عندما يتم الحديث عن الحراك الجنوبي في اليمن يقفز إلى ذهنك مباشرة اسم العميد عبدالله حسن الناخبي، فهو من أوائل من خرجوا في الشارع الجنوبي للمطالبة بفك الارتباط وإنصاف الجنوب حسب ماكان يتم ترديده من شعارات، إلا أن تطوراً مفاجئاً على العميد الناخبي جعله يتحول عن فكرة فك الارتباط إلى تأييد الوحدة بين الشطرين، لكن وفق صيغة جديدة، غير الاندماجية، ماجعله في نظر الكثير من أنصار الحراك الجنوبي الداعي للانفصال خائن للثورة الجنوبية ويوصف بانه حاد عن الطريق الذي اتفقوا عليه في أول المسير، الأمر الذي دفع مجلس الحراك الأعلى الجنوبي أن يعين أمينا عاما آخر للمجلس في اجتماعه الذي عقد في محافظة شبوة بتاريخ 11 / 6 / 2011 م، وهو السفير قاسم عسكر جبران بعد تصريحات الناخبي الأخيرة.
بالمقابل، لايزال الناخبي يُدافع عن أفكاره ببراعة ويرى أن من الجيد استخدام العقل في كل مانُقدم عليه، فالثورة الجنوبية حد وصفه لم تكن بالمستوى المطلوب، فيما ثورة الشمال استطاعت خلال فترة وجيزة أن تصل إلى كل بيت وقرية في الجنوب، واستطاعت أن تسقط النظام الذي كان الجميع يُطالب بإسقاطه، ولذا تولدت لديه فكرة دعم الثورة في الشمال وتبني فكرة دعم الوحدة، لكنها ليست الوحدة الاندماجية بل الوحدة الفيدرالية.
الناخبي هاجر من عدن إلى صنعاء بعد الثورة الشبابية السلمية وكأنه وجد فيها الأمان بعد رحيل علي عبدالله صالح الذي قال لي أحد أبناءه إن علي عبدالله صالح أوقف راتب الناخبي الشهري ماجعله يدفع باثنين من أولاده للعمل في السعودية سدا للحاجة بعد توقيف الراتب.
.. صحيفة "إيلاف" زارت الناخبي إلى منزله المتواضع بصنعاء، وناقشت معه بشفافية عن الحراك الجنوبي إلى أين وصل، وأين يتجه، وماهو سبب تناحر فصائله المتعددة، ومن هو المسيطر على المشهد في الجنوب، ومن السبب في أعمال العنف الدامية التي تحدث هناك، وعن زيارة الرئيس هادي الأخيرة إلى الجنوب، ومدى حجم تأثير غياب بعض فصائل الحراك الجنوبي على مؤتمر الحوار الوطني، وأشياء أخرى لها علاقة بمشهد القضية الجنوبية.. إلى التفاصيل:
* نبدأ من الحراك الجنوبي الذي مرّ عليه سنوات من النضال في الشارع، لكنه في الفترة الأخيرة بدأ ينحرف نحو العنف، برأيك إلى أين يتجه الحراك الجنوبي، و إلى أين سيصل؟
- الحراك الجنوبي عبارة عن حركة شعبية مؤلفة من كافة فئات وشرائح في المجتمع الجنوبي، هناك ناس مناضلين كانوا من قادة الدولة في الجنوب وشباب طيب، هؤلاء تركن إليهم أنهم سلميين ويحبون الحراك ومبادئه، لكن هناك فصيل ومجموعات اعتمد عليهم علي سالم البيض؛ هؤلاء هم الجناح المسلح، وهم وراء كل المشاكل التي افرزت نتائجها بالعنف في الجنوب، سواءً كان في الضالع أو في ردفان أو في عدن، وهم معروفين بالنسبة لنا.
* منذ متى بدأ ينحرف الحراك الجنوبي عن مساره السلمي؟
- لايوجد تاريخ محدد، لكن على مدى الأيام التي عشنا فيها بالجنوب كان في بدايته عمل سلمي خالص، لكن بفعل اساليب السلطة وممارسة العنف من قبلها، وعدم محاسبة الذين يرتكبون أعمالا مُخلة بالأمن سواءً كانوا من السلطة أو من الحراك الجنوبي أدى إلى ظهور بعض الأعمال وبعضها ردود أفعال تحصل؛ خاصة في الأرياف وتزايد ذلك عندما بدأت الثورة السلمية.
