احتلّت "مسلسلات البيئة الشامية" قائمة المسلسلات السورية الأكثر تسويقياً في الفضائيات العربية هذا العام، ربما على حساب المسلسلات السورية الأخرى.
فقد سجّل مسلسل المخرج حاتم علي والكاتبة يم مشهدي، "ألم حمرة"، أكثر مفارقات التسويق وأكثرها غرابة.
إذ لم يحظَ إلا بقناة عرض واحدة هي قناة "السومرية". وكان مهدداً بالخروج من السباق الرمضاني هذا العام، بعدما كان، حتّى وقت قريب، مرشحاً ليجتاح الفضائيات العربية.
أقلّه بقوّة دفع اسم مخرجه والثقة بخياراته، فضلاً عن اسم كاتبته الذي ارتبط بدراما إشكالية ذات بناء درامي محكم وحوارات متماسكة غير مجانية.
فضلاً عن مضمون المسلسل المتعلق بالأحداث التي تشهدها سورية بعد 15 مارس/آذار 2011. إلا أنّ المسلسل بات على شفير التأجيل قبل أن يعلن عن عرض قناة "السومرية" له، وهي في النهاية ليست من قنوات الصفّ الأول جماهيرياً.
ومن تداعيات الصعوبات التسويقية أيضاً استمرار تأجيل عرض اثنين من إنتاجات رمضان 2013 هما مسلسل "العبور" ومسلسل "حمام شامي". ولا يمكن التكهّن بعدد المسلسلات التي ستنضمّ إليهما من إنتاجات 2014 إذا وصل رمضان بعد أقلّ من أسبوعين ولم تكن قد حظِيَت بعد بفرص عرض.
عملياً انحصر التوزيع بشكل أساسي بين القنوات اللبنانية والفلسطينية والعراقية، إضافة إلى السورية، فيما سجّل المسلسل السوري حضوراً ضعيفاً في القنوات الخليجية، إلا أنّ غيابه عربيّاً ترافق مع حضور قويّ للممثل السوري عربيّاً. ولعلّ في حضوره ما يعوّض غياب الدراما السورية عن ساحة العرض.
قائمة الحضور السوري في الدراما العربية يتقدّمها جمال سليمان في "صديق العمر"، وكندة علوش في "عدّ تنازلي"، وقصيّ خولي في "سرايا عابدين" وباسم ياخور في "المرافعة"، باسل خيّاط في "السيدة الأولى"، وتيم حسن في "الوسواس" (بات من المحتمل تأجيل عرض مسلسله)، وعابد فهد في "لو"، ومكسيم خليل وعدد من نجوم الدراما السورية في "حلاوة روح"، والنجم الصاعد سامر اسماعيل في "طوق الإسفلت"... وهؤلاء النجوم جميعاً سيحضرون في أدوار أولى ومؤثّرة في مجريات تلك المسلسلات العربية.
الصعوبات التسويقية التي تعاني منها الدراما السورية تأتي بعدما اجتازت مخاض إنتاج صعب انخفض بمقدار الربع عما أُنتِجَ العام الفائت (من 32 إلى 24 مسلسلاً). فقد شهدت الميزانيات الإنتاجية للأعمال انخفاضاً ملحوظاً، ترافق مع انخفاض في عدد المسلسلات السورية التي صُوِّرَت خارج سورية أيضاً (من 8 مسلسلات إلى مسلسل واحد). ورغم عودة عدد من النجوم إلى العمل في سورية، إلا أنّ ذلك لم يؤثّر كثيراً على خريطة الأعمال السورية.
وكما هو الحال منذ سنتين، تشهد الدراما السورية زحفاً وتعدياً من فنيين وكتّاب ومخرجين وشركات إنتاج يخوضون تجاربهم الأولى. وحضور هؤلاء خلّف خيبات كبيرة من دراما تسمّى سورية، تمرّ في عداد الكم الإنتاجي من دون أن تترك أثراً على صعيد النوع. هذا إذا لم نقل إنّها أساءت إلى ما قدّمته الدراما السورية من قبل. وبالتالي لا يُعوَّل على حضور هؤلاء هذا العام.
عموماً لا توقعات كبيرة ولا آمال تُعلَّق سوى على ربع إنتاج 2014 أو أكثر بقليل. يبقى الأمل في مسلسلات معدودة على أصابع اليد منها: "ألم حمرة"، "بوّاب الريح"، "الحقائب ضبّوا الشناتي"، "القربان"، "بقعة ضوء".... علّها تسجّل حضوراً مختلفاً.
الأحداث في سورية ومونديال البرازيل، المتزامن مع نصف أيام الموسم الرمضاني، سيكونان بلا شكّ "الشمّاعتين" اللتين سيعلّق عليهما صنّاع الدراما السورية أسباب انخفاض الكم والنوع في إنتاج 2014. وفي ذلك شيء من الحقيقة، لكن ليس كلّها.
فمن المفيد القول أيضاً، إنّ مشكلة ما تعانيه الدراما السورية وتدفع ضريبته اليوم يعود إلى ما هو أبعد بكثير من تاريخ 15 مارس/آذار 2011، تاريخ بدء التظاهرات في سورية، وأبعد من مونديالات العالم الكروية...هي مشكلة منهجيات عمل وآليات تسويق وأصول صناعة.