تأكد اليوم الاثنين حضور قرابة مائة من رؤساء الدول والحكومات الحاليين والسابقين، والملوك والزعماء الروحيين والفنانين والشخصيات العامة، إلى جنوب أفريقيا، للمشاركة في مراسيم جنازة وتشييع الرئيس السابق لجنوب أفريقيا ورمز الكفاح ضد التمييز العنصري نيلسون مانديلا.
وأعلنت الولايات المتحدة أن الرئيس باراك أوباما وسلفه جورج بوش سيتوجهان إلى جنوب أفريقيا لحضور الجنازة، حيث سيشارك القسم الأكبر من القادة في "حفل التكريم الرسمي" الذي سيقام يوم غد الثلاثاء في ملعب سوكر سيتي في سويتو بضاحية جوهانسبرغ.
وقال المتحدث باسم الخارجية "العالم كله سيجيء إلى جنوب أفريقيا". وأضاف أن عددا محدودا من كبار الشخصيات سيحضر الجنازة الرسمية ومراسيم دفن مانديلا الأحد القادم في بلدة أجداده كونو بإقليم الكاب الشرقي. وقد وصفت هذه المناسبة بأنها أكبر حشد لزعماء العالم بالتاريخ الحديث.
وأضاف كليسون مونيلا لإذاعة "تووك راديو 702" بأن المنظمين يحاولون أن يتركوا أمر الدفن للأسرة.
وكانت وفاة مانديلا قد أعلنت الخميس الماضي عن عمر ناهز 95 عاما بعد معاناة طويلة مع مرض بالرئة. وقد أعلن رئيس البلاد جاكوب زوما الوفاة وتوجه بخطاب إلى الأمة معربا عن حزنه الشديد لفقدان جنوب أفريقيا أحد أعظم أبنائها، نيلسون مانديلا مؤسس الدولة الديمقراطية الحالية.
وقال زوما "رغم أننا كنا نعلم بأن هذا اليوم سيأتي، إلا أنه لا يوجد شيء يستطيع أن يخفف الإحساس بالخسارة الكبيرة".
تنكيس الأعلام
وشدد على أن نضال مانديلا من دون كلل من أجل الحرية أكسبه احترام العالم، وتواضعه وتعاطفه وإنسانيته أكسبته حب العالم، مشيرا إلى أنه أمر بتنكيس الأعلام حدادا على مانديلا إلى حين دفنه، موضحا أنه ستقام له جنازة رسمية.
أما المؤتمر الوطني الحاكم فاعتبر أن البلاد خسرت بوفاة مانديلا "مثالا عملاقا للإنسانية والمساواة والعدل والسلام". وأضاف الحزب الذي كان مانديلا زعيما له لسنوات في بيان "حياته تعطينا الشجاعة للسير قدما من أجل التنمية والتقدم نحو إنهاء الجوع والفقر".
من جهته، قال فريدريك دي كليرك آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا في مقابلة مع محطة تلفزيون (سي أن أن) التلفزيونية الأميركية إن أكبر إنجازات مانديلا كان توحيد جنوب أفريقيا والسعي إلى المصالحة بين السود والبيض في عهد ما بعد سياسة الفصل العنصري.
يُذكر أن مانديلا سجن 26 سنة وخرج عام 1990، وصار أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا عام 1994، ولم يبق بالمنصب سوى فترة رئاسية واحدة، ثم اعتزل العمل السياسي إلى حد كبير منذ عام 2004، وكان آخر ظهور شعبي له أثناء بطولة كأس العالم لكرة القدم التي نُظمت في جنوب أفريقيا عام 2010.
حزن شعبي
وعلى الصعيد الشعبي، فقد تجمّع المواطنون بالكنائس والمساجد والمعابد ومجالس البلدية في أنحاء البلاد، حيث نعى الملايين رجلا يعتبرونه "أب الأمة" ومنارة عالمية للنزاهة والاستقامة والتصالح، ووضعت أمام منزله أعداد لا تحصى من الزهور وكلمات الوداع.
وفي كنيسة رجينا ماندي في سويتو -وهي أكبر كنيسة كاثوليكية بجنوب أفريقيا- تجمع المئات من الصغار والكبار للصلاة من أجل مانديلا ومستقبل البلاد. واتشحت زوجة مانديلا السابقة ويني ماديكيزيلا مانديلا بالسواد، وشاركت بقداس في ضاحية براينستون بشمال جوهانسبرغ.
وفي إطار تبجيل شعب جنوب أفريقيا لمانديلا، نشر رسام الكاريكاتير الأشهر بالبلاد زابيرو رسما لوجه مانديلا تعلوه السكينة، وهو مغمض العينين ويختفي في الأفق كالشمس الغاربة فوق البحر، وحشد يراقب في هلع.
وقال وزير شؤون الرئاسة كولينز تشابان إنه سيكشف النقاب عن تمثال جديد لمانديلا في "مبنى الاتحاد" مقر الحكومة يوم 16 ديسمبر/كانون الأول وهو "يوم المصالحة"، وهو اسم يجسد المصالحة بين السود والبيض، ويوافق ذكرى معركة شاركت فيها قوة من البيض (الأفريكانز) قوامها خمسمائة مقاتل وهزمت عشرة آلاف من السود.
ومن المقرر أن يسجى جثمان مانديلا بمقر الرئاسة (مبنى الاتحاد) في بريتوريا من 11 إلى 13 من الشهر الجاري، ليتمكن المسؤولون وغيرهم من إلقاء نظرة الوداع عليه.
وسيدفن الأحد المقبل في قرية كونو التي كان يقول إنه أمضى أجمل سنين حياته فيها، وطلب أن يدفن فيها بالقرب من والديه وثلاثة من أبنائه.