أنهى قادة دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعهم، بالكويت، في الدورة الرابعة والثلاثين، من دون إعلان قيام الاتحاد الخليجي، وأبقوا على سقف الآمال على حاله إلى حين حلحلة الإشكالات العالقة، ولكن هل تنتظر ملفات الأمن الخليجي، ودول الخليج ذلك، وهل يكتفي الاتحاد الخليجي بدول مجلس التعاون وحسب، أم أن الحاجة إلى نظرة أوسع أضحت ملحة؟
تزامن مع اجتماع دول مجلس التعاون الأخير في الكويت، منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نقاش فكري متصاعد، شهدته أروقة الصحف والفعاليات الخليجية، متفاوتة الأهمية والغرض، ولكنها ركزت على بناء رؤية «استراتيجية»، كان الموضوع الأبرز بينها هو «الأمن الخليجي»، اتفق كل المراقبين على بناء استراتيجية أمنية جديدة. فكانت الملتقيات: «حوار المنامة» بالبحرين، و«مؤتمر الأمن الخليجي» في أبوظبي، وغيرها، معنية بالصعود المتنامي لنفوذ إيران مع حلفائها، وبروز مظاهر الحرب الباردة، خاصة مع وجود شبكة حلفاء فاعلة مثل «حزب الله، حماس - الحوثيين»، وما خلفه الفراغ الناتج عن الانسحاب الأميركي من العراق من آثار سلبية قلبت موازين القوى الإقليمية، وما تمثله الظاهرة الإرهابية من خطر، كما حاول الباحثون تفسير رفض «بعض» الفئات الخليجية الاتحاد الخليجي، إذ يرون أن مشروع الاتحاد يهدف إلى تذويبهم في كيان اتحادي، (تحديات ومستقبل الاتحاد الخليجي: عبد الله الشايجي، مركز الإمارات للدراسات 2013)، وانطلقت الدعوات لابتداع آليات تخفف من مخاوف «الفئات»، يترافق كل هذا مع أزمات دولية غيرت من بنية النظام الدولي، وهي بنية تحاول بعض دول الخليج تغييرها، أو الاعتراض عليها (أزمة مقعد السعودية في مجلس الأمن)، كما تحديات اقتصادية أفرزتها، الأزمة المالية العالمية وما لها من آثار سلبية على الاقتصاد الريعي، وأسعار النفط، وتحديات المواءمة بين اقتصاد السوق والإجراءات الحمائية، وتحدي التركيبة السكانية، والإصلاح الممنهج، والتطرف العنيف، وتسييس الدين وما له من آثار اجتماعية سياسية مخيفة (مريم سلطان لوتاه، أمن الخليج، مركز الإمارات للدراسات، 2013).
دول الخليج العربي؛ تطل، بالإضافة إلى الخليج، على بحر عمان، والبحر الأحمر، ولكل منها امتداداته الجغرافية والاجتماعية، التي تشكل عمقا مختلفا عما سواه، ولكن قوة الأواصر المشتركة، جعلت العمق الخليجي هو قوة الدفع والصهر الأقدر على تحريك السياسات والتحديات، فانعكست التحديات على مناطق الجوار، فكان البحر الأحمر، يحظى بنصيب الأسد، بوصفه امتدادا لإفرازات الخليج، كما أنه محدود من الشمال بعنق «قضية» العرب، فكان البحر الأحمر أحمر؛ بحكم الصراعات العربية.
