arpo28

العدادات"... ضغوط سياسية وعسكرية بمهل زمنية في جنوب اليمن

يدخل العداد السياسي كمصطلح جديد إلى جنوب اليمن، يُضاف إلى المصطلحات السياسية، التي تظهر بين الحين والآخر في المشهد السياسي في البلاد. وعلى الرغم من أن حكاية مصطلح العداد بدأت قبيل ثورة التغيير الشبابية عام 2011، عقب إطلاق قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام إبان حكم الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، مصطلح "قلع العداد"، في إشارة إلى إعطاء صالح وأسرته الحكم المطلق في اليمن وإلغاء الانتخابات الرئاسية قبل أن تطيح به الثورة، لكن مصطلح اليوم يختلف في ما يهدف إليه.

وما يُقصد به، حالياً، على وجه التحديد هو الفترات التي بات جنوبيو اليمن أخيراً يطلقونها، كمهل يعطونها للنظام اليمني والأطراف السياسية الشمالية، ومنها الحزبية والقبلية وحتى العسكرية كرد فعل لعدم الاستجابة لمطالبهم، ولا سيما فك الارتباط بين شمال اليمن وجنوبه.

وأعطى المطالبون بالانفصال، الذين يعتصمون في ساحة العروض في عدن، النظام اليمني وأبناء المحافظات الشمالية من عسكريين وأمنيين ومدنيين، مهلة حتى الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، موعد الاحتفال بالذكرى الـ51 لاستقلال الجنوب عن الاحتلال البريطاني، لمغادرة وظائفهم وأعمالهم في الجنوب والعودة إلى مناطقهم في الشمال قبل هذا الموعد وإلا "سيتحملون العواقب لما قد يحصل لهم".

كما أن أطرافاً سياسية جنوبية، نصبت لافتات في الشوارع ولا سيما في القرب من ساحة الاعتصام، كعدادات تشير إلى الأيام المتبقية من المهلة المحددة لبقاء الشماليين في الجنوب.

في المقابل، أعطى الجنوبيون المنتمون إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، قيادة الحزب ممثلة بصالح، مهلة أسبوع لإعادة كل من الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي ومستشاره عبد الكريم الارياني إلى منصبيهما في الحزب، وإلا فإنهم سيصعدون تحركاتهم السياسية. وجاءت المهلة خلال لقاء لهم عقد في عدن، الخميس الماضي، بالتزامن مع معلومات تحدثت عن مساعي هؤلاء لإعلان فك الارتباط عن الحزب في صنعاء نهائياً، في الوقت الذي فشل فيه لقاء كانت شخصيات موالية لصالح ستعقده في محافظة لحج شمال عدن في اليوم نفسه.

وفي معلومات خاصة، قالت قيادات مؤتمرية جنوبية لـ"العربي الجديد" إن مهلة أسبوع كافية لقيادة الحزب لتنفيذ المطالب، وإلا فإن هناك خطوات تصعيدية بدءاً بإقليم عدن (يضم محافظات عدن ولحج وأبين والضالع)، ثم إقليم الجنوب (الذي يضم إقليمي عدن وحضرموت)، يليه إقليم الجند(محافظتا تعز وإب)". ووفقاً لما أكده أكثر من قيادي لـ"العربي الجديد"، فإنهم "سيحاولون الحفاظ على كيان الحزب، لكنهم لا يستبعدون تشكيل تيار جديد في حال رفضت مطالبهم، ولا سيما أن قرار فصل هادي والارياني كان مخالفاً للقوانين الداخلية".

وفي إشارة إلى أن خيار فك الارتباط بالحزب في صنعاء من قبل الجنوبيين المنتمين إليه يُعتبر أحد الخيارات المطروحة عقب انتهاء المحددة، أكدت تلك القيادات أن "هناك كثيرين من مؤتمريي الجنوب يتبنون مطالب متطرفة، ويمثلون أغلبية، ويطرحون ضرورة فك الارتباط بحزبهم على خلفية القرارات الأخيرة لقيادة الحزب، والتي أدت إلى فصل هادي من منصبه في الحزب إلى جانب مستشاره السياسي".

لكن مهلة العداد السياسي لم تقف عند هاتين المهلتين لدى الجنوبيين، بل وصلت إلى أن عسكريين جنوبيين ينتمون إلى القوات البحرية، التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة، أمهلوا القوات البحرية في الحديدة الواقعة شمال غرب اليمن، يوماً واحداً لرفع المخيمات، التي نصبها ضباط وجنود ينتمون إلى المحافظات الشمالية. ويطالبون الضباط والجنود الجنوبيين بمغادرة قيادة القوات البحرية، بمن فيها قائد القوات الذي ينتمي إلى محافظة أبين الجنوبية".

ويشير هؤلاء إلى أنه في حال لم تستجب القوات البحرية في الحديدة لطلبهم خلال المهلة، فإنهم سيردون عليهم بالمثل، بنصب الخيام داخل القوات البحرية في عدن، للمطالبة برحيل العسكريين الشماليين.

وعلى الرغم من أن البعض يعتبر العدادات الزمنية أوراقاً سياسية يستخدمها الجنوبيون، إلا أن هناك آخرين ينتقدون هذه العدادات على اعتبار ما أثبتته من فشلها سابقاً.

يرى الكاتب باسم محمد الشعيبي، في حديث مع"العربي الجديد"، أن "نصب عدادات زمنية وربط ردود الفعل فيها ليس أكثر من مخرج يلجأ إليه العاجزون عن صنع الفعل". ووفقاً للشعيبي، فإن "كل المهل السابقة، والعدادات التي أعطيت لآخرين فشلت، وآخرها إمهال قوى الحراك لقائد اللواء 33 في الضالع 72 ساعة لسحب لوائه من المدينة". ويضيف "اليوم مر قرابة العام ولم يسحب اللواء، ولم تقدم قوى الحراك على فعل حقيقي لتنفيذ وعيدها".

ويلفت الشعيبي إلى "أن ربط التصعيد بزمن معين هو عجز حقيقي عن إيجاد فعل فوري"، مشيراً إلى أنه "إذا كانت هناك قدرة حقيقية على التصرف السريع لما احتجنا إلى مهلة الضعيف، طالما كنا جادين في مطلبنا وموقفنا قوي".

زر الذهاب إلى الأعلى