قبله كانت الانتهاكات بالنسبة لحرية الصحافة توصف بتكميم الأفواه أو تقييد الحريات.. لكن حدة زيادة الانتهاكات وتفاقمها وظروف المهنة التي باتت مهددة بمخاطر جمة جعلت من توصيف العام 2014 بأنه عام تكسير الأقلام وبلا هوادة, ومعها بدا مؤشر الخطر على حرية الصحافة يتصاعد بشكل مخيف في عام سجّل 359 حالة انتهاك ضد الصحافيين والوسائل الإعلامية في اليمن.
وبحسب التقارير فقد عاشت الصحافة اليمنية عام 2014 عاما أسود كما يصفه منتسبوها، حيث تعرض الصحفيون اليمنيون لقمع ومضايقات، فضلا عن تعرض منازلهم ومؤسساتهم الصحفية لقصف واقتحام من قبل المسلحين، زادت وتيرتها بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحافظات يمنية أخرى في النصف الثاني من العام الجاري.
في الأعوام السابقة كانت القوات الحكومية تتصدر قائمة منتهكي الصحافة في اليمن، لكن العام 2014 شهد دخول جماعات مسلحة على الخط في قمع حرية التعبير ومحاصرة حملة الأقلام.
نقابة الصحفيين اليمنيين تصف العام 2014 بأنه كان أكثر عنفا واستهدافا للإعلام والصحافة”، وتحديدا منذ اجتياح جماعة الحوثي المسلحة للمدن اليمنية، التي بدأتها من محافظة عمران شمالي البلاد، حيث دارت معركة بين عناصر الجماعة من جهة والصحفيين ووسائل الإعلام من جهة أخرى، ولازالت حتى اليوم مستمرة بين الكلاشنكوف والقلم.
حالات انتهاك
مؤسسة حرية للحقوق والحريات والتطوير الإعلامي رصدت 359 حالة انتهاك تعرض لها صحافيون وإعلاميون ووسائل إعلامية مختلفة في اليمن خلال العام 2014،وتوزعت هذه الحالات على 11 نوعا من أنواع الانتهاكات وتقف وراءها 8 جهات، تأتي في مقدمة هذه الجهات الجماعات المسلحة.
وأوضحت مؤسسة حرية أن الانتهاكات بحق إعلاميين ومؤسسات إعلامية زادت وتفاقمت خلال سنة 2014 من حيث العدد ومن حيث النوع والمخاطر مقارنة بانتهاكات السنة السابقة 2013 وكشفت أن حرية الصحافة في اليمن "تواجه خطرا محدقا" في الوقت الراهن.
مؤشر الخطر
وبيّنت الانتهاكات لحقوق وحريات الإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة المرصودة خلال الفترة من 1 يناير وحتى 31 ديسمبر 2014، أن "مؤشر الخطر على حرية الإعلام تصاعد أكثر خلال النصف الثاني من 2014، إثر الأحداث التي وقعت في العاصمة صنعاء وفي مناطق أخرى في اليمن".
وكانت النسبة الأكبر من الانتهاكات التي تعرض لها إعلاميون بمختلف تخصصاتهم وتوجهاتهم ومجالات عملهم وكذا الانتهاكات التي تعرضت لها وسائل الإعلام في العام 2014 ارتكبتها جماعات مسلحة، في ظل غياب شبه تام للحكومة ولأجهزتها الأمنية، التي يفترض فيها أن تقوم بدورها في حماية المواطنين ومن ضمنهم الصحافيين والإعلاميين ومؤسسات ووسائل الإعلام المختلفة وتصاعد عدد الانتهاكات بشكل سريع مع وصول مسلحي جماعة الحوثي (أنصار الله) إلى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، ولم تجد بيانات الإدانة والاستنكار ولا المطالبات المستمرة بالكف عن السيطرة على مؤسسات ووسائل الإعلام ووقف الاعتداء عليها وفي مقدمتها وسائل الإعلام الحكومية، أي استجابة من قبل الحوثيين.
