أرشيف محلي

اليدومي: شعبنا أسقط المشاريع الصغيرة سواء الجهوية أو المذهبية الحاملة للتفسير العائلي للإسلام

قال رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد عبدالله اليدومي إن يوم الواحد و العشرين من فبراير... اليوم الذي سيطوي فيه شعبنا بالتصويت للأخ عبد ربه منصور صفحة الماضي ويفتح صفحة جديدة يشرع فيها بوضع المداميك الأولى لبناء يمن جديد يمن لكل أبناء اليمن.. يمن لا مجال فيه للتهميش و الاقصاء والأثرة ونزعات الاستعلاء وممارسات التفرد في السلطة والثروة والقرار.

ودعا اليدومي في خطاب وجهه مساء الأحد للشعب اليمني عبر قناة سهيل، الجميع للمشاركة الفاعلة في انتخاب هادي مؤكدا أننا أمام " شعب الثورة " الذي امتلك حريته وقراره, وحدد مطلبه ورسم صورة مستقبله, وثبت معالم طريقه, وأسقط من حساباته مفاهيم التوريث وكل أنواع المشاريع الصغيرة, سواء قامت على الجهوية أو المذهبية الحاملة للتفسير العائلي للإسلام والذي من رحمه ولدت فكرة التوريث والتي جعلته منتجا من منتجاته فالشعب الذي ثار على حكم الفرد وسلطة العائلة؛ لن يقبل بعد اليوم أن يضع مصيره في يد فرد أو عائلة, ولن يقبل أن يأتي من يستبد بقراره ويقدم نفسه وصيا عليه.

نشوان نيوز ينشر نص كلمة اليدومي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين, القائل : "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون".

وأصلي وأسلم على نبينا محمد بن عبد الله, المبعوث رحمة للعالمين.. رسول الحرية والعدالة والإنسانية, القائل : "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان".

والقائل : "أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر".

الإخوة والأخوات أبناء الشعب اليمني العظيم..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أتحدث إليكم في هذا الظرف الحساس و وطننا يمر بمنعطف تاريخي مشهود, ولحظة زمنية غاية في التعقيد والخطورة.. لحظة فارقة من تاريخ شعبنا..فيها استكمل مسيرة عام من ثورته المباركة, ويقف على أعتاب مرحلة جديدة أساسها التغيير الشامل, والانتقال الحقيقي نحو دولة الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية بعد أن ظل ردحا من الزمن وهو يعاني معاناة مريرة في مختلف مجالات الحياة , ووصلت مجريات الأمور والأحداث إلى حد الانسداد السياسي , جراء سياسة الإقصاء والتهميش التي أدمن عليها النظام السابق والذي أقام دعائمه على الولاءات الشخصية, والوقيعة بين أطراف العمل السياسي , ونشر الفساد المالي والإداري في كل أجهزة الدولة ومؤسساتها , والغى بفوضويته كل القوانين المنظمة لحركة سير أجهزة الدولة والحكومة , وسعى في الأرض بعنجهيته ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل دونما رادع من ضمير ولا وازع من دين.

وها نحن وفي أجواء وزخم الثورة الشبابية الشعبية السلمية نقترب من اليوم المجيد... يوم الواحد و العشرين من فبراير... اليوم الذي سيطوي فيه شعبنا بالتصويت للأخ عبد ربه منصور صفحة الماضي ويفتح صفحة جديدة يشرع فيها بوضع المداميك الأولى لبناء يمن جديد يمن لكل أبناء اليمن.. يمن لا مجال فيه للتهميش و الاقصاء والأثرة ونزعات الاستعلاء وممارسات التفرد في السلطة والثروة والقرار.

إننا وفي هذا الظرف الدقيق والحساس لنهيب ونناشد كل أبناء الوطن رجالا ونساء شبابا وشيوخا أن يتوجهوا دونما تقاعس أو تواكل إلى مراكز الاقتراع وأن يجعلوا من هذا اليوم لحظة فارقة في حياتنا وأوضاعنا...لحظة تتحد فيها الكلمة وتتكاتف الجهود للشروع في بناء الدولة اليمنية الحديثة على قاعدة الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية..دولة المؤسسات والقانون.

