arpo27

العمراني في حوار: هناك توجه لإلغاء وزارة الإعلام وإعمال مفاهيم جديدة

في حوار مثير مع (26 سبتمبر) الأسبوعية لوزير الإعلام في اليمن علي العمراني ، هاجم فيه الإعلاميين وكشف عن توجه لإلغاء وزارة الإعلام ومفهوم وممارسة الإعلام الرسمي التقليدي بالإضافة إلى قضايا مختلفة وإلى الحوار:

نبدأ الحوار بسؤال عن الإعلام الجاني والمجني عليه.. الجاني لأنه خلق أنماطاً أوجدت جملة من المشاكل.. ومجني عليه.. لأنه عاش تكلساً وإحباطاً وكبل بأعباء لا حول لها.. كيف تقرأ هذه الاشكالية وهذه المعطيات؟

إعلامنا هو إعلام متخلف في حقيقة الأمر وأقولها بصراحة.. إعلامنا كان في الشطرين سابقاً إعلاماً شمولياً وإعلام دعاية .. دعاية للحزب أو للحاكم وكان ضد أي رأي آخر بالحق أو بالباطل.. ومنذ سنوات ونحن نحاول أن نخرج من تأثير هذا الإعلام الشمولي إلى آفاق الإعلام الحر.. وحالياً بعد ثورة الربيع صار الاعلام يأخذ من الحرية أكثر.. وأن كانت حرية غير مسؤولة وغير منضبطة.. الإعلاميون لا يتلاومون فيما بينهم وإنما هم يلومون غيرهم عندما يتعرض الاعلامي للوم أو للمؤاخذة.. لكن عندما يخطئ الاعلامي في حق أي أحد فإننا نجد الاعلاميين يصمتون عنه.. ولذلك أقولها بكل صراحة أن اسلوب النقد بات هو أشبه بنظام القبائل ومن يتفلسف يتفلسف على هذه القضية.. في النظام القبلي إذا أحد أخطأ على آخر فإن القبيلة تقول له قف عند حدك.. لكن في الاعلام الوضع يختلف فهم اليوم ينشأون مواقع الكترونية ليس لها عمل الا الافتراءات وتوجيه الاتهامات.. صحيح نحن مع حرية الاعلام والاعلاميين ولكن الحرية الشريفة والنزيهة والحرية المسؤولة.

في السابق كان الكثير من الإعلاميين يسبحون بحمد الأخطاء وبحمد الاستبداد وبحمد الاستحواذ وتبريرها.. ولذلك ينبغي أن يكفوا عن ذلك الآن، ولكن بالمقابل لا ينبغي أن يظلموا.
فكثيراً منهم اليوم بمجرد أن يغضبهم شخص يسارعون للكتابة عنه أو ينشرون عنه أخباراً غير صحيحة.

إذاً لابد من أن يجلس الاعلاميون مع بعضهم قبل أن يحاسبوا أو يؤاخذوا بالقوانين.. ينبغي عليهم أن يجلسوا مع أنفسهم ويراجعوا مواقفهم ويتلاوموا ويحسنوا الأداء في مهنتهم بحيث تكون مهنة الشرفاء ومهنة المحترمين.
اليوم نسمع من يتحدث عن ميثاق شرف صحفي وهذا شيء جيد لكن مع الاسف كثيراً ما نقرأ في الصحف وفي مواقع الكترونية كلاماً هو أقرب إلى الافتراء.. ولا يدركون أن الناس المتخصصين يستطيعون أن يميزوا بين ما هو حق وبين ما هو باطل.

وعليه لا نريد ذلك الاعلام المجني عليه الذي يظل فيه الاعلاميون يؤاخذون وإنما نريد ذلك الإعلام الموضوعي الذي يستطيع من خلاله الاعلاميون ممارستهم لحرياتهم وتصويبهم لأخطائهم وانتقاد أخطاء المسؤولين بموضوعية.. فالبشر خطاءون.. وأي مسؤول لا يتقبل النقد لأخطائه فهو مسؤول لا يُعتمد عليه.. المسؤول يجب أن يكون مساءلاً أمام الناس.. فلسنا ضد أن ينتقد المسؤولون لأخطائهم وأنا أحد المسؤولين أخطأت وسأظل أخطئ وأتقبل برحابة صدر أي نقد على الأخطاء التي ارتكبها ومعروف أن من يعمل يخطئ، لكن قد يحز في النفس عندما يشعر المسؤول أنه يفترى عليه وأنه مجني عليه من أية جهة إعلامية.. وأنا دوماً أقول للشباب اعملوا في الاعلام باتجاهاته المختلفة سواءً كان رسمياً أو حزبياً أو أهلياً أوفي المواقع الالكترونية ولكن كلوا لقمة العيش بشرف ولا ينبغي أن يوظفكم أحد ضد أحد وإنما اخدموا قضايا البلد.

