كم هو صعب أن تحاول اختيار عنوان لحوار مع الدكتور ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني.. كل سطر فيه يصلح عنوانا بحد ذاته ومجمل القول إن الدكتور ياسين سعيد نعمان قال في حواره التاريخي والشيق مع قناة روسيا اليوم إن اليمن سيكون جميلاً وموحداً ومشرقاً بدون هذا النظام. وسيستطيع اليمن أن يعيد بناء شراكته مع الآخرين على قاعدة مختلفة سواء كان، أعني، الأشقاء في المحيط أو الدول العربية أو العالم. وإذا استعاد اليمن كرامته واستعاد قيمته الحقيقة في هذا الجزء من العالم أنا أعتقد أنه سيكون أكثر اشراقاً وازدهاراً وسيعوض كل سنوات الغبن التي عاشها خلال السنوات الماضية. نشوان نيوز يعيد نشر الحوار:
أود أن أسألكم عن أسباب هذه الأزمة الكبيرة التي حدثت في اليمن خلال الأشهر الأخيرة، هل هي امتداد لموجات الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر، أم أن لها أسبابا داخلية؟
الذي يحدث في اليمن اليوم هو أزمة وثورة في نفس الوقت، وهي ليست انعكاسا لما حدث في تونس وفي مصر وفي غيرها ولكن مقدمتها كانت مبكرة في اليمن، لأن النظام السياسي هناك فقد مقومات بقائه قبل فترة طويلة من الزمن، وأصبح غير قادر على الاستمرار. أصبح يدير البلد بالحروب، وبالتالي لم تبدأ هذه الثورة، أو المطالبة بتغيير النظام، كما يقول النظام اليوم بأنها انعكاس لما حدث في بلدان أخرى، بدأت في وقت مبكر لم تبدأ بعد ثورة تونس، أو القاهرة مصر أو غيرها، ولكنها بدأت عملياً منذ 2007 عندما بدأ الجنوب يتحرك باتجاه إيجاد حل عادل لقضية الجنوب، وبدأ الناس يتحركون في صورة موجات بشرية كبيرة ومنظمة تطالب بإيجاد الحل السياسي، وسقط الكثير من الشهداء يومذاك.
ثم تفاعلت أجزاء واسعة من اليمن بعد ذلك حتى شهدنا هذه الثورة اليوم في كل أنحاء اليمن تعم من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه. وكذلك من الخطأ أن نعتقد أنها مجرد انعكاس أو زوبعة مؤقتة، ولكنها تعكس الضرورة الموضوعية لإيجاد نظام سياسي قادر فعلاً على أن يحل مشاكل هذا البلد المتجزئ. من هنا نستطيع أن نقول أن ما يحدث في اليمن، هو يمني أصيل، له صلة بقضايا اليمن وله صلة بمشاكله، وله صلة بحاجة الشعب إلى التغيير الحقيقي الذي من شأنه أن يضع اليمن على طريق مختلفة، طريق النهوض والتطور إن شاء الله خلال المرحلة القادمة بعد إنهاء هذه الثورة.
النظام الحاكم قال بأنه عرض عليكم الكثير من المبادرات التي لاقت من ناحيتكم التعنت وعدم القبول، فما هو ردكم على هذا السؤال؟
النظام طوال كل السنوات الماضية لم يقدم أي مبادرة، ولم يقدم أي دعوة للحوار سوى المناورة. نحن الذين دعونا للحوار، وما شاهدته اليوم في هذه الجلسة الافتتاحية للجنة الحوار الوطني إلا جهد عملنا خلال كل السنوات الماضية، النظام وقف ضد الحوار الوطني خلال كل مراحله، وعندما وصلنا إلى نقطة حاسمة في الحوار الوطني يوم 30 أكتوبر، انقلب على الحوار الوطني. واتخذ قرارا بأنه أوقف الحوار وأنه سيذهب إلى الانتخابات بمفرده وأنه سيعدل الدستور بمفرده. للأسف نحن تحملنا مسؤولية بقاء العملية السياسية قائمة طوال الفترة الماضية خوفاً من الوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم، وكنا أيضاً متهمين من قبل الناس بأننا نصالح النظام ونتعايش معه، لماذا لأننا كنا ندرك أهمية العملية السياسية وأن الحوار الوطني هو الطريق الحقيقي للوصول إلى مخرج لهذا البلد. لكنه رفض الحوار الوطني، أصر على أن يواجه الناس في الجنوب وهم يطالبون بحل عادل لقضيتهم بالقمع والقتل طوال سنتين أو ثلاث سنوات. وأصر على أن يواجه مشاكل الشمال، في صعدة في أيضاً بالحروب للأسف والمناورة بالديموقراطية المشتركة التي استهلكها، ولم يكن أمام الناس بعد ذلك إلا أن يخرجوا للشارع، النظام بمناوراته ورفضه لنظام الديموقراطية هو الذي سلم مشكلة اليمن إلى الشارع، مثلما سلم مشكلة الجنوب، في يوم من الأيام لأبنائه، لأنه رفض أن يجد حلاً سياسياً لمشكلة الجنوب، جاءت بعد ذلك، وعندما رفض خيار الديموقراطية برفضه الحوار الوطني سلم قضية اليمن كلها إلى الشارع.
