[esi views ttl="1"]
arpo28

شجرة القات تفتك بأطفال اليمن

لا تقتصر عملية تناول نبتة القات على الشباب وكبار السن وحسب في اليمن، بل للأطفال من سن 10 سنوات وما فوق نصيب في تناول القات بل وزراعته والترويج له.

ويبدأ أغلب الأطفال في تناول القات بعد مشاهدتهم آباءهم أو أشخاصا أكبر منهم يمضغونه بشكل مستمر. علي محمد أب لأربعة أطفال، يشكو حب ولده، الذي لا يتجاوز عمره العشر السنوات، مضغ القات معتقداً أن مضغ القات وراء التميز والنجاح. يقول: "لم أستطع منعه وأضطر لإعطائه بعض الوريقات في المناسبات، كي لا يذهب ويمضغ القات خفية عنّي وعند أصدقاء السوء".

ويضيف "بالتأكيد لا أعطيه قاتاً كثيراً، وفي أيام ومناسبات معينة فقط، لكن هذا الأمر يقلقني لأنه يتناول القات برغبة شديدة".

ولا يعرف بعض الآباء مخاطر نبتة القات على أطفالهم كونهم من متناوليها، بل إن بعضهم يحث أطفاله على مضغ القات باعتبارها تعزز مكانة الطفل وتظهره كرجل ناضج من وجهة نظرهم.

وتنتشر ظاهرة تناول الأطفال للقات بسبب الملل أو كمحفز للمذاكرة أو لتقليد البالغين. لكن الكثير من أطفال الشوارع المتسولين أو الأطفال العاملين والفئات الأكثر ضعفاً في اليمن والذين يشكلون النسبة الأكبر، يمضغون نبتة القات لتساعدهم على الصمود طوال فترة عملهم.

ويلقى بعض الأطفال حتفهم بعد اختناقهم بنبتة القات، وكان آخر الضحايا أحد الأطفال في منطقة خولان جنوب شرق صنعاء، الذي خرج للعب بكرة القدم واختنق وهو يمضغ القات.

وتسمّى عملية مضغ القات في اليمن ب"التخزين"، ويمضغ "المُخزِّن" كمية من أوراق نبتة القات، الأمر الذي يجعله يمتص عصارة الأوراق التي تؤدي إلى شعوره بالراحة بينما تنتفخ وجنتاه بالقات.

في الزراعة والترويج

ويعيش الكثير من الأسر اليمنية في الريف على زراعة وبيع شجرة القات، ويجبر الأطفال على العمل في مجال زراعة النبتة والترويج لها. وينخرط الأطفال في عملية الزراعة والري ورش أشجار القات بالمبيدات الزراعية المهربة وغير الخاضعة لرقابة وزارة الزراعة، ما يعرضهم لأمراض خطيرة، على رأسها الأمراض التنفسية والجلدية ولأنواع مختلفة من السرطان.

ويتحدث محمد غانم عن إصابة ابنه بسرطان في الحنجرة بسبب العمل المستمر في زراعة شجرة القات ومضغه بشكل مستمر. يقول: "قضيت وقتاً طويلاً متنقلاً بين المستشفيات اليمنية لإنقاذ ابني البكر، لكن دون جدوى، ما جعلني أسافر إلى القاهرة لإتمام العلاج، وهذا كلفني مبالغ طائلة".

من جانبه، يؤكد الطبيب رامي المقطري أن المضاعفات الصحية للقات على الأطفال "غير خافية على الآباء لكنهم لا يكترثون، كونهم يرون الطفل يتحرك ولا يقعده المرض"، مشيراً إلى أن تناول الطفل للقات يسبب "إصابته ببعض أنواع السرطانات، خلافاً عن سوء التغذية والهزال وبطء نمو الجسم والتي يمكن أن تصاحب الطفل حتى الكبر، كما يمكن للطفل أن يصاب بعدة أمراض معوية".

ويحذر المقطري عبر "العربي الجديد" من خطورة تناول المرأة الحامل للقات، مؤكداً تأثر الجنين بمواده المنبهة، وبالسموم والمبيدات التي تستخدم عند زراعتها ورشّها.

مواجهة

وكانت منظمة المدرسة الديمقراطية قد بدأت في إيجاد بدائل للقات بين الأطفال عبر أحد مكونات برامج "برلمان الأطفال" الذي أسسته المدرسة الديمقراطية كأول برلمان من نوعه في الشرق الأوسط العام 2000، من أجل تمكين الأطفال من التعبير عن آرائهم ومناقشة همومهم وأبرزها ظاهرة مضغ الأطفال للقات.

وقال رئيس المدرسة جمال الشامي لـ"العربي الجديد" إن من أهم شروط قبول الأطفال في البرلمان الامتناع عن مضغ القات، إذ يتم إقصاء من يتبين أنه مضغ القات.

وطالب البرلمان الحكومة اليمنية، بعد حادث اختناق طفل يبلغ من العمر 11 عاماً وهو يمضغ نبتة القات، بتنفيذ توصيات سابقة تمنع قانونياً مضغ القات من قبل الأطفال دون سن 17 عاماً، وإطلاق مبادرة لتحفيز القرى على الاجتماع على أعراف جديدة تمنع الأطفال من مضغ القات.

وأشارت دراسة سابقة أجرتها الباحثة نجاة خليل، إلى أن مضغ القات ينتشر بين الأطفال الذكور بصورة أكثر من الإناث، وبين الأطفال الذين يقومون بأعمال تجلب الرزق أكثر من المتفرغين لطفولتهم.

وأضافت الدراسة أن نسبة الآباء الذين يزودون أبناءهم بالقات تصل إلى 36% من مجموع الأطفال الذين يمضغونه. بينما تصل نسبة الآباء الذين يعطون أطفالهم القات لأول مرة إلى 40.5% من مجموع الأطفال المخزنين والبالغ عددهم 400 طفل استهدفتهم الدراسة العلمية.

ولا تعتبر منظمة الصحة العالمية نبتة القات من المواد المخدرة التي تسبب الإدمان بشكل كبير، لكنها تستدرك أن استهلاك القات ينطوي على تأثيرات فسيولوجية واجتماعية وخاصة على الأطفال. وتظهر تقديرات للبنك الدولي بأن حوالي 90% من الذكور البالغين في اليمن يمضغون القات. وأن ما يصل إلى 50% من النساء و 15 إلى 20% من الأطفال دون سن الثانية عشرة أيضا يتناولون القات يومياً.

زر الذهاب إلى الأعلى