نظم الإسلاميون استعراضا كبيرا للقوة في القاهرة يوم الجمعة حيث جمعوا حشودا ضخمة للتعبير عن دعمهم للرئيس محمد مرسي ووجهوا تحذيرات للمعارضة التي تأمل في الاطاحة به.
ووصفت المعارضة ذلك بأنه محاولة لترهيبها قبل مظاهرات حاشدة تدعو لها بعد نحو تسعة ايام.
وتجمع مؤيدو مرسي وهم من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها وحزبها الحرية والعدالة وجماعات وأحزاب إسلامية أخرى أمام مسجد رابعة العدوية في حي مدينة نصر بشرق القاهرة واكتظت بهم الشوارع المحيطة بالميدان.
وألقى إسلاميون قياديون كلمات في المتظاهرين بعد ساعات من بدء المظاهرة تضمنت تحذيرات لمعارضي الرئيس الذين يقولون إنه فشل في تحقيق أهداف ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011.
ولخص الثوار الذين أطاحوا بمبارك أهداف ثورتهم في شعار "عيش (خبز).. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية" لكن مصر تمر منذ ذلك الوقت بصعوبات اقتصادية يصحبها اضطراب سياسي وانفلات أمني.
لكن الإسلاميين يقولون إن انتصارهم الانتخابي يواجه حصارا من أصحاب المصالح من عهد مبارك. وتولى مرسي الحكم يوم 30 يونيو حزيران العام الماضي بعد فوزه بأول انتخابات رئاسة حرة في مصر.
وقال العضو القيادي في حزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي للحشد "سنحمي الشرعية بأرواحنا ودمائنا... ولن نسمح بالقفز على الشرعية."
وقال طارق الزمر العضو القيادي في الجماعة الإسلامية "ذهبنا معهم إلى الصندوق وهزمناهم هزيمة كبرى... فكفروا بالصندوق... قالوا الشارع هو الحل وحشدوا لذلك المئات فحشدنا لهم الملايين. فمن المنتصر اليوم؟"
وأضاف "لقد توعدونا بتلاتين ستة (30 يونيو حزيران) ونحن نعدهم بأنهم سيسحقون في هذا اليوم."
وقال عاصم عبد الماجد العضو القيادي في الجماعة الإسلامية للحشد "إذا أسقطوا شرعية مرسي سنعلنها شرعية إسلامية خالصة."
وجاء كثير من المشاركين في المظاهرة بحافلات من محافظات في دلتا النيل وواديه. وحمل أحدهم لافتة تقول "نعم لاحترام إرادة الشعب".
وقال جابر نادر (22 عاما) "هناك من يريد الانقلاب على شرعية النظام."
وأضاف "الدكتور مرسي فاز في انتخابات حرة ونزيهة كالتي تجرى في أي دولة في العالم" مستنكرا قول المعارضين إن الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين يعملون لاحتكار السلطة.
وردد المشاركون في المظاهرة - ومن بينهم عدد قليل من النساء المحجبات والمنقبات- هتافات بينها "الشعب يريد تطهير القضاء" في إشارة إلى قلق الإسلاميين إزاء سلطة المؤسسات الموروثة من العهد السابق.
وانتقد المتظاهرون صحفا ومحطات تلفزيون خاصة تتبني وجهات نظر المعارضة في كثير مما تنشره وتذيعه. ورددوا هتافا يقول "يا إعلام يا كداب الإسلام مش إرهاب" وآخر يقول "الشعب يريد تطهير الإعلام".
ونظم الإسلاميون الذين حمل كثيرون منهم علم مصر وصورا لمرسي مظاهرات اليوم تحت شعار "لا للعنف".
وتثير مظاهرات الجانبين بعد هدوء نسبي استمر شهورا مخاوف من تجدد أعمال العنف التي حدثت على نحو متقطع منذ تنحي مبارك.
ويأمل معارضو مرسي الذين يقولون إن أكثر من 15 مليون مصري وقعوا استمارات تطالبه بالتنحي في حملة سميت "تمرد" أن تحمله مظاهرتهم المزمعة في 30 يونيو حزيران الحالي على ترك المنصب. وحصل مرسي في الانتخابات على نحو 13 مليون صوت.
ولم تشهد مظاهرات الجمعة توترا فيما يبدو رغم حدوث مناوشات لفترة وجيزة في الاسكندرية ثاني أكبر مدن البلاد بين مؤيدين ومعارضين لمرسي.
وفي القاهرة قال أعضاء بجماعة الاخوان المسلمين مسلحون بهراوات خضراء إنهم مستعدون لحماية المتظاهرين من "البلطجية" بعد وقوع عشرات المصابين في اشتباكات في مناطق مختلفة من البلاد في الاسبوع الماضي.
من ناحية أخرى قال محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني لصحيفة الحياة التي تصدر في لندن إن المشاكل الاقتصادية تقوي التأييد لحركة "تمرد" التي قال إنه يأمل أن تنهي "الاستقطاب الحاصل في مصر".
وأضاف أن توحد المعارضة يمكن أن يسفر عن انتخابات رئاسية مبكرة تطيح بمرسي رغم أنه شخصيا لن يرشح نفسه للمنصب. وقال "انقسام المعارضة هو الذي أوصل مرسي إلى الحكم. وأعتقد بأنها أدركت هذا الخطأ ولن تستطيع أمام الشعب ألا تتوحد."
وتحول التوتر بين أنصار مرسي ومعارضيه لعنف خارج القاهرة هذا الأسبوع أصيب فيه عشرات بعد قرار تعيين محافظين من الإسلاميين.
واحتدم الجدل بدرجة أكبر خلال الأيام الماضية. ووصف رجل دين معارضي مرسي خلال تجمع حضره الرئيس في القاهرة "بالكفرة والمنافقين".
ووصفت هبة ياسين عضو التيار الشعبي وهو حركة يسارية مظاهرة الجمعة بأنها محاولة لترهيب المعارضة.
وأثار مرسي غضب مثقفين الشهر الماضي حين عين وزيرا للثقافة من حزب إسلامي صغير يرفض عمل المرأة. وقررت جمعية عمومية طارئة لاتحاد الكتاب اليوم برئاسة محمد سلماوي رئيس مجلس إدارة الاتحاد سحب الثقة من مرسي.
وبذلك أصبح اتحاد الكتاب أول تنظيم نقابي يسحب الثقة من مرسي.
وعلى مسافة كيلومترات من مكان مظاهرة التأييد لمرسي نظم بضعة آلاف من المعارضين مظاهرة بجوار وزارة الدفاع رافعين علم مصر أو بطاقات حمراء كتب عليها "إرحل".
وهتفوا أيضا "انزل يا سيسي.. مرسي مش رئيسي" في إشارة إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة.
(شارك في التغطية شادية نصر الله وسعد حسين وأيمن عبد المجيد وعمر فهمي وسعد علي ومصطفى هاشم من القاهرة وهيثم فتحي من الإسكندرية - تحرير مصطفى صالح)
من توم بيري وأليستير ماكدونالد ومحمد عبد الله