اليوم لا يتباكى على الديموقراطية ولا يتباكى على المناورات، ولا يتباكى على صناديق الاقتراع لأنه هو الذي استهلك صناديق الاقتراع، وصادر إرادة الشعب وأوصل الناس إلى ما وصلوا إليه. اليوم أستطيع أن أقول أن أي حديث أو حل لمشكلة اليمن يجب ألا تتم خارج إرادة الناس الذين قدموا التضحيات، وأن أي صفقة أو مساومة سياسية لن تعني سوى إغراق البلد في مزيد من المشكلات مع هذا النظام. الناس الذين يطالبون برحيل النظام وهذا المنحى الذي طرحه الناس هو دليل على وعيهم بأن هذا النظام فقد قدرته على الاستمرار وعليهم أن يصنعوا خيار المستقبل بأيديهم.
في ظل الانقسام الحالي في اليمن بين مؤيد للنظام ومعارض، ألا ترون أن ذلك قد يؤدي إلى تهديد وحدة أراضي اليمن بانفصال الجنوب مثلاً؟
اليمن لم تكن في يوم من الأيام مهددة بالانقسام والتفكك إلا في ظل هذا النظام، بل أن سياسته التي أدار بها هذا البلدن كانت تقوم على إنشاء مشكلة في كل منطقة من مناطق الجنوب بهدف حشر كل منطقة بمشكلة خاصة بها، حشر الجنوب في مشكلة الجنوب، وأراد أن يحشر صعدة في مشكلتها، وأراد أن يحشر المناطق الأخرى في قضية الإرهاب، أعني المناطق الصحراوية وسماها مناطق ملاذ الإرهاب، وأراد أن يحشر مناطق أخرى تحت دواع ودوافع مختلفة. صورة اليمن اليوم إذا أردت أن تعرفها فاذهب إلى ساحات التغيير وساحة الحرية ستجد اليمن كلها في تلك الساحات من كل أنحاء اليمن وبثقافة واحدة تقوم على قاعدة بناء دولة مدنية ديموقراطية لا مركزية، دولة المواطنة لكل أبناء اليمن.
هذا هو الوضع الجديد اليوم الذي ينشأ في اليمن، منطق النظام بأن هناك انقساما، لا يوجد أي انقسام، هناك مجموعة لازالت من النظام أنتج لها مصالح خلال الفترة الماضية وطبيعي أن تكون مع مصالحها، وليس مع النظام. هذه القاعدة موجودة في كل بلاد العالم، وفي كل الثورات، الأنظمة تنتج مصالح لفئات وقوى اجتماعية معينة تظل متمسكة بهذه المصالح، ولكن القاعدة العريضة من الناس، القاعدة العريضة من الشعب، هي اليوم التي تطالب بالتغيير لأنها خارج دائرة المصالح الضيقة التي تحكم بها النظام خلال الفترة الماضية.
