[esi views ttl="1"]
arpo28

التغطية الإعلامية العربية لأول أيام ثورة 26 سبتمبر 1962.. يمانيات «النهار» اللبنانية أنموذجاً

حدث التغيير –دوماً- يجذب أنظار المتحفزين لتفاعلات العصر لا التقاعس عنها.

وافتتحت ستينيات "التغيير" في القرن العشرين يمنياً بحركة التغيير "ثورة 26 سبتمبر – أيلول 1962م" الذي قادها الجيش اليمني، كحدث مهم في سياق "الطفرة (الثورية) العربية" فاض عنها "وفرة معلوماتية" تلقفتها "آية زمان" القرن الماضي من: وكالات الأنباء والصحف العربية والدولية.

ثم تسابقت "آيات القرن العشرين" الإعلامية، على تقديم المعلومات أولاً بأول عن تطورات الوضع داخل اليمن وتداعياته على محيطه الإقليمي. ومع افتراض الحياد النسبي، لم يبدُ من أي الوسائل التي تناولت الحدث اليمني إعلامياً، انحيازاً تاماً لخيار مقاومة التغيير في اليمن يومئذ.

وتُجلي تغطية بعض الصحف العربية، ولا سيما صحيفة "النهار" اللبنانية المختارة كأنموذج للتغطية الإعلامية العربية للحدث اليمني، احترافية التعاطي وكثير من المعلومات (وإن جانب بعضها الدقة) ونشرها، أ أتت من مصادرها البشرية المباشرة أو عبر الوكالات العربية والدولية.

ويرجع اهتمام "النهار" –وعدد آخر من صحف لبنان- بالتفاعلات اليمنية، إلى شعور محرريها ومالكيها بارتباط جذورهم باليمن أولاً، ثم تشابه ظروف انفتاح ساحتي البلدين لحروب الآخرين، كما عبر عن ذلك قديس الصحافة وسفيرها الراحل غسان تويني في مذكراته "سر المهنة وأسرار أخرى".

ولأن تداعيات ثورة 26 سبتمبر 1962م في اليمن استدعت حروب "الآخرين" أو "الحرب بالوكالة" على أرضه، فقد استوعبت "النهار" -كما سيتبين- تناولات إعلام "الآخرين" لما يدور هنالك.

وبقدر ما ميزت عناوينها الرئيسية "بانحياز واضح" لانتصار ثورة الجمهوريين.. ميزت كذلك مضامينها الشاملة "باحتواء ناجح" لأنباء مقاومة الملكيين.

وكشفت عن قبولها التام بخط المدنية الديمقراطية، ونفورها العام من نهج "العسكريتاريا" الديكتاتورية..

ويُذكر إن مصطلح "عسكريتاريا" يعود ابتكاره –حسب تقديم غسان تويني لكتاب "عسكر على مين" للشهيد سمير قصير- إلى ميشال أبو جودة "أستاذ" التحليل السياسي والصحافي اللبناني ، وصاحب العمود الرئيسي "من حقيبة النهار" الذي انسلت منها تعليقاته على الوضع اليمني ملكياً وجمهورياً.. عسكرياً!

كما أسهمت تغطية "النهار" لما يدور في اليمن ضمن تغطيات عربية أخرى، إلى إنجاح مشروع تويني الهادف إلى "تعريب الجريدة اللبنانية" بأقلام وقدرات رشيقة كميشال أبو جودة وفؤاد مطر وعلي هاشم وسمير عطا الله ورياض الريس وغيرهم من المتخرجين لاحقاً في مدرسة "النهار" المنافسة لجرائد لبنانية وعربية أخرى غطت أيضاً أحداث اليمن و"الطفرة الثورية العربية".. لكن النهار أحرزت ب"اليمانيات" أكثر من سبق صحافي حول عدد من القضايا التي نجم عن تغطيتها الأثر السلبي.. والإيجابي.

