arpo28

تقرير مركز نشوان: مؤتمر الحوار يعمق الخلافات ويسير باتجاه وحيد وهو تقسيم اليمن ‏‏(خلاصة التقرير)‏

كشف تقرير رصدي لمركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام عن اختلالات جوهرية في ‏مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن ومسارات تدميرية تتجه بالبلاد إلى تمزيق قطع ‏خطوات طويلة، مؤكداً بالأدلة المبدأية والأسس المتفق عليها والمعلومات والمسارات المؤكدة ‏أنه لا يحمل من اسمه شيئاً.‏

ويقوم التقرير الذي أعدته وحدة الرصد والتحليل في المركز تحت عنوان (مؤتمر الحوار.. ‏الطريق الواضح إلى تقسيم اليمن) بتقديم رصد وتحليل للمؤتمر منذ انطلاقه والأسس التي جاء ‏عليها، بأكثر من 15 صفحة، ويصل إلى أن اختيار نوعية المكونات المشاركة ونسب تمثيلها ‏واختراع قوى غير متكتلة، بطرق تخالف أبسط القواعد القانونية والدستورية، وذلك للوصول ‏إلى نتيجة محددة سلفاً.‏

ومن خلال الرؤى التي قدمتها القوى السياسية توصل التقرير إلى أن التوجه الذي قد أصبح ‏واضحاً سير مؤتمر الحوار إليه، وهو ما أجمعت عليه الأغلبية المشاركة، من إلغاء للوحدة ‏اليمنية واقتراح شكل جديد للدولة.. ويشير التقرير إلى أن لا توجد أية ضمانات ببناء دولة ‏جديدة مركبة بعد إلغاء هذه الدولة.‏

وذكر التقرير أن ما نسبته 01% فقط، من الرؤى قد اختارت بشكل واضح الحفاظ على ‏الوحدة اليمنية من بين جميع القوى وهي الرؤية التي قدمها حزب اتحاد الرشاد السلفي، ثم تأتي ‏رؤية التجمع اليمني للإصلاح لشكل الدولة غير محددة موقفه النهائي.. حيث وضع الأخير ‏مفردة "لامركزية"، ولم يبين إن كانت لامركزية إدارية (حكم محلي كامل الصلاحيات) أم ‏لامركزية سياسية تندرج ضمنها الفدرالية.‏

وتحدث التقرير عن بنية مؤتمر الحوار، وكيف أن القوى الشرعية التي تنطلق وفق أبسط ‏الأسس القانونية، تمثل ما نسبته 56%، بينما أعطيت بقية النسب لقوى خارجة على القانون ‏وحاملة للسلاح، وأخرى مكونات (حصان طروادة) لفئات لا تمثل تنظيمات سياسية حقيقية.‏

وفي البداية فصل التقرير بين المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية الموضوعة من قبل الجانب ‏الدولي، مؤكدأ أن بنود المبادرة الخليجية قد أنجزت نقل السلطة، لكن الآلية التنفيذية هي من ‏جاء بالحوار بمقترح أمريكي، نقل الصراع بين سلطة ومعارضة وثورة ونظام إلى مسميات ‏جنوب وشمال.‏

وأكد التقرير، من وجهة نظر أكاديمية وعلمية صرفة، أن الفدرالية لا يمكن أن تحافظ على ‏الوحدة اليمنية، لأنها دولة مركبة تتكون من عدة دول ينظمها قانون دستوري، أما الدولة ‏الموحدة فلا تكون إلا دولة مؤسسة واحدة (بسيطة). ويعتبر مسمى الأقاليم "خدعة".‏

وخلص التقرير إلى أن جميع التفاصيل والقضايا في مؤتمر الحوار، لا تعني شيئاً يغير من ‏مساره أو يستحق الاهتمام، وذلك باستثناء ما يسمى "شكل الدولة" والذي يناقش في الحقيقة ‏الوحدة اليمنية. لأن أي شكل آخر للدولة لا يعني دولة موحدة على الإطلاق، بل دولة مركبة.‏

