتا إلى أنه لا يمكن أن يُطلق على هذا الموضوع بأنه ظاهرة اجتماعية في المجتمع اليمني، محذرا في ذات الوقت من انتشارها وتحوّلها إلى ظاهرة من الصعب بمكان حلّها بسهولة إذا ما تم السكوت عنها حاليا.
واستدل على ذلك بانتشارها والأسوأ منها في بعض الدِّول العربية، والتي يعد أفرادها عاطلين عن العمل ويتعاطون المسكرات والمخدرات والمنشطات وغيرها ويحتاجون المال، وهو ما يتم توفيره عبر هذه السلوكيات.
وأضاف الجماعي: "الأخطر هي الآثار التي تلحق بالضحايا من الأطفال، فقد يصابون بمرض الفزع أو (الفوبيا) أو العُزلة الاجتماعية وعدم الرغبة في الخروج إلى الشارع وعدم الشعور بالأمان من قبل الآخرين، وهو ما ينعكس سلبا عليهم ويصبحون في المستقبل أشخاصا عدوانيين متمردين كنوع من الانتقام".
المسؤولية جماعية
وفيما يتعلق بالحلول المناسبة، أكد "دلها" ضرورة تفعيل دور حراس الليل، وأن المسؤولية تقع على الجميع في محاربة أي فاسد أو منحرف وتطبيق شرع الله في هذه الجرائم، وأن يؤدي المجتمع دوره من خلال تلبيته لاستغاثة أي شخص يسمع صراخه وإنقاذه أو إبلاغ الجهات الأمنية إذا عرف الجُناة".
ويتّفق معه الدكتور الجماعي داعيا رؤساء وأعضاء المجالس المحلية ومدراء أقسام الشرطة للقيام بدورهم والانتشار ولو بملابس غير رسمية في المناطق التي تنتشر فيها هذه السلوكيات، وأن يضعوا كمائن للإيقاع بهذه الشبكات التي تُقلق المجتمع ومُعاقبة أفرادها والتشهير بهم بحيث يرتدع كل من تسوّل له نفسه القيام بذلك مستقبلا، دعيا المتخصصين وعلماء النفس وخطباء المساجد والجامعات والمدارس إلى مكافحة ذلك، كلا من جانبه وبمقدوره.
مساعد مدير عام أمن العاصمة لشؤون الأحياء:
العصابات في الأمانة تشكل ظاهرة سيئة وإيجاد شرطة مجتمعية ضرورة ملحّة
حملنا كل ما سبق، واتجهنا إلى عدد من أقسام الشرطة بأمانة العاصمة للرّد والتوضيح، إلا أننا قوبلنا برفض واعتذار عدد من المعنيين عن الحديث بحجة أن تعليمات وزارة الداخلية وأمن العاصمة لا تخوّلهم بالإدلاء بمعلومات لوسائل الإعلام!
في المقابل، أكد مساعد مدير عام أمن العاصمة لشؤون الأحياء مقدّم دكتور أمين خيران أهمية الأمن، والذي تصبح الحياة بدونه جحيماً والحديث عن التنمية مجرد لغو، وأنهم يخططون ويطمحون بأن يكون اليمن من أكثر دول العالم أمناً، وكذلك العاصمة صنعاء والتي ترمي خطتهم الإستراتيجية فيها إلى ضمان مواكبة قطاع الأمن والعدالة والسلامة لمسارات النمو الاقتصادي والاجتماعي بحيث تتوافر متطلبات استتاب الأمن وتحقيق العدالة والسلامة للمجتمع والأفراد، على حدٍ سواء.
وأوضح خيران أن مهام رجال الأمن ومراكز الشرطة تتمثّل في ثلاثة أبعاد: الوقائي، والضبطي، والعلاجي.
مضيفا: "تتمثل أهداف وزارة الداخلية في المُحافظة على النظام والأمن العام والآداب العامة وحماية الأرواح والأعراض والأموال والحُريات وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها ومكافحة الجريمة المنظّمة وغير المنظّمة وتكفل الطمأنينة والأمن للمواطنين والمقيمين والزوّار وبالتعاون والتنسيق مع هيئات وأجهزة الدولة بالاستناد على الدستور والقانون، وهو ما يتم على أرض الواقع".