وهنا.. مفتتح "يمانيات النهار" بالتغطية النهارية المكثفة لأحداث اليمن وتداعياتها: ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وقد انتخب منها تغطية الأيام الأولى للجمهورية كشاهد حاكٍ عما دار وثار حولها في تلك الأيام، من كل اتجاه بحرفية ومهنية وأمانة، كما بدا من نقل "النهار" لكل حرف من بيانات كل طرف جمهوري أو ملكي، وإذاعات القاهرة وعمان ولندن. كما كيّفت العناوين بما يتناسب وجوها المنفتح على كل المواقف والاتجاهات.

أهم محتويات التغطية الصحافية:

البدر إماماً، ميتاً ثم.. حياً..

- عند تناول خبر موت الإمام أحمد (في 18 سبتمبر) وتنصيب البدر ملكاً في 19 سبتمبر، وردت من الصحيفة خلفية شاملة عن الإمام البدر ووالده أحمد وعلاقتهما المتوترة أحياناً، وحق البدر في ولاية العهد المطعون من أبرز مناوئيه عمه الحسن رئيس وفد اليمن في الأمم المتحدة.

- برقيات التعازي من الملكين سعود من السعودية والحسين من الأردن، واللافت للانتباه في برقية عزاء سعود رداً على إنباء البدر له بأن تم الإجماع عليه خليفة لأبيه، ارتياح سعود إلى: "التفاف الأسرة حول البدر وإجماعهم على اختياره"، ما يشير إلى إدراك سعود للجو المشحون داخل الأسرة الحميدية.

- نعْت مدة حكم البدر ب"أقصر خلافة" والتنويه بنواياه الإصلاحية.

- فيما كان المعلن وعبر النهار أيضاً "قتلوا الإمام" بعد ضرب قصره بالمدفعيات إلا أنها استبقت –ويظل السبق لها حتى الآن ما لم يثبت العكس- بالنشر عن "مرجع روسي يؤكد أن البدر لا يزال حياً" فصدّرته صفحتها الأولى معتمدةً على مصداقية المراجع التقدمية وليس المراجع الرجعية الإمبريالية!

أسماء أبرزها الحدث في موعدها

تغطية البيانات الواردة عن السادس والعشرين من سبتمبر، من المذاع عنها صباح يوم الخميس الموافق السابع والعشرين من سبتمبر المؤكدة على إعلان الجمهورية وإسقاط الملكية يوم الأربعاء الموافق 26 سبتمبر.. وبينما قالت الأهرام إن بين قادة الثورة عبدالله السلال وحمود الجايفي. فقد أوردت "النهار" اسم "حمود جايفي" قائداً وحيداً للثورة.

والحق يقال بأن غالبية الصحف العربية احتضنت أخبار الحدث السبتمبري يوم الجمعة الموافق الثامن والعشرين منه، حتى إن جرائد مصر "الأهرام وأخبار اليوم" لم تنشر خبراً عن حدث يوم "الأربعاء" السادس والعشرين من سبتمبر إلا صباح الجمعة الثامن والعشرين. كما ظلت الصحف تُحرِّف -عن غير قصد- أسماء اليمنيين على نحو يصعب على من لم يعرفهم تصويبه، وقد وقعت "النهار" كما الأهرام في فخ خطأ ترجمة الأسماء أحياناً، ونقلها أحياناً أخرى.

نشر موقف القاهرة

لم تتخلف النهار كغيرها من الوسائل عن نشر خبر إسراع القاهرة إلى "رفض التدخل الخارجي في شؤون اليمن، ومراقبتها للموقف باهتمام شديد، ومتابعة الأخبار الواضحة عن قيام ثورة الجيش".

... وتأييد البعث

مع تحذيرات بعض قادته بدمشق كأكرم الحوراني من ذهاب الثورة ضحية للتنافس الانكلو اميركي على النفوذ في المنطقة.. وتوجيه البعث لاحقاً الدعوة إلى الاعتراف بالجمهورية اليمنية.

