توفي ستيف جوبز المبتكر الفذ الذي أعاد تشكيل صناعة الكمبيوتر والموسيقى والهاتف المحمول في العالم وغير العادات اليومية لملايين البشر عن 56 عاما يوم الاربعاء.
وقوبل نبأ وفاة جوبز الذي كان يعتبر قلب وروح شركة أبل بعد صراع دام عاما مع سرطان البنكرياس على الفور بعبارات التأبين من زعماء عالميين ومنافسين في قطاع الاعمال ومحبيه الذين أبدوا حزنهم على رحيله وأثنوا على انجازاته الكبيرة.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بيان "لقد فقد العالم رجلا صاحب رؤية. وربما يكون أعظم اطراء على نجاح ستيف هو حقيقة أن الكثير حول العالم علموا بنبأ وفاته على جهاز هو الذي اخترعه."
وتجمع محبو جوبز خارج متاجر أبل حول العالم من لوس انجليس إلى سيدني. وخارج احد المتاجر في مدينة نيويورك صنع محبوه هيكلا تذكاريا من الشموع وباقات الزهور وتفاحة وجهاز اي.بود تاتش. وفي سان فرانسيسكو رفعوا صورة بالابيض والاسود لجوبز على اجهزة اي.باد.
وتحول كثير من المواقع الالكترونية ومن بينها موقع أبل إلى صفحات تأبين الكترونية في شاهد على الابداع الرقمي الذي كان جوبز مصدر الهام فيه.
وقال بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت الذي تفوق يوما على جوبز لكن مؤسس أبل استحوذ على مكانته الاسطورية في السنوات الاخيرة "بالنسبة لمن أسعدهم الحظ بالعمل معه كان ذلك شرفا بالغا."
وقالت أبل في وقت متأخر يوم الاربعاء ان زوجة جوبز وأسرته كانوا بجواره عند وفاته في بالو التو بولاية كاليفورنيا. ولم يتسن الحصول على الفور على مزيد من التفاصيل.
وترك جوبز منصبه كرئيس تنفيذي لشركة أبل في أغسطس اب وسلم القيادة لتيم كوك الذي تولى منصب مدير التشغيل لفترة طويلة. ويقول معظم المحللين والمستثمرين ان جوبز الذي كان مولعا ببساطة التصميم وعبقريا في التسويق وضع أساسا يمكن الشركة من مواصلة الازدهار بعد وفاته.
لكن أبل مازالت تواجه تحديات في غياب الرجل الذي كان أكبر مصممي منتجاتها واستاذا في التسويق ورجل مبيعات لا يبارى. وتستحوذ الهواتف التي تعمل بنظام تشغيل اندرويد من جوجل على حصة متزايدة بالسوق وهناك تساؤلات عن الانجاز الكبير التالي في خط انتاج أبل.
وغير جوبز الذي لم يكمل دراسته الجامعية ورباه أبواه بالتبني عالم التكنولوجيا في أواخر السبعينيات حينما أصبح أبل 2 أول كمبيوتر شخصي يحظى بالانتشار. وفعلها مجددا في 1984 بجهاز ماكنتوش الذي استفاد من التكنولوجيا المتقدمة التي طورتها زيروكس بارك وشركات أخرى لخلق تجربة الحوسبة الشخصية كما نعرفها اليوم.
ودفعته طبيعتة المتمردة التي كانت مكونا رئيسيا في شخصيته لترك الشركة في 1985 لكنه عاد اليها في 1997 وبعد سنوات قليلة بدأ طرح ثلاثية المنتجات التي احدثت انقلابا في صناعات كبرى وهي اي.بود واي.فون واي.باد.
ولم يتأثر جوبز وأبل كثيرا بتشخيص باصابته بنوع نادر من سرطان البنكرياس في 2004 حيث أكد الرئيس التنفيذي أن مرضه يمكن الشفاء منه. لكن صحته تدهورت سريعا خلال السنوات الماضية وبعد اجازتين مؤقتتين ترك جوبز منصبه ليتولى رئاسة مجلس ادارة أبل في أغسطس.
وتوفي جوبز بعد يوم واحد فقط من ازاحة كوك الستار عن اصدار جديد من هاتف اي.فون في حدث احتفالي من النوعية التي أصبحت ماركة مسجلة باسم جوبز. وربما كان من قبيل الصدفة أن لاقى الجهاز الجديد استقبالا فاترا حيث قال كثيرون انه لا فارق كبيرا بينه وبين الاصدار الذي سبقه من أحد أنجح المنتجات الاستهلاكية في التاريخ.
وكرمت أبل قائدها الفذ يوم الاربعاء بتحويل الصفحة الرئيسية لموقعها الالكتروني إلى صورة كبيرة بالابيض والاسود لجوبز بجوارها تعليق يقول "ستيف جوبز 1955-2011".
ونكست الشركة أعلامها خارج مقرها الرئيسي وترك الموظفون الزهور على مقعد بينما عزف رجل موسيقى القرب.
وقال كوك في بيان ان أبل تخطط لعقد احتفالية للموظفين لتكريم جوبز "قريبا".
وقالت أبل في بيان "ذكاء جوبز وحماسه وطاقته كانوا مصدر ابتكارات لا تحصى أثرت وحسنت حياتنا جميعا."
وخارج منزل جوبز في بالو التو ترك الجيران والاصدقاء الزهور وكتبوا رسائل على الرصيف قالت احداها "شكرا لك لانك غيرت العالم".
وعند مقر الشركة بمدينة كوبرتينو قالت شيترا عبدول زادة العاملة في الرعاية الصحية "في ظني لا فرق بينه وبين باستور" في اشارة للعالم الفرنسي لويس باستور.
وارتحل بن تشيس (29 عاما) وهو مهندس في شركة للانترنت وعمل لفترة في أبل من سان فرانسيسكو إلى مقر أبل بعد انتهائه من العمل ليضع باقة من الزهور.
وقال "هذا هو ما ينبغي عمله."
وبدا على محبي الكمبيوتر في الصين التأثر الشديد.
وقال جين يي (27 عاما) في أكبر متجر لابل في شنغهاي الذي افتتح الشهر الماضي "جئت إلى هنا لارى كيف سيكون العمل في أول يوم بعد وفاة ستيف جوبز."
وأضاف "جئت أيضا للحداد على طريقتي. انها خسارة كبيرة اليوم. لقد صنع هذه الاجهزة التي غيرت مفهوم الناس عن الالة. لكنه لم يعش ليشهد الخطوة الاخيرة التي تنصهر حياة الناس عبر اختراعاته مع تلك الاجهزة."
وفي هونج كونج وضع تشارانتشي تشيو زهرة دوار الشمس ووردة بيضاء امام متجر ابل في وسط المدينة.
وقال "أشعر بالحزن. كنت اتمنى أن يعيش لفترة أطول" مضيفا انه كان قد أرسل إلى جوبز رسائل بها نصائح طبية ونصحه برياضة تاي تشي القتالية التي تحافظ على صحة من يمارسونها.
وكان بعض الذين تدفقوا على متاجر أبل عند سماع نبأ وفاة جوبز يفكرون في مستقبل أبل بدون أحد أهم مؤسسيها.
وأمام متجر أبل في منهاتن قال جوليرم فيراز (44 عاما) وهو رجل أعمال برازيلي "كان لديهم متسع من الوقت للتحضير للعملية الانتقالية... سيواصل توم كوك مسيرته."