* قصدك ازداد العنف المسلح؟
- نعم، هناك مجموعة من متطرفي الحراك تحاول أن تعتدي على أبناء المحافظات الجنوبية الذين يعملون ساحات في محافظة عدن؛ في كريتر أو في المنصورة.
* تقصد جنوبيين يعملوا فعاليات ومظاهرات في عدن؟
- نعم يفعلوا فعاليات، والمتطرفين حق الحراك يضربونهم بالسلاح.
* هذه الفعاليات التي يعملها ابناء المحافظات الجنوبية، هي دعما للحراك أم لماذا؟
- دعما للثورة السلمية، وعملنا بيانات وأدنّا هذه الأعمال رغم أن بعضا من الحراكيين يسوؤهم هذا (أي البيانات التي نصدرها لإدانة العنف) ويتمنون أن نؤيدهم في اعمال العنف لكن نحن نرى أن مساندة العنف خطأ وجريمة من أي طرف كان، سواء كان من قِبل الدولة أو من قبل الحراك الجنوبي، هذا العنف مرفوض.
* فصائل الحراك الجنوبي
* بصراحة كثرت تيارات وفصائل الحراك الجنوبي، ولم نعد نفهمها، هل لك أن تفصلها لنا بشكل سريع واحد اثنين ثلاثة؟
- شوف.. هناك مجموعة علي سالم البيض وهم الذين يعلنون أنهم سيعيدون دولة الجنوب، وقد أعلنت في 21 مايو 94 من حضرموت، لكن مع تطور الأيام وزيادة المكونات بدأت مجاميع تنظم ولكنهم لم يشكلوا تيار واحد، ممكن أن يسمى تيار الاستقلال وبقيت عدة تيارات فلو تتكلم هم مجموعات تيارات كثيرة.
* التيارات الأساسية التي تحرك الشارع؟
- أولا مجموعة علي سالم البيض، ثانيا: مجموعة حسن أحمد باعوم، ثالثا: مجموعة الدكتور صالح يحيى سعيد، رابعا: مجموعة العميد علي ناصر النوبة، وهناك مجاميع تنضم إلى هذه التكتلات الأربعة الأساسية ويا ليت أنهم شكلوا تيار واحد الآن وسموه تيار الاستقلال، لكن كل واحد له اسم ومسمى لنفسه.
* لكن يجمعهم هدف واحد وهو تقرير المصير؟
- حتى نفس التيارات تجد بينها اختلافات في داخلها، يعني مجموعة علي سالم البيض هناك بالضالع وحضرموت مش متفقة معه ويوجد بينهم خلاف، مختلفة مع علي سالم البيض وفي نفس الوقت مش متفقة مع الدكتور صالح والنوبة مائة بالمئة، ونحن بصراحة ندعو اخواننا الجنوبيين عليهم أن يتوحدوا برأيهم، وبدون توحيد الرأي والفصائل لن يستطيعوا الوصول إلى أي نجاح.
* بالنسبة لك من هم أقرب التيارات إليك؟
- بالنسبة لنا اقتنعنا أن الانفصال ليس حلا لليمن، وتعمّق عندنا ذلك عندما قامت الثورة السلمية في الشمال والجنوب، وفكرت: هل نساعد الثورة ونقف مع الثوار وندعمهم، أم ماهو موجود في الحراك، ثم رأينا أن أقصر طريقة يمكن أن نقوم بها هو أن نلتحم إلى جانب الثورة السلمية وأن نناضل من أجل اسقاط النظام القائم وسقاط علي عبدالله صالح من الحكم، وتولد عندنا شعور أن الثورة السلمية ستحقق بعض أهدافها قبل نجاح الحراك الجنوبي، وان الثورة السلمية سوف تفتح لنا مجالا واسعا لشرح القضية الجنوبية وفتح آفاق جديدة للقضية الجنوبية.
* هل افهم أن التيارات الأخرى لم تقف مع الثورة السلمية؟
- للأسف أطلقوا شعارات كنا مختلفين معهم فيها، لأنهم صرحوا وقالوا إن الثورة لاتعنينا، والذين قالوا هذا الكلام العام الماضي هم هذا العام بالتحديد في 21 فبراير يتخوفون من الثورة السلمية ومسيرتها بالجنوب، فمن كان العام الماضي يتخوف من الثورة هذا العام شعر أن الثورة السلمية قوية وأنها ستحرك مئات الآلاف وملايين في المحافظات الجنوبية، وهذا ما أعتبره في نظري بالتطور الطبيعي والايجابي في اليمن، الخطورة اذا كان من جانب واحد لكن طالما وهو في صالح الثورة السلمية، فهذا بالنسبة لنا شيء يُشرف.