تغطية نشاط الحسن

من الواضح تميز "النهار" بتغطية دقيقة لتحركات الحسن بن يحيى حميد الدين من نيويورك إلى لندن، ومن لندن إلى بيروت، ومن بيروت إلى السعودية.. ومنها تصرفه كسيد الموقف أو إنه الإمام فعلاً، تصريحه لرويترز في لندن أن "الحادث بسيط وسيسحقه الشعب، وليس الجيش كله من قام بذلك وإنما مجموعة ضباط صغيرة"، "والبدر خانه الضباط"، وأنه واثق بأن "عودته ستلقى ترحيباً كبيراً". وحين مروره ببيروت في طريقه إلى السعودية متزامناً مع اعتراف عاصمة الأردن به إماماً، أكد اعتزامه "القيام بحركة معاكسة، وكل ما في صالح بلاده".

نقل مواقف المفوضيات اليمنية

الغالب ثبات معظم المفوضيات اليمنية في قارة أوروبا على الأقل تكذيب أنباء صنعاء، فالمفوضية اليمنية في بون التي كان يرأسها محمد بن الحسين وغادرها إلى السعودية أنكرت في بيان لها صحة أنباء إعلان الجمهورية، وقالت إن "شباباً بين الضباط غير الوطنيين احتلوا الإذاعة وأعلنوا قتل الإمام الشرعي، كما إنهم لا يتمتعون بتأييد شعبي". لا سيما ورؤساء المفوضيات هناك يدينون بالولاء للحسن بن يحيى الذي دونما شك باشر تواصله معهم.

والمفوضية بلندن برئاسة أحمد الشامي، المعروف بانتصاره للبدر لولا مصيره المجهول حتى تلك اللحظة في آخر سبتمبر، فأعلنت الحسن إماماً. إذ أصدرت المفوضية اليمنية هناك بياناً أعلنت فيه إن "الشعب يقبل الحسن إماماً جديداً".

أما المفوضية بعمان التقى رئيسها برئيس الحكومة الأردنية وصفي التل.

لكن الأمير الحسين بن القاسم يحيى حميد الدين سفير اليمن في براغ برز كأول أمير يؤيد الجمهورية الجديدة منذراً بالفشل كل تحالف ضد الجمهورية اليمنية.

وكذا الوزير المفوض لدى المغرب عباس الوزير أعلن تأييد الثورة والجمهورية.

موقف بريطانيا

يتمثل الموقف البريطاني حسبما نقلته النهار اللبنانية في "توقعات مسبقة، متابعة دائمة ودراسة فاحصة للتطورات شمال اليمن" وقياس تأثيراته –بالطبع- على وضع الإدارة البريطانية في مستعمرة عدن، والخشية من انتشار طعدوى الانتفاضات الشعبية" إلى الجنوب بدعم مصري، وهو فحوى ما تناولته –حسب تقارير السياسة الخارجية الأميركية- ردود على الجانب المصري. فكان بين الأنباء المنشورة في النهار عن تعليق وموقف بريطانيا:

- إشارة الإذاعة البريطانية في برامج خاصة إلى عدم متانة مركز البدر كإمام جديد، وأن حدوث الثورة كان متوقعاً.

- الدوائر الرسمية البريطانية بداية الأمر قالت إنها لم تتلق رسالة حول وقوع ثورة إنما تقرير من عدن عما أعلنته إذاعة صنعاء.

- المتابعة البريطانية للموقف جعلها تدرس تطورات "الانقلاب الناجح" في اليمن خشية التأثير على عدن والمحميات. ولم تمنع الحسن من الوصول لعدن.

- امتناع وزارة الدفاع البريطانية عن التعليق على نقل طائرة مصرية لمعونات عسكرية إلى اليمن.

- تناول الصحف البريطانية الغارديان والتايمز، للأحداث اليمنية بشكل مغاير لتوقعات رفض حدوث الحركة وإن أبرزت –خاصة الغارديان- ملاحظات على تصرفات قادتها السلبية والإيجابية من نوع: "مع أنه من المحتمل أن تعيد الثورة في المستقبل عصر مملكة سبأ الذهبي فإن قادة الجيش رغم كل بياناتهم المشجعة حول إنهاء الطغيان والعبودية وقطع الرؤوس قد يظهرون أنهم من القسوة وعدم الاختصاص مثل أي إمام. فلقد انغمس هؤلاء القادة حتى الآن في العادة اليمنية القديمة بالاحتفال باستيلائهم على السلطة بإعدام خصومهم، وكل ما يمكننا قوله في الوقت الحاضر أنهم يعلنون كثيراً من الآراء الصائبة بينما اعتاد الإمام السابق الأخذ بالآراء الخاطئة".