وفيما يلي أبرز الملاحظات والخلاصات للتقرير:‏
‏- يتجه ما يسمى "مؤتمر الحوار الوطني الشامل" إلى تقسيم اليمن بطريقة واضحة بعد ‏مضي أكثر من نصف فترة انعقاده، و أغلب المشاركين في هذا المؤتمر قد سلموا بهذا التقسيم، ‏بعضهم يتخذه كمنفذ هروب اضطراري، وآخرون كخطوة نحو الانفصال.‏

‏- إن الأخطاء المفصلية في الحوار، بنيوية، تبدأ من انطلاقه كمقترح يمدد مرحلة التسوية، ثم ‏نوع المكونات المشاركة فيه، ثم نسبة وتوجه كل مكون. بحيث قد تم اختيارها وتقسيمها تحت ‏مسميات مختلفة ومتفقة تؤدي في النهاية إلى أغلبية واضحة تتجه باليمن إلى نتيجة محددة ‏سلفاً.‏

‏- إن مؤتمر الحوار الوطني ليس من بنود المبادرة الخليجية بصيغتها العربية التي وضعها ‏الأشقاء الخليجيون، بل جاء ضمن فقرة أدرجتها الولايات المتحدة الأمريكية، فيما سمى "الآلية التنفيذية".‏

‏- المبادرة الخليجية تم تنفيذ أبرز ما فيها بنقل السلطة وتشكيل الحكومة، لكن الآلية التي ‏وضعها الغربيون هي من نقلت متاهة المرحلة الانتقالية من خلافات سلطة ومعارضة، إلى ‏خلافات شمال وجنوب وقضايا تفصيلية. ومؤتمر الحوار بشكله الحالي يخالف النقطة الأولى ‏في المبادرة الخليجية، لأنها اشترطت على أن يؤدي أي حل إلى الحفاظ على الوحدة اليمنية. ‏وهو الأمر الذي خالفه المتحاورون وراحوا يتفاوضون على الوحدة.‏

‏- إن الاتجاه إلى نظام فيدرالي اتحادي هو الغالب، ولكنه لا يحافظ على الوحدة بأي حال من ‏الأحوال، لأن الدولة الموحدة ليست إلا دولة بسيطة واحدة، أما الدولة الفدرالية أو الاتحادية، ‏فهي دولة مركبة، تتكون من عدة دول محلية، يسمونها خدعةً "أقاليم" لتصغير حقائق التقسيم، ‏ولكنها وبحسب مبادئ النظم السياسية تعتبر دولاً، لامتلاكها أغلب خصائص الدولة، من ‏حكومة وبرلمان وتشريعات محلية وهوية. وفي الوضع اليمني لا يوجد دولة مركزية قوية ‏يمكن أن تحافظ على هذه الدول.‏

‏- إن القوى الوطنية التي لا تطالب بالانفصال ولا بالتقسيم إلى أشكال أخرى أكثر تعقيداً تمثل ‏أقلية داخل الحوار، ولا تدافع عن الوحدة بصراحة وبقاؤها بذات الموقف شهادة زور تمنح ‏الشرعية، أما المكونات الانفصالية والفيدرالية التي أصبحت أغلبية ساحقة داخل الحوار فإنها ‏أكثر شجاعة بطرحها ويبدو أنها مدعومة من دوائر خارجية لديها أهداف مشبوهة في اليمن.‏

‏- إنه ليس حواراً، فالانقسامات تزيد وتتخذ أشكالاً متقدمة نحو دوائر داخلية والأزمات تزيد ‏تبعاً لذلك. اتسعت هوة الخلافات بين القوى والمكونات السياسية فيما بينها وداخل كل مكون ‏على حدة، وذلك ما اتضح خلال الفترة الماضية من انقسامات في المشترك والمؤتمر ‏وغيرهما، وقد أوكلت إليه مهام تشريعية بدون أي سقف، تتعدى صلاحيات المؤسسات ‏الدستورية الوطنية.‏

‏- إنه ليس وطنياً، فهو مقترح أمريكي بحت كما ورد على لسان سفير واشنطن في صنعاء ‏جيرالد فايرستاين في تصريح سابق مارس الماضي، كما أنه ينعقد بالمنطقة الأمنية التي ‏تتواجد فيها قوات أمريكية، ويتم بإشراف ومراقبة من الأمم المتحدة. فمن أين جاءت صفة ‏الوطنية؟.‏