أبرز المنتهكين
وأشارت عمليات الرصد إلى أن الجماعات المسلحة كانت أبرز الجهات التي تقف وراء ارتكاب أكبر نسبة من الانتهاكات التي طالت إعلاميين ومؤسسات إعلامية، بينما كانت الجهات الحكومية في النصف الأول من سنة 2014 تقف وراء ارتكاب أكبر نسبة من الانتهاكات.
وعند مقارنة نسبة الانتهاكات خلال النصف الأول بالانتهاكات في النصف الآخر من 2014، نجد أن نسبة الانتهاكات زادت خلال الستة الشهور الأخيرة من حيث العدد ودرجة الخطر، حيث ظهرت نوعية جديدة من الانتهاكات تمثلت بالاقتحام والإغلاق والمصادرة لأدوات العمل الصحافي والسيطرة على وسائل إعلامية، بطريقة مخالفة للقانون، والتي أسفرت عن توقف البث للقنوات التلفزيونية والإذاعية.
الانتهاكات الأكثر
وذكرت مؤسسة حرية أن الانتهاكات توزعت على 11 نوعا ومحورا، تمثلت في 2 حالة قتل، 13 حالة شروع في القتل، 29 حالة اعتقال/احتجاز، 58 حالة اعتداءات جسدية، 12حالة إخفاء/اختطاف، 4 حالات محاكمات جائرة، 25 حالة إيقاف/فصل تعسفي، 42 حالة نهب/إتلاف، 44 حالة سب/تحريض، 50 حالة منع/مصادرة أدوات، 80 حالة تهديد.
وشكلت التهديدات والاعتداءات والمنع والمصادرة أكبر نسبة من الانتهاكات، حيث بلغت نسبة التهديدات 22.2% ونسبة الاعتداءات 16.1% ويأتي بعدها في المرتبة الثالثة من حيث العدد والنسبة المنع والمصادرة ونسبتها 13.9%.
وباستعراض أبرز نتائج الرصد نجد أن اثنين من الإعلاميين تعرضا للقتل في أغسطس وفي ديسمبر2014، وهما: المخرج الإذاعي بإذاعة صنعاء عبد الرحمن حميد الدين، جراء تعرضه لإطلاق نار الجمعة، أدى إلى إصابته إصابة مباشرة في الرأس، نقل على إثرها إلى المستشفى، ليفارق الحياة يوم السبت 16 أغسطس 2014.
والمصور الصحفي الأمريكي لوك سومرز الذي قتل صباح السبت 6 ديسمبر 2014، في محافظة شبوة، بعد نحو 13 شهرا من اختطافه، حيث اختطف في سبتمبر 2013 من وسط العاصمة وتمت عملية القتل بشكل وحشي لسومرز أثناء عملية عسكرية أمريكية-يمنية مشتركة، لتحريره من أيدي مختطفيه من تنظيم القاعدة. وبلغت محاولات الاغتيال والشروع في القتل 13 حالة، من إجمالي الانتهاكات، بنسبة 3,6%.
فرز جهات الاعتداء
وبالنظر للجهات التي قامت بتلك الانتهاكات، نجدها على النحو الآتي: أمن/جيش بنسبة 19.4%، سلطات حكومية بنسبة 4.7%، جهات حزبية بنسبة 0.3%، جماعات مسلحة بنسبة 30.6%، نافذون بنسبة 8.1%، جهات قضائية بنسبة 1.2%، جهات عمل بنسبة 10.9%، مجهولون بنسبة 24.8%. وهذه النسب توضح أن الجماعات المسلحة ارتكبت 110 انتهاكا بحق إعلاميين ووسائل ومؤسسات إعلامية، بنسبة 30,6%. وهي أعلى نسبة، بعدها 89 حالة انتهاك بنسبة 24,8% ارتكبها مجهولون.
وتؤكد هذه الإحصاءات والنسب أن الانتهاكات في 2014 تعددت أنواعها وأساليبها وشكلت تهديدا خطرا لحرية العمل الإعلامي، خاصة بعد التحول المفاجئ نحو استخدام العنف ضد الصحافيين والإعلاميين ومؤسسات ووسائل إعلامية عديدة.