* أمن البحر الأحمر إلى الواجهة
* ظل الاهتمام ينصب على المخاطر المتولدة في منطقة الخليج العربي، والتركيز عليها كجغرافيا «محددة» لمخاطر تقع على محيطه، ولكن سيناريوهات اقتصادية وجيوسياسية أعادت طرح مسألة أمن البحر الأحمر، كجزء «مهمل» من الأمن الخليجي، وتختلف مدارات التناول؛ فأحيانا يشار إلى «أمن البحر الأحمر»، وضماناته، وتكويناته، كبديل للأمن الخليجي بالنسبة للمملكة العربية السعودية، كما أشار إلى ذلك الباحث توفيق السيف، الذي دعا المملكة العربية السعودية إلى تشكيل تحالفات بديلة عن الاتحاد الخليجي - سماها التحالفات الاستراتيجية، تدخلت فيها دول (اليمن ومصر والسودان)، وعمليا هي دول البحر الأحمر («الاقتصادية»، ديسمبر 2013)، وخبراء الاستراتيجيات الأمنية ينظرون إلى أمن البحر الأحمر كجزء أصيل من أمن الخليج، يكمله ويحتاجه، اقتصاديا وأمنيا. تمر عبر البحر الأحمر 45 في المائة من ناقلات النفط المحملة بنفط الخليج العربي، وتشاطئه تسع دول، وبالإضافة إلى قواعد بعض هذه الدول فإن الوجود الأجنبي يتمثل في قوات البحرية الأميركية، والأوروبية (فرنسا وبريطانيا)، بالإضافة إلى البحرية الإيرانية. وفي السياق الأمني الخليجي، يطل البحر الأحمر، مرتبطا بالتوترات والنزاعات خاصة العربية، فارتبط بعد عام 1973 بقضية نزاع الشرق الأوسط، حتى إن اتفاقية كامب ديفيد أشارت إلى حركة الملاحة فيه وتأمينها، تشير الباحثة المصرية الدكتورة أماني الطويل في مقال لها ب«الأهرام الاستراتيجي»، إلى أن انهيار مؤسسات الدولة في الصومال كان أبرز مصادر التهديد للمصالح العربية والأفريقية بعامة والدول المشاطئة على البحر الأحمر بخاصة (مصر، السودان، السعودية، الأردن، إريتريا، اليمن، والصومال)، كما أفرزت ظاهرة القرصنة التي دفعت لتصنيفه ك(أخطر ممر مائي في عام 2008). وحتى قبل الشروع في تدويل أزمة القرصنة فيه، فإن شروط نشر «قواعد» للقوى العظمى لم تكن مفاجئة، وفقا لتوازنات القوى، بحسب «قانون ماهمان» للقوة والهيمنة البحرية، فحصلت أميركا على تسهيلات من الصومال وإثيوبيا كما أقامت قاعدة «دييغوجارسيا» التي تقع جنوب البحر المتوسط، لحماية المصالح النفطية في البحر الأحمر، والحد من النفوذ الروسي والصيني ودعم الحلفاء، وانسحب هذا على أمن المنطقة.
* لماذا يرتبط أمن البحر الأحمر بأمن الخليج؟!
* الاستراتيجية التوسعية الإيرانية، تحمل الطموحات الكبيرة، لخدمة النفوذ وتطويره. في مقاله «أمن الخليج.. خطة إيران الجديدة للهيمنة على المنطقة وما بعدها»، يرى محلل السياسات بمعهد دراسات الحرب دبليو جونثين ريو، أنه وبينما ينشغل العالم بالبرنامج النووي الإيراني، فإن إيران قررت الوصول إلى مكاسب في جبهات أخرى، فوضعت استراتيجية عسكرية تمتد إلى عام 2025، تهدف إلى نشر القوات البحرية بكفاءة وسرعة قياسية على امتداد مثلث استراتيجي من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر إلى مضيق ملقا. ويضيف أن البحرية الإيرانية بقسميها الفيلق (منسوبي «الحرس الثوري»)، بدأت تتوسع منذ عام 2007 على امتداد بحر قزوين وخليج عمان، والمياه الزرقاء خارج منطقة الخليج الفارسي، وصولا إلى البحر الأحمر، واستدل على ذلك بأن «إيران شاركت في عام 2010 في مناورة مع جيبوتي»، التي تتحكم في إحدى ضفتي باب المندب، وركز المقال على أن الخطة الاستراتيجية جعلت البحرية الإيرانية، تمثل أحد أهم العناصر الفعالة في «أجندة» السياسة الخارجية الإيرانية («فورن آفيرز»، أكتوبر «تشرين الأول» 2011).
ولكن قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني يقول إن تعاونهم المشترك تعاون لا يهدد أحدا، ويقول: «إن القادة في سلاح البحرية الجيبوتي زاروا المؤسسات التابعة لسلاح البحر في الجيش الإيراني، وطالبوا بتعزيز علاقات إيران مع بلادهم في مختلف المجالات، خاصة تدريب الطلبة الجامعيين والتعاون في صناعة وإنتاج المعدات الدفاعية». وأشار إلى «أهمية توفير الأمن للبحار من أجل تقوية اقتصاد مستقر لدول العالم»، ويبدو أنه استغل ظاهرة القرصنة فقال: «إن إيران لبت الدعوة الأممية، من خلال إرسالها أول قافلة لحماية السفن النفطية والتجارية إلى خليج عدن». وقال: «إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعثت بقافلتها البحرية لمساعدة الدول التي طالبت العون، إذ سجلت مرافقة أكثر من 1000 سفينة». وبشأن انتشار القوات الأجنبية في المنطقة وأهمية توفير الأمن للملاحة البحرية فيها، قال: «إن دول المنطقة قادرة على توفير أمنها دون الحاجة إلى وجود قوات أجنبية».