* ثورة الشباب والحراك
* هل أثرت الثورة على حركة مسيرة الحراك الانفصالي؟
- نعم أثرت الثورة، لأن الثورة اشعرتنا واشعرت المجاميع الأخرى في المكونات أننا لن نستطيع التأثير على كل جماهير الشعب في الجنوب، وطالما نحن ندعوهم للخروج للعمل السلمي، فجاءت الثورة وخرجوا مئات الالاف في عدن وحضرموت ولحج وغيرها من المحافظات، وهذا شيء ايجابي، لكن الحراكيين يعتبرونه سلبيا لأنهم خرجوا مع الثورة، هم يريدون أن يخرجوا الناس مع الحراك الجنوبي فقط.
* يعني إذا لم تخرج المسيرات مع الحراك فهي ضده؟
- نعم إذا لم تخرجوا معنا فأنتم ضدنا، هذا شعار بالنسبة لنا في الجنوب لايناسب المرحلة الآن.
* بالنسبة لعلي سالم البيض قلت في احدى الندوات أنكم استبشرتم به كونه سيوحد الجنوبيين إلا أنه حدث عكس ذلك؟ ما أثر البيض على الحراك الجنوبي؟
- علي سالم البيض الطرف الاساسي الموقع على الوحدة مع علي عبدالله صالح عام 90 وحينها كان منصبه الأمين العام للحزب الإشتراكي اليمني؛ وتسلسل النظام في الجنوب يعتبر هذا المنصب هو المسؤول الأول قبل رئيس الدولة، وعندما خرج الحراك الجنوبي إلى الشارع كان علي سالم البيض في عُمان، كنا نشعر أن انضمامه للحراك الجنوبي سوف يرفع من قيمة الحراك وأنه سيؤثر في دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية والعالم، كان هذا املنا وبدأنا نتخاطب معه، حتى تم خروجه من عمان إلى بروكسل، واجتمعنا فيما بعد في 9 مايو 2009م في زنجبار بمنزل طارق الفضلي.
* من هم الذي اجتمعوا؟
- اجتمعنا مع صلاح الشنفرة وطماح وناصر الخبجي وحقيس وغيرهم.
*من كان يُمثل علي سالم البيض؟
- لا.. نحن اجتمعنا واتفقنا أن نوحِّد مجموعات الحراك واقترحنا أن علي سالم البيض يكون رئيس الدولة.
* رئيس الدولة التي تريدون أن تؤسسوها في الجنوب؟
- نعم، لم يتم انتخابه شعبيا، تم انتخابه من قبل مجموعة كانوا حاضرين في اللقاء، لكنه للأسف الشديد بدل مايعزز وجودنا في الجنوب، ويكبرنا ويحصل له تأثير الخليج والشرق الأوسط، كان يتعامل مع مجموعة من قيادات الحراك، وكنا في مجلس الحراك نستغرب من انتقائيته في التعامل مع البعض فقط.
* من كان يدعم؟
- كان يدعم، تيارات أخرى ويدعم شخصيات معهم ارقام تلفونه، وحتى نحن كنا نقول له هؤلاء الذين معهم ارقامك ليسوا اساسيين في مجلس الحراك، لكنه كان يدعمهم ولا يزال بنفس هذا الموقف حتى الآن.
* فهمت من كلامك انكم عندما اجتمعتم في أبين واخترتموه رئيسا كان هناك اتفاق على الانفصال والدولة الجديدة، لكن الآن تغير الكثير وأنت تغير موقفك، لماذا؟
- نحن في ذلك الوقت الذي انتخبنا علي سالم البيض فيه، كان الحراك تأثيره وقوته أكثر مما هي الآن، كان الحراك الجنوبي يخرج بمسيرات كبيرة وكان تأثيره ايجابيا في ذلك الوقت، لكن الآن حصلت متغيرات وازدادت المكونات وجاءت الثورة السلمية، هناك حركة سلمية جنوبية في اليمن لكن مش كلها حراك جنوبي، مع ذلك اذا استخدمناها استخداما جيدا يمكن أن تؤدي نتائج طيبة، لكن مشكلتنا أن الحراك الجنوبي لابد أن يتعامل مع هذه الأشكال ومع هذه التطورات بشكل جيد أي يفهمها لأنها ستكون مساعدة للحراك ولن تكون ضده، لكن الأمور غير الطيبة أنهم يعتبرون أن أي حركة حتى ولو كانت سلمية يعتبرونها ضدهم وهذا ليس صحيح.