لقد ناضل شعبنا نضالاً مجيدا ضد الطغيان المقيت والاستبداد الجائر, وتتالت تضحياته الكبيرة لاستعادة زمام أمره بيده, وقاوم بكل ما يستطيع بإمكاناته المتواضعة, كل صنوف القهر, وحطم في كل مراحل تحرره كل قيود الطغاة الذين حاولوا تكبيله بها, في الزمن الغابر أو العصر الحديث – واستطاع بفضل الله – عزوجل – وتأييده ؛ أن يتوج كفاحه المرير والطويل – وعلى نحو غير مسبوق في تاريخ وطننا الحبيب عبر ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية في تلك اللحظة الفاصلة قبل قرابة العام, حين اتخذ شعبنا قراره في تجاوز حواجز الظلم وموانع الاستبداد , ومضى بوعي وبصيرة وإرادة وصبر منقطع النظير , نحو إنجاز أهداف ثورته السلمية, وكان له ما أراد – بفضل الله – عزوجل – وكرمه من إسقاط منظومة الاستبداد, والتي تتهاوى اليوم على وقع متسارع أمام إرادة شعب استعاد الثقة بنفسه, وأدرك مكامن القوة لديه, واكتشف مواطن القدرة على الفعل والتغيير حين قرر مغادرة مستنقع الخوف والهوان , والتحرر من ربقة العبودية للعبيد , واستلهم حقائق الإسلام الرافض لكل صنوف الطغيان والاستعباد, وحين تبدى له الواقع المأساوي بأبشع صوره, وأدرك خطورة الاستمرار في مهادنة الظلم وكلفة السكوت على استلاب الحقوق وقمع الحريات وسرقة مقدرات وخيرات الوطن.

إخوتي وأخواتي في ساحات الحرية والتغيير:

إن ما نشهده اليوم من ثورات سلمية تعم الأرجاء؛ ليست سوى نتاج لما وصلت إليه السلطات الحاكمة في بلداننا من طغيان وظلم وفساد وتسلط على شعوبها, وبصورة استنفدت معها الشعوب وقواها الحرة كل السبل لردها عن حالة الطغيان والوصول معها إلى كلمة سواء, وعلى نحوٍ تستجيب فيه تلك الأنظمة لمطالب شعوبها في الإصلاح والتغيير, حيث جوبهت كل تلك المطالب والجهود المضنية على مدى عقود – ليس بالرفض فقط – بل بالقمع وكل صنوف العنف والتضييق والاستهداف, مترافقا مع تنامي روح الاستحواذ وفرض الهيمنة على كل مناحي الحياة, وكان رهانها على شعوب خاملة ومعطلة الإرادة, ورهانها الأكبر على القوة في حماية مشروعها التسلطي , وإخماد الأصوات المطالبة بالتغيير..الا أنها وجدت نفسها من حيث لا تحتسب أمام ثورات بوسائل أمضى من القوة التي تملكها وتراهن عليها,فكان أن جردت الثورات بسلميتها تلك السلطات الغاشمة من كل شرعية أخلاقية أو دستورية تستدعي بقاءها عند أول رصاصة أطلقتها على صدور عارية خرجت للمطالبة بحريتها وكرامتها بالهتافات والورود, وكان في المقابل أيضا أن سُجلَ لشعوبنا الأبية – ومن بينها شعبنا اليمني العظيم – أنها ككل شعوب الدنيا قادرة على إسقاط أعتى أنظمة الفساد والاستبداد.

الإخوة والأخوات:

لقد أنجز شعبنا بشهادة العالم أنقى وأنبل ثورات العصر, حين خرج بالملايين إلى الساحات رجالا ونساء, شبابا وشابات..شيوخا وأطفالا مطالبا بالتغيير السلمي , متسلحا بكل ذلك المخزون من الصبر والتحمل؛ وتسامى على التضييق والاستهداف في قوته ومعيشته, وحين رفض الانجرار إلى مربعات العنف رغم كلفة ومرارة ما قدم من خيرة رجاله ونسائه وشبابه الأطهار وأطفاله الأبرياء.

لقد حسم شعبنا بسلميته خياراته, وأنجز بصبره وإيمانه بعدالة مطالبه ووضوح رؤيته للتغيير السلمي الذي دارت عجلته ولن تتوقف مهما كانت التحديات والمؤامرات, ومهما حاول بقايا الاستبداد وفلول الفساد جره إلى خيارات أخرى.. وعلى كل من يتصور أو لا يزال يظن أن باستطاعته فرض إرادته أو خيارته بالحسم العسكري, وبوسائل العنف والقسر والإكراه فهو واهم, وكل من لا يزال يظن أن بإمكانه أن يرد عقارب الزمن إلى الوراء فهو واهم..