أرجو منك أن توضح لنا موقفكم من المبادرة الخليجية، ظهرت أنباء بأنكم قد أعلنتم موافقتكم لوزراء مجلس دول التعاون على هذه المبادرة، ما هي حقيقة الموقف فيما يخص المبادرة؟
كل المبادرات التي نشأت خلال الفترة الماضية، سواء كانت داخلية، أو خارجية. القاسم المشترك الاعظم بينها، هو تنحي الرئيس وانتقال السلطة. وأول مبادرة قدمت بهذا الاتجاه هي المبادرة التي قدمها الرئيس بذاته، أو السلطة بذاتها يوم 24 مارس/ آذار بعد مجزرة الكرامة، جمعة الكرامة، قدم هذه المبادرة انتقال السلطة من الرئيس إلى النائب خلال فترة زمنية معينة، وفقاً للمادة 115 من الدستور أي الاستقالة أو التنحي. إذن، بعد ذلك كل المبادرات التي بنيت، بنيت على هذه القاعدة. نحن في اللقاء المشترك، ربما كانت مبادرتنا أوسع من حيث نظرتنا وانسجامنا مع ما يتعلق بمستقبل اليمن، تحدثنا عن انتقال سلمي، تحدثنا عن تنحي الرئيس، تحدثنا عن كل هذه القضايا.. مستندين على نفس المبادرة السابقة، ورغبة الناس التي عبروا عنها في الشارع. ولكننا تحدثنا عن ضرورة أن يشارك في هذه العملية السياسية كل أطياف العمل السياسي. وتحدثنا عن حوار وطني شامل يفضي إلى تشكيل حكومة وطنية من كل القوى السياسية بشكل عام، وسميناها. وتحدثنا عن أهم القضايا التي يفترض أن يفق أمامها هذا الحوار، بدءاً بالحل العادل لقضية الجنوب والحل العادل لحروب صعدة والمشاكل التي نشأت عن تلك الحروب الظالمة خلال السنوات الماضية، قضايا الإرهاب، قضايا الوضع الاقتصادي، البطالة الوضع المالي، كل هذه الأمور وضعناها على طاولة الحوار، وأيضاً الخيار الديموقراطي وبناء الدولة المدنية. هذه كلها طرحناحا في إطار أنها يمكن أن تكون من مهام المرحلة القادمة. ثم جاء بعد ذلك، عندما رفضها النظام، النظام اتجه للمبادرات الخارجية، هو الذي قال، أنا، يعني عندما بدأ الأصدقاء الأمريكان والاتحاد الأوروبي، وكنا نأمل أيضاً أن يكون أصدقاء آخرون مثل روسيا والصين، أن يكونوا حاضرين في هذه العملية السياسية ولكن للأسف روسيا يبدو أنها نأت بنفسها برغم أن لها مصالح كبيرة في هذه المنطقة، لكن هذا التراجع حقيقة من قبل روسيا في أن تختار بين النظام وبين الشعب عليها أن تراجع حساباتها في هذا الجانب. أقول جاءت بعد ذلك مبادرة الأشقاء من دول الخليج في صيغها المختلفة وكانت كلها تتحدث عن انتقال سلمي للسلطة وتنحي الرئيس، حتى جاءت المبادرة الأخيرة وأيضاً بنفس الصيغة نحن مصرون على بقاء العملية السياسية، وتحملنا في اللقاء المشترك مسؤولية استمرار العملية السياسية تجنباً لما يلوح به النظام من حروب أهلية وعنف. النظام كان يريد أن تصل العملية السياسية إلى طريق مسدود لكي يبدأ بممارسة خياره الآخر، خيار العنف، وإن كان قد مارسه في الميادين وقتل الكثير.. لكن خيار استخدام ما سماه بالحرب الأهلية. لذلك أنا أعتقد أن هذا الاتجاه الذي سرنا فيه نحن في أحزاب اللقاء المشترك، كان له إطار سياسي محدد، وهو أن هذه العملية السياسية بالنسبة لنا يجب أن تخدم أهداف ثورة الشعب والشباب، هل تستطيع بمسارها أن توصل إلى تحقيق هذا الهدف عبر الخيار السياسي بكل فأقل؟ هذا ما حاولنا أن نعمله، وسنتحمل مسؤوليته بإخلاص ومن أجل وطننا وفي نفس الوقت تفادياً لما يلوح به النظام من مجاهيل مختلفة.