* انتم في الجنوب بدأتم بثورة عام 2007 بينما جاء الشمال بعدكم بثورة عام 2011م واستطاع أن يُسقط نظام الحكم، لماذا نجحت ثورة الشمال بينما أخفقت ثورة الجنوب؟ اين الخلل في حركة الجنوب؟
- كان هناك من يطرح بالجنوب أن الشمال لم يتعاطف مع الحراك الجنوبي في 2007م إلى 2011، وأنهم المفترض ان تقوم مسيرات ودعم وتأييد في الشمال، لكن في عام 2011 حصلت الثورة السلمية وكانت موجه وعاصفة كبيرة، أثرت بالمحافظات الجنوبية وانتقلت ومعنى التأثير الذي اقصده أنها أخرجت وجوه جديدة وأخرجت ناس جدد إلى الشارع وقادة جدد، وبالذات حركة الجماهير وهذا كان شيء يسرنا بمعنى أن الثورة وصلت إلى بيوت و قرى ومناطق لم نصل إليها نحن في الحراك. خرجت بمئات الآلاف وهذا شيء نعتز به.
كان ينبغي علينا في الحراك أن نلتقط هذا المد الجماهيري وأن نحوله إلى ما نحن فيه من الأهداف، وقد طرحت هذه الأفكار على قيادات الحراك وللأسف ما وصلنا إلى نتيجة موحدة كيف يمكن لنا أن نتعامل مع الثورة السلمية وأن نكون جزء منها.
وأنا نفس التأثيرات حصلت عندي عندما جاءت الثورة ولاحظت المد الجماهيري في الشمال والجنوب ووجدت أن التأثير في الشمال سوف يحصل، سوف يسقط علي عبدالله صالح وميزان القوى الكبير في الشمال سيبدأ يهتز، وبالفعل هذا ما حصل لأن الثورة أثرت هنا وبدأت تتحقق بعض أهدافها، قبل أن نحقق أهدافنا نحن في الحراك الجنوبي.
* القضية الجنوبية والنظام الجديد
* الآن بعد الثورة هل وجدتم تغيرات جعلتكم تراجعون أهدافكم السابقة التي تدعو للانفصال، خصوصا وأن النظام بدأ يعالج بعض القضايا، هل هناك بوادر جيدة؟
- التغيير إلى الأفضل نعم، والمتتبع للأوضاع السياسية سيلاحظ ذلك بنجاح عندما يقترب إليهم، أنا كنت هنا في الشمال وعشت 17 عاما ثم انتقلت للجنوب وعدت مرة أخرى بعد اندلاع الثورة السلمية فوصلت هنا ووجدت أن هناك تأثير جديد، هذا التأثير بدأت اعمل نوع من المساواة بيننا وبين الشماليين.
*بماذا تساوي بالمظالم مثلا؟
- نعم، نحن في الجنوب نقول إن الذي اضطهدنا في الجنوب والذي عمل مشاكل هو علي عبدالله صالح، وفي الشمال يقولوا نفس الكلام، يقولون ما عمل عندكم من عام 94 قد عمل عندنا من عام 78 ما هو أكثر، لاحظ تركيب الشمال أن هناك مركز قوى سياسي كبير عسكري سلطوي قبلي عشائري مشايخي هو مركز علي عبدالله صالح، هذا المركز اهتز وخرج منه علي صالح، بدأت القوى السياسية والأحزاب والمنظمات المعارضة وغير المعارضة بدأت تشعر بنفس من أن عملية المراقبة والضغط والمحاسبة والاضطهاد مش موجودة، لهذا يطرح الآن موقفه لأي قضية وحتى القضية الجنوبية، يعني تساوينا معهم من الخوف من المركز القوي الذي كنا نخاف منه جميعا، نحن نعتبر في تساوي الآن وهذا يمهد الارضية للحوار الوطني.