أما جريدة التايمز المستقلة فذكرت "نقلا عن مصادر عسكرية إقلاع طائرة مصرية تحمل أسلحة وخبراء عسكريين.. وأن "الرئيس عبدالناصر اعترض على طلبات مستشاريه بالتدخل العسكري المباشر ولكنه وافق على تقديم مساعدات سرية وفنية".

التعليقات السياسية

ركزت التعليقات السياسية لغسان تويني وميشال أبو جودة على أهمية تحديد دور الجيش في الحكم، لئلا تفقد "الثورة حدودها" حسب تويني، ويصبح شاهد الحال "ضابط الضباط" عوضاً عن "ملك الملوك" كما يقول أبو جودة!

وأقرت تعليقات تويني وأبي جودة بأحقية ووجوب الثورة في اليمن. نظراً للظروف التي طالعوها من خلال الأنباء والمعارف الشخصية كالأستاذ محسن العيني وزير خارجية الثورة، والذي مر بيروت قبل الثورة ثم بعدها والتقى أهل "النهار" خلالها، وهنا شذرات منها:

- 20 سبتمبر 1962م من حقيبة النهار: إمام جديد وعهد جديد، لميشال أبو جودة الذي يكرر حقيقة الموت واحد ومات الملك ثم عاش الملك.. تأكد أن موت الإمام أحمد ختم آلامه المتواصلة من رصاصات محاولة الاغتيال، وبوفاته لم تنطو صفحة مضطربة اخرى من تاريخ اليمن والجنوب العربي فحسب بل وصفحة طريفة وغريبة من تاريخ علاقات اليمن الخارجية، إذ جمعت لديها المتناقضات في أوضح صورها، حفاظاً على العرش واستقلال التصرف، الذي جعل القاهرة تحمل عليه وتتهمه باستعمال الإمام إياها لرد رياح الثورة عنها!.. وكيف دأب الأئمة على التحالف مع خصوم الانكليز.. فهل سيدشن الإمام الجديد عهده بالتقرب ثانية من القاهرة، وهو مشمول مع والده الراحل بالحملة الناصرية؟ وإن فضل أبو جودة القول بان الإمام الجديد سينصرف إلى ترتيب شؤونه الداخلية أولاً على أمل إحداث تغييرات عصرية لا يزال اليمن بحاجة ماسة إليها وكانت عقلية الإمام أحمد تقطع عليها الطريق، فهل يخرج اليمن مع الإمام الجديد الشاب من القرون الوسطى؟

- وفي 28 سبتمبر.. نوه أبو جودة في مقاله "جمهورية أخرى وجيش آخر" بالحركات العسكرية السابقة لثورة اليمن، في 28 أيلول 1961م بانفصال الجيش في سوريا عن أكثر النظم ثورية في العالم -كما يرى النظام نفسه- بالارتداد عن الوحدة بين مصر وسوريا، وفي أول تموز 1962م بقيام الجمهورية الجزائرية على أنقاض الاستعمار الفرنسي الموصوف ب"استعمار الدمج التام" الذي لم تعرفه مختلف أنحاء العالم العربي.. والإعلان في صباح 27 أيلول 1962م عن قيام الجمهورية العربية اليمنية على أنقاض نظام ملكي مغرق في تخلفه وفي استقلاليته إلى حد أن ابطال الجمهورية سيتهمونه بكل شيء إلا وطنيته!.. ويرجع في تعليقه إلى الوراء عشر سنين ليجد ثلاث جمهوريات ثورية قامت على أنقاض ملكيات دستورية: العراق، تونس ومصر. وانبثاق نظامين غير مألوفين من جمهوريتين حديثتي العهد بكل شيء: الاستقلال، والديمقراطية والبرلمانية. وهما السودان ولبنان. وينوه بالظاهرة المشتركة بين الثماني جمهوريات وهو الجيش، كبديل ومنقذ هل هو مرحلة تفضي إلى نظام ديمقراطي تمثيلي. أم أن المواطنين في تلك الجمهوريات سيظلون يبحثون عن قاسم مشترك يشرك المدنيين مع العسكرين في نظام حكم ثنائي سحري لا يتسلط فيه فريق على آخر ولا يصارع فيه الواحد الآخر؟