وأشار إلى أن محاولة رجل الأمن في توطيد واستتاب الأمن والسكينة العامة لا حدود لها، وأنه يضحِّي بنفسه غالبا من أجل إلقاء القبض على الجاني أو الجناة في أي جريمة، وإذا وجدت بعض الأخطاء من البعض فمن غير المُنصف أن نروّج لها وننسى الإيجابيات مطالبا كافة المواطنين بأن يتفهّموا ويحترموا جهود رجل الأمن ويتعاونوا معه كون الشرطة في خدمة الشعب. مؤكدا أنه "إذا استطعنا إيجاد شرطة مجتمعية وهذا ما نحاول القيام به بهدف أن نجعل المواطن مرشدا ومتعاونا مع رجال الأمن في الوقاية من الجريمة أو ضبطها فبالتأكيد سينعكس ذلك إيجابا وسيحقق السكينة العامة".
وأكد خيران أن إجمالي الجرائم المرتكبة والمسجّلة في أمن العاصمة للعام 2010 بلغت 13 ألفا و831 جريمة، ضُبط منها 13 ألفا و145 جريمة، وبلغ عدد الجناة المضبوطين 16 ألفا و470 شخصا، لافتا إلى أن أي عاصمة في العالم لا تخلو من وجود الخارجين عن القانون، معترفا بأن العصابات في أمانة العاصمة تشكّل ظاهرة سِّيئة، وأنهم في إدارة الأمن وفروع الأجهزة الأمنية الأخرى يقومون بعدّة إجراءات، وفرق عمل موحّدة؛ لمكافحتها واستئصالها كغيرها من الجرائم. منوها بأنهم يعيدون أي مسروقات ارتكبتها هذه العصابات أو غيرها لأصحابها المجني عليهم، وأن التسليم يتم بواسطة النيابة والمحاكم المختصة، وأنه سيتواجد قريبا وكيل النيابة في مقر أمن المنطقة الغربية، والذي يأتي ضمن برنامج تطوير القضاء والشرطة في اليمن المتضمّن عدّة محاور من شأنها تطوير النظام الأمني، وخاصة أداء مراكز وأقسام الشرطة التي تمثل واجهة وزارة الداخلية بما من شأنه تحسين صورة رجل الشرطة في نظر المواطن وتعزيز الشراكة الإيجابية بين الشرطة والمجتمع.
وتعهد بالرّد على كافة المكالمات الطارئة إلى رقم 199، ووصول الدوريات الأمنية إلى 90 % من الحوادث الطارئة خلال 15 دقيقة، وغير الطارئة خلال 30 دقيقة وغيرها من التعهّدات.
وبيّن خيران أن حُراس الليل في الأمانة يقومون بدورهم على أكمل وجه، ولم يخفِ بعض القصور القائم، مسترسلا: "في الدّول المتقدّمة توجد شرطة مجتمعية تتشكّل من مجتمع الحي والمجلس المحلي والمتعاونين من المجتمع مع مراكز الشرطة (أصدقاء الشرطة) وهؤلاء هم أفراد الشرطة المجتمعية لهم نقطة (كشك) تسمى نقطة شرطة الأحياء وهو ما ينبغي أن يتم في اليمن كما يجب أن يُساهم التخطيط الحضري للأحياء السكنية في إيجاد حلول لمداخل ومخارج الحارات بحيث يتمكّن السكان من مراقبة دخول الغُرباء إلى حاراتهم".
ونفى خيران صحة ما يقال إن هناك غياب ثقة بين رجل الأمن والمواطن، باعتبار أن أفراد الشرطة هم في خدمة الشعب، ومواطنون أولا وأخيرا. مطالبا بتفعيل دور الإعلام بهدف تحسين وإيجاد علاقة ممتازة وفعّالة بين هذه الأطراف.
وفي رده عن التّهم الموجّهة لأجهزة الأمن ومراكز الشرطة بالتواطؤ مع الجُناة وغيرها، قال: "توجد قيادة حكيمة في وزارة الداخلية تتلقى وتستقبل جميع الشكاوى والتظلّمات من المواطنين، فإذا تعرض أي مواطن لتعسّف أو ظلم من أي مركز شرطة أو ضباطها أو أفرادها ما عليه إلا التوجّه إلى قيادات الشرطة أو مدير الرقابة والتفتيش بإدارات الأمن في المحافظات وأمانة العاصمة أو إلى الإدارة العامة للرقابة والتفتيش بديوان عام وزارة الداخلية أو إلى قيادة الوزارة، والذين جميعهم لن يتباطأوا في إجراء التحقيق القانوني لمعرفة الشكوى وإصدار العقوبة على من ثبتت عليه المخالفة، فصدورنا مفتوحة لجميع أبناء الوطن؛ كوننا وُجدنا في هذه الأماكن لخدمة المواطن والوطن".
