arpo27

علي ناصر: أدعو الرئيس للخروج اليوم قبل الغد حتى لا يكون اليمن "ليبيا ثانية"

أكد الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد تأييده لثورة الشباب في جميع أنحاء اليمن، مطالباً إياهم بالصمود وبالمحافظة على تماسكهم لتنجح ثورتهم، وتمنى ألا يتحول اليمن إلى ليبيا ثانية، ودعا الرئيس علي عبدالله صالح إلى أن يستجيب لرغبة الشعب وأن يبادر اليوم قبل الغد إلى تأمين خروج البلاد من هذه الدوامة والانتقال السلمي للسلطة ليبدأ اليمن مرحلة جديدة من البناء والتنمية يسودها الأمن والاستقرار .

وأوضح ناصر في حديث مع “الخليج” أن التحاق المزيد من القادة العسكريين والمدنيين بالثورة وتقديم وزراء ومسؤولين ودبلوماسيين ونواب في البرلمان ومجلس الشورى ومحافظين ومجالس محلية وبعض مشايخ القبائل وآخرين استقالاتهم وإعلانهم الانضمام إلى ثورة الشباب، مؤشر إضافي على تزايد وعي الشعب بدوره الحقيقي وإدراكه لضرورة التفافه حول ثورة الشباب المطالب بالتغيير الحتمي للنظام . وأكد ناصر في حديثة ل “الخليج” أنه لن يتحقق حل الأزمة في البلاد من خلال التلويح أو التهديد بالحرب الأهلية،

معتبراً أنه في حال حدوثها، لا سمح الله، ستلتهم الأخضر واليابس، وقد عانى اليمن من هذه الحروب لأكثر من نصف قرن، وقال إنه قياساً بالتجربة الطويلة للرئيس صالح في الحكم يجدر به أن يعي معنى هذا الكلام الخطير الذي استفز مشاعر الجميع في الداخل والخارج وألا يختتم فترة حكمه بمثل هذه التهديدات، وتالياً نص الحوار:

هناك اعتصامات لأكثر من شهر ومطالبة بتغيير النظام، كيف تنظر إلى الوضع الآن في اليمن؟

لا شك أن اليمن يعيش أوضاعاً صعبة ومعقدة على المستويات كافة، سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وغيرها، ونحن في غنى عن سرد تفاصيل الأزمة السياسية القائمة والاحتقان الذي ولدته سياسات خاطئة تراكمت لعقود وبلغت ذروتها في العقد الأخير بعد حرب ،1994 ما أدخل اليمن في قائمة الدول العربية المرشحة للتغيير كضمانة لعدم انزلاقها في الهاوية، وتأمين مصالحها الحيوية الوطنية والإقليمية والدولية، الأمر الذي أدى إلى انفجار الثورة الشبابية الشعبية السلمية كنتاج طبيعي للظروف الكارثية التي يعيشها اليمن .

وكان قطار التغيير قد انطلق منذ أربع سنوات متمثلاً بالحراك السلمي الشعبي في المحافظات الجنوبية، وتوج اليوم بخروج آلاف الشباب إلى ساحات التغيير في صنعاء وعدن وحضرموت وشبوة وأبين ولحج والضالع والمهرة وتعز والحديدة ومأرب وصعدة والبيضاء وإب وذمار وسقطرى وسائر أرجاء اليمن يحملون شعار إسقاط النظام ورحيل الرئيس، ثورة سلمية أكدت رقيهم الحضاري، حيث تركوا سلاحهم وراءهم في بيوتهم وضحوا بأشياء كثيرة في سبيل هدف سام خرجوا لأجله، تلاحموا جميعاً، من أطياف الشعب كافة .انهم رجال ونساء وأطفال حطموا بشجاعة حاجز الخوف . وقد أثبتت ثورات التغيير في كل من مصر وتونس أن إرادة الشعوب وقواه الحية من شباب التغيير لا تقهر لأن إرادتهم من إرادة الله .

شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة عدة ثورات كان أبرزها في تونس ومصر، هل للثورة في اليمن علاقة بهذه الثورات؟

ما جرى ويجري اليوم في منطقتنا العربية يذكرنا بما حدث في منتصف القرن الماضي بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 في مصر والتي أمتد تأثيرها العظيم في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج . وبالقياس نستقرىء أنه يتعذر على أية قوة في العالم أن تقف في وجه إرادة الشعوب التي تجرد وهي عزلاء الأنظمة الاستبدادية من أسلحتها القمعية كافة فتعجز عن وقف مسيرة التغيير التي تعبر العديد من أقطار وطننا العربي، ولا ينفصل تغيير النظام في صنعاء عما تعيشه المنطقة بشكل عام من مخاض تغيير على أيدي ثورات الشباب والتفاف الشعوب العربية حولها .

وأود أن أؤكد هنا أن تقدم ثورة تونس ومصر عن نظيرتهما في اليمن لا يعني بحال من الأحوال أن تونس أو مصر تعيشان حالة أسوأ من حالة بلدنا، أو أن أولوية التغيير فيهما كانت ضرورة أكثر إلحاحاً منها في اليمن، بل أستطيع القول إن اليمن صاحب الأولوية الأبرز للتغيير وفقاً لحيثيات واقعية، وليس كما يدعي البعض من خيال المعارضين أو من صناع التقارير الإعلامية المحلية والخارجية .

المؤيدون للثورة

شهدنا سلسلة استقالات لعسكريين وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر وكذلك لدبلوماسيين وأعضاء في البرلمان والشورى وحزب المؤتمر الحزب الحاكم في اليمن، كيف تنظرون إلى ذلك؟

إن التحاق المزيد من القادة العسكريين والمدنيين بالثورة وتقديم وزراء ومسؤولين ودبلوماسيين ونواب في البرلمان ومجلس الشورى ومحافظين ومجالس محلية وآخرين استقالاتهم وإعلانهم وبعض مشايخ القبائل انضمامهم إلى ثورة الشباب، ما هو إلا مؤشر إضافي على تزايد وعي الشعب بدوره الحقيقي وإدراكه لضرورة التفافه حول ثورة الشباب المطالب بالتغيير الحتمي للنظام . وكم نحن فخورون بهؤلاء الشباب الذين سجلوا أروع الملاحم الحضارية في تاريخ شعبنا اليمني، مما يبشر بفجر جديد ونظام أفضل قائم على العدل والمساواة، يحقق الأمن والاستقرار والازدهار الذي يستحقه شعبنا بعد معاناة طويلة من الحروب والصراعات قبل الوحدة وبعدها وحتى اليوم .

نحيي انحياز العديد من قادة وأفراد القوات المسلحة اليمنية الباسلة وعلى رأسهم اللواء علي محسن الأحمر إلى صفوف الشباب، ونهيب هنا بأفراد القوات المسلحة والأمن كافة إلى مساندة الثورة وحماية المعتصمين في ساحات الحرية والتغيير وكل أنحاء البلاد، مما يعيد الاعتبار للدور الحقيقي الوطني والتاريخي للقوات المسلحة .

سمعنا عن مبادرات بين “يستقيل” و”يتنحى” الرئيس أو “لا يفعلها”، ما هو مستقبل النظام الحالي؟

لقد تابعنا كما تابع شعبنا والأشقاء والأصدقاء كافة المبادرات التي قدمت في الفترة الأخيرة لإخراج البلد من أزمته ومحنته الخطيرة وتجنيبه المزيد من الدماء والدمار، والتي عرقلتها مواقف بعض العناصر المتطرفة التي تدعي حرصها على مصلحة الوطن ووقوفها إلى جانب الرئيس بينما لا يهمها في الحقيقة إلا مصالحها الشخصية الضيقة . أتحدث عن قناعة من منطلق تجربتي الشخصية وكذلك تجارب غيري من الحكام الذين مروا بمثل هذه التجارب، وكلها أثبتت أن مثل هذه العناصر جاهزة دائماً لنقل بنادقها ومواقفها من حاكم إلى آخر، هؤلاء كما كان يردد فخامة القاضي عبدالرحمن الارياني، رحمه الله، هم مع ملك الذهب وملك المذهب”، وعلى حد تعبير الشيخ الكبير المناضل سنان أبو لحوم أمد الله في عمره أنهم “شريحة المنتفعين عباد الزلط (المال)” .