- أبو جودة في "ثورة اليمن حق وواجب" 29 سبتمبر، يتطرق بعد إشادته بشخصية وزير الخارجية محسن العيني إلى أن الثورة لا تستطيع النجاح لمجرد توفر العنصر التقدمي الشاب فيها مؤكداً على إن "الثورة ضرورية وحق من حقوق الناس".. ويشير إلى التفهم لحالة التخوف الدولي والإقليمي لا على مصير اليمن فحسب بل وعلى مصير قاعدة عدن ومضيق باب المندب الذي يغلق البحر الأحمر من الجنوب بعد سيطرة مصر على منافذ البحر الأحمر من الشمال، والهلع الغربي أمام فكرة وجود السوفيات مع وضع تقدمي في اليمن وهي أبعد نقطة عربية إلى الجنوب باتجاه أفريقيا الشرقية وبحر العرب. ومع ذلك فإن اليمن هو البلد الوحيد في العالم الذي لا يمكن لأي ثورة بل لأي حرب أهلية أن ترجعه إلى الوراء أكثر مما كان عليه.

- وفي 29 سبتمبر، كتب "من وحي اليمن" أحمد شومان عن حالات التأييد للبدر قبل ساعات معدودات من الانقلاب عليه، والذي يجد قادته أنفسهم نفس المهنئين للبدر يهنئونهم، ساخراً من البيانات الاشتراكية والثورية التي قفزت باليمن ألف سنة!

- ولأن "الاعتراف بثورة اليمن محك عربي وإقليمي" استخرج أبو جودة من حقيبة النهار لعدد يوم 30 سبتمبر أحرفه الشارحة لحال الامتناع عن الاعتراف بالجمهورية في اليمن نظراً للتحسس الذاتي والإقليمي والدولي من بعض المعترفين به في موسكو والقاهرة. وهو ما يجعل الموقف الموضوعي في محك.

- ويوم 4 أكتوبر أجاب غسان تويني في مقال له "الثورة وحدودها": كيف تكون ثورة اليمن تحررية تقدمية، وقد قام بها الجيش، في حين نعتبر الحكم العسكري، في غير اليمن، طغياناً ورجعية؟، مستنداً على قول الرئيس اللواء فؤاد شهاب بأن للجيش في الدولة الديمقراطية وظيفة بل رسالة الحفاظ على المؤسسات ونظام الحكم. واستطرد تويني موضحاً ان ذلك في الدولة الديمقراطية حيث لا حاجة للجيش بدخول صراع سياسي.. اما في اليمن حيث لا ديمقراطية وحيث كان الحكم طغياناً فردياً وإرهاقاً وإرهاباً، فمن المحتوم أن تنفجر، وتكون أداة الانفجار هي الجيش، ذلك أنه من الشعب هيأت له الظروف من القدرة ما لم يتهيأ للشعب كجماعة. مؤكداً أن يجب أن يعرف الحكم العسكري كيف يكون مرحلة انتقالية وحسب، بتسلم الشعب بعدها حرياته فيمارسها كاملة ضمن نظام دستوري حر، أما إذا استطاب العسكر استبقاء الوكالة في قبضتهم، فسيفيقون ذات يوم ليجدوا المحبة التي كانت لهم قد استحالت حقدا مكبوتاً، وتصبح الثورة عليهم هينة.