في المقابل، بيّن التقرير السنوي لوزارة الداخلية المقدم للمؤتمر العشرين لقادة وزارة الداخلية أن إجمالي الشكاوى والتظلّمات عن مخالفات وتجاوزات منتسبي الوزارة التي وصلت إلى قيادات الشرطة عن طريق الرسائل والهاتف والفاكس والصّحف وصناديق الرأي العام خلال العام الماضي بلغت 17 ألفا و851 شكوى مقابل 6 آلاف و40 شكوى عام 2009، وأنه اُتخذت الإجراءات القانونية إزاء الشكاوى الصحيحة، وأحيلت ما هو خارج صلاحيات المجالس التأديبية والقادة إلى النيابات والمحاكم لتطبيق القانون بحق المتهمين.
الجرائم بالأرقام
بحسب إحصائية صادرة عن إدارة الإحصاء والتخطيط بالإدارة العامة للبحث الجنائي، بلغت إجمالي جرائم السرقة خلال العام 2010 في عموم محافظات الجمهورية ما يفوق 6 آلاف و517 جريمة مختلفة. احتلت أمانة العاصمة المرتبة الأولى بواقع 3 آلاف و149 جريمة سرقة مختلفة، مشيرة إلى أن الكسب المادي غير المشروع احتل المرتبة الأولى بين أسباب ارتكاب هذه الجرائم ثم أسباب أخرى منها الفقر وغلاء المعيشة وغيرها. ونوّه مصدر مطلع في إدارة الإحصاء أنه لا ينبغي الاعتماد على هذا الرقم كون الرقم الحقيقي متوفِّرا لدى وزارة الداخلية.
حاولنا التأكّد من الوزارة، فأوضحوا مصداقية المصدر السابق. في المقابل أوضح التقرير السنوي لوزارة الداخلية إن إجمالي الجرائم المبلّغ بها خلال العام الماضي بلغ 44 ألفا و746 جريمة نسبة ضبطها 94.36 %، موضحا إلى ارتفاع بعض الجرائم النوعية كالحرابة مقارنة مع العام المنصرم وأنه تم ضبط 62 ألفا و133 متهما بارتكاب جرائم، بالإضافة إلى 8 آلاف و713 متهما من الفارين من وجه العدالة والمطلوبين أمنيا على ذمة جرائم اختطاف وحرابة في أعوام سابقة، وكذا كشف 5 آلاف و921 جريمة مدوّرة من العام 200، والأعوام التي سبقت.
إلى ذلك، كشفت إحصائية أمنية أن الكسب المادي أحتل المرتبة الثانية بين أسباب ارتكاب الجرائم خلال النصف الأول من العام 2010، وكانت دافعا لارتكاب 6 آلاف و132 جريمة مختلفة، منها: ألف و34 جريمة واقعة على الأموال و757 جريمة سرقة منازل و761 جريمة سرقة مختلفة و439 جريمة سرقة محلات تجارية و412 جريمة سرقة سيارات وغيرها. فيما بلغت جرائم السرقة الناتجة عن النزاعات الشخصية 25 جريمة.
النيابة العامة وجهاز الإحصاء
وفي الوقت الذي لا تتوفّر فيه إحصائيات حول هذا الجانب للعام 2010 لدى النيابة العامة حتى اللحظة إلا أن المعنيين هناك وافونا ب"التقرير الإحصائي السنوي للنيابة العامة بالقضايا والجرائم الجنائية لعام 2009"، والذي أشار إلى أن إجمالي عدد القضايا بأنواعها لعام 2009 على مستوى الجمهورية بلغت 63 ألفا وقضية واحدة سجلت الجرائم الجسيمة منها 11 ألفا و881 جريمة وغير الجسيمة 41 ألفا و885 جريمة، وأن إجمالي القضايا المتصرّف فيها 56 ألفا و449 قضية والمرحّلة لعام 2010 لدى النيابة 6 آلاف و552 قضية.
وبيّن التقرير -حصلت "السياسية" على نسخة منه- أن الجرائم الواقعة على الأشخاص والأسرة تصدّرت من حيث الكثافة على مستوى الجمهورية المرتبة الأولى بواقع 19 ألفا و434 جريمة، وفي المرتبة الثانية الجرائم الواقعة على المال بواقع 18 ألفا و930 جريمة، ومن حيث التصنيف الخاص تصدّرت جرائم السرقة المرتبة الثالثة وبلغت 7 آلاف و668 جريمة وجرائم الحرابة المرتبة 26 بواقع 69 جريمة، منوها بأنه من خلال مؤشرات الجرائم الجسيمة احتلت جرائم السرقة الحدّية المرتبة الرابعة بواقع 679 جريمة، وفي المرتبة السابعة السرقة بالإكراه 385 جريمة، وفي المرتبة 23 جرائم الحرابة 66 جريمة، لافتا فيما يتعلق بمؤشرات الجرائم غير الجسيمة إلى أن السرقة التعزيرية احتلت المرتبة الثالثة بواقع 5732 جريمة والشروع في السرقة المرتبة الـ11 بواقع 706 جرائم وغيرها.