* الآن بعد زيارة الرئيس هادي إلى عدن هل تشعر أنها أثمرت بشيء من قبيل اقناع بعض الفصائل في الحراك بالانضمام للحوار الوطني؟
- زيارة الرئيس هادي كانت جريئة وشجاعة من حيث أنه التقط الموضوع ونزل إلى المحافظات الجنوبية والتقى بالقيادات المختلفة سواء في السلطة أو المعارضة أو الحراك الجنوبي، وأحسن ماعمل هو انه دعاهم إلى مؤتمر الحوار، وأعتقد ان ماجرى في دبي بين جمال بن عمر وعلي ناصر محمد والعطاس وممثلين عن البيض ومجموعة من قادة الحراك هو ثمرة من ثمرات النزول الذي نزله عبدربه إلى الجنوب، وأن هذا يدور حول اقناع الجنوبيين للمشاركة في الحوار، ونحن ندعوهم أن لايخسروا هذه الفرصة الذهبية للمشاركة في مؤتمر الحوار التي مُنحوها.
* هل تعتقد أنهم سيستجيبون بعد كل هذه الفرص التي أتيحت لهم؟
- أنا الآن أعتقد أن محمد علي أحمد وعلي ناصر محمد وحيدر العطاس ومجموعة من قادة الجنوب في الداخل سيتفاعلون مع هذه الدعوة ولربما يوافقون.
* أيش الجديد حتى يوافقوا؟
- عدة أسباب، الظروف السياسية، دراسة الواقع في اليمن، وجود عبدربه كرئيس جمهورية ووجود ناس كثير من مناطقهم في مراتب السلطة، سيشعرون أن الوضع يختلف عما كان عليه قبل الثورة .
* حتى علي سالم البيض وفصيله هل تعتقد أنه سيوافق؟
- مجموعة علي سالم البيض سيظلون يدافعون عن موقفهم إلا إذا حصل شيء جديد سيكون إيجابي..
* ما هو سبب تحجر مجموعة البيض وبقاءهم على هذا الموقف الثابت؟
- هذا نابع من اعتقادهم أنهم سيتمكنون من تحقيق الدولة بشكل سريع ومش معقد، لأنه كنا نعيش في الجنوب ونسمع بعض الأطروحات، يقولون إذا سقط علي عبدالله صالح نحن سنعلن دولة الجنوب باليوم الثاني، وكنا نقول لهم كيف تعلنوها؟ قالوا ندعي الوزراء الجنوبيين الذي كانوا موجودين في الشمال ونقيم الدولة، لكن نحن نقول الأمر مش بهذه الطريقة، نحن دخلنا شركاء مع الشمال ولا يمكن أن يحصل أي تطور في اليمن شمالا وجنوبا إلا باتفاق شمالي وجنوبي.
* الغياب عن الحوار الوطني
* ماذا لو غابت بعض الفصائل عن الحوار الوطني مثل فصيل علي سالم البيض، هل سيؤثر ذلك على مجريات الحوار الوطني؟
- سيؤثر عليهم هم فقط، سيجعلهم مرهونين بالشارع وبنضال الشارع، والشارع يلزمهم أن يتمسكوا بالعمل السلمي، لكن إذا استطاع مؤتمر الحوار الوطني أن يرسم الخارطة السياسية لليمن، ومؤتمر الحوار الوطني سيكون مسؤول عن الأبعاد السياسية وعن الترتيبات التي ستكون شمالا وجنوبا لفترة زمنية قد لاتقل عن عشرين سنة أو أكثر، وأنا أعتبر الحوار الوطني هو معركة نخوضها مع الفكر الإنساني لإيجاد الحلول لكل المشاكل العالقة في اليمن شمالا وجنوبا بما فيها القضية الجنوبية، فمن ابتعد سيخسر هو قبل أن يخسر الآخرين، ويكون بعيدا عن الحلول التي سيطرحها الواقع، إذا لم يتعامل معها سيخسر وإذا تعامل معها سيكون من ضمن الحلول القادمة.
* لماذا يخشون الدخول في الحوار رغم أن الحوار مفتوح وبلا سقف؟
- كل من لديه قضية كان يجب أن يشعر بنجاح وسرور عندما يدعوه الآخرين لمناقشتها ووضعها بالمكان الصحيح، لكن أن يبتعد، هذا لايشكل نجاحا لقضيته، بدل مايقرب الحل هو يبتعد عنه، وأنا أدعوهم أن لايخسروا هذه الفرصة سواء كان علي سالم البيض أو غيره بالنسبة للحوار في الجنوب، ونتمنى أن يخرجوا في لقاءات دبي إلى صيغة معينة تمكنهم من الحضور في مؤتمر الحوار.