- وعن "معركة اليمن واترلو العرب" أخرج ميشال أبو جودة من حقيبة النهار ليوم 6 أكتوبر، ورقاً عن حساسية العراق من نواح عدة عن اعترافها كجمهورية من دون الجمهوريات بجمهورية اليمن. الذي تزايد تحول ثورته إلى محك عرب وإقليمي يحكم من خلالها على بعض النظم التي قسمتها الثورة اليمنية ليس فقط إلى جمهوريات وملكيات بل أيضاً إلى جمهوريات محاربة وجمهوريات غير محاربة، وكذا ملكيات محاربة وملكيات غير محاربة!. وأن الرئيس عبدالناصر يتردد كثير بين القول عنه هتلر العالم العربي أو القول أنه نابليون هذا العالم بالنسبة لأعماله في نطاق التوحيد أو نسف النظم القديمة، وتأتي معركة اليمن وتكتل الجمهوريات في مواجهة تكتل الملكيات موحية للناس كأنهم عشية معركة واترلو أخرى غير معروفة النتائج: إما نابليون ونظامه أو أوروبا الملكية وحلفها المقدس. ومع أن واترلو كانت فاصلة بالنسبة لنابليون لكن الحلف المقدس لم يتغلب على رياح الثورة الفرنسية. ومن هنا يعتبر أبو جودة ثورة اليمن قد تسحق حتى جمهوريتها لكنها ستضطر الملكيين -إن عادوا- إلى تحويل انفسهم لنظام دستوري برلماني قانوني بل وتقدمي!

بيبلوغرافيا الأحداث في عناوين الصحيفة

الخميس 20 سبتمبر:

الصفحة الأولى: مات الإمام أحمد وبويع البدر ملكاً باسم المنصور بالله محمد بن أحمد حميد الدين.

- من حقيبة النهار "عهد جديد وإمام جديد" ميشال أبو جودة.

الصفحة السابعة: مات الإمام احمد وبويع البدر ملكاً وإماماً.. تتمة الخبر الرئيسي الأول، النعي الرسمي والمبايعة.. الإمام الجديد ينتظر عون سعود.. عمّان تعلن الحداد 14 يوماً.

الجمعة 28 سبتمبر:

تصدر الصفحة الأولى العنوان التالي:

- نسفوا القصر وقتلوا الإمام وأعلنوا الجمهورية: الجيش يعلن الثورة وقيام "الجمهورية العربية اليمنية".. تفرعت عنه العناوين: تفاصيل التطورات، بلاغ الثورة..

- أقصر خلافة.. سيف الإسلام الحسن يعود إلى صنعاء ويدعو القبائل إلى الاجتماع... قائد الثورة حمود جايفي. 4 مسئولين بينهم شقيق الإمام يصبون عدن ويختفون

- من حقيبة النهار: جمهورية أخرى وجيش آخر. ميشال أبو جودة.

وفي الصفحة السابعة: الجيش اليمني يعلن يعلن الثورة وقيام "الجمهورية العربية اليمنية".. تتمة المنشور على صفحة 1.. تفرع عنه العناوين التالية: .. وبلاغ الوقت، تأييد من البيضاء.. أقصر خلافة.. تتمة.

مع مربع شامل لأخبار قصيرة عن نشاط بعض دبلوماسيين يمنيين في المفوضيات اليمنية بعمان ولندن، وتصريح ناطق بلسان الخارجية البريطانية، وبيان عن المفوضية ببون، واهتمام دمشق بتطورات اليمن، وتعليق الأمير طلال بن عبدالعزيز على الثورة في اليمن، وبيان وزير الإعلام المصري عبدالقادر حاتم.

السبت 29 سبتمبر:

الصفحة الأولى: نجحت ثورة اليمن وشكلت مجالسها وحكومتها.. إعدام عشرة وزراء بينهم وزير الخارجية حسن إبراهيم.. والعناوين الفرعية: تطمين الدول وإلغاء منع التجول وتحذير الحسن ونفي تمرد القبائل (فحوى بيانات جمهورية، وقرارات تشكيل مجلس الرئاسة برئاسة محمد علي عثمان والحكومة برئاسة عبدالله السلال)، محكمة الشعب، "الموت للملكية"، نفي التمرد.. - السلال الرجل القوي. - الحسن يصل اليوم إلى بيروت.