وينبغي أن تتعامل الجهات مع الاعلاميين على أساس مهني وليس على أساس أنني سأوظفك في قناتي أو في صحيفتي أو في موقعي من أجل أن تشتم الآخرين وتفتري عليهم وتثير الفتن، هذا ليس عملاً إعلامياً، فعندما يقوم أي إعلامي بالدفاع عن أخطائي وعن جرائمي فإنه يسيئ إلى نفسه أولاً ويفقد ثقة الآخرين فيه.. نحن نريد مع الزمن أن نتخلص من الاعلام الرسمي والحزبي والاهلي وننشئ إعلام المهنة وإعلام الشرف كما هو حاصل في الغرب وفي الدول المتقدمة.
في الغرب يستحي الاعلامي أن يقول إنه ينتمي إلى حزب أو يناصر حزباً.. ولذلك أنا مع من يطالبون بإلغاء وزارة الاعلام وطبيعة الاعلام الرسمي.. وكذلك أنا مع إلغاء الإعلام الحزبي.. في الدول الديمقراطية لا يوجد أحد يتحدث باسم أحزاب ولا قنوات ولا إذاعات ولا يوجد صحفيون حزبيون .. الصحافة هي السلطة الرابعة ويجب أن تبقى مستقلة ومحايدة.

كيف ترى دور الإعلام خلال ما تبقى من عمر حكومة الوفاق الوطني وما الذي سيقوم به من مشروع يترك أثره على المجتمع وعلى المشهد الاعلامي؟

نأمل أن يتطور الإعلام نحو الموضوعية ونحو المهنية ونحو تعزيز الوفاق والاتفاق والوئام والوحدة والإخاء والتغلب على رواسب الجراح.. ويجب أن يبدي الاعلاميون تسامحاً فيما بينهم البين في كل المؤسسات الاعلامية سواء أكانت مرئية أو مكتوبة أو الكترونية ويتغاضون عن اجتهادات بعضهم كيفما كان حالها قبل الوفاق وأن يعملوا كفريق واحد لخدمة قضايا الوطن ومن أجل اليمن.

لاشك أن أحلامنا كبيرة وتطلعاتنا اكبر لكن القيود التي تكبل الإعلام وخاصة الاعلام الرسمي هي قيود لا حصر لها.. فأنا عندما زرت دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة بداية الاسبوع الحالي والتي تصدر عنها صحيفة «26سبتمبر» ومطبوعات أخرى وجدت فيها محطة إرسال تلفزيوني راقية جداً ووجدت محطة إرسال إذاعي.. ولكن عندما زرت مقر تلفزيون الجمهورية اليمنية وجدت الخراب ووجدت البلاط مخلعاً ووجدت في مكتب واحد عشرة أجهزة منها ثمانية معطلة ووجدت أن الوظيفة التي نحتاج لإدارتها اثنين وجدت فيها عشرة، ووجدت أيضاً أن المخصص أو المورد الذي يكفي اثنين يوزع على عشرة وعلى عشرين، لذلك أريد القول أن تطلعاتنا إلى إعلام يواكب العصر ولكن التحديات أمامنا كبيرة، وسنحاول بقدر المستطاع أن نعمل شيئاً خلال الفترة القصيرة القادمة.. الإعلام سيشهد تطوراً كبيراً وواسعاً في المستقبل القريب بما يحقق الطموحات ويواكب المسيرة.

يتردد أن علي العمراني هو آخر وزراء الإعلام وأن هيئة عليا ستكون مشرفة على سير الإعلام.. ما رأيكم وكيف ترون مثل هذه التوجهات؟

هذا ما أتمناه أن يحصل.. الدول التي ليس لديها وزارات إعلام لديها وكالات تقوم بدور شبيه لإدارة الإعلام.. بشرط ان مسؤولها لا يكون عضواً بمجلس الوزراء.. لكن مع هذا أنا شخصياً أميل بقوة إلى إلغاء وزارة الإعلام وإلغاء مفهوم وممارسة الإعلام الرسمي التقليدي الذي عرفناه في الفترات الماضية.. وآمل أيضاً بالمقابل أن يلغى وأن يتلاشى المفهوم المعاصر لطبيعة الإعلام الحزبي.. نريد إعلاماً من أجل الشعب .. إعلاماً يخدم الشعب ويخدم قضايا المجتمع.. لايخدم الاحزاب ولا يخدم ايضاً الساسة ولا القادة بقدرما يراقبهم ويتعامل معهم بكل أمانة وكل مصداقية وبحيث أنه يقوم بدوره على النحو الصحيح.

