[esi views ttl="1"]
arpo28

اليمن بين طائرات أوباما الأمريكية وتهديدات القاعدة.. (تقرير)

تحول اليمن في الاعوام الاخيرة الساحة الخلفية لحرب ادارة الرئيس باراك اوباما على القاعدة وباستخدام الطائرات بدون طيار ‘درون’، وبلغ عدد الهجمات التي صادقت عليها الادارة هذا العام 16 غارة، وهو اقل من الرقم المسجل العام الماضي، 54 غارة.

وبعودة الغارات واغلاق السفارات واعلان حالة من التأهب حول السفارات الأمريكية واجلاء العاملين في سفارات واشنطن في اليمن والدول المحيطة تعود اجواء الحرب على الارهاب التي كانت علامة على فترة جورج بوش الابن، حيث اختار قتال القاعدة باستخدام الطائرات بدون طيار، سواء في الباكستان، اليمن، ليبيا ومالي والصومال.
كما وتعطي العودة للطائرات بدون طيار رؤية عن المدخل الذي يتعامل فيه اوباما مع مكافحة الارهاب، حيث تقول الادارة الأمريكية ان سبب اعلان حالة التأهب هو اعتراضها على رسائل تنصت بين زعيم القاعدة ايمن الظواهري، وزعيم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ناصر الوحيشي، حيث نقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز& عن مسؤول في مكافحة الارهاب قوله ان الظواهري رفع رتبة الوحيشي في التنظيم إلى ما اسماه ‘المدير العام’ لعمليات القاعدة مما يجعل الوحيشي الرجل الثاني في التنظيم وهو نفس الموقع الذي شغله الظواهري حتى اغتيال اسامة بن لادن في ايار (مايو) 2011.
وبناء على هذه المحاورة قامت الادارة الأمريكية باغلاق سلسلة من السفارات والقنصليات (19) بشكل مؤقت في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وتبعت بريطانيا وعدد من الدول الاوروبية القرار الأمريكي باغلاق واجلاء العاملين في سفاراتها في اليمن، وسط احتجاج من الحكومة اليمنية التي قالت انها اتخذت كل الاحتياطات لحماية البعثات الدبلوماسية الاجنبية، واعتبرت الحكومة اليمنية الاجراءات بانها لا تخدم الا اغراض المتطرفين وتقوض التعاون الاستثنائي بين اليمن والتحالف الدولي ضد الارهاب. وقالت البنتاغون انها ابقت على قوات عسكرية لحماية السفارة كما لم تعلن الادارة عدد من اجلتهم و إلى أين؟ مع ان صحيفة ‘لوس انجليس تايمز& قالت ان عدد من اجلوا من اليمن 100 وتم نقلهم إلى القاعدة العسكرية ‘رامستين’ في المانيا.

ونقلت صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن السفارة اليمنية في واشنطن قولها ان الحكومة قد اتخذت اجراءات استثنائية في هذا المجال. ويرى مسؤولون نقلت عنهم الصحيفة ان حملة الغارات التي بدأتها ادارة اوباما قبل عشرة ايام، حيث شنت القوات الأمريكية الخاصة وتلك التابعة لل’سي اي ايه’ اربع هجمات متتابعة في اليمن تعتبر جزءا من الجهود التي تقوم بها لاحباط المؤامرات التي تحيكها القاعدة وكانت وراء اغلاق بعثات واشنطن في المنطقة العربية.

هدوء

وفيما احتفلت المنابر الجهادية على الانترنت باجلاء الدبلوماسيين الأمريكيين، وبحسب موقع ‘سايت’ والذي يمثل مجموعة امنية تقوم بمراقبة المنابر الجهادية على الانترنت، فقد وصف احد هذه المنابر اغلاق السفارات بأنها "كابوس" للولايات المتحدة. يقول مسؤولون ان القوات المشتركة الخاصة والاستخبارات ‘سي اي ايه’ التي تدير عمليات ‘الدرون’ كانت قد امتنعت عن شن غارات جديدة ولعدة اشهر نظرا للقيود الجديدة التي وضعها الرئيس اوباما على عمليات من هذا النوع الا ان التعليمات هذه تسمح للادارة بالعودة إلى الهجمات حالة ظهور تهديد جديد.

ويقول مسؤول مطلع على المعلومات الاستخباراتية ‘لقد كانوا ممسكين عن اطلاق النار’ اي القيام بالهجمات الا ان الاتصالات الجديدة بين الباكستان واليمن ادت إلى اثارة المخاوف بقرب هجوم على الغرب. ونقل عن المسؤول قوله ان ‘الثرثرات’ نابعة من اليوم وان اغلاق السفارات في خارج المنطقة لم تغلق لانها ذكرت في هذه الثرثرات ولكن لانها قد تكون الهدف الرئيسي. ويعمل في اليمن العشرات من افراد وحدة عمليات القوات الخاصة، حيث يتمركزون فيه منذ العام الماضي. ويقومون بتدريب قوات مكافحة الارهاب اليمنية، ويعملون على تحديد مواقع الغارات للدرون التي عادة ما تنطلق من قاعدتها العسكرية في جيبوتي باتجاه اليمن، فيما تقوم سي اي ايه باطلاق الطائرات هذه من قاعدة عسكرية سرية داخل الاراضي السعودية.