في المقابل، بلغت إجمالي الجرائم المسجّلة لعام 2009 بحسب كتاب الإحصاء السنوي 2009 الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء التي تقع على المال 13 ألفا و29 جريمة في عموم المحافظات منها ألف و388 جريمة سرقة منازل و849 جريمة سرقة محلات و794 جريمة سرقة سيارات و648 جريمة سرقة من سيارات و218 جريمة سرقة دراجات وألف و788 جريمة سرقات أخرى، فيما بلغت جرائم السرقة بالإكراه 476 جريمة وجرائم الحرابة 86 جريمة وجرائم الحرابة إخافة السبيل وأخذ المال 90 جريمة وجرائم الحرابة، إخافة السبيل فقط 54 جريمة وجرائم الحرابة، وإخافة السبيل وأخذ المال وقتل الأشخاص 6 جرائم، الحرابة وإخافة السبيل والتسبب في قتل إنسان جريمتين، والشروع في الحرابة 18 جريمة وغيرها.
المثير للجدل أن أرقام الجرائم التي تعلنها وزارة الداخلية سواء كانت جرائم سرقة أو غيرها لا تُحال إلى النيابات إلا جزء منها فقط -بحسب أحد المعنيين في النيابة العامة- في حين يفترض أن تحال كافة تلك القضايا إلى النيابات للنّظر والبت فيها ويُعد هذا الخلل أحد أسباب تباين الأرقام بين المصدرين. وكالمثل أرقام الجهاز المركزي للإحصاء والذي يعتمد في بياناته على إحصاءات وزارة الداخلية وليس النيابة العامة -بحسب المصدر السابق- والذي يطالب بمعالجة هذه الإشكالية وتوحيد البيانات.
القانون
وبالنظر إلى قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 94 تُعد السرقة إحدى الجرائم السبع التي يجب فيها الحد شرعا، وتُعرف كإحدى الجرائم التي تقع على المال بأنها "أخذ مال منقول مملوك للغير خفية مما يصح تملكه، فإذا وقعت على نصاب من المال في غير شُبهة ومن حرز مثله بقصد تملكه دون رضاء صاحبه وكان المال المسروق تحت يد صحيحة وبلغ قيمته النصاب المحدد أوجبت الحد الشرعي للسرقة"، والنصاب من المال الموجب للحد بيّنها القانون في مادته رقم 295 "إذا توافرت الشروط الأخرى هو مثقال من الذّهب يساوي نصف جنيه ذهب أبو ولد، وتقدر قيمته بالريالات اليمنية"، وإن كانت مغالية أوجبت الحد الشرعي للحرابة، وإن كانت غير ذلك من الاختلاس أو النّهب أو السلب عزر الجاني عليها طبقا للقانون.
فيما الحرابة "من تعرّض للناس بالقوة أيا كانت في طريق عام أو غيرها فأخافهم وأرعبهم على نفس أو مال أو عرض واحدا أو جماعة أو لأي غرض غير مشروع قهرا أو مجاهرة اعتبر محاربا"، ويُعاقب المحارب كما ورد في قانون الجرائم والعقوبات: بالحبس مدّة لا تزيد عن خمس سنوات إذا اقتصر فعله على إخافة السبيل وبقطع يده اليمنى من الرسغ ورجله اليسرى من الكعب إذا أخذ مالا منقولا مملوكا لغيره، ويُعاقب شريكه الذي لم يأخذ مالا بالحبس مدّة لا تزيد عن عشر سنوات، وإذا أدى فعل أي من المحاربين إلى موت إنسان تكون عقوبته الإعدام حدا ويعاقب من لم يُسهم في القتل بالحبس مدّة لا تزيد عن خمسة عشرة عاما، وبالإعدام والصلب إذا أخذ مالا وقتل شخصا. ويُعاقب من لم يسهم في الأخذ أو القتل بالحبس مدّة لا تزيد عن خمسة عشرة عاما.
وبرغم أن عقوبة الجرائم التي يجب فيها الحد الشرعي (قطع اليد من الرسغ أو الرجل اليسرى من الكعب و...) إلا أن هذا -بحسب مصادر قضائية- لا يطبّق في الأحكام المتخذة في بلادنا ويسري مقابله الحبس والغرامات والتعزير و... نظرا للضغط الذي تُمارسه الدول الغربية وخاصة الأوربية والتي تعتبر أن مثل هذه العقوبات تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان!