جاءت ضربات عملية "عاصفة الحزم" لتعرقل ترتيبات اليمنيّين الذين يحضّرون لحفلات زفافهم منذ أشهر، فتزيد من همومهم وتحدّ من بهجتهم وتمنع إقامة مراسم الأعراس التقليدية.
محمد السياغي واحد من هؤلاء، قرّر تأجيل الاحتفال بعرسه شهرَين أو نقله إلى قريته في حال لم تنته الحرب في صنعاء. يقول: "كنت قد حددت يوم زفافي منذ نهاية العام الماضي. وبناء على ذلك دفعت عربوناً لحجز قاعة الأفراح والفرقة الموسيقية. كنا نقيم في منطقة الجراف (شمال صنعاء) حيث تكثر تجمعات الحوثيين المستهدفة بالقصف. لذا من المؤكد أن معظم المدعوين لن يلبوا دعوتي لحضور العرس". ويعبّر السياغي عن حزنه على فقدانه مبلغ العربون وهو 200 ألف ريال يمني (930 دولاراً أميركياً) بعد تأجيله عرسه الذي كان قد سبق وحدده في التاسع من إبريل/نيسان".
أما عصام الحبيشي من مدينة تعز (وسط اليمن)، فيبدو مصراً على إقامة عرسه في نهاية الشهر الجاري كي لا يخسر مبالغ مالية إضافية. ويشير إلى أن التداعيات الأمنية زادت من همومه وفاقمت مشكلاته. فهو فقد وظيفته في المنظمة الأجنبية التي كان يعمل فيها، منتصف مارس/آذار الماضي.
ويجزم الحبيشي أن كثيرين من معارفه لن يحضروا حفل زفافه بسبب استمرار القصف والاشتباكات المسلحة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر يحزنه، إلا أنه لن يؤجل عرسه. ويقول: "المؤشرات تقول بإمكانية استمرار الصراع لشهور طويلة. لذا سيبقى العرس في موعده المحدد، وسأتفهم تماماً عدم حضور الأصدقاء والأحبة لمشاركتي الفرحة. نحن نعيش حالة حرب". ويشير إلى أنه ينوي التخلي عن الفرقة الغنائية الشعبية التي كان قد حجزها احتراماً للمآسي التي يعيشها اليمن.
لم تكن ظروف الصراع دائماً مربكة لتلك الأعراس، لكنها عملت على تخفيض نفقات أعراس باهظة للكثير من الفقراء الذين لديهم أولويات معيشية أكثر أهمية وإلحاحاً.
من جهته، يخبر الجندي صادق الأنسي أن الأحداث ستجعل عرسه مقتصراً على جلسة وحفل مختصر في منزل أحد جيرانه، لافتاً إلى أنه بذلك يوفر أكثر من 450 ألف ريال (2093 دولاراً). وهو مبلغ يساوي مرتبه لسبعة أشهر كاملة.
وكما تعرقل الأحداث الأمنية حفلات العرسان، كذلك تربك العرائس اللواتي يلغين حفلاتهن. ويشكو أصحاب قاعات الأعراس من إلغاء الحجوزات بالجملة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كثيرات هن العرائس اللواتي ينظمن حفلات زفافهن المحصورة بالنساء، ليومَين أو ثلاثة أيام في تلك القاعات.
فأصبحت أعراس هؤلاء تنحصر بحفلات مختصرة في المنازل، إذ إن كثيرات من المدعوات يعتذرن عن الحضور. وتقول سلوى حسين إن "ثمة مخاوف تدفع بعائلات كثيرة إلى رفض إرسال نسائها إلى الأعراس حتى ولو كانت من الأقارب. فتردي الوضع الأمني حدّ من تحرك النساء بشكل عام". وغالباً ما تتفهّم العرائس ذلك في هذه الأيام. وتشير حسين إلى أن حفلات أعراس النساء تبدأ عادة عند السابعة مساءً. وفي هذا الوقت يشتدّ القصف وتسمع أصوات الانفجارات، وهذا ما يجعل استمرار فعاليات العرس مستحيلاً بالنسبة إليهن".
من جهة أخرى وعلى الرغم من تخوّف كثيرين، تصرّ بعض الأسر على الاحتفال بأعراسها في قاعات الأفراح وتنظم مراسم الزفاف التقليدية بأناشيدها البهيجة وموسيقاها وإن أتى الحضور متواضعاً. كذلك لا يتردد البعض في الخروج إلى الشوارع والاحتفال عبر "الزفة الصنعانية" والغناء الشعبي.
ولأن مساءات صنعاء هذه الأيام مليئة بالانفجارات والرصاص ومضادات الطائرات، تختلط الموسيقى مع أزيز القصف وسط تصفيق المحتفلين وترديدهم الأناشيد والأغاني من دون اكتراث بما يدور حولهم. لكن ذلك قد يعدّ مخاطرة بحياة الضيوف وأصحاب العرس على حدّ سواء.
[b]
تحذير لا بدّ منه[/b]
يحذّر الخبير في إجراءات الأمن والسلامة أحمد الحبسي من إقامة الأعراس في الشوارع في خلال الحرب، ويقول ل "العربي الجديد" إن "أصحاب الأعراس يعرّضون الضيوف للمخاطر، إذا ما أصروا على إقامة الزفة في الشارع، بالرغم من إطلاق النار والصواريخ". فالزفات تقام في معظم مدن اليمن ليلاً، في الوقت الذي تنشط فيه طائرات التحالف التي يقابلها إطلاق كثيف لمضادات الطيران.