ننصح الرئيس ألا ينساق وراءهم فهم تجار حروب لا هم لهم إلا جمع المال والسلاح واستنزاف خزائن الدولة، والشعب لن ينقاد لدعواتهم، والرئيس يعرفهم كما نعرفهم نحن، فقد حمل بعضهم السلاح يوماً ضده وضد نظامه ثم عادوا ليقفوا في صفه . لهؤلاء نقول: كفوا عن المتاجرة بدماء الأبرياء من أجل كسب المال والسلاح والمناصب الزائلة، اتقوا الله في أنفسكم وفي مستقبل البلاد والعباد .

لن يتحقق الحل من خلال التلويح أو التهديد بالحرب الأهلية، ففي حال حدوثها لا سمح الله ستلتهم الأخضر واليابس، وقد عانينا من هذه الحروب لأكثر من نصف قرن، وقياساً بالتجربة الطويلة للرئيس صالح في الحكم (والتي دامت 33 عاماً، أي ما يعادل الفترة الزمنية التي حكم بها صنعاء خمسة حكام بين 1948-1978)، يجدر به أن يعي معنى هذا الكلام الخطير الذي استفز مشاعر الجميع في الداخل والخارج وأن لا يختتم فترة حكمه بمثل هذه التهديدات .

على الرئيس والنظام أن يضعا في الحسبان أن التاريخ يسجل هذه المرحلة الحرجة بثوانيها، وبالتالي يجب أن يقوم الكل بواجبهم الوطني المفترض، فمن المؤلم مثلاً المأساة التي حدثت في مصنع الذخيرة في الحصن بمحافظة أبين، والتي راح ضحيتها المئات من المواطنين الأبرياء، نتيجة تخلي قوات الأمن عن مسؤوليتها في حراسة المنشآت العامة، بل وتسليمها الأسلحة إلى البعض ندين بشدة ونطالب بمحاسبة من يتحملون وزر هذه الجريمة الفظيعة .

دعوة لتحكيم العقل

ماذا تقول للرئيس علي عبدالله صالح؟

نهاية السلطة ليست نهاية الحياة، ولقد جربت السلطة، وعندما خرجنا منها نحن وغيرنا انتهت سلطتنا ولم تنتهِ حياتنا وهذا ما أشرت إليه في رسالتي التي وجهتها إلى شباب الثورة المعتصمين في الساحات قبل أسبوعين .

أدعوه إلى أن يستجيب لرغبة الشعب اليمني، وأن يتمثل قول الله سبحانه وتع إلى “وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين”، أدعو لتحكيم العقل والحكمة اليمانية المعروفة فاليمن يتسع للجميع، مسؤولية الرئيس ومسؤوليتنا جميعاً أن نفعل كل ما بوسعنا لحقن دماء اليمنيين، ولا نريد لليمن أن يكون ليبيا أخرى .

نأمل أن يبادر الرئيس اليوم قبل الغد إلى تأمين خروج البلاد من هذه الدوامة والانتقال السلمي للسلطة لتبدأ اليمن مرحلة جديدة من البناء والتنمية يسودها الأمن والاستقرار .

بالعودة إلى كلمتكم التي وجهتموها إلى الشباب المعتصمين في ساحات التغيير قبل أسبوعين، اليوم ماذا تقولون لهم؟

أحييهم من قلبي، أحيي صمودهم الذي يترجم إرادة الحياة بحرية وكرامة، أشد على أياديهم واحداً واحداً وأكبر فيهم تضامنهم الرائع من المهرة إلى صعدة، ادعوهم إلى الصمود والحفاظ على سلمية ثورتهم، وقد انتهجوا ذلك منذ البداية حين واجهوا الرصاص بصدور عارية في ساحات التغيير في صنعاء وعدن وغيرها، ألا ينجروا إلى حيث يريد البعض جرهم أي الفوضى والصدام، لأنها ثورة تغيير لا انتقام، وأنا متأكد أن هذا الشباب الواعي الذي رفع رأس اليمن عالياً يمتلك المرونة والحصافة الكافية للارتقاء بالمصلحة العليا فوق كل المصالح .

أهيب بهم أن يحافظوا على لحمتهم، وإمساكهم بزمام المبادرة السياسية، وأن يتقدموا بعزيمة لا تلين، مصرين على انتقال سلمي للسلطة، حتى تحقق الثورة أهدافها، أقول لهم إنهم أمل الوطن، وأن المستقبل لهم، طالما هم يستمدون قوتهم من إيمانهم بالله وبقضيتهم وعدالتها .

زر الذهاب إلى الأعلى