المسار اليوم أنا أعتقد حتى الآن لازال يدور في هذا الإطار، إطار تحقيق رحيل النظام تغيير النظام، وبعد ذلك يتحاور الناس جميعاً حول مستقبل اليمن، كل القوى السياسية تتحاور حول مستقبل اليمن. أنا أعتقد نحن وافقنا على المبادرة انطلاقاً من هذه النقطة، هناك نقطة مهمة وردت في المبادرة تتحدث عن إزالة عناصر التوتر السياسي والأمني، نحن قلنا لهم ما المقصود من هذه الفقرة؟ إذا كان المقصود بها، أو أراد النظام أن يفسرها، بأن الاعتصامات والمظاهرات التي هي حق دستوري للناس، تشملها هذه الفقرة فنحن لن نكون مع هذه الاتفاقية، هذا حق دستوري لا أحد يستطيع أن يساوم فيه.. لكن كل الضمانات، والطمأنة التي جاءت من الأطراف التي صاغت المبادرة قالوا أن هذا حق دستوري لا يستطيع أحد أن يتجاوزه. وبعد ذلك هناك طبعاً بعض التفسيرات التي تطرحها الأطراف المختلفة، أما القضية الرئيسية بالنسبة لنا على الأقل كلقاء مشترك وشركائه هي أن هذه النقطة الرئيسة في هذا الموضوع هي ليست للمساومة إطلاقاً.
هل سيتمتع الحزب الحاكم، حزب المؤتمر، بإمكانية المشاركة في الحكومة الموسعة، وهل سيتمتع الرئيس علي عبد الله صالح بالحصانة ضد أية محاكمات أوملاحقات، هناك بعض النقاط التي كانت محل خلاف لم يتم توضيحها بعد فما هو رأيكم في هذا؟
قضايا كثيرة موجودة في الاتفاق يعني قضية الحكومة، قضية الضمانات إلخ.. نحن ما يهمنا في اللحظة الراهنة هو أنه لا سلطان على الثورة الشعبية للشباب، باختصار. المسار الذي تسير فيه الاتفاقية، أو مشروع الاتفاقية، هو يحقق هدفا أساسيا طالب به الناس، وهو تغيير النظام وتنحي الرئيس، وكلها منسجمة مع كل المبادرات التي قدمت منذ اليوم الأول كما قلنا منذ 24 / 3 هذا الوضع أنا في تقديري هو سينقل اليمن إلى حالة سياسية جديدة وحالة اجتماعية مختلفة عما هي عليه الوضع اليوم، وسيستطيع اليمنيون أن يصنعوا مستقبلهم بشكل أفضل بعيداً عن الضغوط التي يمارسها هذا النظام المستبد خلال الفترة الماضية. لذلك دعني أقول لك أن المهم في المعادلة هو كما يقول المثل اللبناني أكل العنب وليس قتل الناطور. إذن نحن منطلقون في هذه الحالة في إطار عملنا السياسي وبمسؤولية، أن نحقق الهدف العام الذي التقت حوله كافة الأطراف السياسية بما في ذلك الشباب. الشباب لهم رؤى ومطالبات مختلفة، هم الذين قدموا التضحيات، هم أنا في تقديري عيون المستقبل ولكن عندما يتحقق في تقديري الهدف الأساسي هذا يفتح آفاقا واسعة أمام الجميع لكي يصنعوا المستقبل وبالخيارات التي يتكلم عنها الجميع اليوم.
حدث هناك نوع من الانقسام في صفوف المعارضة، والذي لاحظناه عندما زرنا ميدان التغيير والذي تمثل في تبرؤ حركات الشباب أو ائتلاف الشباب من المفاوضات التي تجريها أحزاب المعارضة مع النظام الحاكم سواءً عبر المبادرة الخليجية أو بشكل مباشر. كيف تفسرون هذا الانشقاق وهل سيعمل بشكل إيجابي على تحريك التغييرات التي تطالبون بها، أم سيؤدي بشكل سلبي إلى فشل كل هذه المحاولات؟
أولاً - أنا لا أسميه انشقاقا، ولا يمكن أن يكون هناك انشقاق حول هدف رئيسي وهو الوصول إلى ما طالب به الشعب وهو تغيير النظام بصيغته القائمة الآن بما في ذلك تنحي الرئيس علي عبد الله صالح، هذا مطلب عام وفي تقديري.. كيف تصل إليه؟ طالما أن الناس قد تحدثوا عن ثورة سلمية وخيار سلمي فلا بد أن تسلك كل الوسائل السملية للوصول إليه. نحن نعرف حماس الشباب وخياراتهم وهم الذين يقدمون التضحيات. لكن نحن عندما نتصدى لعملية سياسية لا ندعي أننا نمثل كل الناس لا ندعي أننا نمثل الشباب، بل طالبنا منذ اليوم الأول أن يكون للشباب قيادة حتى نستطيع أن ننقل إليها العملية السياسية، ولذلك نحن حقيقة كلقاء مشترك مع شركائنا في الحياة السياسية وجدنا انفسنا في موقف صعب، حقيقي.
