مرّ نحو ثلاثة أسابيع على بدء عمليات "عاصفة الحزم" في اليمن، وما زالت العائلات تنزح من العاصمة صنعاء باتجاه محافظات أخرى، خوفاً من قذائف قد تسقط فوق رؤوسها. لدى كثيرين منازلهم في هذه المحافظات الريفية، وقد تركوها للعمل في العاصمة.
في المقابل، ليس لدى البعض أي مأوى، ما اضطرهم إلى النوم على الأرصفة والطرقات. مأساةٌ دفعت أهالي تلك القرى والمدن التي استقبلت النازحين إلى إطلاق مبادرات تطوعية بهدف مساعدة الأسر النازحة، وسط تجاهل رسمي تام. وكان إحداها في محافظة المحويت.
وأطلقت مجموعة من الشباب في مفوضية الكشافة والمرشدات في مدينة المحويت، مبادرة لإيواء النازحين من العاصمة الذين مكثوا على مقربة من المحافظة. في السياق، يقول قائد فرقة الكشافة في المدينة سعد أحمد إنه "بعد أيام على انطلاق عاصفة الحزم، بدأ بعض الأسر في الوصول إلى المحويت باعتبارها إحدى أهدأ المحافظات، على الرغم من أنها قريبة من العاصمة ومدينة الحديدة".
ويشير إلى أن "مئات الأسر توجهت إلى منازلها أو بيوت أقربائها في المحافظة. أما أولئك الذين نزحوا إليها بسبب قربها، علماً أنهم من محافظات أخرى، فاضطروا إلى استئجار مساكن أو المبيت على الأرصفة. وصنع البعض خياماً بلاستيكية علها تقيهم الرياح والأمطار".
يتابع أحمد أننا "لم نحتمل أن نرى الأطفال والنساء والكُهول في العراء"، مشيراً إلى أن "قيادة المحافظة لم تعرهم أي اهتمام ما جعل شباب الكشافة يعملون على إيواء النازحين في عدد من المرافق الحكومية بالقوة، بعد رفض مسؤولين حكوميين فتح تلك المرافق لهم". ويوضح أن "مسؤولي المحافظة لم يعملوا على إغاثة النازحين، ما اضطر الشباب إلى فتح أبواب المركز الثقافي وبيت الشباب ومقر مفوضية الكشافة بالقوة، ونقل الأسر بسياراتهم على الرغم من ندرة المحروقات".
تجدر الإشارة إلى أن أحد رجال الأعمال في مدينة الحديدة تبرع بأكثر من 200 فرشة، فيما تكفلت جمعية الهلال الأحمر اليمني بتقديم 35 فرشة وبطانية.
أيضاً، شكل هؤلاء الشباب لجنة للتواصل مع الأهالي والتجار بهدف توفير الغذاء للنازحين. ويقول مسؤول اللجنة عبد الرقيب معصار إن أهالي المحافظة تجاوبوا بشكل لافت، موضحاً أن "الأهالي وعددا من التجار قدموا أوعية بلاستيكية وشمعا وغذاء وغير ذلك للنازحين". ويشير إلى أننا اتفقنا مع أهالي محافظة المحويت على كيفية تقسيم الوجبات". وعادة ما يقدّم الأهالي وجبات غذائية تتكون من الأرز واللبن أو أكلات شعبية مثل السلتة وبنت الصحن.
من جهته، يُشير المسعف عبد الكريم القزحي ل "العربي الجديد" إلى بعض ما تعرض إليه النازحون، ما استوجب نقلهم إلى المستشفى الجمهوري في المحافظة. على سبيل المثال، يشرح أن أحد النازحين "أصيب بعارض صحي، إلا أن مكتب الصحة في المحافظة رفض التجاوب معنا، فيما رفضت المستشفى إجراء عملية جراحية له قبل تأمين المال، إلى أن قدّمنا ضماناً للمستشفى بدفع المال". من جهة أخرى، يؤكد وفاة إحدى النازحات بعد يوم واحد من وصولها إلى المحويت. ويُعرب عن حزنه لعدم تجاوب مكتب الصحة بالمحافظة مع مطالب العاملين على المبادرة المتمثلة بتوفير خدمات صحية للنازحين.
إلى ذلك، يُثني المدير التنفيذي لوحدة تنسيق مخيمات النازحين الحكومية محمد حرمل على هذه المبادرة الشبابية الأولى من نوعها، لافتاً إلى أهمية استمرارها.
ويؤكد أن الوحدة عاجزة عن التحرك تماماً في بعض مناطق الصراع بسبب انعدام الأمن فيها وقطع الطرقات التي تؤدي إليها، على غرار محافظة أبين (جنوباً)، ومخيم المزرق في محافظة حجة (غرباً)، مشيرا إلى أن "جميع العاملين الأجانب في المنظمات الدولية قد غادروا اليمن".