عبر العديد من المراقبين والمسؤولين عن خشيتهم من تفجر الوضع العسكري في اليمن، بعد اندلاع مواجهات اليوم بمحافظة عمران شمال العاصمة صنعاء. وبينما وسع الحوثيون نطاق نشاطهم حول المحافظة، واصلت القوات اليمنية استنفارها للتصدي لهم ومنع سيطرتهم على المنشآت الحكومية.
تسود مخاوف باليمن من تفجّر الوضع عسكرياً على نطاق واسع بين الجيش والحوثيين بعد اندلاع مواجهات محدودة اليوم الجمعة في محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء، وسط مساع رسمية وقبلية لاحتواء الأزمة والتوصل لحلول دائمة بين الطرفين.
وقالت مصادر محلية للجزيرة نت إن المواجهات اندلعت عقب إطلاق الحوثيين النار على نقطة أمنية، لكن لجنة قبلية تدخلت وتمكنت من إيقاف القتال.
وتصاعدت حالة التوتر إثر حشد الحوثي أنصاره بالسلاح، وتوسيعه نطاق تواجده حول مدينة عمران من ثلاث جهات، في مقابل استنفار أمني واستعداد عسكري من القوات الحكومية لمنع دخول الجماعة المدينة وسيطرتها على المنشآت الحكومية.
وتسعى لجنة الوساطة الرئاسية لإقناع الحوثيين برفع خيامهم المنصوبة على مداخل عمران، وتمديد التهدئة حتى تتمكن من لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي، لتعرض عليه مطالبهم المتمثلة في إقالة المحافظ محمد حسن دماج وقائد اللواء 310 العميد حميد القشيبي بدعوى أنهما ينتميان لتيار سياسي ولا يمثلان الدولة.
لجنة الوساطة الرئاسية تسعى لمنع المواجهات بين الجيش والحوثيين (الجزيرة)تحذير ونزوح
وألقت هذه التطورات الأمنية بظلالها السلبية على سكان المناطق بالمدينة، خاصة التي يتخذها الحوثيون مواقع لنصب خيام الاعتصام والحشد، وأدت إلى نزوح عدد من الأسر عن منطقة بير عايض خوفا على حياتها.
من جانبه، دعا مدير أمن عمران العميد محمد صالح طريق لجنة الوساطة لتهدئة الوضع لحقن الدماء وتجنب اشتعال فتنة لا تعرف عواقبها.
وأكد -في حديث للجزيرة نت- أن التظاهر مكفول بالطرق السلمية، لكنهم لن يسمحوا للحوثيين بدخول عمران والتظاهر فيها وهم يحملون السلاح، مشيرا إلى نزوح عدد من السكان خوفا من عودة المواجهات.
وكان مصدر مسؤول في المحافظة -فضّل عدم ذكر اسمه- أكد للجزيرة نت أن لجنة الوساطة الرئاسية أبلغتهم خلال لقائها بهم أمس الخميس عدم التسامح بتفجير الوضع عسكريا.
وأشار إلى أنه تم رفع حالة الجاهزية القتالية في المنطقة العسكرية السادسة تحسباً لأي تطورات، واتهم المصدر الحوثيين برفع مطالب سياسية للتغطية على سعيهم للسيطرة على المحافظة.
نفي واعتراف
في المقابل، نفى الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام وجود أية رغبة لهم في السيطرة على المحافظة، وقال إن هدفهم هو إقالة المحافظ وقائد اللواء 310.
التميمي: الحوثيون يخططون لاستدراج الجيش لمواجهات طويلة الأمد (الجزيرة)
ويؤيد جماعة الحوثيين في هذه المطالب حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ولم ينف عبد السلام اتهامهم بالتظاهر بالسلاح، قائلا إن أبناء عمران يحملون السلاح وإن حظره يجب أن يطبق على الجميع.
وأشار إلى أن هناك تواصلا مع الرئيس لتحقيق مطالبهم، وأنه تمت الاستجابة بتشكيل لجنة للتحقيق في مواجهاتهم الأخيرة مع الجيش والأمن.
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أن تحركات الحوثيين في محيط مدينة عمران تأتي في سياق مخطط مدروس لاستدراج الجيش لمواجهات طويلة الأمد، بهدف استنزاف المؤسسة الوطنية الضامنة للدولة وللوحدة الوطنية.
وقال التميمي -في حديث للجزيرة نت- إن استناد الحوثيين إلى مشروع الدولة القائمة على نظرية الحق الإلهي جعلتهم يتحركون كمليشيات مسلحة تمثل حقل ألغام خطير في طريق التسوية السياسية وحجر عثرة أمام قيام الدولة المدنية التي توافق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني.
وأشار إلى أن الحوثيين ينظرون إلى أبعد من عمران، ويستعدون لتنفيذ مخطط في العاصمة صنعاء يقف خلفه تحالف تأسس على مصالح مذهبية وجهوية هدفه التكتيكي الثأر ممن ثاروا على النظام السابق، وغايته النهائية تفكيك الوطن لدويلات متعددة.
وأكد المحلل السياسي أن هذا الأمر يستدعي وقفة جادة من قبل الحكومة والمكونات الوطنية الحريصة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وعلى مشروع الدولة المدنية.