من الأرشيف

خبير ألماني مساهم في وضع الدستور الاتحادي يتحدث عن مخاوف اللامركزية المالية

كشف خبير ألماني مساهم في وضع دستور الدولة الألمانية الاتحادية، عن أبرز المخاوف اليمنية من تطبيق نظام اللامركزية المالية في الحكم الفيدرالي أوالاقليمي في اليمن . وقال ان المخاوف اليمنية من "التشظي والتمزق" تهيمن على الشارع اليمني، عند التفكير بكيفية الاستفادة من نظام اللامركزية ماليا سواء بألمانيا الاتحادية اوفي سويسرا أو غيرهما من الدول الاتحادية حسب طبيعة كل دولة.

وأشار الخبير الالماني "هارالد بلامبر" - في محاضرة له عن "التسويات المالية في الانظمة التي تتبع نظام اللامركزية المالية"- قدمها أمس الأول، في ندوة "اللامركزية المالية" التي نظمها مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش ايبرت" بفندق تاج سبأ بصنعاء - إلى أهمية أن ترتبط النفقات المالية بطبيعة المهام الموكلة للاقاليم، مؤكدا انه لا يمكن أن يكون هناك مهام دون أن تعطي الدولة المركزية نفقات لحكومات الاقاليم لتنفيذها. مشددا على ضرورة دعم الدولة المركزية لسكان الاقاليم الفقيرة،وفقا لطبيعة الاحتياجات الخاصة بكل اقليم ومراعاة التفاوت القائم بين اقليم وآخر.

واوضح انه تشرف بمعرفة بعض أوجه الحياة عن الجانب اليمني من خلال زيارة سابقة له مع وزيرة العدل الالمانية وصداقته القديمة بها، منوها إلى وجود تقارب في طبيعة الوضع القائم بين اليمن والدولة الاتحادية الالمانية من حيث تاريخ الوحدة وضروف اقامتها بين الدولتين وكذا تفاوت الاوضاع المعيشية بين سكان الاقاليم واختلاف احتياجاتهما وطبيعة الثروات التي يختزلها كل اقليم.

وأكد ان سكان ماكان يعرف بجمهورية المانيا الديمقراطية التابعة لماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي، اكثر استفادة من الوحدة الألمانية التي قال انها جاءت متزامنة مع الوحدة اليمنية، نظراً لسوء الأوضاع المعيشية التي كان عليها سكان تلك الدولة ولمراعاة دستور الدولة الألمانية الاتحادية لذلك في قراراته المتعلقة بجمع الحكومة المركزبة للايرادات من الاقاليم حسب ثروات كل اقليم واعادة توزيعها حسب الاحتياجات الضرورية لكل اقليم وبحيث تساهم الدولة المركزية في ايجاد صيغة مناسبة من المساواة في الحالة المعيشية لكل سكان الاقاليم.

وقال ان الحكومة الاتحادية في بلاده، قد نجحت في ازالة أكثر من 90بالمائة من نسبة التفاوت المعيشي بين سكان الاقاليم أو الولايات الالمانية، بفعل قوة الدستور الفيدالي الذي قال انه نابع من تاريخ وحضارة ألمانيا العريقة، وقوة التوافق المجتمعي عليه، وحرص الحكومة المركزية على تنفيذه على الجميع وعدم التهاون في ذلك مع الجميع. مشيرا إلى أن نسبة التفاوت الطبقي بين شكان اقاليم وولايات المانيا المختلفة، قد تقلص إلى 94 بالمائة ولم يتبقى شوى تفاوت يصل إلى 8 بالمائة بالنسبة للغالبية، غير انه قال ان سكان الاقاليم الغنية لايزالون يتفاوتون على غيرهم بنسبة تصل إلى 13بالمائة.

وكشف الخبير الألماني في محاضرته التي وجهها بحضور السفير الألماني بصنعاء والعشرات من الشخصيات السياسية اليمنية المعروفة والقيادات الشبابية والحزبية والاعلاميين وغيرهم، عن وجود العديد من الاعتبارات المختلفة وراء نجاح التجرية الاتحادية الألمانية، ذكر منها التوافق المجتمعي الكبير على الدستور الاتحادي وصعوبة تعديل أي نص دستوري فيه إلا بتوافق غالبية ثلثي المجلس التشريعي، وتوافق غرفتي التشريع المركزية والغرفة الاخرى الخاصة بالتوفيق بين التشريعات ومصالح الاقاليم ، وعدم اعتراض المحكمة الدستورية الالمانية العليا على ذلك، باعتبارها المرجع الاول والأخير وصاحبة القول الفصل في اي تشريع جديد أو تعديل، وليس الأمر مرتبطاً بالمصلحة كماهو الحال بالنسبة لدستور الدولة السويسرية- حسب قوله.

وأكد الخبير الألماني وجود دعوة قضائية في الوقت الحالي، أمام المحكمة العليا الالمانية من قبل سكان أحد الأقاليم الألمانية الغنية، يطالبون بالتقليل من نسبة العوائد التي تدفعها حكومة اقليمهم إلى سكان الاقاليم الفقيرة باعتبارهم قد صاروا أغنى منهم. منوها إلى اهمية التركيز على طبيعة الاحتياجات السكانية لكل اقليم عند وضع الدستور الاتحادي وتقديم الدعم المركزي لكل اقليم بحسب طبيعة احتياجات سكانه الضروية وعدم اغفال الاعتراضات السكانية التي يدعيها سكان الاقاليم الغنية بقولهم انهم اصحاب الأرض الغنية ومن يتعبون في اخراجها وبالتالي يأتي سكان الاقاليم الفقيرة ليأكلوا جهود عرقهم.

وأوضح الخبير الألمانية في محاضرته أن الحكومة المركزية تكون غالبا قوية في صياغة القوانين، فيما تكون الحكومة الاقليمية قوية في التنفيذ، منوها إلى ان الدستور الالماني تضمن قواعد عامة تنطلق من أن الايرادات تذهب للحكومات الوطنية وحكومات الاقاليم حسب النفقات الضرورية لسكان الاقالم، وينبغي أن تؤخذ الصلاحيات المالية للاقاليم الفقيرة والغنية بالحسبان.

أكدت الممثل المقيم لمؤسسة فريدريش ايبرت الالمانية في اليمن اريلا جروس بأن الندوة تأتي ضمن سلسلة ورش العمل حول اللامركزية السياسية التي نظمتها المؤسسة والتي تلقي الضوء على معالجة مسألة تقاسم ثروة البلاد بالتساوي بين مواطنيها.

وقالت في حديثها بالورشة : لا ادعي فهما عميقا بالتعقيدات في اليمن لكنني اعتقد بأن الظلم وعدم المساواة في الظروف المعيشية تسهم بقدر كبير في التحديات التي تواجهها اليمن.وفي حين قال رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي مصطفى نصر في كلمته بحفل افتتاح الندوة أنها تهدف إلى التعريف بتجارب الدول المختلفة، والمانيا تحديدا في اللامركزية المالية، وآليات تطبيق التسويات المالية على المستوى المركزي والمستوى الاقليمي، مؤكدا بأن قضية المال هي محور الصراع السياسي وهي ستكون نقطة الجدل الرئيسية عندما نناقش شكل الدولة وتوزيع الموارد فيها.حسب تأكيده.

زر الذهاب إلى الأعلى