ومن أبرز حالات الانتهاكات خلال 2014 تعرض مصور قناة المسيرة الفضائية الخاصة عماد الحمزي لاعتداء جسدي بإطلاق الرصاص عليه من قبل قوات الأمن الخاصة أصابته إحداها في الصدر، أثناء قيامه بتصوير مظاهرة احتجاجية بالقرب من مجلس الوزراء وسط العاصمة صنعاء، صباح الثلاثاء 9 سبتمبر 2014.
وتعرضت قناة (اليمن اليوم) لعملية اقتحام في 11 يونيو 2014 من قبل قوات عسكرية تتبع الحماية الرئاسية وتمت مصادرة جهاز البث وجميع المعدات والأجهزة وكاميرات التصوير والسيرفرات والهاردات وأرشيف المواد التلفزيونية التابعة للقناة.
وتعرض مجمع قطاع التلفزيون اليمني الحكومي شمال العاصمة صنعاء، الذي يضم ثلاث قنوات فضائية، للقصف بمدافع الهاون وقذائف الآر بي جي وصواريخ محمولة على الكتف، من قبل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي (أنصار الله)، مساء الخميس 18 سبتمبر 2014 وتمت عملية اقتحام وتوقيف بث القنوات مساء السبت 20 سبتمبر 2014، بعد 3 ايام من القصف والحصار لمجمع القنوات التلفزيونية الحكومية.
كما تعرضت قناة سهيل التلفزيونية الفضائية الخاصة في العاصمة صنعاء للاقتحام ونهب أدواتها وتوقف بثها لنحو 43 يوما واحتجاز عدد من أفراد الحراسة والموظفين فيها من قبل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي (أنصار الله)، يزيد عددهم عن الثلاثين شخصا، مساء الاثنين 22 سبتمبر 2014، على خلفية تغطية القناة للأحداث الدائرة في اليمن.
استهداف ممنهج
ولقد اتضح من خلال عملية الرصد والتوثيق للانتهاكات التي قامت بها مؤسسة حرية التوصل إلى العديد من النتائج ومنها الاستهداف الممنهج والمتعمّد لوسائل إعلام وإعلاميين والقيام باعتداءات متنوعة على حريات الإعلام وحقوق إعلاميين واتباع سياسة الإفلات من العقاب، حيث لم تتم محاسبة من قام بأي من تلك الانتهاكات.
وكشف الأسلوب المستخدم في ارتكاب عدد من هذه الانتهاكات والمتمثل في عمليات الاقتحام والاعتداء على صحافيين وضربهم وتعذيب عدد منهم ومصادرة أدواتهم الإعلامية وكاميراتهم، لمنعهم من التغطية الصحافية للأحداث واستهداف الصحافيين والمراسلين ومقرات بعض الوسائل الإعلامية من قبل قوات الأمن الخاصة ومن قبل الجماعات المسلحة انه لم يكن عفوياً، بل مقصودا ومتعمدا، إضافة إلى توجيه الاتهامات والتحريض المباشر وغير المباشر على الوسائل الاعلامية وإظهارها وكأنها عدو وخصم لا ناقل للأخبار والأحداث.
كما أن استهداف طواقم الفضائيات اليمنية والعربية ومنعها من تغطية الأحداث في بعض المناطق، من جهات حكومية ورسمية ومن قبل جماعات مسلحة وأطراف سياسية أخرى، جعلها ضحية للصراع السياسي والعنف والعنف المضاد. ويعبّر عن توجه لمنعهم من تغطية وتوثيق الاحتجاجات والتظاهر ودفعهم للتوقف عن تغطية الأحداث الدائرة في أكثر من منطقة في البلاد.
انتهاك فاضح
ونهاية العام 2014، سيطرت جماعة الحوثي على مؤسسة “الثورة” الرسمية التي تصدر منها الصحيفة الحكومية الأولى في البلد وشرعت في إصدار العدد اليومي منها بطاقم مختلف بما يخدم سياستها الإعلامية، رغم دعوة وزارة الإعلام للعاملين في الصحيفة إلى الامتناع عن العمل حتى يتم إنهاء “الوضع غير الشرعي” .
وقالت نقابة الصحفيين اليمنيين في بيان لها: “إن المجموعة المسيطرة على مؤسسة الثورة الرسمية مستمرة في إصدار الصحيفة بعيدا عن السلطة الشرعية لهيئة تحرير الصحيفة”.