* قرصنة مصطنعة.. وحرق البدائل
* لا تعد عمليات القرصنة البحرية المنتشرة في البحر الأحمر أول تهديد أمني من نوعه لأمنه، حيث جرى تلغيم شواطئ البحر الأحمر عام 1984 في محاولة لم يكشف عن جميع أبعادها حتى اللحظة الراهنة، ولا عن الأطراف المتورطة فيها على نحو جازم، هذه البيئة تخلق الكثير من الأسئلة حول الجهات المسؤولة عن هذه العمليات، وذلك في اتجاهين، الأول: إمكانية أن تتطور عمليات القرصنة مستقبلا من طلب المال إلى تبني أجندات سياسية معينة، ربما لجماعات الإسلام السياسي. (مجلة «السياسة الدولية»، أبريل «نيسان» 2009)، ولكن أجهزة الأمن اليمنية، ظلت توجه أصابع الاتهام لإيران بوضوح.
اللواء حسام سويلم، الخبير العسكري المصري، رأى أن انتشار إيران، هو في إطار التحسب لإغلاق مضيق هرمز، ومكافأة الضرر بالضرر، فهي تعد جيدا في حالة حدوث مواجهة عسكرية بينها وبين البحرية الأميركية في منطقة الخليج، بما يعرقل تدفق إمدادات النفط عبر هذا المضيق الذي تمر من خلاله 30 في المائة من إمدادات النفط العالمي إلى الدول المستهلكة للنفط في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، فتهدد في المقابل بتعطيل قناة السويس لمنع الملاحة البحرية فيها، وذلك من خلال إغلاق مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر. ويفهم سويلم، في هذا الإطار، إقامة قواعد بحرية إضافية في بحر عمان، وهي تدخل أيضا في إطار استمرار الاستعدادات الإيرانية لمواجهة عسكرية متوقعة في ضوء تطورات صراعها مع المجتمع الدولي بسبب الملف النووي الإيراني («الأهرام الاستراتيجي»، يناير «كانون الثاني» 2010).
مشاري الذايدي، الكاتب والباحث السعودي، كتب مقالا بعنوان «حتى لا ينطحنا القرن الأفريقي»، نقل فيها إفادات محمد طه توكل، مشيرا إلى أن «علاقات باتت معروفة بين إريتريا وإيران، لكنها بنيت على عوامل اقتصادية». وهو بذلك يشير إلى أن دولا عربية، كانت أحرى بأن تسعى إلى هذه المصالح، بدلا من ترك دولة مثل إريتريا أو إثيوبيا، في عوز لأحد طرفي النزاع إيران وإسرائيل، فيقول توكل، حسب الذايدي: «الوجود الإيراني، في جانبه الاقتصادي، يهدف إلى تطوير مصفاة تكرير البترول في ميناء (عصب) وإنشاء مستودعات وقود إيرانية بهدف تصديرها، وهذا يعزز الاقتصاد الإريتري إذا ما كتب له النجاح». ويشير إلى النشاط العسكري، ويواصل: «القرن الأفريقي هو جناح العالم العربي الإسلامي في أفريقيا، فالدول التي تطل عليه وتكونه هي: الصومال، وجيبوتي، وإثيوبيا، وإريتريا، ويتصل بها السودان، وكينيا، وأوغندا، تأثيرا وتأثرا. هو بهذا التحديد قرن إسلامي الهوية، للكثافة السكانية المسلمة التي تقطنه، كما يقول الدكتور جلال الدين صالح. ولكن، أين دول البحر الأحمر العربية من هذه القضية؟ ولماذا ضعف دور مصر، وهي مهمة أفريقيا وعربيا، ولديها نهر النيل الذي ينبع من دول هذا القرن؟ وأين السعودية التي تمسك بالضفة الشرقية للبحر الأحمر، وأين اليمن الذي يمسك بعنق البحر الأحمر وفمه؟». (صحيفة «الشرق الأوسط»، 22 ديسمبر «كانون الأول» 2009).
