كشفت إحصائيات رسمية أن إنتاج اليمن من العسل بلغ خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نحو 5 آلاف طن سنوياً، بقيمة 13 مليار ريال (80 مليون دولار). وأشارت بيانات صادرة عن وزارة الزراعة اليمنية إلى أن عدد طوائف النحل في اليمن تبلغ أكثر من مليون و200 ألف طائفة، فيما يصل عدد النحّالين إلى ما يقارب 100 ألف نحّال.
ولفتت البيانات إلى أن السوق الخليجية تستقبل من المنتج اليمني من العسل الفاخر بكميات تصل إلى نحو 500 طن سنوياً وبقيمة إجمالية تقدر بنحو 13 مليون دولار، وتوقعت الدراسة زيادة مضطردة للكميات المصدرة إلى هذه السوق نظرا لزيادة حجم الطلب على العسل اليمني المشهور بجودته من قبل المستهلك الخليجي.
وتشتهر محافظتي حضرموت وشبوة بالإضافة إلى مناطق أخرى بإنتاج أجود أنواع العسل اليمني المسمى ب"عسل السدر" والذي راجت شهرته في كثير من دول العالم لمذاقه الطيب وخصائصه العلاجية المتميزة. وخلال شهري سبتمبر أيلول وأكتوبر تشرين الأول تكون الظروف المناخية ملائمة لإنتاج أجود أنواع العسل وخصوصا "السدر" حيث يبلغ سعر الكيلو منه أكثر من 100 دولار أمريكي.
وكانت دراسة للباحثة الفرنسية المتخصصة في العلوم النباتية كاميليا سيرجان والتي عاشت عشر سنوات في جزيرة سقطرى اليمنية قد أكدت أن العسل (السُقطري) هو الأفضل عالميا والأغلى كلفة حيث يتراوح سعر الكيلو جرام الواحد منه بين 150 إلى 180 دولاراً أمريكياً.
أساليب النحالة الحديثة
ولا تزال خلايا النحل القديمة هي المستخدمة في تربية النحل في اليمن بشكل كبير حيث تشكل 75 بالمائة من الخلايا المستخدمة وهي تتنوع بين الخلايا الطينية والخيزرانية والخلايا المصنوعة من جذوع الأشجار وخلايا الصناديق الخشبية بالإضافة إلى الخلايا الكينية.
وقال الخبير الزراعي صادق هزاع لـ"العربية.نت "، إن استخدام الخلايا الخشبية الحديثة بدأ بشكل محدود جداً مع بداية السبعينات ثم اتسع مؤخراً من خلال إقبال النحالين على الخلايا الخشبية وإتباع أساليب النحالة الحديثة، ولتلبية هذا الإقبال تخصصت ورش نجارة عديدة لتصنيع هذه الخلايا الحديثة حيث تضاعفت خلال العشرين سنة المنصرمة لتصل إلى أكثر من 302 ألف خلية حتى عام 2010 مقارنة بـ4120 خلية في عام 1990م،
وكان مجلس الوزراء اليمني قد أصدر في 2003 قرارا حمل الرقم (77) واعتبر فيه العسل ضمن المحاصيل الإستراتيجية الخمسة، وحث على الاهتمام بتنميته وتطويره وهو ما أدى إلى ارتفاع كمية هذا المنتج ليصل إلى خمسة آلاف طن سنويا مقارنة بـ80 طن في عام 1990م.
العسل الدوعني
وإضافة إلى العسل السقطري الفاخر برزت شهرة العسل "الدوعني" كعلامة تجارية رائجة على المستوى العالمي وتعود تسميته إلى وادي دوعن محافظة حضرموت شرق اليمن والذي يمتاز بكثافة أشجار السدر كما يمتاز ببعض النباتات العطرية التي تنبت في مواسم مختلفة، وتشير المصادر إلى أن شهرة العسل الدوعني ضاربة في القدم حيث كانت تجارة العسل تحتل المرتبة الثالثة في اقتصاديات مملكة حضرموت خلال القرن العاشر قبل الميلاد. ويشير الباحثون إلى أن للعسل الدوعني وعسل السدر عموما خصائص طبية حيث يستخدم في علاج القرحة والربو والالتهابات والسرطان وغيرها.
وهناك عسل السمر الذي يستخرج من أشجار شوكية ويستخدم في علاج أمراض الكبد والبرد وفقر الدم والملاريا والتيفود والسكر. ومن الأنواع المعروفة أيضا عسل السلم والعسل الجبلي الأبيض والعسق والعمق والصال والكلح.
مخاطر الغش
وحذر معنيون بهذا المنتج اليمني الذائع الصيت، مؤخرا من ممارسات "غش" يقوم بها بعض المشتغلين بهذه المهنة ومن شأنها تهديد سمعة العسل اليمني الشهير والإضرار به والحد من تسويقه وتصديره.
واتهم مشتغلين بتجارة العسل بعض من وصفوهم ب"ضعاف النفوس" في بعض المحلات أو الباعة المتنقلين، ببيع عسل مغشوش إلى مواطنين أو زائرين عرب وأجانب على أنه عسل يمني، للحصول على مكاسب رخيصة تؤدي إلى تدمير سمعة العسل اليمني.
وأوضح محمد فرحان وهو أحد تجار العسل بصنعاء، أن اخطر تلك الأساليب التي تهدد سمعة العسل اليمني الشهير هو قيام بعض التجار باستيراد عسل من الخارج وخصوصا من إثيوبيا والصين واستراليا وإعادة بيعه وتصديره على انه عسل يمني.
وفيما كانت هيئة المواصفات اليمنية أعلنت عام 2007 عزمها على إصدار مواصفة خاصة بالعسل اليمني، بهدف إعطاء هذا المنتج ما يستحقه من أهمية، يؤكد فرحان أن شيئا من ذلك لم يتحقق في وقت تتطور فيه وسائل الغش ولم يعد مجديا معها الأساليب التقليدية المتبعة في اليمن لفحص العسل والتأكد من جودته عن طريق التذوق والشم.