واعتبرت ما جرى في صحيفة الثورة “انتهاك فاضح لحقوق الصحفيين ولمهنة الصحافة تتحمل مسؤولياته وتبعاته جماعة الحوثيين، قالت نقابة الصحفيين إن هذا النوع من الانتهاك السافر وغير المسبوق للصحافة في اليمن لا يجب أن يمر أو يتم القبول به في أي حال من الاحوال.
وتبرر جماعة الحوثي تواجدها في مؤسسة الثورة للصحافة أنه لمحاربة الفساد الذي كان يقوم به رئيس مجلس الإدارة السابق، وأن من يرفض عودته للعمل هم أبناء المؤسسة، لكن مصادر في الصحيفة قالت للأناضول أنه تم فرض مسؤول حوثي من خارج الصحيفة لإدارة الشؤون المالية والتحريرية للمؤسسة.
وبحسب وسائل إعلام يُجمع منتسبو الصحافة اليمنية على أن المرحلة المقبلة، ستشهد فترة قمع وتكميم واسعة للحريات الصحفية ، خصوصا اذا استمرت سيطرة الحوثيين على المدن اليمنية.
تحت مجهر الموت
في ظل وضع سياسي وأمني معقد تعيشه البلد على وقع الصراعات والحروب التي وصلت رحاها العاصمة صنعاء.. باتت الحرية الصحفية ومثلها حياة العاملين في هذه المهنة محفوفة بالكثير من المخاطر..
زيادة حدة الانتهاكات والاعتداءات على حرية الرأي وارتفاع منسوبها على خلفية الأحداث الأخيرة في العاصمة صنعاء حالة بدت مقلقة للعاملين في وسائل الإعلام كون ذلك بات يؤثر على واقع هذه الحريات والحقوق الصحفية وبالتالي على هامش الرأي والتعبير.. حالة أو وضع جديد لم يسبق له أن حدث في تاريخ اليمن الحديث وعبر مختلف الأحداث..
شهري سبتمبر وما تلاه من سيطرة للحوثي على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر وبعدها عدد من المحافظات التي أحكمت الجماعة قبضتها عليها في ظل غياب كامل للدولة.. كان الأكثر عنفاً على حرية الصحافة.. فقد شهدت هذه الفترة تصعيداً مقلقاً تجاه الصحفيين ووسائل الإعلام..
جردة انتهاكات
في بداية المواجهات بين الحوثي والجيش تعرضت قناة اليمن الفضائية بصنعاء لقصف واحترق جزء من مبناها وترويع العاملين فيها من الصحفيين وغيرهم خلال فترة المواجهات والتي استمرت 3 أيام ثم بعد تم السيطرة عليها من قبل الحوثيين وتم وقف بثها, مما اضطر إلى معاودة بثها من مكان آخر وشملت القنوات التي انقطعت بثها والسيطرة عليها قناة اليمن ، وسبأ والإيمان التابعة للدولة.
كما قامت عناصر الحوثيين بقصف منازل إعلاميين منهم الصحفي محمد الجماعي والصحفي إبراهيم الحيدم الأمر الذي جعلت البيانات تنشر في الوسائل الإعلامية تنديداً بقصف منازل الإعلاميين وتهديد حياتهم . مع استيلاء المتمردين على عدد من مواقع القيادة العسكرية والمباني الرسمية ومقر المؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون في صنعاء.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقع في 21 سبتمبر/أيلول، فقد استولى المتمردون في مساء اليوم التالي على المباني التابعة لقناة سهيل الفضائية بشارع الرباط في صنعاء، حيث قاموا بنهب وسلب مقر المحطة التلفزيونية ومرة أخرى، وجد الصحفيون والموظفون أنفسهم محاصرين دون أية وسيلة للاتصال حيث اضطرت القناة لوقف بث برامجها.
في 20 سبتمبرأيلول، ناشد التلفزيون اليمني الحكومة ومنظمات الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية للإسراع بتقديم يد المساعدة.
وقصف مسلحون حوثيون أيضاً عدداً من الأحياء السكنية يوم 19 سبتمبرأيلول، حيث استهدفوا بشكل مباشر منزلي اثنين من موظفي قناة يمن شباب الخاصة، المذيع محمد الجماعي والصحفي إبراهيم الحيدم، اللذين أفلتا مع أفراد أسرتيهما من الموت بأعجوبة . وفي اليوم السابق، نجحت المفاوضات في الحيلولة دون اقتحام مقر قناة سكاي نيوز
في 23 سبتمبر/أيلول 2014.. اقتحم مسلحون حوثيون منزل سيف محمد أحمد الحاضري، مدير مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام, كما قام المتمردون باختطاف أحد أقارب مدير المؤسسة، وصاحب امتياز صحيفة "أخبار اليوم".
وفي اليوم نفسه، أقدم الحوثيون على اعتقال المصور الصحفي الشهير محمد العماد – الذي ذاع صيته منذ ثورة 2011 – عند مروره بأحد أزقة حي السنينة في صنعاء، ليُطلقوا سراحه بعد عدة ساعات خضع خلالها للتفتيش والاستجواب، بينما صُودر هاتفه الخلوي.
وبعد استهداف منزلي اثنين من صحفييها في هجوم مسلح يوم 19 سبتمبر/أيلول، قررت قناة يمن شباب نقل مقرها إلى مكان مجهول مقتصرة في بثها على البرامج القديمة، خشية تعرضها للقصف. كما أقدم المتمردون أيضاً على مداهمة وتفتيش عدد من المنازل، من بينها منزل مبارك الأشول، صحفي بجريدة المصدر ويوسف القاضي، صحفي بجريدة المصدر وشبكة الجزيرة، إضافة إلى منزل عبد الغني الشميري، المدير السابق للتلفزيون الوطني.
ورصدت مؤسسة "حريّة" للحقوق والحريّات والتطوير الإعلامي، 52 حالة انتهاكٍ ضدّ الإعلام المحلي والدولي في اليمن، وذلك خلال الشهر الأول لاجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء. تلقّت المؤسسة بلاغات في وقوع الحالات الـ52، تفاوتت بين الخطيرة والمتوسطة والبسيطة، تعرّض لها 33 صحافياً وإعلامياً من الجنسين، و19 مؤسسة إعلامية وصحافية، حكوميّة وخاصة، 51 حالة منها في العاصمة صنعاء وحدها، وحالة واحدة في مدينة إب.
وبحسب البلاغات التي وصلت للمؤسسة، ارتُكب معظم هذه الانتهاكات من قبل المسلّحين الحوثيين، الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي. وشملت هذه الانتهاكات تعرُّض ثلاث قنوات حكومية هي قنوات "اليمن"، "سبأ"، و"الإيمان" إلى قصف مدفعي شديد وحصار لطاقم العمل فيها واقتحامها والسيطرة عليها بالكامل بعد 3 أيام من القصف المتواصل على مقرها. وذكرت المؤسسة أنّ مسلحي جماعة الحوثي قاموا باقتحام مقر قناة "سهيل" الخاصة ونهب أدواتها ومعداتها ومحاصرة العاملين فيها ليوم كامل داخل المقر، ثم سيطروا على مقرها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وحتى اليوم، فتوقف بثها عقب ذلك.
وتعرّضت إذاعة "إب" الحكومية، في مدينة إب جنوبي غرب البلاد، للقصف المدفعي وتعرّضت مكاتبها للدمار الجزئي، وتوقف بثها منذ 4 أيام وحتى اليوم. كما اقتُحم مقر إذاعة "حياة إف إم" الخاصة وتوقف بثها جراء ذلك. وتم كذلك اقتحام مقار العديد من المؤسسات الإعلامية الحكومية في صنعاء والسيطرة عليها، وهي إذاعة "صنعاء" ووكالة "سبأ" للأنباء ومقر صحيفة "26 سبتمبر" التابعة لوزارة الدفاع، بالإضافة إلى اقتحام مقر المكتب الإعلامي للحزب الاشتراكي اليمني الذي يدير موقع "الاشتراكي نت" الإخباري وصحيفة "الثوري".