- من حقيبة النهار: ثورة اليمن حق وواجب. ميشال أبو جودة

في الصفحة السابعة: تتمة: الحسن يصل اليوم إلى بيروت.

وفي الصفحة الثامنة: كاريكاتور ساخر عن مندوب اليمن بالجامعة العربية.. تتمة: نجحت ثورة اليمن وشكلت مجالسها وحكومتها، بالعناوين الفرعية: إلغاء حظر التجول، السياسة العربية والدولية، الخارجية تباشر عملها.. لندن تدرس تطورات "الانقلاب الناجح".. حزب البعث يؤيد.

الأحد 30 سبتمبر:

الصفحة الأولى: روسيا والمتحدة يعترفان بالجمهورية، والأردن والسعودية يعترفان بالحسن: عمان تعترف بالحسن، اجتماعات في دمشق.. وزير خارجية اليمن في بيروت يتحدى الحسن العودة إلى البلاد.. بغداد ستعلن اعترافها وسنطالب بمحميات عدن.. الحسن يصلي في المطار ويتوجه إلى السعودية.

- من حقيبة النهار: الاعتراف بثورة اليمن محك إقليمي ودولي. ميشال أبو جودة.

الصفحة السابعة: تتمة خبري الصفحة الأولى: روسيا والمتحدة يعترفان: الحوراني يرحب ويحذر، صحافة بغداد تراقب، القبائل والشيوخ تعلن تأييدها للانقلاب، تشكيل حرس وطني، مظاهرات تأييد في عدن.. تتمة: الحسن يصلي في المطار.

الأربعاء 3 أكتوبر:

الصفحة السابعة: البيضاني -الرجل الثاني في اليمن- يتحدث عن التطورات.. والحكومة تدعو الأنصار لصد محاولات الغزو.. وأدناه العناوين الفرعية: إنشاء "وحدات الصاعقة"، تهديد من الثورة للقبائل، العيني: مستعدون لمد يد الصداقة إلى السعودية والأردن. أمير يؤيد، دبلوماسي يمني في الأردن يلجأ إلى سوريا. تعليق لـ"الغارديان". أسلحة مصرية للثورة، الأمير طلال يهنئ.

- حزب البعث يدعو الحكومات العربية للاعتراف بالجمهورية.

الخميس 4 أكتوبر:

الصفحة الأولى: مرجع روسي يؤكد أن البدر لا يزال حياً، وشائعة تصل إلى عدن عن فرار الإمام ساعة القصف، تدلى منه العنوانان الفرعيان: الإمام البدر حي، .. وشائعة تقول أنه مختبئ لدى القبائل الجبلية... آخر نبأ عن برقية من الزعيم السلال إلى الرئيس عبدالناصر.

- الثورة وحدودها.. غسان تويني.

الصفحة السابعة: تتمة الخبر الرئيسي: مرجع روسي يؤكد أن البدر حي.. وأدناه: ازدياد التوتر بين اليمن والسعودية، العيني يسافر إلى الحديدة.. راديو عمان يعلن: القبائل الشمالية والشرقية التحقت بالحسن، تشيكوسلوفاكيا تعترف، .. ويوغسلافيا أيضاً.

السبت 6 أكتوبر:

الصفحة الأولى: صنعاء ملكية وصنعاء جمهورية... بدأت حرب الإذاعات وأبناء الحرب الحقيقية غامضة.. الجمهوريون يذيعون نبأ انضمام ضباط الحدود السعودية.

- من حقيبة النهار: معركة اليمن واترلو العرب. ميشال أبو جودة.

الصفحة السابعة: تتمة المنشور: صنعاء ملكية وصنعاء جمهورية، أهداف الانقلاب، وفد من اتحاد الجنوب العربي لمقابلة وزير المستعمرات

زر الذهاب إلى الأعلى