إما أن نتصدى للعملية بالصورة التي تخدم أهداف الثورة، أو نتخلى كما تخلى آخرون، أقول نتركها، دعها فإنها مأمورة. لمن؟ هذا الوضع غير طبيعي، غير طبيعي تماماً. لابد أن تبقى العملية السياسية قائمة لكن ما هي الرقابة على العملية السياسية هي أن تخدم هذا الهدف الذي نسعى إليه ويوم أن تتخلى عن هذا الهدف يحدث الانشقاق الذي تكلمت عنه. لكن الآن أنا أعتقد اللقاء المشترك طبعاً وشركائهم متمسكون بل بالعكس هذا خيارهم الطبيعي الذي يعملون من أجله بصورة سياسية.. طبعاً هناك حملات تضليل، حملات تضليل وسط الشباب وفي الشارع وفي كل مكان، إذا القوى السياسية وبالذات نحن في اللقاء المشترك وشركاؤنا إن استسلمنا لهذا التضليل فسنجد أنفسنا عاجزين عن أن نخطوا أي خطوة إلى الأمام في مسار هذا العمل الذي نعتقد ونؤكد أنه يخدم هذه الأهداف التي استشهد من أجلها الشباب، من يستطيع اليوم سيدي العزيز أن يتجرأ في العمل السياسي على وضع أي حل يتعارض مع ما استشهد من أجله هؤلاء الشباب سواءً كان في ساحة التغيير في صنعاء أو في تعز أو في عدن أو في الحديدة أو في البيضاء أو في حضرموت أو في صعدة، ومن يستطيع أن يتجرأ أيضاً أن يبحث عن حل عادل لقضية الجنوب بعيداً عن دماء الشهداء الذين سقطوا في مرحلة معينة من عام 2007. الحل العادل لقضية الجنوب، هذا يصبح عملا سياسيا عبثيا، ولا أعتقد أن اللقاء المشترك قادر على أن يمارس هذا العبث، هو يتحمل مسؤولية أعتقد بأمانة وإخلاص إذا لم يستطع بعد ذلك أن ينجز هذه المهمة، عليه أن يتنحى.
كيف تقيمون دور ومواقف القوى الكبرى والمنظمات الدولية في ازمتكم هذه هل هي ساندت النظام ام ساندت المعارضة أم كانت قد خلقت حالة من التوازن بين الجانبين؟
أنا حقيقة، القوى العظمى بعضها حاضر بفعالية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي، وبعضها غاب عن الساحة وأنا أشرت إلى روسيا، ولا أريد روسيا في هذه اللحظة الراهنة أن تأخذ موقفا بتاريخها الذي كان دائماً إلى جانب الشعب اليمني وثوراته، أن تأتي في هذه اللحظة الراهنة وتأخذ موقفاً متخاذلاً، أو على الأقل غير مفهوم. روسيا ربما بضغوط ما يحدث في المنطقة، لكن عليها أن تختار الطريق الذي من شأنه أن يخدم مصالح الشعب اليمني وتضحياته، كما كانت دائماً في تاريخها الطويل. النقطة الثانية نحن عندما تحدثنا مع، سواءً أشقائنا في الخليج، أو مع أصدقائنا الآخرين، قلنا لهم انسوا المعارضة وانسوا الحكومة، اختاروا ما اختاره الشعب اليمني، اختاروا الطريق الذي من شأنه أن ينقذ هذا الشعب من مآسيه، اختاروا الخيار الذي من شأنه أن يحقق لهذا البلد الخروج من هذا النفق ومن هذه الأزمة، وتحقيق ثورتهم، ولا تسألونا ولا تسألوا الحكومة اسألوا الناس الموجودين في الشارع. أنتم أيضاً، كقوى، لا شك أن لكم تحليلكم لما يدور وأنا أعتقد أنهم عندما انطلقوا من وضع المبادرات، كانوا قد وصلوا إلى قناعات من خلال هذه المبادرات أن هذا النظام لم يعد صالحا للبقاء ولذلك في كل المبادرات تحدثوا عن أهمية تغيير النظام، لكن، بعد ذلك برؤى وصياغات متباينة هنا وهناك، لكن النقطة الرئيسية التي اتفق عليها الجميع هي أن هذا النظام استنزف قدرته على الاستمرار والبقاء، وأن على الشعب اليمني أن يصنع خياره القادم بناءً على ما يحدث اليوم في طلائع الثورة. هذا الوضع أنا أعتقد هو الذي تحقق اليوم بناءً على هذه القاعدة ولذلك إذا سألنا مالذي أنجزته الثورة حتى اليوم ومالذي حققه دماء الشهداء والناس، أنا أستطيع أن أقول أن اقناع العالم بخيارهم بعد هذا الصمود بأن التغيير عملية قادمة وضرورية بل وملحة لا محالة.