* تاريخ المبادرات.. وصولا إلى «مجلس التعاون لدول البحر الأحمر»
* الباحث السوداني، الدكتور محمد يوسف الجعيلي، يقول: «كانت بداية المبادرات لأمن البحر الأحمر هي المبادرة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية في عام 1956 والتي كانت من نتائجها ميثاق أمن جدة الذي جرى توقيعه بمدينة جدة في 30 أبريل عام 1951 والذي ضم كلا من مصر واليمن والسعودية. ويهدف هذا الميثاق إلى حماية أمن البحر الأحمر من خلال الدفاع المشترك ضد الأخطار الخارجية، ويعد الميثاق أول خطوة عربية لضمان أمن البحر الأحمر في سبيل مواجهة أي تهديدات خارجية لهذا البحر. ولكن رغم أن ميثاق أمن جدة جسد لأول مرة بهذا الشكل اتفاقية عربية تعكس موقفا استراتيجيا محددا لثلاث دول تطل على مياه البحر؛ فإن الميثاق سرعان ما انهار في خضم الأحداث العربية والدولية التي وضعت الدول الثلاث المتعاقدة في حالة من التعارض والتناقض وصولا إلى حرب اليمن». ويواصل: «وبفشل ميثاق أمن جدة، تفتتت الجهود والمحاولات العربية من أجل الوصول إلى اتفاق على استراتيجية موحدة لحماية البحر الأحمر بمداخله الجنوبية والشمالية، واستكمالا لهذه الجهود قامت السعودية بالدعوة لمؤتمر بجدة في يوليو «تموز» عام 1972 ضم الدول المشاطئة للبحر الأحمر حينها (مصر، إثيوبيا، السودان، اليمن، علاوة على السعودية)، ولكن الاتفاقيات توجهت نحو تقاسم الموارد، ولم تركز على البعد الأمني». (محمد يوسف الجعيلي، «دورية الشراكة»، نوفمبر «تشرين الثاني» 2012. ص50).
ورغم تجدد المحاولة في عام 1977 لإنشاء منظومة عربية لأمن البحر الأحمر في إطار الجامعة العربية، فإن ضعف القدرات العسكرية العربية في البحر الأحمر من حيث محدودية الأساطيل البحرية العربية، والتفاعل العربي الضعيف مع دولة مثل إريتريا مع وجود نفوذ (إسرائيلي - إيراني) جعلها تتجاهل المصالح العربية بشكل عام. إلا أن أماني الطويل الباحثة والخبيرة المصرية ترى «ضرورة صياغة استراتيجية تفاعل عربية - أفريقية شاملة»، و«من المطلوب أن تحوز المكانة الاستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي المكانة ذاتها التي تحوزها دول حوض النيل» بالنسبة لمصر (وهي توازي دول مجلس التعاون بالنسبة للسعودية). («أمن البحر الأحمر: الواقع والتحديات»، أماني الطويل، 2009).
إن سير التطورات في البحر الأحمر في هذا الاتجاه في ظل التعقيدات والمتغيرات على الأرض، يجعل المواجهة بين الاستراتيجيتين، الإسرائيلية والإيرانية، مرجحة جدا، فقد كشف استهداف طائرات لقافلة على الساحل السوداني، وضرب مصنع اليرموك في العاصمة السودانية، وما تلاه من عرض إيراني لحماية إيران الأجواء السودانية والسواحل، عن أن «منظومة» الساحل كلها عرضة للانتهاك، وهو ما حدا بكثيرين إلى التنبيه إلى ضرورة تطوير آلية تعاون مشتركة (الجعيلي، «دورية الشراكة»).
الدكتور حمد بن عبد الله اللحيدان، الكاتب السعودي والباحث، طرح في مايو (أيار) 2011 فكرة إقامة دول مجلس التعاون في البحر الأحمر، ومع اعترافه بتأثير اختلاف المستوى الاقتصادي والتعليمي والمعيشي لدول البحر الأحمر، وضعف التنمية واختلاف نظم الحكم، وغياب التخطيط الاستراتيجي، على واقعية الفكرة - فإن تجمع الدول العربية المطلة على البحر الأحمر في مجلس تعاون على غرار مجلس التعاون الخليجي تكون له أمانة عامة ومقر ونظام يحكمه، يشكل عمقا استراتيجيا لمجلس التعاون الخليجي من الناحية الاستراتيجية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وسيقلص النفوذ غير العربي، وسوف يشكل ذلك المجلس مدخلا واسعا لصادرات الخليج إلى الدول الأفريقية، ناهيك بإمكانية قيام مراكز لبعض الصناعات البتروكيماوية والبترولية في بعض تلك الدول، يخصص إنتاجها للاستهلاك المحلي أو التصدير إلى الدول الأفريقية. ويسهم في قيام قوة عسكرية مشتركة تحمي مصالح دول البحر الأحمر، تستعمل كقوة تدخل سريع (صحيفة «الرياض»، 27 مايو 2011).