الإعلام الرسمي والإعلام الحزبي ينبغي أن يتلاشى وسنحاول بقدر الإمكان أن نصل إلى هذه النتيجة أو بمعنى آخر أقول أن عندنا هذا التوجه الذي نأمل أن يتحول إلى برنامج و إلى مشروع بإذن الله.

قانون الصحافة والمطبوعات ارجئ.. هل سيبقى طويلاً في الأدراج .. بل يقال انه سحب لماذا؟

لدينا قانون صحافة ومطبوعات يحتاج إلى تعديل و إلى اصلاح.. ولدينا إلى جانب هذا قانون الاعلام المرئي والمسموع.. وهو ضمن المصفوفة التي ستقدم للحكومة.. والتي كان يفترض أن تقدم خلال هذا الشهر.. طبعاً نحن قدمناه وسحبناه وقررنا أن نستعيده من مجلس الوزراء لنناقشه مع نقابة الصحفيين بحيث يخدم القانون الجميع بشكل موضوعي ويكون أفضل مما هو عليه الحال الآن.

لدينا حالياً عدد من المحطات التلفزيونية ليست مرخصة وبعضها يبث من عدة سنوات ومن قبل أن آتي إلى الوزارة.. بالإضافة إلى أن غالبية المواقع الالكترونية غير منظمة، ولذلك القانون الجديد سيكون قانوناً تنظيمياً يضبط الإعلام بقدر الإمكان .. مع أن عملية ضبط الاعلام في عصر السماوات المفتوحة ليست عملية سهلة.. نحن نواجه ثورة إعلام ومعلومات والتحدي في هذا الجانب كبير جداً ومعقد.

المؤسسات الاعلامية.. مثل «الثورة والجمهورية و14اكتوبر وباكثير» لم تشهد انعاشاً أو حتى محاولة لإحياء دورها.. لماذا؟ وهل المشكلة مادية بحتة وتتعلق بمسألة غياب الموارد؟

أعتقد أن هذه المؤسسات الصحفية بدأ يتحسن أداؤها في الفترة الأخيرة بشكل كبير.. صحيح أن بعضها لديها ما يعيقها وهي إعاقات موضوعية مثل الذي حصل لصحيفة الثورة من حصار وتوقفت عن الصدور لعدة أيام لأسباب واهية وغير منطقية.. أما صحيفة «14اكتوبر» فلها وضع خاص والجمهورية تصيب وتخطئ وأن كنا نعتز بأدائها.. لا ننكر أن الجمهورية لها أخطاؤها لكن مع الأسف هناك من يهول من هذه الأخطاء مع أن العمل لابد وأن يرافقه أخطاء.
يوجد بعض من الناس يرتكبون أخطاء فادحة ولا يقبلون النقد عليها.. نحن مع النقد الموضوعي والبناء.. صحيح قد يحصل أحياناً نقد جارح وغير إيجابي وهذا لا يجب أن يكون لاسيما واننا نعيش مرحلة تجربة الصح والخطأ ونأمل أن تستقيم أمورنا وتستقر على النحو المرغوب.

طبعاً مشكلة الموارد متعبة لنا إلى أقصى درجة لأن الموارد كما هو معروف هي أساس كل شيء والإغراق في الالتزامات فوق مستوى القدرات.. على سبيل المثال مؤسسة الثورة عليها التزامات بمئات الملايين.. لديها موظفون بالمئات معظمهم لا حاجة للمؤسسة لهم لكن لابد أن يكون التزامنا إزاءهم التزاماً ادبيا ولابد أن نعالج أوضاعهم، موارد الدولة تعاني من مشاكل وكذلك وزارة المالية التي أكاد أكون على شفا الخلاف الكبير مع أخي وزميلي العزيز الاستاذ صخر الوجيه وزير المالية.. لأننا نطلب منه دعماً حتى خارج إطار الموازنة لكي لا تنهار هذه المؤسسات.