ألم يكن من الأفضل تنظيم أو إجراء انتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية بدلاً من أن يبدو الامر وكأنه انقلاب على الشرعية وعلى الدستور الذي ينظم العملية السياسية في اليمن؟
أنا لا أدري من الذي انقلب على الشرعية، من الذي انقلب على الدستور، يا سيدي، الذي انقلب على الدستور هم الذين جمدوا الدستور سنوات طويلة يستخدمونه وقتما أرادوا، وبصورة انتقائية لو أننا طبقنا الدستور في حياتنا طوال كل هذه السنوات لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، مالذي يدفع الناس للخروج إلى الشارع ليقدموا التضحيات؟ أليس حالة اليأس التي أوصلها إليهم النظام من أنه لا توجد أية إمكانية للتغيير، في إطار هذه الآلية القائمة، النظام الذي يتمسك بالأسلحة وبالمال وبالإعلام وبالدولة وبالسلطة في كل جوانبها، كيف يستطيع أن يجري انتخابات تحقق إرادة الناخبين، وإرادة الشعب عليك أن تتخيل، ولذلك، أنا أقول أن هذه القضايا المستهلكة التي استهلكها النظام في الفترة الماضية هي التي دفعت الناس للخروج إلى الشارع لتقديم التضحيات من أجل غد افضل، إذاً هذا ليس كذلك هذا بالعكس أنا أعتقد أن الذي انقلب هو هؤلاء، هذا النظام انقلب على كل شيء وأن هؤلاء الذين خرجوا هم يستعيدون سلطتهم، السؤال. من هو مصدر السلطة في هذا البلد وفقاً للدستور؟ الشعب هو مصدر السلطة، وعندما يتواجد الشعب في الساحات بهذه القوة، هو يستعيد سلطته، وعليه أن يعيد صياغتها بالشكل الذي يحقق إرادته، هذا الوضع أنا أعتقد في مسار ما جرى في الفترة الماضية أنا أعتقد لا بد أن نتحدث عن أن التغير اليوم عملية شعبية، والذي دفع إليها، ليس في اليمن فقط ولكن في معظم أنحاء الوطن العربي اليوم، هو تمسك الانظمة بالسلطة، وتسخير الدساتير، والأجهزة، ومقدرات الشعوب ومقدرات البلدان، لاجل الاستمرار في الحكم إلى مالانهاية، بعيداً عن إرادات الشعوب.
تحدثتم عن أن الشعب هو مصدر السلطة، لكن هل لدى المعارضة إحصاء دقيق لحجم الفئة المعارضة للنظام الحاكم من الشعب اليمني والحجم الحقيقي للفئة المؤيدة للنظام الحاكم. يعني أعتقد أن الخيار الأمثل للإحصاء الدقيق لهذه الاعداد الغفيرة من الجانبين هي صناديق الاقتراع كما يقول النظام الحاكم..
صحيح.