* جهود رسمية حثيثة
* شهدت السنوات الأخيرة، اهتماما مطردا بذلته الدول المشاطئة للبحر الأحمر، بسبب التغيرات الدولية، والظروف الخاصة، فالسعودية، في بداية الشهر الماضي، عاد مجلس الشورى فيها، ليطرح على وزارة البترول والثروة المعدنية، مشروع الاستفادة من سواحل البحر الأحمر لتصدير النفط، في ظل ما تعيشه بعض المضايق من أعمال قرصنة وتهديدات من بعض الجهات، («الشرق الأوسط»، 4 ديسمبر 2013)، كما دعا للاستفادة من الواجهة السياحية للإقليم، والتنسيق مع دول الجوار في ذلك.
وتزايد التعاون العسكري المشترك، فشاركت السعودية بالتنسيق مع الدول المجاورة، في تأمين السفن وتحريرها من القرصنة في منطقة العقبة والبحر الأحمر، بينما وقفت فرق حرس الحدود في غرب السعودية على 72 حالة اشتباه، تلقاها مركز تنسيق العمليات عن محاولات لاقتحام السفن التي تعبر منطقة العقبة، منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية شهر أكتوبر، وشهدت المملكة في نوفمبر الاجتماع التنسيقي الثالث للجنة الإقليمية للتدريب والتنسيق لمركز جيبوتي، في معهد حرس الحدود البحري بجدة، الذي شارك فيه قرابة 20 دولة من الموقعين على مدونة سلوك جيبوتي «مكافحة السطو المسلح والقرصنة البحرية غرب المحيط الهندي وخليج عدن». وقال العقيد بحري ناجي الجهني، المتحدث الرسمي لحرس الحدود في منطقة مكة المكرمة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن لفرق حرس الحدود في المملكة دورا مهما بالتنسيق مع الكثير من الدول في تأمين سلامة المياه الإقليمية من القرصنة، وإن الحالات التي رصدت من قبل مركز تنسيق عمليات البحث جرى التعامل معها مباشرة، وشاركت في تلك المهمة فرق من حرس الحدود السعودي». («الشرق الأوسط» 20 نوفمبر 2013).
وكانت القوات البحرية الملكية السعودية، والقوات البحرية السودانية، أقامتا في فبراير (شباط) الماضي تمرينا بحريا مشتركا في الساحل السوداني في إطار التعاون المشترك لتأمين البحر الأحمر وحدود البلدين، وهي أول عروض مشتركة تنفذها البحرية السودانية مع نظيراتها من دول الجوار، استمرت ستة أيام بهدف تعزيز الأمن في البحر الأحمر، وذلك ضمن زيارة بارجتين سعوديتين لميناء بورتسودان. وقال الجيش السوداني، إنه استقبل سفينتين سعوديتين وقوات خاصة ومشاة بحرية في إطار تدريب مشترك بين الدولتين، وأوضح أن «التمرين المختلط» بالبحر الأحمر يهدف إلى مكافحة التهريب بمختلف أنواعه. وأشار اللواء الركن بحري إبراهيم الدليمان، قائد الأسطول الغربي السعودي، إلى نجاح المرحلة الأولى من التأمين المشترك «الفلك 1»، موضحا أن المرحلة الثانية تشمل تمرين المشاة والقوات الخاصة. وقال إن هذا العمل يحظى باهتمام كبير من قيادة البلدين.
خلاصة الأمر.. إن دول البحر الأحمر تشكل عمقا استراتيجيا، مهما، يحتاجه الأمن الإقليمي لدول الخليج العربي، في ظل التهديدات، سواء الإقليمية المتمثلة في النزاع المحوري، مع الجوار، أو لتأمين المجرى التجاري للنفط والبضائع، كما تدفعه الضرورات الاقتصادية التكاملية. ومن ناحية أخرى فإن الوقت قد حان، لتبني طموحات وأهداف إقليمية، تليق بإمكانات دول المنطقة، وقد أطلقت فيه الأيادي الغريبة عنه، مما يشكل خطرا عسكريا حقيقيا، على الخليج، ويطعنه في الخاصرة، فالأحرى تحديث استراتيجية لإطلاق قوة ناعمة، تبني علاقات مصلحة مع دول البحر الأحمر.