اهمية الفرع اليمني

وينظر إلى صعود الوحيشي على انه دليل على اهمية الفرع اليمني لعمليات القاعدة، ودليل على الموقع الذي بات يحتله زعيم هذا الفرع في تشكيلة قيادة القاعدة، فعندما وقعت احداث ايلول (سبتمبر) 2001 كان الوحيشي يعمل مساعدا شخصيا لبن لادن، وبعد عقد من الزمن تحول إلى مهندس فرع في القاعدة يعتبر الاكثر نشاطا بين فروعها حول العالم والذي ترى فيه الولايات المتحدة اكبر تهديد على مصالحها القومية.
ويرى مراقبو حركة واسلوب تنظيم القاعدة ان الوحيشي ظل يعمل بعيدا عن الاضواء حيث ركز كل جهوده على التخطيط للعمليات الخارجية الموجهة ضد الغرب بدلا من التركيز على العدو المحلي. ويثور سؤال عن سبب رفع درجة التأهب الامني وبسبب ‘ثرثرات’ بين الباكستان واليمن مع ان الادارة الأمريكية تقول ان عصب التنظيم في باكستان قد انهك بسبب استمرار الغارات التي قتلت اعدادا كبيرة من القادة الميدانيين والناشطين في التنظيم. فيما تلقى الفرع اليمني ضربات موجعة عندما قتلت غارة انور العولقي، اليمني – الأمريكي عام 2011 والذي اعتبرته الادارة منظر التنظيم اليمني والرجل الذي يقف وراء عمليات الدعاية له في الغرب. وقتلت غارة نائب الوحيشي سعيد علي الشهري هذا العام. ولتفسير هذا تقول ريتا كاتز من موقع ‘سايت’ ان زعيم الفرع اليمني يظل من اهم الافراد في مجال التخطيط الاستراتيجي مما جعل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من اهم الفروع المنضوية تحت علم القاعدة.

رحلة ابو بصير

وتشير قصة حياة الوحيشي (الذي كان يعرف ايضا بابو بصير) إلى الطريق الذي اتخذه في صفوف الجهاديين حيث سافر صغيرا إلى افغانستان للانضمام إلى معسكرات التدريب التي اقامها بن لادن المتحالف في ذلك الوقت مع طالبان. وبعد هجمات ايلول (سبتمبر) 2001 وقصف القوات الأمريكية لمعاقل القاعدة في تورا بورا هرب الوحيشي مع اخرين إلى إيران حسبما قال في لقاء نشره التنظيم عام 2009 على الانترنت. وقامت السلطات الإيرانية بترحيله بعد اسابيع إلى بلده اليمن مكبلا بالقيود حيث اودع السجن. وفي شباط (فبراير) 2006 كان الوحيشي من بين 23 سجينا هربوا من السجن الامني في صنعاء حيث استخدموا نفقا قادهم إلى مسجد ملاصق للسجن. وبعد هربه قضى الوحيشي السنوات الاولى باحثا عن طرق لاعادة الاتصال بالمقاتلين القدامى والتنظيم، وجاء هروبه في وقت كانت القاعدة في بلاد الرافدين منخرطة في قتال مع الأمريكيين والحكومة المركزية في بغداد، ولا يزال تنظيم بلاد المغرب الاسلامي فاعلا. وكانت اول اشارة للوحيشي قد وردت عام 2008 في شريط فيديو للظواهري الذي كان في حينه نائب بن لادن، وبعد ذلك بعام اي 2009 اعلن الوحيشي عن ولادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والذي كان عبارة عن اتحاد بين العناصر السعودية الهاربة من ملاحقة الاجهزة الامنية في بلادها واليمنية.