فما هو رأيكم، ولماذا تصرون على منع الحوار؟
هذا السؤال تقليدي، يلجأ إليه الحكام للحديث بتضليل. أنا أتحدث اليوم عن ثورة موجودة في كل أنحاء اليمن، أنا من طالب في مرحلة معينة بصناديق اقتراع حرة وأقول لو كنا فعلاً استطعنا أن نصل إلى صناديق اقتراع حرة بعيداً عن تسلط هذه الأنظمة لما خرج الناس إلى الشارع ولما احتجنا لهذه الثورة، اليوم الحديث عن هذا الموضوع مالم يتأت من خلال فعلاً تغيير نظام ظل متمسكاً بالسلطة رغم إرادة الناس، يبقى في هذه الحال الحديث عن انتخابات ماذا تعني؟ أولاً لا بد من تصحيح المسار، تصحيح الأرضية، هذا الذي طالبنا به سلمياً من خلال الحوارات التي انقلب عليها النظام. أما الحديث اليوم عن هناك احصاء أو غيره، نريد من الحاكم أن لا يعمل لنا كل أسبوع فقط زينة، في سوق الجمعة في بيدر السبعين، أنا أريد اعتصامات بالمقابل له أيضاً موجودة، في كل الشوارع في كل مكان، وليس خياماً منتشرة بالغازات السامة، هؤلاء الذين يقدمون التضحيات وهم جائعون، وتحت الأمطار وتحت الشمس، هؤلاء هم الصناع الحقيقيون للغد. على الأنظمة أن تستجيب لهذه الحقيقة ولا يضللوا الناس بالحديث عن قلة، هذه الأغلبية الساحقة، لتخرج اليوم إلى الميدان من أجل التضحيات، هي التي ستصنع المستقبل في هذا البلد.
كيف ترون مستقبل اليمن في حال تغيير النظام..؟
جميل.
هل يمكنكم التصريح بوعد تجاه الشعب اليمني بأنه سيعيش في رخاء ورفاهية التي حرموا منها، في الفترة القادمة؟
أنا لا أتحدث عن رخاء، أتحدث عن أن كل ما أخذه الفساد من جسم هذا الشعب سيعود إليه. وبمواردنا سنعيش، وكنا نعيش كرماء، اليمنية اليوم لا تعرف كم الآن في مطارات العالم، وفي الصحاري المختلفة بسبب هذا النظام، نريد أن نعيد لليمن كرامته، ولن يعيدها إلا هؤلاء الموجودون في الثورة. لكن أقول لك أنا بصدق اليمن سيكون جميلاً وموحداً ومشرقاً بدون هذا النظام. هذا الذي أستطيع أن أقوله، اليمن سيستطيع أن يعيد بناء شراكته مع الآخرين على قاعدة مختلفة سواء كان، أعني، الأشقاء في المحيط أو الدول العربية أو العالم. وإذا استعاد اليمن كرامته واستعاد قيمته الحقيقة في هذا الجزء من العالم أنا أعتقد أنه سيكون أكثر اشراقاً وازدهاراً وسيعوض كل سنوات الغبن التي عاشها خلال السنوات الماضية.
كلمة أخيرة توجهونها شخصياً لعلي عبد الله صالح؟
انا أريد أن أقول ان المشكلة مع الرئيس علي عبد الله صالح ليست شخصية، بل بالعكس في سياق العلاقات الإنسانية والشخصية بين الناس يبدو ان اليمنيين قادرون على أن يصنعوا علاقات إنسانية رفيعة، لكن خيارات الشعوب يا أخي تقتحم العلاقات الإنسانية عندما تنهار حياتهم وتصل إلى حالة اليأس والبؤس الذي وصلنا إليه.
علي عبد الله صالح كرئيس حكم 33 سنة له مزاياه الكثيرة، له إيجابيات وله سلبيات، وهو يستشعر في تقديري كما كان يقول دائماً أنه سأم السلطة، لكن قلت له ذات يوم وأكررها مرة ثانية، لا تسمح لمن حواليك من اصحاب المصالح الضيقة أن يحولوك إلى عسكري أو شرطي لحماية مصالحهم، أنت رئيس وتستطيع أن تخرج وأنت رئيس يحترمك الجميع لكن كلما دعوك إلى الإيغال في القتل وسفك الدماء سيفرضون عليك خياراتهم وسيفرضون عليك أن تكون في المكان الخاطئ من التاريخ، أنت تختار أين تكون، وأنت قادر على أن تكون في المكان الصحيح من التاريخ الذي يليق بحياتك، أما المنتفعون وأصحاب المصالح والمداهنون فهم الذين يوصلون الرؤساء والقادة إلى هذه المآزق التاريخية التي يصلوا إليها ولا يقروا كثيراً بذلك.