لوّح رئيس الوزراء التركي بطرد عدد من السفراء الأجانب على خلفية حملة اعتقالات تشهدها بلاده شملت مقربين من وزراء بتهم الفساد والرشوة، بينما وجه قضاة في إسطنبول رسميا -السبت- تهما لنجلي وزيري الداخلية والاقتصاد، وقرروا توقيفهما مع 22 آخرين في إطار حملة الاعتقالات المذكورة.
وحذر رجب طيب أردوغان -في كلمة ألقاها بمدينة سامسون على البحر الأسود- من أنه قد يعمد إلى إبعاد بعض السفراء الأجانب الذين يقومون بعمليات "تحريض" على خلفية توترات ناجمة عن حملة الاعتقالات.
وفي السياق نفسه، نفى السفير الأميركي في أنقرة فرانسيس ريكاردوني أنباء أوردتها وسائل إعلام تركية عن تورط جهات أميركية في حملة "مكافحة الفساد والرشوة" التي شملت عشرات المسؤولين والمقربين من الحكومة.
وقال مراسل الجزيرة عمر خشرم إن ما يدور في تركيا اليوم أصبح بمثابة أزمة سياسية، وإن أردوغان يؤكد أن لها بعدا دوليا من خلال استغلال بعض الدول حالات فساد بتركيا، ومن ثم تشويه صورة الحكومة والعمل على عرقلة تقدمها ومنع أنقرة من أن يكون لها دور دولي، وفق تعبيره.
وتحدث أردوغان -في وقت سابق- عن مؤامرة، واتهم "دولة داخل الدولة" بتنفيذ "عملية قذرة" تهدف إلى تلطيخ سمعته، كما تقول الحكومة التركية إن هذه العملية تستهدف الإساءة لحزب العدالة والتنمية الحاكم قبل أربعة أشهر من الانتخابات البلدية.
وذكر المراسل أن السفير الأميركي اجتمع في أنقرة مع سفراء الاتحاد الأوروبي في لقاء غير معلن، وكان محور اجتماعهم بنك خلق (البنك الأهلي) الذي قالوا إنه نما بشكل مذهل وبدأ ينافس بنوكا دولية بفعل "أنشطته المشبوهة"، لا سيما ما يتصل بترويج تجارة إيران التي ترزح تحت نير العقوبات الدولية.
تهم رسمية
في هذه الأثناء، قالت محطات تلفزيون تركية إن قضاة في إسطنبول وجهوا رسميا -اليوم السبت- تهما لـ24 شخصا بينهم نجلا وزيري الداخلية والاقتصاد اللذان تقرر توقيفهما في إطار حملة الاعتقالات المرتبطة بقضايا فساد ورشوة، بينما تم الإفراج عن نجل وزير البيئة مساء الجمعة بعد التحقيق معه على امتداد ساعات.
كما قرر القضاة اتهام رجل الأعمال الإيراني الأذري رضا زراب الذي يشتبه بتورطه في تهريب الذهب إلى إيران التي تخضع لعقوبات دولية.
وكان القضاء التركي وجه أمس الجمعة أول الاتهامات رسميا لعدد من الموقوفين، وكان من بين المتهمين سليمان أصلان المدير العام لبنك خلق التركي (البنك الأهلي) الذي وجهت إليه تهم الفساد والاختلاس والتزوير، وفق ما ذكرت محطتا تلفزيون تركيتان.
وتعد هذه المرة الأولى التي تمس فيها "فضيحة" بهذا الثقل المحيط المباشر لأردوغان الذي يقود الحكومة منذ العام 2002.
وكانت الشرطة قد اعتقلت 52 شخصا -بينهم أبناء الوزراء الثلاثة المذكورون ورجال أعمال بارزون مقربون من رئيس الوزراء ومسؤولون بحكومات محلية- يوم الاثنين الماضي، في أكبر تحقيق حول مزاعم فساد منذ تولي أردوغان السلطة.
ويشتبه في تورط هؤلاء جميعا بأعمال فساد وتزوير وتبييض أموال، في إطار ثلاث قضايا مرتبطة بصفقات عقارية عمومية وتحويل أموال وذهب بين تركيا وإيران.
وقامت الحكومة -عقب حملة الاعتقالات- بحملة "تطهير" واسعة في صفوف قوات الشرطة، فأقالت حاكم شرطة إسطنبول حسين جابكين الخميس، وعزلت -الجمعة- 14 ضابطا من المديرية العامة بشرطة أنقرة، ليبلغ العدد الإجمالي للكوادر الأمنية المقالة نحو خمسين ضابطا ومديرا في إطار هذه الحملة التي بدأت الثلاثاء.