arpo28

حدود التغيير في اليمن وعقدة الدولة بين المدنية والدينية

فجر رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني بموقفه الممانع من الدولة المدنية، جدلا واسعا في أوساط اليمنيين، وللتوقف عند حدود هذا الجدل استطلعت دويتشة فيله آراء عدد من الشخصيات اليمنية ذات المواقف والاتجاهات المختلفة

يما يبدو أنه رد غير مباشر على الدعوة التي أطلقها رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني، لممانعة قيام دولة مدنية ديمقراطية، أحيت اللجنة التنظيمية للثورة السلمية صلاة يوم الجمعة الماضية في أكثر من 17 محافظة يمنية تحت شعار "من أجل الدولة المدنية الديمقراطية" وخطب بالمصلين في ساحة الستين الغربي بالعاصمة اليمنية (صنعاء) المهندس عبد الله صعتر، أحد أبرز القيادات الدينية في حزب التجمع اليمني للإصلاح وهو نفس الحزب الذي ينتمي إليه الزندانين، مؤكدا استمرار نهج الشعب اليمني من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تقبل أن يعيش في ظلها كل اليمنيين مهما كانت ثقافاتهم وطوائفهم الدينية والسياسية. الأمر الذي يعني أن موقف الممانعة هو موقف شخصي للزنداني، ولا يلزم التجمع اليمني للإصلاح الملتزم برؤية تكتل أحزاب اللقاء المشترك للدولة المدنية، كما ذكر ذلك للدويتشة فيله د.عبد الكريم جسار أحد شباب الإصلاح الناشطين في ساحة التغيير بصنعاء .

ماضي يرفض أن يرحل

تنكر غالبية اليمنيين من الذين تحدثوا لدويتشة فيله على الزنداني موقفه من الدولة المدنية باعتباره موقفا مناقضا للإرادة الشعبية الرافضة للوصاية حتى ولو كانت باسم الدين، إذ يرى الأستاذ الجامعي د.محمد عثمان، "أن الحديث عن مرجعية لعلماء الدين مناقض لمرجعية الاستفتاء الشعبي التي هي أساس الدستور اليمني"، ويضيف متعجبا "إذا قبلنا بما يقوله الزنداني فأي علماء سيكونون المرجعية هل هم أعضاء هيئة علماء اليمن التي ينتمي لها الزنداني أم هم أعضاء جمعية العلماء التي تؤيد الرئيس صالح؟" الناشط في ساحة التغير محمد القباطي يقول:"الدولة المدنية أحد أهداف الثورة السلمية ولسنا مستعدين للمساومة عليها" ويستطرد بالقول :"الزنداني بحديثه عن الحاكمية إنما يقصد أنه هو خليفة الله على الأرض، ومشروعه هو مشروع الدولة الوهابية التي فشلت في اليمن منذ 1962". وفي نفس الاتجاه يذهب عضو تكتل المستقبل لشباب التغيير علي الشرعبي الذي يفضل " دولة مدنية حديثة تبنى على قاعدة الديمقراطية المحققة للمساواة والشراكة التي تعكس التنوع الثقافي للشعب اليمني".
ويستغرب المواطن عفيف شطيرة أن يصدر هذا الموقف من الزنداني الذي اعترف بريادة الشباب وتفوقهم على جيله ودعا إلى منحهم براءة اختراع، ويقول :" كان من المفروض على الزنداني أن يسكت فالشعب اليمني ... ليس بحاجة لمن يتوسط له عند الله". ويستعير عبد الهادي العز عزي،عضو اللجنة التنظيمية للثورة السلمية، وصف للكاتب المصري محمد حسنين هيكل ليصف به الزنداني " الزنداني ماضي يرفض أن يرحل وحاضر تأخر كثيرا ومستقبل لا يبدو أنه يلوح في الأفق".

الموقف السلفي: يؤيد الزنداني

وللوقوف على ردود الفعل المؤيدة لموقف الزنداني،زارت دويتشة فيله خيمة التيار السلفي بساحة التغيير بصنعاء وسألت بعضهم عن رؤيتهم للدولة فتحدث مبارك النشم قائلا :"دولة تحكم بالشريعة الإسلامية وتطبق أحكامها على كل أبناء اليمن".ويشاطره الرأي الناشط محمد الصبيحي الذي قال للدويتشة فيله،"نعمل نحو بناء دولة إسلامية حضارية شورية معاصرة، توافق الشرع والدين الإسلامي".

الحراك: يقبل بدولة اتحادية

بفعل الثورة السلمية التي انطلقت في مطلع فبراير/ شباط الماضي، تراجع الحراك الجنوبي عن دعوته للانفصال وذلك لصالح دولة اتحادية مكونة من إقليمين شمالي وجنوبي لفترة محددة يتم خلالها إجراء استفتاء شعبي في الجنوب، هذا ما أكده لدويتشة فيله العميد ناصر الطويل، الأمين العام للحراك السلمي الجنوبي بمحافظة عدن، الذي قال إن الحراك يدعو إلى "بناء دولة اتحادية مكونة من إقليمين يكون فيه الجنوب إقليم فيدرالي مستقل" مضيفا أن هذا التوجه مستمد من الرؤية التي تمخض عنها لقاء القاهرة بين قيادات الحراك والقيادات الجنوبية في الخارج والتي تنص على ضرورة استفتاء الشعب في الجنوب بعد فترة من قيام الدولة الاتحادية ليقرر ما إذا كان يرغب في البقاء ضمن الدولة الاتحادية أو أن يكون له دولته المستقلة.

الحوثيون :القبول بالأخر

شباب الصمود وهو تيار قريب من جماعة الحوثي التي تنتمي إلى المذهب الزيدي الشيعي المتواجد بصورة كبيرة في محافظات صعده وحجة والجوف، ينشدون، بحسب ما صرح به لدويتشة فيله علي السقاف، المشرف التنفيذي لشباب الصمود بساحة التغيير بصنعاء، ب"الدولة المدنية الحديثة العصرية التي تكفل الحقوق والحريات والمساواة بين جميع أفراد الشعب.دولة يحكمها نظام المؤسسات" وهذه الرؤية تتناقض تماما مع الرؤية التي يحملها رجل الدين السني عبد المجيد الزنداني، ويذهب السقاف إلى أبعد من ذلك في الحديث عن العلاقة بالأخر المختلف "نريد من الأخر أن يقبلنا كما نحن ونقبله كما هو، فلا إقصاء ولا تهميش لأحد ".

سعيد الصوفي/ اليمن
مراجعة: يوسف بوفيجلين

زر الذهاب إلى الأعلى