* فعالية 21 فبراير
* بخصوص الفعالية الأخيرة التي أقيمت في 21 فبراير بعدن، وحدث بعدها أحداث عنف كثيرة، هناك من ينتقد اقامة تلك الفعالية بحجة أنها استفزاز للحراك، وهناك شخصيات في اللجنة الفنية انسحبت بسبب عمل هذه الفعالية؟
- أصلا ممارسة العمل السلمي هو حق مشروع لكل إنسان، ونحن نتفق على العمل السلمي، يكون في أي محافظة سواء في لحج أو عدن أو إب أو تعز أو أي محافظة، لكن مشكلة الجنوب أن علي سالم البيض ومجموعته يتعاملوا مع الجنوب وكأنه مزرعة خاصة بهم، واي مظاهرة أو أي عمل لم يكونوا طرفا فيه يقومون بالاعتداء عليه، ونحن ننصحهم أن هذا العمل غير صحيح، والزمن قادم ونحن بحاجة إلى تعميق العمل الديمقراطي، فلنرسي ثقافة التمسك بالسلم والتمسك بالعمل السلمي، لكن لانمنع الآخرين أن يجتمعوا ويعملوا مظاهرات.
* هم يقولون أن هذا استفزاز لهم، يعني عندما تجيب ناس من الشمال وتنزلهم إلى عدن من أجل أن يقيموا مظاهرات لدعم الوحدة في عدن؟
- الشماليين ليس ممنوع عليهم أن يقيموا أي احتفالات في الجنوب، نحن ابناءنا موجودين في صنعاء وتعز وحضرموت وفي عدن، عندما تكون مظاهرات لأي هدف وهي سلمية وترفع الشعار السلمي، من حقهم أن يحضروا في أي مكان، لكن التحريض الخاطئ أصبح يلقن الناس تلقينا خاطئا، حتى المظاهرة لايمكن ان يقوم بها إلا صحاب عدن وما يحق لصاحب تعز ان يحضرها، نحن عندنا الآن طلبة من عدن ويدرسوا بجامعة صنعاء وعندما يخرجوا إلى ساحة التغيير من حقهم يخرجوا مع الناس، ليش نقول لهم أنتم من عدن لا تخرجوا.
* هم يقولون إن السلطة لا تسمح لهم بإقامة فعاليات في صنعاء لدعم الحراك؟
- السلطة الآن اصبحت لاتسطيع أن تمنع مظاهرة، خاصة عندما تكون سلمية، اصبح واجب على الدولة أن تحمي هذه المظاهرة، واي مجموعة تريد ان تخرج للتظاهر لااحد يسألهم من فين هم، هل هم من عدن أو من صنعاء، هم يُسألوا عن الهدف من المظاهرة وماذا تريد، ولذلك لانتوقع أن السلطة في صنعاء تمنع الجنوبيين من إقامة مظاهرة في صنعاء، من حقهم اقامة مؤتمرات ومنظمات وانشاء أحزاب والدولة تساعدهم.
* هل أنت مع فكرة اقامة مثل هذه المظاهرات في الجنوب؟
- نعم، أنا لا أعتبر أن المظاهرات السلمية فيها أي خلل، وتكون في موقع معين وعندما يكون منظميها ملتزمون بآداب وعمل التظاهر السلمي مالمانع اذن!!.
* جنوبيوا اللجنة الفنية للحوار
* الدكتور صالح باصرة قال إنكم اوقفتم عملكم في اللجنة قبل احداث عدن بيوم بسبب اصرار طرف معين على اقامة المهرجان في ساحة العروض؟
- هذا غير صحيح، وهو أمر يخصه هو، لا يخص اللجنة الفنية.
* هو يقصد الجنوبيين وليس كل اللجنة؟
- أنا جنوبي لم اتوقف عن اللجنة ولم أتخذ أي موقف من المظاهرات السلمية، ومثلي كثير.
* من هم اللي توقفوا؟
- هم اثنين علي حسن زكي، ولطفي شطارة انسحبوا نتيجة للمظاهرات في عدن.
*باصرة هل انسحب؟
- باصرة ممكن التقوا معه في بيته.
