arpo28

جبهة تعز.. تعزيزات عسكرية تدخلها خط الأزمة

دخلت مدينة تعز، ثالث أهم المدن في اليمن، على خط الأزمة، على أثر وصول تعزيزات عسكرية موالية للجنة الأمنية العليا التي شكلها الحوثيون في صنعاء والرئيس السابق علي عبد الله صالح. وتتمتع المحافظة بموقع استراتيجي فضلاً عن قربها من عدن.

واستقبلت تعز عشرات الآليات وناقلات الجند التابعة لقوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي)، التي خاضت مواجهات مع الموالين لهادي في عدن، وتحدثت أنباء عن تعزيزات عسكرية أخرى تم نقلها جواً من صنعاء إلى تعز. ووصلت التعزيزات من دون أي اعتراض من الأجهزة الأمنية والعسكرية في المدينة، على الرغم من بيان صادر عن اللجنة الأمنية في تعز أعلنت فيه رفضها استقبال أي تعزيزات، ووجّهت بمنعها من الدخول. وقد شهدت المدينة تظاهرات مناوئة للتعزيزات الموالية للحوثيين.

وتعد تعز ثالث أهم المدن اليمنية بعد صنعاء وعدن، وتأتي أهميتها الاستراتيجية من أكثر من جانب، فهي محافظة كانت ضمن محافظات الشطر الشمالي قبل الوحدة وهي الأقرب إلى الجنوب، ومن ناحية ثانية فإنها أعلى محافظة بالثقل السكاني المدني، حيث يزيد سكانها عن ثلاثة ملايين مواطن، وإليها ينتمي عدد كبير من الكوادر والشخصيات ورجال الأعمال، ويقع باب المندب إدارياً ضمن محافظة تعز. وعسكرياً، تقع المحافظة ضمن المنطقة العسكرية الرابعة، التي تضم إلى جانبها لحج، وعدن، وأبين. وأصدرت حكومة الوفاق الوطني قراراً باعتبار تعز العاصمة الثقافية لليمن، مثلما أن عدن العاصمة التجارية، وصنعاء العاصمة السياسية.

الطريق إلى عدن
تعد تعز محطة مهمة في الطريق إلى عدن. وكان سقوط معسكر الأمن الخاص، يوم الخميس الماضي، بيد الموالين لهادي، نقطة مفصلية استدعت التعزيزات التي يتخوف المعارضون لها من أنها متجهة نحو الجنوب. وتتردد أنباء عن وجود مسلحين حوثيين بزي قوات الأمن ضمن التعزيزات.

تحد تعز محافظة لحج، المحاذية لعدن، كما تحد محافظة الضالع، وكلاهما محافظتان كانتا ضمن الشطر الجنوبي قبل الوحدة، وتوجد في تعز، إلى جانب قوات الأمن الخاصة، قوات اللواء 22 مدرع وقوات اللواء 35 مدرع واللواء 117 مشاة (باب المندب)، بالإضافة إلى قاعدة جوية ولواء دفاع جوي.

وتُوصف القوات التي وصلت إلى تعز بأنها موالية للحوثيين باعتبارهم واجهة السلطة الانقلابية في صنعاء في مقابل هادي، غير أن هذا التوصيف ليس دقيقاً، فالقوات الأمنية والعسكرية معظمها شاركت سابقاً بمواجهات مع الحوثيين. وكانت أول حرب انفجرت في صعدة عام 2004 بعد اعتراض مسلحي الحوثي لموكب من قوات الأمن المركزي التي أصبحت في الهيكل الجديد تحت مسمى "قوات الأمن الخاصة". وتؤكد مصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، أن العديد من القيادات العسكرية التي أصبحت خارج سيطرة هادي، لا توالي في حقيقة الأمر الحوثي، بقدر ما تنسّق مع الرئيس السابق، بالإضافة إلى وجود قيادات أمنية وعسكرية موالية فعلاً للحوثيين.

ولم يكن وضع هادي في الجيش ضعيفاً طوال الفترة الانتقالية مثلما هو الحال اليوم، ففي يونيو/ حزيران 2014، اقتحمت قوات الحرس الرئاسي، التابعة لهادي، مقر قناة "اليمن اليوم" التابعة لصالح، كما قامت باقتحام جامع "الصالح"، أحد أبرز معالم صنعاء التي بناها الرئيس السابق، قرب القصر الرئاسي. وما كان لصالح أو الموالين له عند الاقتحام أن يواجهوا هادي، ما يعكس أن القرار في صنعاء أصبح لهادي وأنه مستعد لتحدي صالح من دون خوف.

ولم يستمر الأمر كثيراً على هذا النحو، إذ ما لبثت سياسات هادي أن أعادت نفوذ صالح، حيث عمل هادي ومعه وزير الدفاع السابق، المقرّب منه، محمد ناصر أحمد، بحسب اتهامات عديدين، على تفكيك القوات الموالية للواء علي محسن الأحمر، الذي انشق عن صالح ودعم هادي عند صعوده إلى السلطة.
ويصف البعض موقف الرئيس هادي أثناء توسّع الحوثيين من صعدة إلى عمران وإسقاطهم اللواء 310 مدرع، ب"المتواطئ"، أفقد هادي حليفه اللواء الأحمر من جهة، وأسقط ثقته أمام العديد من القيادات العسكرية الأخرى، من جهة ثانية، وهذا كله صب في مصلحة صالح. ويستفيد الأخير من وجود نزعات انفصالية لدى أنصار هادي، لم يستطيعوا إخفاءها عند اقتحام معسكر قوات الأمن الخاصة، حيث جرى إنزال علم اليمن الواحد ورفع علم دولة الشطر الجنوبي في اليمن سابقاً. ويتفق المحللون على أن قدوم تعزيزات إلى تعز يجعل الوضع مرشحاً للتصعيد نحو عدن، إن لم ينتهِ الأمر عند الضغوط والعودة إلى طاولة الحوارات السياسية.

زر الذهاب إلى الأعلى