لقد أمسك شعبنا عبر ثورته السلمية بزمام المبادرة, وما تم تحقيقه؛ وسيتم تحقيقه وإنجازه - بإذن الله تع إلى - إنما هو مكسب لشعبنا اليمني كله وليس منحة من حاكم أو منة من مستبد, وعلى الذين لا يزالون يفكرن في الحرب, عليهم أن يدركوا أنها سترتد – بإذن الله تع إلى – وبالا عليهم..فالحرب قد يتم التحكم في اتخاذ قرار بدايتها, لكن الحقيقة تقول : أنه لا يمكن لمن اشعل شرارتها أن يتحكم في نتائجها..فالحرب أولها نجوى وأوسطها شكوى وآخرها بلوى لاسيما على من أشعلها.

الإخوة والأخوات:

إن مرحلة التحول الكبيرة التي تشهدها بلادنا اليوم هي ثمرة لنضال وتضحيات الجميع – قلت تلك التضحيات أم كثرت – فالكل أسهم في صناعة ملامح اليمن الجديد, والجميع ضحى في معركة إسقاط الاستبداد .. وكما أنه من غير الممكن أن يحتكر شخص أو جهة أو حزب أو جماعة كل تلك الجهود وأن يجيرها لنفسه أو يختصرها في شخصه, فإن من الواجب على كل من أسهم في قيام الثورة وعمل على إنجاحها؛ أن لا يمن على الآخرين بما قدم, سواء كان ما قدمه قليلا أو كثيرا؛ فالفضل- كل الفضل – بعد الله – عزوجل – هو لشعبنا الأبي الصبور وشباب وشابات اليمن الذين اندفعوا إلى الساحات بالملايين من أجل التحرر والخلاص من منظومة الفساد والاستبداد , والذين لا يزالون صابرين مرابطين في مختلف ساحات الوطن حماة لثورتهم ضامنين لديمومتها واستمرارها حتى تنجز كامل أهدفها بإذن الله تعالى.

كما لا يغيب عنا ولو للحظة واحدة شهداء الثورة الأبرار..من ضحوا من اجل هذه اللحظة التاريخية التي انتظر شعبنا بزوغها , وقد كان ذلك على يد مصابيح الفجر شهداء اليمن من اختارهم الله – عزوجل – ومنحهم تلك المكانة الرفيعة ((مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)).

كما لا ننسى تلك الكوكبة المباركة من الجرحى والمعاقين الأبطال , من يعدون اليوم قلائد شرف على جبين هذا الوطن, فهم من يستحقون التكريم والرعاية والاهتمام, وكذلك الحال بالنسبة لأسرهم التي ضربت أروع الأمثلة في صمودها في مقارعة الطغيان, والصبر في مواجهة الخطوب, والاستمرار في السير في طريق الرفض المطلق لكل أشكال الظلم وصنوف الاستبداد.

وأمام عظم التضحيات التي قدمها الشهداء والجرحى والمعاقون الكرام, في سبيل انعتاق شعبنا ونيله لحريته, تكون مسؤوليتنا أعظم في ألا نفرط في تلك الدماء الزكية, أو المساومة عليها, بعيدا عن التصور الجاهلي المقيت الذي جاء – مع الأسف الشديد- ممن انتهت صلاحية ولايته, بأن هناك دماء يمكن التفريط فيها, ودماء لا يمكن التفريط فيها, متناسيا أنه هو المسئول الأول عن كل تلك الدماء التي سفكت ظلما وعدوانا, وبلا وازع من دين أو ضمير.

الإخوة والأخوات:

إن كان من حديث أو وقفة عن الجوانب المضيئة في مسيرة الثورة المباركة – وماأكثرها- فأول تلك الإشراقات هي عن الإسهام الفاعل والمؤثر للمرأة اليمنية الثائرة التي سطرت أروع صفحات التضحية والبذل والشجاعة والإقدام إلى جانب أخيها الرجل الذي لم يجد في الثورة ما هو حكر عليه,..فنساء اليمن الطاهرات الكريمات قدمن الشهيدات كما قدمن الجريحات وصمدن في الساحات – ولازلن - وكن هدفا للاعتقال والاعتداء والإساءة.