‏- إنه ليس شاملاً، والقوى الممثلة لا تمثل الشعب بأي حال من أحوال، بل هو تصميم ‏احترافي مزق شمل القوى الوطنية وحولها أقليات واستخدم مسميات عامة للإيهام ‏بوجودها كقوى تحاور وتقرر مستقبل اليمن.‏

‏- إنه ليس ديمقراطياً، بل بدعة جديدة بديلة عن الديمقراطية تصادر حق الشعب في تقرير ‏مصيره عبر مؤسسات دستورية، وتحيل الدولة إلى قوى متصارعة وكيانات ودويلات جهوية ‏تتفق جميعاً في أنها لا تملك قرارها وإنما تحتكم إلى سند خارجي، ولقد تم مصادرة الحق الأول ‏للشعب، وهو حق تقرير مصيره، ودعوة القوى المتناقضة وتقدير نسبها في التمثيل.. بكيفية ‏تنتهك انتهاكاً صارخاً جميع الأسس والمبادئ الدستورية الديمقراطية في العالم.‏

‏- إنه ليس ثورياً، بل هو الإطار العملي لمصادرة ثورة شعب إذا ما كان حلمه بحياة كريمة ‏وعدالة ومساواة، فقد انتقلت الثورة إلى منتجع تشرف عليه دوائر استخباراتية دولية وتوجهه ‏حسب ما تهوى. وأبرز قوى الثورة المتمثلة في التجمع اليمني للإصلاح، لا تمثل إلا أقل ‏من 10%، ما يعني تهميش أطراف الثورة بعد استغلالها لصالح صعود الانفصال في الجنوب ‏والإمامة الحوثية في الشمال. ‏

‏- إنه ليس مدنياً، فقد احتوى قوى تحمل السلاح.‏

‏- إن المبادرة الخليجية قد جنبت اليمن الحرب الأهلية بين النظام السابق وقوى التغيير، لكن ‏التوجهات التي يتجه إليها الحوار قد تدخل اليمن في مستنقع مظلم وحروب على مستويات ‏القرى والمدن وتحت رايات جهوية وعنصرية ومذهبية وأنفاق مجهولة المصير.‏

‏- إن الخلافات بين المكونات اليمنية أمر واقع ولم يبقَ لليمنيين إلا شبه الدولة الموجودة التي ‏تجمعهم تحت راية واحدة وقانون معروف، سواءً كان نافذاً أم يجب السعي لتنفيذه، إلا أنه آخر ‏ما يجعل اليمن بلداً أمام العالم، وآخر ما يجمع هذا كله. وعند التوجه إلى تفكيك هذه الدولة، ‏فإنه ليس هناك أية ضمانة لنجاح التجارب والأشكال الجديدة ولا اقتصاد يمكن الاعتماد عليه ‏في بناء دولة مركبة تضم أكثر من دولة محلية تحت مسمى أقاليم أو غيرها. وفي اللحظة التي ‏يقرر فيها المؤتمرون في فندق موفمبيك صنعاء ذبح الوحدة اليمنية وإقامة دويلات وأقاليم، أو ما ‏يسمونه جهلاً وعمداً "شكل جديد للوحدة"، يكون قد انتهى عقد الثاني والعشرين من ‏مايو1990، وتتحول أبرز القوى إلى قادة دويلات وحكومات تتصارع على الجسد المذبوح ‏والمغدور به على هامش محاولة شعبية باهتة، ولا يوجد أية ضمانة بنجاح أيٍ من الدويلات ، ‏اختلاف أهداف القائمين على الحوار والانفصال صورة واضحة للبناء الذي سيتجه كلُ طرفٍ ‏إلى إقامته بعد عقر الوطن الكبير.‏

إن الحلول في ظل اليمن الموجود والمؤسسة القائمة المتمثلة في الجمهورية اليمنية أمكن ‏ألف مرة من إعادة إنشاء دولتين صارتا بحكم الماضي الذي لا يعود، أو بناء دويلات ‏ومؤسسات حكم عديدة بمسمى أقاليم، لا تزال صورتها المستقرة في أخيلة الأنانية على رؤوس ‏أصحاب المشاريع الصغيرة.‏

زر الذهاب إلى الأعلى