* بخصوص القوائم التي سلمتها للرئيس عبدربه منصور هادي ومحمد علي احمد أيضا سلم قائمة مشاركين في مؤتمر الحوار، ماذا تم الاختيار من القائمتين؟
- هناك لقاء حصل مع الرئيس ولاحظنا التقسيم للحراك الجنوبي، عمل حصه للحراك في 85 مقعد، وكلمنا الرئيس ان هذه الأسماء لاننتظر أن يرفعها علي سالم البيض واذا كان الحراك الجنوبي في المديريات والمحافظات لن يرفع اسماء، فنحن من خرج إلى الشارع في الجنوب من أول الناس ومن حقنا أن نحضر من أعضاء الحراك الجنوبي الذين هم راغبين للحوار وطلب منا كشف فاعديناه وسلمناه، وعندما سلمت الكشف لمدير مكتبه نصر طه مصطفى علمت أيضا ان هناك كشف اخر من محمد علي أحمد، وبلّغت نصر طه مرة ثانية أننا لانعترض على أي كشف يأتي من المحافظات الجنوبية، بإمكان الرئيس ان يأخذ من هذا الكشف وهذا الكشف وما أتى منه نحن نقبله، نحن يهمنا أن يكون هناك حضور وباسم القضية الجنوبية حتى لانتخذ موقف ونجافي مؤتمر الحوار الوطني بالوقت الذي نحن نشعر انه سيناقش القضايا التي نقدمها للمؤتمر.
* الانفصال والوحدة
* أنت تقول أنك اخترت قائمة، مع أن أغلب تيارات الانفصال تعتبر انك تركت القضية الجنوبية بل خنتها؟
- القضية الجنوبية سنظل نحن جنودها في أي مكان، لكن أنا تركت موضوع الانفصال ووصلت....
* "مقاطعا".. ما الذي دعاك لترك موضوع فكرة الانفصال مع أنك كنت من أوائل من دعا إلى الانفصال وخرجت من أول الناس إلى الشارع؟
- الذي دعاني لتركه أنني وجدت أن التمسك بالانفصال ليس حلا ممكنا، لأنه ستحدث مشاكل بيننا بالجنوب ويمكن أن تحدث مشاكل فيما بعد بيننا وبين الشمال، ولهذا مادام قامت ثورة سلمية واطيح بالنظام الذي كان يظطهدنا؛ لماذا لا نحافظ على ايجاد دولة موحدة ويكون عندها عدل وانصاف تختلف عن دولة الوحدة الحالية.
* فكرة دولة الوحدة تم تجريبها وفشلت؟
- نعم تم تجريبها، وتم الانقلاب عليها من قبل علي عبدالله صالح ومن قبل أصحابه، لكن اذا اعدنا الاعتبار لها يعني يمكن أن الحلم الذي حلموا به الناس بدولة الوحدة والأمن والاستقرار والتنمية سيعدينا للطريق الصحيح، ووصلتُ إلى قناعة أن اليمن لايستطع أن يكبر الا من خلال وحدته ولايستطيع أن يوجد الاستثمار والاستقرار والامن الا من خلال الوحدة، وأن هناك قوى عارضت الوحدة من أعلى منصب لقيادة الوحدة لكن عندما يتم الآن إعادة هيكلة الدولة إلى دولة مدنية حديثة، ووجود نظام وتغيير دستور وتغيير بعض الفاسدين سيتم هناك...
* "مقاطعا" .. هل تعتقد أن هذا سيحدث.. اعادة الهيكلة والنظام والدستور وووو؟
- نعم.
* ما هي المعطيات؟
- المعطيات أن الشعب اليمني شعب يحترم الدولة، ويحترم النظام والقانون ويريد استقرارا ويريد تنمية، ولم يوجد خلل من الشعب، الخلل الذي وُجد هو من عند الحكام، وانا وصلت إلى قناعة أن الخطأ هو في ادارة الدولة، يعني الذين أخطأوا هم المسؤولين في الدولة واستخدموا كافة امكانيات الدولة ومصالحها لمصالحهم الخاصة، ولذلك انعكس التفكير عند الناس بما نحن فيه اليوم. اما اذا كانت الدولة بالشكل الذي كان يشتغل فيه الحمدي أو سالم ربيع علي في الجنوب لكان الناس عندهم اطمئنان واستقرار وسيحافظون على الدولة.