البحث عن وريث

ويعتقد مراقبون لشأن القاعدة ان تبادل الحديث بين الظواهري والوحيشي متعلق ببحث زعيم القاعدة عن خلف له، ويخطط للمستقبل حالة مقتله أو موته بشكل طبيعي خاصة ان التهديد الذي يواجه القاعدة في الباكستان يعتبر خطيرا وذلك حسب سيث جونز من مؤسسة ‘راند’. وكان العالم قد سمحت من الظواهري بعد غياب طويل حيث اصدر شريط فيديو عبر فيه عن غضبه من معاملة الولايات المتحدة للمعتقلين في غوانتانامو وتعهد ببذل كل الجهود لتحريرهم. وبعد يوم واحد من 31 تموز (يوليو) خرج منتقدا عزل الرئيس المصري محمد مرسي والذي اعتبره جزءا من حملة ‘صليبية’ لتقسيم وطنه الام، منتقدا في الوقت نفسه دخول الاخوان المسلمين في العملية الديمقراطية، ولكن المراسلات السرية بينه وبين الوحيشي هي التي اثارت هلع الولايات المتحدة وكانت وراء الهلع الحالي. ذلك انه دعا الوحيشي للقيام بعمليات كبيرة ضد الغرب اضافة لترفيعه في داخل قيادة التنظيم.
وترى "نيويورك تايمز"نفس الامر المتعلق بالخلافة مع ان البعض يرى في ما صدر عن الظواهري لا يعدو كونها اعمالا يائسة لرجل لم يعد له التأثير الذي كان يمارسه من قبل، وبالنسبة للاخرين، فالظواهري يقوم باعداد خطط للمستقبل.
وترى ان التحرك من الظواهري الذي يعد تخليا عن بعض صلاحياته للوحيشي يعتبر تحركا ذكيا خاصة ان الظواهري يفتقد جاذبية بن لادن وقدرات الاخير الادارية وتنقل عن دانيال بنجامين المسؤول السابق لعمليات مكافحة الارهاب في ولاية اوباما الاولى ان الطريقة القديمة في ادارة التنظيم لم تعد ناجعة ابدا، واضاف انه لم يعد نافعا تجمع قيادة القاعدة كلها في مكان واحد مثل الباكستان عندما يوجد من لديه القدرة على تنفيذ هجمات في مكان اخر من العالم.
ِ
انقسامات القاعدة

ويشيرون إلى فشل الظواهري في رأب الصدع بين الجهاديين السوريين ودولة العراق الاسلامية. فقد بدأت المشاكل في نيسان (ابريل) من هذا العام عندما اعلن ابو بكر البغدادي، زعيم ما يعرف بدولة العراق الاسلامية عن اندماج جماعته مع جبهة النصرة التي تعد من اكثر الجماعات القتالية تأثيرا على الساحة السورية، وقد ادى القرار إلى اقتتال داخل الجماعة السورية ادى بالظواهري للطلب من البغدادي وابو محمد الجولاني الغاء الاندماج لكن الجانب العراقي رفض واصر على العمل ضمن ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام’. ونقلت "نيويورك تايمز" عن ايفان كوهلمان من ‘فلاشبوينت’ التي تتابع تحركات الجهاديين ان سجل الظواهري في القيادة ليس كله نجاح، ولا يزال مع ذلك يتمتع بمنصب قوي في التنظيم، وهناك ادلة كثيرة تشير إلى ان السوريين والعراقيين لم يعودوا ينفذون اوامره. ويرى بنجامين ان الظواهري وان لم يكن شعبيا ويدير الحركة بأسلوب يذكر بلينين الا انه ‘الزعيم الذي اختاره بن لادن لقيادة الحركة وهذا يعني الكثير’.

تنظيم ضعيف

وعلى العموم فان الحديث عن خطر داهم من تنظيم القاعدة يظل محل تساؤلات من باحثين في القاعدة الذين يقولون ان تنظيم الوحيشي نال خلال العامين الماضيين عددا من الضربات بحيث لم تعد لديه القدرة على جذب المتطوعين الاجانب، فقد خسر التنظيم العولقي، وسمير خان وعددا من خبراء صناعة المتفجرات، ونقلت صحيفة ‘لوس انجليس تايمز عن آنا بويد، الباحثة في مؤسسة ‘اي اتش اس‘شبكة عمليات الجماعة تعاني من الضعف’ بعد عمليات ضده قامت بها الاستخبارات الأمريكية والسعودية ضد القاعدة، واضافت الصحيفة ان ‘قدرة التنظيم على تجنيد ناشطين اجانب قد تراجعت بسبب موت مسؤولي الدعاية انور العولقي وسمير خان’.

واضافت ‘تقييمنا يقول انه من الصعب على الجماعة القيام بهجمات كبيرة على سفارة مثلا خارج اليمن’. وعلى الرغم من ذلك ترى صحيفة ‘التايمز البريطانية في افتتاحيتها انه لو صحت المعلومات عن اكتشاف مؤامرة كانت تخطط لها القاعدة فهذا سيعطينا ثلاثة دروس الاول منها ان تنظيم القاعدة في اليمن لا يزال يشكل خطرا على المصالح الغربية على الرغم من عقد من ملاحقة الناشطين والغارات التي امتدت من افغانستان والباكستان والصومال.

اما الثاني ان اي هجوم كانت تخطط له القاعدة قد تم احباطه، اما الثالث فيشير إلى ان المعلومات المتوفرة للاستخبارات الغربية عن تنظيم القاعدة واسعة.

زر الذهاب إلى الأعلى