ولقد رأى شعبنا وتابع ومعه العالم بكل إكبار وإعجاب المرأة اليمنية وهي تتصدر المسيرات وتخوض دروب النضال السلمي من اجل إسقاط سلطة الفساد والاستبداد.. إننا على يقين بأن البروز الإيجابي لدور المرأة اليمنية في الثورة, سيكون الدافع لدور أكثر حضورا وأهمية للمرأة في ميدان العمل العام بجوانبه المختلفة, كما سيكون حافزا مهما لمزيد من إسهام المرأة اليمنية في معركة التنمية الشاملة التي ينشدها شعبنا الثائر العظيم.

أما ثاني تلك الجوانب المضيئة في مسيرة ثورة الشعب فقد سطرها إخواننا أبناء القوات المسلحة والأمن الشرفاء الأحرار الذين انحازوا لشعبهم, ورفضوا أن يكونوا أداة غادرة بيد سلطة لم تتورع في قتل وإبادة شعبها المطالب بالتغيير, وهذا الموقف المشرف ليس بمستغرب لأبناء قواتنا المسلحة والأمن؛فهم كانوا في مقدمة ضحايا الفساد, وأكثر قطاعات المجتمع المنتهكة حقوقها والمسلوبة إرادتها وقرارها,و المتنكر لتضحياتها الجسيمة..وهنا نجدد الدعوة الأخوية الصادقة إلى من تبقى من إخواننا من أبناء الحرس الجمهوري والأمن المركزي للانحياز لمطالب الشعب الذي خرج ينشد واقعا أفضل لكل اليمنيين, وفي مقدمتهم أنتم في الجيش والأمن, ممن طالكم التهميش والظلم والتعسف, واعلموا أن دماء الشعب اليمني حرام عليكم , وأن دماءكم هي دماؤهم, فلا تفرطوا فيها, واجعلوا نصب أعينكم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, ولنعمل جميعا على إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن, بهدف بناء جيش يحمي الوطن, وأمن يحمي المواطن.

الإخوة والأخوات:

أما ثالث تلك الجوانب المشرفة فهي تلك الكوكبة من الرجال الشرفاء والشباب الأبطال الذين آثروا حبهم للوطن ومصلحته على كل المصالح, وانحازوا إلى الثورة الشعبية الشبابية السلمية من كل شرائح المجتمع وأسهموا في الإعلان عن حقيقة هامة تشير إلى ميلاد شعب جديد غير الشعب الذي عرفناه قبل ثورة التغيير, وبقدر ما يجب علينا أن نفخر بهذا الشعب, يجب علينا جميعا أن نستوعب هذه الحقيقة, وأن ندرك أننا أمام " شعب الثورة " الذي امتلك حريته وقراره, وحدد مطلبه ورسم صورة مستقبله, وثبت معالم طريقه, وأسقط من حساباته مفاهيم التوريث وكل أنواع المشاريع الصغيرة, سواء قامت على الجهوية أو المذهبية الحاملة للتفسير العائلي للإسلام والذي من رحمه ولدت فكرة التوريث والتي جعلته منتجا من منتجاته فالشعب الذي ثار على حكم الفرد وسلطة العائلة؛ لن يقبل بعد اليوم أن يضع مصيره في يد فرد أو عائلة, ولن يقبل أن يأتي من يستبد بقراره ويقدم نفسه وصيا عليه.

كما أن " شعب الثورة " الذي عانى من الفساد الضارب جذوره في أطناب المجتمع, سيكون قراره – من دون أدنى شك – هو أن يجعل الفساد عدوه الأول؛ مستوعبا أن أول مجابهة لهذه المعضلة التي تؤرق الشعوب, تكمن في إرساء أسس الحكم الرشيد القائم على الشفافية والمحاسبة والفصل بين السلطات, وإخضاع الجميع لسلطة الدستور والقانون, ولرقابة الشعب مصدر السلطة ومالكها.

