سلط التفجير الذي وقع أمس داخل مبنى الأمن القومي واستهدف اجتماع كبار قادة «خلية الأزمة» في سوريا، الضوء على هذه الخلية ودورها في رسم مسار الأحداث في سوريا والقرارات الأمنية التي كانت تتخذها منذ تأسيسها مع انطلاقة الثورة في سوريا.
مهام عدة أنيطت بالخلية في إطار قمع المظاهرات ومحاولة وأد الثورة وتقديم مقترحات الحلول إلى الرئيس السوري بشار الأسد. وتضم هذه الخلية، التي تعد الرأس الأمني للنظام، كبار القادة والمسؤولين الأمنيين في سوريا ويترأسها اللواء هشام بختيار، الذي يحظى بثقة الرئيس الأسد. وتضم كلا من: وزير الداخلية اللواء محمد الشعار، ووزير الدفاع العماد داود راجحة، ومدير إدارة أمن الدولة اللواء علي مملوك، ورئيس شعبة المخابرات العسكرية اللواء عبد الفتاح قدسية، ورئيس شعبة المخابرات الجوية اللواء جميل الحسن، ورئيس شعبة الأمن السياسي اللواء محمد ديب زيتون. وكان ينضم إليها عند اتخاذ القرارات المصيرية كل من نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء آصف شوكت، وقائد الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري ماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري)، واللواء محمد ناصيف والعميد حافظ مخلوف. ودأبت الخلية على عقد اجتماعاتها منذ اندلاع الثورة السورية في قصر الشعب، وغالبا ما كانت تحصل اجتماعاتها بحضور الرئيس الأسد. وقد برز اسم هذه الخلية بشكل بارز قبل أشهر، في 25 مايو (أيار) الفائت، مع إعلان كتائب الصحابة، التابعة للجيش السوري الحر، عن تنفيذ عملية اغتيال بواسطة السم لعدد من أعضاء هذه الخلية، أبرزهم تركماني وبختيار وشوكت وراجحة، إلا أن ظهور وزير الداخلية شكك في صحة هذه الرواية، علما بأنه لم يظهر الآخرون إعلاميا منذ ذلك التاريخ.
رئيس «تجمع الضباط الأحرار» في الجيش السوري الحر العميد حسام العواك أشار لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخلية كانت تسمى قبل الثورة مكتب الأمن الوطني، وتتبع مباشرة لحزب البعث برئاسة اللواء هشام بختيار. وكشف عن جانب من القرارات التي اتخذتها هذه الخلية في إطار قمعها للثورة وترهيب المدنيين، ومنها إشاعة القلق والخوف والتهديد بإثارة الحرب الطائفية في سوريا، وإشاعة روح العدوان والهزيمة لدى المعارضة، وبث الشائعات عن المنافع المادية وتشكيل لوبي يساوم المعارضة ماليا لصالح النظام، وإنتاج أنواع من الدخان المسرطن والمواد المخدرة التي كانت توزع في المناطق الثائرة، وتعطيل إنتاج المصانع الخاصة والعامة وحرق المحاصيل الزراعية، رفع الروح المعنوية لدى كتائب الأسد.
وترفع الخلية اقتراحاتها إلى الرئيس الأسد «الذي يوافق عليها وتوضع موضع التنفيذ»، ووفق العواك، فإنه أكد أن «التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي أدى إلى مقتل راجحة وتركماني وشوكت، فيما أصيب بختيار ومخلوف بإصابات بليغة وهما في المشفى الشامي وتجهز طائرة لنقلهما إلى خارج سوريا».
وفي حين تم التداول إعلاميا بأن يكون النظام هو من دبر عملية مبنى الأمن القومي بعد اشتباهه بنية المجتمعين الانقلاب، مستندين في وجهة نظرهم إلى غياب باقي أعضاء خلية الأزمة عن الاجتماع، أكد قيادي معارض بارز لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع كان مخصصا لاتخاذ قرارات حول كيفية التعامل مع حملة «بركان دمشق»، وعادة ما يقتصر حضور اجتماعات مماثلة على الرأس الأمني للخلية الممثل بكل من راجحة وشوكت وبختيار والشعار وتركماني... وأكد أن دور «باقي رؤساء الأجهزة الأمنية من أعضاء الخلية يقتصر على تنفيذ القرارات والسياسات لا رسمها، وهو ما يفسر غيابهم». ويؤكد معارضون سوريون أن استهداف خلية الأزمة التابعة مباشرة للرئيس الأسد يعد بمثابة ضربة قاصمة لظهر النظام المتربع على عرش السلطة بحكم قبضته الأمنية.