قائمة انتهاكات
وتعرضت العديد من الوسائل الإعلامية الدولية وطواقمها العاملة في اليمن للتحريض والتشهير والاعتداء على طواقمها وهي قنوات "الجزيرة"، و"العربية"، و"بي بي سي"، و"سكاي نيوز عربية"، وموقع "سي إن إن عربي"، وصحيفة "القدس العربي".
وأفادت مؤسسة "حرية" عن تعرض 33 صحافياً في صنعاء- خلال هذه الفترة للاعتداء الجسدي والقصف واقتحام منازلهم والعبث ونهب محتوياتها بالإضافة إلى التحريض والتشويه من قبل المسلحين الحوثيين وغيرهم. وفي مقدمة هؤلاء الإعلاميين المدير السابق للفضائية اليمنية عبدالغني الشميري، والكاتبة الصحافية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة "الشموع" سيف الحاضري، ووزير الإعلام السابق البرلماني علي العمراني، والمنتج في مكتب قناة "الجزيرة" يوسف قاضي، ومراسل موقع "الجزيرة نت" عبده يحيى عايش، ونائب رئيس الدائرة الإعلامية في حزب "الإصلاح" عدنان العديني.
كذلك رصد التقرير تعرّض مراسلة قناة "بي بي سي" عربي، صفاء الأحمد، والطاقم المرافق لها للتوقيف ومصادرة الأفلام التي قاموا بتصويرها في صنعاء. كما تعرض مراسل قناة "الجزيرة الإنجليزية" محمد فال، إلى توقيف وتحقيق أمني في مطار صنعاء الدولي لنحو ساعة عند مغادرته صنعاء.
وتعرضت مراسلة موقع "سي إن إن" عربي، نبيهة الحيدري، إلى حملة تحريض وتشهير من قبل مجهولين على مواقع الأنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي.
وتعرض الصحافي رشاد الشرعبي لتهديد غير مباشر، من قبل مسلح يتبع اللجان الحوثية في العاصمة صنعاء. وذلك بالتحري والسؤال عنه في الحي الذي يسكنه، الجمعة 28/11/2014.
كما تعرض المصور التليفزيوني ورئيس تحرير موقع (يمان نيوز) فؤاد المسلمي ومعه مدير تحرير الموقع صادق الدغار لمنع من التغطية والتصوير والاحتجاز قرابة الساعة والتحقيق معهما، من قبل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي، على خلفية تغطيتهما لوقفة احتجاجية نظمتها موظفات جمعية نسوية اقتحم مقرها مسلحون حوثيون في العاصمة صنعاء. الثلاثاء 25 نوفمبر 2014. وفي وقت سابق من هذا الشهر تعرض منزل المسلمي لاقتحام ونهب. وكذلك تعرضت سيارته لاعتداء بتهشيم زجاج بعض نوافذها، في العاصمة صنعاء، من قبل مجهولين، على خلفية ما يُنشر في الموقع.
وتعرض الناشط الإعلامي مجاهد السلالي لاختطاف من قبل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي في مدينة رداع بمحافظة البيضاء، مساء الاثنين 24/11/2014، أثناء توجهه إلى مناطق المواجهات في قيفة لإعداد تقرير عنها.
كما تعرض نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر علي الفقيه لاتهام بالتحيز، من قبل عضو في المكتب السياسي لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء، أثناء لقاء تلفزيوني جمعهما، الاثنين 24/11/2014.
وتعرض نائب وزير الإعلام فؤاد الحميري لمنع من دخول مكتبه، من قبل مجموعة من موظفي ديوان الوِزارة. وقيامهم بعدها بإغلاق المكتب بالقوة، الأحد 23 نوفمبر 2014.
وتعرض المصور إسماعيل مديبش لاعتداء بالضرب ونهب الكاميرا منه بالقوة تحت تهديد السلاح وتكسيرها أمامه، من قبل ثلاثة مسلحين يتبعون جماعة الحوثي، على خلفية تصويره مظاهرة سلمية للحراك التهامي في مدينة الحديدة، السبت 22 /11/2014.