الإخوة والأخوات:

إننا في التجمع اليمني للإصلاح ومنذ اللحظة التي أعلنا فيها عن التزامنا بإستراتجية النضال السلمي لنيل الحقوق والحريات والإصلاح الشامل خلال مؤتمرنا العام الثالث في فبراير عام 2005م والمؤتمر العام الرابع في فبراير عام 2007م, وبدأنا في انتهاجها طريقا إلى تغيير الأوضاع؛ كنا نعي تماما صعوبة السير في هذا الطريق , وضرورة الاستعداد للتضحية, وقد كان إخوانكم في التجمع اليمني للإصلاح على مستوى المسئولية والبذل والتضحية من خلال ما طالهم من استهداف ظالم؛ جعل الآلاف منهم عرضة للفصل والتسريح من أعمالهم, وحرم الكثيرين من أبسط الحقوق الطبيعية للمواطن بسبب انتمائهم السياسي.. ومع كل ذلك خاض أعضاء التجمع اليمني للإصلاح وأنصاره, ومعهم إخوانهم أعضاء أحزاب اللقاء المشترك مسيرة النضال السلمي بصبر وتجرد وثبات, وبمزيد من الالتحام بجماهير الشعب والتفاني في خدمته وتبنى همومه, حتى توجت تلك المسيرة النضالية السلمية بإرادة شعبية اندفعت نحو التغيير عبر ثورة سلمية خالصة, انتشلت البلاد من حالة الانهيار المحقق, وأحدثت تحولات هائلة في المشهد اليمني, ووضعت اليمن على المسار الصحيح نحو بناء الدولة الحديثة القائمة على الحرية والعدل والمساواة.

وهنا نجدد الدعوة لكافة أعضاء وأنصار التجمع اليمني للإصلاح إلى مزيد من التلاحم والتماسك وتشمير السواعد مع إخوانهم في المجلس الوطني؛ من أجل بناء اليمن الجديد, بقلوب وعقول مفتوحة على الجميع, وأياد ممدودة لكل من أخذ على عاتقة تقدم اليمن ونهضته واستقراره.

الإخوة والأخوات:

لقد شقت الثورة اليمنية طريقها عبر مسارين متكاملين من اجل تحقيق أهدافها, وحققت عبر مساري الفعل الثوري والفعل السياسي هدفها الأساس, والمتمثل في تحقيق ما قامت عليه الثورة اليمنية وقدمت التضحيات الجسيمة من اجل تحقيقه, ابتداء من ثورة 1948م ومرورا بثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م, وتتويجا بثورة الشباب الشعبية السلمية, آلا وهو إعادة الحق إلى الشعب مالك السلطة ومصدرها, وإنهاء سلطة الأفراد والعائلات, سواء جاءت بمسوح الرهبان أو بقرون الشيطان, مخلفة وراءها كل النزعات الطائفية والمناطقية والقبلية, وكل المشاريع الصغيرة التي تستهدف وحدة اليمن ونسيجه الاجتماعي وأمنه واستقراره, والتأسيس لحياة ديمقراطية مدنية منطلقة من هوية شعبنا الإسلامية, تلبي تطلعات اليمنيين في غد أفضل بإذن الله تعالى.

وندرك هنا أهمية استمرار المسارين حتى تستكمل الثورة أهدافها, وهو ما يتطلب- بكل تأكيد- بقاء الزخم الثوري, ومواصلة المسار السياسي بما من شأنه التسريع بعملية التغيير وإسقاط كل المكائد والعراقيل التي قد تعترض مسيرة الانتقال السلمي الكامل للسلطة.

وهنا نتوجه بالتحية والعرفان إلى القوى الوطنية والتكتلات السياسية والاجتماعية التي ناضلت وصبرت خلال هذه المرحلة, وفي مقدمتها المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية الذي تحمل مشاق العمل السياسي من أجل تحقيق أهداف الثورة وما قام به من أدوار حكيمة وصولا إلى ما يمثل هدفا للجميع وهو نقل السلطة سلميا, والانتقال إلى بناء يمن جديد يسوده العدل, وينعم بالحرية, وتغمره روح المحبة والأخوة والوئام.

ولا يفوتنا- أيضا- أن نتوجه بالشكر والتقدير للأشقاء والأصدقاء الذين بذلوا جهودا كبيرة في دعم مطالب الشعب اليمني في التغيير السلمي, والوصول إلى حل سياسي يجنب البلاد الانزلاق إلى العنف والفوضى, ونقدر عاليا نفسهم الطويل إزاء مالاقوه من تعنت ومراوغة من قبل رأس النظام, ومحاولاته الماكرة الالتفاف على الجهود الإقليمية و الدولية, والتنصل عن التزاماته مرارا وتكرارا.