أيضاً التلفزيون نفسه القناة الاولى والقناة الثانية بالإضافة إلى قناتي الإيمان وسبأ أصبح عندنا ثلاث قنوات تعمل بإمكانيات قناة واحدة.. لقد حصل توسع في السابق دون أن تتوفر إمكانيات لذلك التوسع.
قناة عدن تعاني الأمرّين.. ولذلك فإننا نحتاج إلى جهود كبيرة جداً بحيث نستطيع أن نخلص المؤسسات الاعلامية المختلفة من كل الاغراق والدمار الذي عانت منه في الماضي سواء كان ذلك يرتبط بالقيم وأفكار وقناعات الناس وطريقة أداء الذين يعملون في هذه المؤسسات وهم رائعون جداً لكن كانوا هكذا ملزمين بأن يكون أداؤهم على نمط معين أو بالنسبة لطريقة الإدارة وقلة الموارد التي تحتاجها هذه المؤسسات حتى يستقيم أمرها.

يتردد أنكم جئتم كجهوية سياسية.. ومارستم إقصائية ضد كفاءات إعلامية محددة.. هل حللتم هذه المشكلة؟ وما تعليقكم على ما ينسبونه إليكم؟

أنا أتمنى أن يثبت الناس ذلك ولو بدليل واحد.. هذه للأسف الشديد من الجنايات التي يرتكبها الإعلاميون على بعضهم ويقومون بها احيانا نيابة عن سياسيين لا يريدون اطلاقا إلا ان يستمروا في العمل بالطريقة التي اساءت إلى البلد واتعبته.. اؤكد انه لا تتوفر لدينا نسبة واحد في المليون من تفكير وممارسة الاقصاء.. نحن لا نؤمن بالاقصاء على الاطلاق فما بالك ان نمارسه.

لكن اريد ان اقول ان التغيير والتطوير هو من سنة الحياة ونحن سنغير ونطور في المستقبل، نحن لم نغير احدا ربما شخص واحد في التلفزيون كان عنده منصبان فسحبنا منه احد المناصب.. لكننا لم نغير احدا هذا نوع من الفجور في المواقف.. ونوع من الافتراءات التي ليس لها اساس من الصحة.

قدمتم مشروع السياسة الاعلامية إلى مجلس الوزراء ما هي دواعيه واهدافه وماذا عن ملامحه؟
كانت توجد لدينا سياسة اعلامية محددة قبل اندلاع ثورة الربيع واثناء الازمة والثورة حصلت ممارسات معينة تم من خلالها تقديس الاشخاص وظلم الآخرين.. ولذلك فإن السياسة الاعلامية التي نأمل ان تسود مستقبلا هي قائمة على التسامح وعلى الحرية وقائمة على الوفاق والاتفاق لا تقدس الاشخاص ولا تسيء اليهم وهي سياسة اعلامية قائمة على دعم وجهود فخامة الاخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وقائمة على دعم حكومة الوفاق والتسامح والسلام.. وقائمة على التأكيد بأن الوحدة اليمنية هي قدر هذا الشعب وانه لا سبيل غير الوحدة والاصلاح في كل مجالات الحياة.. وقائمة ايضا على مواجهة التطرف والارهاب الذي تعاني منه البلد.. وقائمة على مكافحة الفساد والاشادة بالنزاهة هذه هي الملامح والغايات التي نتوخاها من السياسة الاعلامية الجديدة.

محكمة الصحافة ونياباتها.. هناك مطالب بالغائها والغاء حبس الصحفيين.. هل انتم مع هذا التوجه؟

ان يحبس الصحفي لرأيه فهذا خطأ لا نوافق عليه.. لكن اذا الصحفيون اقترفوا اخطاء متعمدة ضد الغير فهذا وضع مختلف.. وان كنت اجد نوعا من اللبس في هذا الجانب، ان يحبس الصحفي على رأيه فهذا لا يجوز.. لكن ان يعامل الصحفي كبقية الناس فهذا هو الذي ينبغي ان يكون. محكمة الصحافة انا اذكر انه دار حول انشائها لغط وانا كنت من المتحفظين عليها ومازلت.. وقد قيل عنها حينها انها ميزة وليست مشكلة. لكن اذا نظر اليها الناس على انها مشكلة فيجب ان تلغى هذه المحكمة في كل الاحوال ويبقى القضاء العادي هو المسؤول عن مقاضاة اصحاب المشاكل من صحفيين وغيرهم.

في مقابلة سابقة اجريتها مع وزير العدل القاضي مرشد العرشاني قال فيها عن محكمة الصحافة والمطبوعات انها فرضت على القضاء هي وبعض المحاكم الأخرى ولا تخضع لقوانين وزارة العدل؟

وهذا ايضا من اسباب مطالبتنا بتغيير النظام السابق بالكامل.. حتى القضاء لم يكن مستقلا.. ولذلك نريد القضاء ان يكون مستقلا ويمارس دوره بمهنية.

زر الذهاب إلى الأعلى