* إلى أين تسير القضية في الجنوب بشكل عام، هناك من يدعو إلى خمسة أقاليم، وبعضهم اقليمين وبعضهم يرى فك الارتباط، أنت برأيك أيهما الحل الأفضل؟
- أنا أقول إن الشمال والجنوب دخلوا شريكين أساسيين عام 90 وهذين النظامين أو الدولتين اللتين كانتا في الشمال والجنوب، شكلتا الجمهورية اليمنية، نحن جربنا الانفصال وتقاتلنا فيها شمالا وجنوبا، وجربنا الوحدة وتقاتلنا فيها عام 94، إذن الآن لابد من البحث عن شكل جديد وحلول أخرى ومن هذه الحلول الفيدرالية، وأفضل ان تكون بإقليمين شمالي وجنوبي، الاقليم الأول عدن ويتمثل بكل المحافظات التي كانت تحت سيطرة جمهورية اليمن الديمقراطية، والثاني صنعاء يتمثل بكل المحافظات التي كانت بالجمهورية العربية اليمنية، وأن يكون كل اقليم مسؤول عن نفسه وعن موارده ثم يكون هناك المشاركة المتساوية في الهيئات المركزية، مجلس النواب والرئاسة ومجلس الوزراء، يكون واحد بواحد بالوظائف المركزية.
* يعني حكومة شمالية وأخرى جنوبية؟
- نعم، حكومة في صنعاء وحكومة في عدن ويكون هناك دولة مركزية تكون مسؤولة عن الحكومتين.
* ألا تشعر أن هذا الحل سيعمق روح الانفصال؟
- لا.. لن يعمق روح الانفصال، خاصة عندما يتم اتجاه الحكومتين للتنافس في بناء الاقتصاد والتعليم وفي الصحة وفي العدل، هذا سيكون عاملا مهما للحفاظ على وحدة اليمن وعلى استقراراه، وعلى البحث عن الموارد واقصد بذلك الثروات التي لم نصل إليها ولم نكتشفها بعد في اليمن.
* قبل أيام هناك دعوة إلى خمسة اقاليم والرئيس تحدث أن هناك افكار عن خمسة اقاليم وعدن يكون اقليم اقتصادي؟
- نحن عندنا مشكلة في الجنوب بعد الاستقلال مباشرة تم توحيد 23 امارة وولاية وسلطنة، كان لكل واحدة حاكمها وسلطانها وجغرافيتها، واذا تم الآن فصل أي وحدة من هذه الولايات سوف يتابع البقية بالمثل، سواءً حضرموت أو شبوه أو غيرها..
*"مقاطعا" يعني ستعود الجنوب إلى عهد السلطنات؟
- نعم ستعود إلى إمارات وسلطنات، لكن نقول بالنسبة للشمال لايوجد عندنا مانع من اقامة مخلاف تعز أو أي محافظات أخرى، هذا لايُسبب لهم سياسيا نوع من التجزئة داخليا، أما بالنسبة للجنوب فهذه مسألة ستؤثر تأثيرا كبيرا.
*فيما اذا اقمنا اقليمين، هل هناك ضمانات من عدم مطالبة بعض المحافظات الجنوبية بإقامة اقاليم جديدة مثل حضرموت التي تطالب الآن بالانفصال عن الجنوب؟
- الآن في برنامج علي سالم البيض الاعتراف بفيدرالية الجنوب، ولكنه ينكر ويرفض فيدرالية الشمال مع الجنوب وهذا مطروح، لكن نحن الشيء الذي نقصده أن الوحدة بالنسبة للجنوبيين كانت أمل وحلم، ولكن هذا الحلم والأمل خيّبه المسؤولين ولذلك نريد ان نحافظ على واحدية الدولة المركزية وأن يبقى اليمن موحدا وان ماقد تعبنا فيه وماوصلنا اليه لانضيعه ثم تعود الأجيال القادمة تبحث عن الوحدة، بإمكاننا أن نحافظ على ماتبقى من الوحدة اليمنية بإيجاد دولة اتحادية بين الشمال والجنوب.
* الوقت انتهى هل بقي شيء تود ان تقوله في نهاية هذا اللقاء؟
- تحياتي لشباب الثورة، ونقول مهما كانت الصعوبات لكن ما دام وهناك ثورة نؤمن أنه سيتم التغيير وسيتم التغلب على الفساد، وسيتم إحداث تنمية اقتصادية وبلدنا بحاجة إلى الجميع، وان شاء الله نشهد تطورا قادما في السنوات القادمة.