ونشيد هنا بالحرص الإقليمي والدولي على متابعة تنفيذ خطوات الحل السياسي, وبالدعم التي حظيت به حكومة الوفاق الوطني من قبل الأشقاء في الخليج, وفي مقدمتهم أشقاؤنا في المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين, ومن الأصدقاء في الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي, وبقية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن, ومن كافة بلدان العالم الحر التي ساندت شعبنا في مطالبه بالتغيير...وهنا نخص بالشكر والتقدير الأخ الأستاذ جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وفريق عمله الذين واصلوا الليل بالنهار, للوصول إلى كل ما فيه مصلحة وطننا وشعبنا, وللأخ أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني كل التقدير والاحترام.

وفي هذا السياق, نؤكد على ضرورة استمرار الجميع- أشقاء وأصدقاء – في المتابعة الفاعلة لتنفيذ المبادرة وآليتها, وتقديم الدعم اللازم لنجاح التوافق الوطني, وصولا إلى تحقيق الثورة الشبابية الشعبية السلمية كامل أهدافها..متطلعين في هذا السياق إلى علاقة أخوية متينة لليمن مع أشقائه وجيرانه في الخليج, ومع كافة الأصدقاء, ومع شركاء اليمن الدوليين؛ فالشعوب هي التي تبني الشراكة والصداقة والتعاون.ولا يفوتني في هذا المقام أن أخص أيضا الأشقاء في قطر قيادة وشعبا بالشكر الجزيل على وقوفهم إلى جانب شعبنا وحقه في التغيير.

شعبنا الكريم ..

نقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تستدعي تضافر الجهود والعمل بروح الفريق الواحد لإنجاز مشروع دولة المؤسسات, وتجاوز العقبات والتحديات التي تقف عائقا أمام مثل هذا التحول الهام..وإن كان شعبنا بقواه المختلفة قد نجح في تجاوز العديد من العقبات التي اعترضت مسيرة الثورة على مدار عام كامل؛ فالجميع اليوم أمام التحدي الأكبر, والاختبار الحقيقي المتمثل في معركة إعادة بناء اليمن, وتلبية طموحات الشعب في التغيير إلى الأفضل, وإيماننا أن هذا لن يكون ولن يتحقق إلا من خلال القبول بالشراكة في بناء الوطن, والدخول في حوار وطني شامل, يشارك فيه مختلف القوى الوطنية, من دون إقصاء أو تهميش, من أجل معالجة كافة القضايا والمشكلات الوطنية, والبحث في المتطلبات التي يتعين على كافة القوى الوطنية الوفاء بها لدفع عملية التغيير الديمقراطي إلى الأمام وصولا إلى دولة أساسها الحرية والعدالة وترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية والقبول بالآخر, والالتزام بالمشروع الديمقراطي التعددي كخيار وحيد للتغيير السلمي, وتداول السلطة, والتعهد بإطلاق الحريات, وصون الحقوق السياسية والمدنية, وإزالة المظالم, وإرساء عملية سياسية حقيقية؛ يجد كل مواطن فيها ذاته, ويتحمل فيها الجميع مسؤولية بناء الدولة, والحفاظ على مكتسبات الوطن ووحدته الوطنية.

الإخوة والأخوات:

إننا على ثقة أن شعبنا على موعد أفضل, ونهضة شاملة قادمة بإذن الله عزوجل, بصدق أبنائه, وتكاتف جهودهم, وهي دعوة للجميع أن ننظر بتفاؤل إلى المستقبل, وأن نشمر عن سواعد الجد من أجل بناء يمن جديد..وأول خطوة في طريقنا إلى ذلك طي صفحة الماضي بآلامه وجراحاته, فالوطن يتسع لكل أبنائه, وشعبنا ينتظر منا الكثير..أننا على موعد مع شمس الواحد والعشرين من فبراير لنغزل من أشعتها خيوطا لننسج بها رداء العزة والمجد لشعبنا وأمتنا..فلنحث الخطى نحو صناديق الاقتراع, ولنقف صفا متراصا موحدا بجانب مرشح الوفاق الوطني, الأخ عبد ربه منصور, ولنأكد للعالم أجمع صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أن ((الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان)).

والله أكبر ولله الحمد ،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

زر الذهاب إلى الأعلى