وتعرض مقر صحيفة الوسط الأسبوعية لعملية اقتحام واعتداء على المسؤول المالي والإداري فيها علي الشامي، من قبل شخصين مجهولين ومسلحين بأسلحة رشاشة (كلاشنكوف)، السبت 22/11/2014.
وتعرض مندوب موقع (الاشتراكي نت) خليل الزكري لاعتداء بالضرب من قبل خمسة أشخاص مجهولين في مدينة كريتر بمحافظة عدن، مساء الخميس 20 نوفمبر2014.
وتلقت قناة سهيل الفضائية الخاصة تهديداً بتفجير مقرها في حال استمرت القناة بنشر تقارير إخبارية عن جماعة الحوثي. وكذلك التهديد بالاعتداء على المذيع بالقناة ماجد دهيم، عبر اتصال هاتفي من قبل شخص مجهول للقناة، الثلاثاء 18 نوفمبر 2014.
وتعرض المصور لقناة الساحات الفضائية الخاصة صلاح الجندي لاعتداء بالضرب من قبل خمسة أشخاص مجهولين، أثناء تغطيته فعالية في العاصمة صنعاء. وأيضاً محاولة الاعتداء على مراسل القناة عمار القدسي، السبت 15/11/2014. مما دفعهما للانسحاب من تغطية تلك الفعالية.
وتعرضت سيارة رئيس تحرير موقع (المكلا اليوم) سند بايعشوت لاعتداء وتفجير، من قبل مجهولين. وذلك في محافظة حضرموت، الجمعة 14 نوفمبر 2014.
وتعرض الناشط الإعلامي عمار التام لاختطاف واحتجاز وتحقيق معه بدون مسوغ قانوني، على خلفية نشاطه الصحافي وتغطيته للأحداث الدائرة في مدينة رداع بمحافظة البيضاء.
وتعرض طاقم قناة الحرة الفضائية الأمريكية بصنعاء والمتمثل بالمصور محمد عيضة ومراسل القناة عبدالكريم الشيباني لاعتداء بالضرب والسب للمصور، وتهديد واتهام بالعمالة لكليهما، من قبل جنود حراسة اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، على خلفية عملهما للقناة وتغطيتهما لاجتماع استثنائي نظمه الحزب في العاصمة صنعاء السبت 8 نوفمبر 2014.
وتعرض مندوب قناة اليمن الفضائية الحكومية ياسر هادي لاعتداء بالدفع وإشهار السلاح بوجهه وسبه من قبل مسلحين في محافظة إب، على خلفية عمله للقناة.
إلى ذلك تم إحراق سيارة الكاتب الصحافي طارق سلام، من قبل مجهولين في العاصمة صنعاء، على خلفية كتاباته الصحافية حول الإرهاب وعما يحدث في رداع.
وتلقى رئيس تحرير صحيفة المحرر (الموقوفة) الصحفي صابر بن مخاشن تهديداً بالقتل عبر اتصال من هاتف ثابت، من قبل شخص مجهول، الأربعاء 6 نوفمبر 2014.
كما تعرض الصحافي أحمد الشاوش لاعتداء بدفعه بقوة وسبه من قبل رئيس تحرير صحيفة الثورة، في العاصمة صنعاء، على خلفية الترتيب والتنفيذ لوقفة احتجاجية أمام مبنى الصحيفة وحديثه حول الانتهاكات التي تعرض لها موظفون في الصحيفة.
وفي الوقت الذي تدين فيه مؤسسة حرية هذه الانتهاكات والاعتداءات والتهديدات والاتهامات وهذا الاستهداف المتعمد والمستمر لحرية الصحافة والإعلام، من قبل جماعات مسلحة وغيرها، فإنها تحملها كامل المسؤولية.
وتطالب الحكومة الجديدة ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء وفي المحافظات التي وقعت فيها هذه الانتهاكات بأن تضع حدا لها ولذلك الانفلات الأمني والإفلات من العقاب.
كما تطالبها بتحمل مسئولياتها إزاء ما يتعرض له الصحافيون والإعلاميون ومقرات عملهم. والعمل على حمايتهم. كون ما يحدث لهم يعد انتهاكا صارخا لحرية التعبير وحرية الإعلام وحقوق الإنسان.